الأحد، 2 نوفمبر 2014

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم : الفصل السادس



(6) علي ضوء الشُموع عُدنا
-قالت الأم خلاص قربنا
ولم تكد تنهي كلمتها حتي عم الظلام الطريق والأفق
لقد انقطع النور كالعادة كل يوم يقطع خمس أو ست مرات علي الأقل
-وجه محمود كلامه لحسين منورين
-منورة  بك يا أبو حنفي 
قال حسين خلاص يا جماعة لا تقلقوا
وصلنا تقاطع شارع الفتح مع شارع سميكة باشا
-وهنا يسأل الأب مداعبا حسين :سميكة باشا ولا سمكة باشا
-فقال محمود لأبيه يابابا بجد مش عارف ولا بتهزر مع حسين
-لا بجد مش عارف مين سميكة باشا ... إنت تعرفه يا محمود
وهل يفتي ومالك في المدينة؟
مين هو سميكة باشا دة يا حسين ؟
ماشي يا عم محمود مقبولة منك التريقة
باختصار اسمه مرقص باشا سميكة  صاحب فكرة تأسيس المتحف القبطي عام 1893 م وقد جاهد هذا الرجل القبطي العظيم طويلا حتي تمكن من اقامة المبني الحالي للمتحف الذي افتتح عام 1910، وعين هو أول مدير له واختار المكان في منطقة محاطة بالكنائس، وعرف في البداية بمتحف المقتنيات الخاصة، فالكثير من القطع كانت مقتنيات لأغنياء مصر أهدوها بعد ذلك للمتحف.  تصور أن عدد المقتنيات بالمتحف القبطي نحو 16000 مقتني من أهمها مزامير داوود ولوحة آدم وحواء وشرقية باويط، وقد ظل المتحف القبطي تابعا للبطريركية القبطية حتي عام 1931 ثم أصبح تابعا لوزارة الثقافة
-إيه رأيك يا عمي
-الأب لو النور مش طافي كنت قلت أنت بتقرأ من ورقة
الأم بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك
-الله عليك يا حسين موسوعة تاريخية متنقلة
- يا خسارتك هنا يا حسين
-يا محمود أنا لسة عند رأيي مصر فيها خير كتير
- يا حسين أنا متأكد من كدة تماما من ساعة مقررت أسافر
 بس خير مصر مش لنا مش للطبقة الكادحة أمثالنا ،خيرها للناس اللي فوق
-مش المفروض الثورة سوت بين الناس (الأب)
-حسين (في ضحكة بطعم الصبار)أي ثورة فيهم يا حاج (يوليو ولا يناير ولا يونيو) الثورات كتير
-على رأيك والله يا بني الواحد بقي مش عارف راسه من رجليه من كتر الثورات وربنا يولي الأصلح لمصر
-يارب يا حاج
-مصر تستحق أفضل من كل هؤلاء
وانعطفت السيارة إلي اليسار داخل شارع مرقص سميكة باشا حتي وصلت إلي برج السعادة وأمام باب البرج نزل الجميع من السيارة
ومازال النور قاطع
لكن البواب عم فرجاني جاهز لمثل هذه المواقف المتكررة في الصيف ومعه كشاف شحن منور في مدخل البرج وكمان كشاف احتياطي
-طبعا المصعد لا يعمل لذا سيضطر الجميع للصعود علي أقدامهم حتي الدور الخامس شقة رقم 20
وسيتولي عم فرجاني تنزيل الشنط المحملة من خيرات السعودية وحملها إلي أعلي وهذا بالطبع سيزيد من البقشيش وحلاوة سلامة الوصول
وعلي ضوء كشاف عم فرجاني صعد محمود وأبويه واحدة واحدة
وفي طريق الصعود رن تليفون الأب
-قالت الأم مين بيرن في الضلمة دي
-أخرج الأب الموبايل وهو مازال يرن بصوت مزعج في هدوء الليل المظلم  فالساعة الآن تقترب من منتصف ليل الأسكندرية
- ضحك الأب إنها مديحة
-الأم وهي تهمس وقد تنهج علي أخرها كلما صعدت لأعلي
 خلاص وصلنا ياست مديحة
-ومن أعلي كانت صوت البنات واضحا حمدا لله علي السلامة يا محمود
نورت مصر
ضحك محمود ورد عليهن منورة بيكم يا ميمات
وميمات جمع ميم لأن أخواته البنات تبدأ أسماءهن جميعا بحرف الميم وهن علي الترتيب :مديحة وماجدة وميرفت ومها أعمارهن علي الترتيب 27 و25 و23 و21 كلهن جامعيات قد حصلن علي مؤهل عال من جامعة الأسكندرية العريقة
وصلنا أخيرا للشقة وحسين صامت طوال رحلة صعود السلم
وعند الباب قال حسين أستأذن يا أبو حنفي حمد لله علي السلامة
هشوفك بكرة
-قالت الأم (المصرية العبقرية) والله لا يمكن ولا ينفع لازم تتعشي معنا
-بس الوقت اتأخر وكمان علشان تكونوا براحتكم مع محمود هو أكيد وحشكم ووحشتوه
-ردت الأم (وهي تلتقط أنفاسها ):هو أنت غريب يا حسين إنت واحد مننا أنت زي محمود بالظبط
-تسلمي يا حاجة ومحمود بالنسبة لي أكثر من أخ
-خلاص يا عم حسين الحاجة أمرت

-أمر الحاجة نافذ 

رواية الباب الأخصر لصديق الحكيم : الفصل الخامس



(5) راجعين في شوق وحنين

في تمام الساعة العاشرة مساء الأربعاء 26 رمضان (ليلة القدر) وصلت طائرة محمود القادمة من مطار الملك فهد بالدمام إلي مطار برج العرب القابع غرب مدينة الأسكندرية  علي بعد خمسين كليومترا من قلب الأسكندرية  بعدما توقف مطار النزهة عن العمل قبل سنة من ثورة 25 يناير 2011 المجيدة وحتي الآن
وكان في انتظاره زي كل سنة أبويه وصديقه حسين رمزي زميل الدراسة والعمل في مدرسة شدس الإعدادية بنات
 وللعلم فقط حسين ليس مدرس لغة إنجليزية مثل محمود بل هو مدرس تاريخ وجغرافيا (دراسات اجتماعية كما اصطلح علي تسميتها) ويحمل لقب مثقف المدرسة ويكتب مقال رأي في بعض الصحف المصرية والعربية  ويقول عن ثورة 30 يونيو أنها انقلاب عسكري ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي وإن كان هو نفسه ليس إخوانيا ولا من المتعاطفين وهذا رأيه الذي يختلف كليا مع رأي محمود الذي يعتبر 30 يونيو ثورة شعبية خلصت مصر من حكم الإخوان الشمولي باسم الإسلام
لكنهما (حسين ومحمود )ينطبق عليهما المثل القائل
(اختلاف الآراء السياسية لا يفسد للود قضية )
 ورغم كونه مثقفا فقد لجأ حسين إلي الدروس الخصوصية عوضا عن السفر إلي دول الخليج  لأن لديه رأي أن مصر بها من الخيرات ما يكفي ولا داعي للسفر والشحططة والبهدلة في بلاد الغربة
وها هو هنا أمام بوابة الخروج قد جاء بسيارته الخاصة من النوع تويوتا كرولا موديل العام 2014 ليقل محمود من المطار مباشرته إلي شقته الجديدة في حي شدس
بعد انتهاء مشهد الترحيب والسلامات والأحضان والقبل الحارة الممزوجة بدموع الأم لفرحتها الغامرة بعودة ابنها وأشواق الأب إلي ابنه الوحيد أوديك البرابر وحنين الصاحب لصاحبه
تحركت السيارة من برج العرب نحو الشرق حيث الأسكندرية الساحرة ليلا ونهارا بها سراً غريباً يجذب إليها الناس عن بعد كما يفعل المغناطيس ببرادة الحديد
جلس محمود على الكرسي الخلفي بين أحضان أبويه ليشبع من قربهما ويشبعا من قربه بعد طول البعاد والنسيم  الصيفي العليل المتدفق من نافذة السيارة ينعش الجميع والسيارة تسير في ليل أرخي سدوله علي الطريق فتركه معتما إلا من بعض الأنوار التي تشع من مصابيح معلقة علي رؤوس أعمدة الإنارة الفارعة الطول علي جانبي الطريق
ومرت ساعة ونصف من عمر الزمن هي طول الطريق من مطار برج العرب إلي شدس بوسط الأسكندرية
مر هذا الوقت  في أسئلة متبادلة بين محمود وأبويه وصديقه حسين
 وكانت الأسئلة أكثر من الأجوبة
 ربما كانت معظم الأسئلة لا تحتاج أجوبة لأن الحال يغني عنها
كان محمود مشغولا بموضوع الخطبة وقد رتب كل شئ مع والده قبل نزوله وأيضا قد عهد إلي صديقه الصدوق حسين بتجهيز شقته طبعا تحت إشراف الوالد الذي كان يتلقي حوالات محمود الدولارية كل شهر لينجز العمل المطلوب علي أكمل وجه ممكن
وقد تم ما أراده محمود من التجهيزات كأنه كان حاضرا شاهدا لكل شئ
وفي سؤال عفوي من محمود لصديق حسين : ما أخبار البلد وأحوال العباد ؟
-أنت عارف أكثر مني كيف صارت أحوال البلاد فأنت تشاهد محطات التلفزة وتقرأ الصحف
-ليس من رأي كمن سمع يا عم حسين فالمثقف له زاوية رؤية مختلفة
-الأمور محلك سر بل تتدهور أكثر من الأول
-أنت تعرف رأيي في الثورة والثوار
- فكما يقول تامر أبوعرب كانت الثورة قوية عندما كانت المطالب الاقتصادية والاجتماعية تتصدر أولوياتها، دعمها كثير من المصريين من كل الطبقات  على أمل أن تتحسن أحوالهم ويجدوا منها اهتماما افتقدوه على مدار عقود حكم الثلاثي العسكري ناصر والسادات ومبارك
 لكن المحسوبين على الثورة وقعوا سريعا في فخ المحاصصة السياسية والحديث عن الانتخابات والأحزاب ونظام الحكم دون أن يقترن ذلك بالحديث عن خططهم لتحسين أوضاع الناس أو لتحقيق العدالة الاجتماعية وإنقاذ الاقتصاد.
انفضت الثورة عن الناس فانفضوا عنها وتركوها وحدها في مواجهة الدولة القديمة أو العميقة ورجالها وأموالها،
فقدت الثورة ظهيرها وسندها بتخليها عن الناس وفقد الناس فرصة حقيقية للحياة بتخليهم عن الثورة.
يتدخل الأب (الموظف الحكومي المؤيد للسيسي) ملطفا لهذا الجو قائلا أهم شئ في مصر أنها محروسة من كل شر وإن شاء الله بكرة أحلي
ومفيش حد بيبات من غير عشاء ولا سحور بمناسبة رمضان
ابتسم محمود وقال :صحيح يا بابا  وأردف وهويري ابتسامة حسين في المرآة الأمامية : وبكرة تشوفوا مصر
وكحيلة لتغيير الموضوع المختلف عليه
وعلي ذكر العشاء توجه محمود إلي أمه قائلا
وايه أخبار الأكل السكندري الفسفوري يا ست الكل
 وحشني كثيرا الأكل من إيديك الحلوين يا ماما  قالها وهو يرفع يديها ويقبلهما قبلة طويلة والأم تقبل رأسه وعينيها قد اغرورقت بالدموع
ويعقب الأب سريعا : لا تقلق
ماما سخرت أخواتك البنات الأربعة لعمل كل أصناف الأكل اللي بتحبه
بوري صيادية وبوري مشوي وبلطي طاجن وبوري سنجاري
كل ده يا ماما
-وأكثر يا عيون ماما علشان ترم عضمك وتغير معدتك من أكل الكبسة والمندي وترجع للأسكندرية وأكلاتها اللذيذة

****

رواية الباب الأخصر لصديق الحكيم : الفصل الرابع



(4) الحب عبر سكايب
مر عام  بالتمام والكمال علي هذه العلاقة العاطفية الصريحة والشفافة والرومانسية العاقلة (غير المتهورة) بين محمود وسلوي
وفي غضون هذا العام عرف محمود تقريبا كل شئ عن محبوبته سلوي وأسرتها الصغيرة هنا في الأسكندرية وأصولها وأسرتها الكبيرة في قرية أشليمة بمحافظة البحيرة حيث النشأة والجذور
 وعرفت سلوي هي الأخري مايريد محمود أن تعرفه عنه وعن أسرته
في أثناء هذا العام
كان التواصل مستمرا بين سلوي وحبيبها من خلال كل وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة  مثل فيسبوك وتوتير وسكايب
 وفي أحيان قليلة الموبايل لأن تكلفته باهظة والعريس في عرض كل هللة وريال حتي تنتهي معاناته في الغربة ويعود إلي أرض الوطن الحبيب لكي يجتمع علي خير شمل الأسرة وترفرف السعادة علي حياتهما الجديدة
لذا كان التوفير والإدخار هو سيد الموقف ولا صوت يعلو فوق صوت الدولار
ومع إقبال أشهر الصيف شديدة الحرارة والرطوبة في الخليج تبدأ العمالة المصرية في النزول إلي أرض الوطن العزيز الغالي
وما أن تخطو خطواتك الأولي علي أرض الوطن حتي تجد المعاناة الشديدة للأهل من انقطاع متكرر للكهرباء والمياه في عز حرارة الصيف ، حتي تتمني انقضاء شهر الأجازة والعودة مرة ثانية إلي الوطن الثاني رغم كل المعاناة التي تتكبدها في الغربة من الوحدة والحرارة الشديدة والرطوبة  المرتفعة وغلاسات الكفيل وغيرها من مشكلات العمل خارج الوطن حيث أنت وحدك بمفردك وقلما تجد المعين والصديق والصاحب
وقبيل عودت محمود حنفي إلي أرض الوطن في أجازته السنوية قال لسلوي في إحدي جلسات التواصل عبر برنامج سكايب
-سأحضر بعد أسبوع إن شاء الله
-ترجع بالسلامة يا حبيبي
-هل فاتحت ماما في الموضوع
-ماما عارفة كل شئ منذ البداية فأنا أقول لها كل شئ لأن ما بيننا ليس فيه ما يشين يا حبيبي
-وهل بابا عنده فكرة ؟
- طبعا ماما أعطته فكرة   وهو ينتظر حضورك مع أهلك للتعارف
- طب ممكن تحددي معاد معه علشان أجي ومعي والدي ونقرأ الفاتحة
كان  الحوار عاديا بينهما حتي كتب محمود هذه الجملة الأخيرة
ورغم أن سلوي كانت تتوقعها منذ أن تعرفت علي محمود قبل عام إلا أنها كمعظم البنات في الأسكندرية علي وعي تام بحوارات الشباب الفاكسة وخصوصا علي النت التي تتسم بالتسلية وتكوين حرملك وهمي لجناب السلطان
إلا أن سلوي تعرف جدية محمود وعقله الكبير وفكره الناضج وشخصيته الدوغري وخصوصا بعد اللقاء الأول معه وكلام أبلة حكمت المشجع عنه
-الو الو سلوي
-رحت فين يا حبيبتي
بعد ثوان جاء الرد من سلوي التي كانت في دهشة تمتزج بفرحة من وقع الجملة علي عقلها وقلبها الذي أخذت نبضاته في الزيادة حتي تسعين نبضة في الدقيقة وتنهيدات سلوي لا تتوقف إنها أعراض طبيعية هرمونية رغم ما عرف عن سلوي من أنها عاقلة ومتزنة وحازمة
لكن هذه الأمور تتحكم فيها قشرة الدماغ في الأوقات العادية
أم في هذا الموقف فالكلمة العليا لهرمون السعادة والفرح
وبسرعة ولهفة كتبت سلوي ترد علي محمود الذي بدت عليه علامات الغضب لأنه يراه علي شاشة اللاب توب شاردة الذهن سارحة الخيال وعلي وجهها تبدو واضحة حمرة الخجل العذري
-ايوة معك حاضر هبلغه إن شاء الله
-موعدنا يوم الجمعة اليتيمة (الجمعة الأخيرة من شهر رمضان) بعد صلاة العشاء والتراويح
-تمام موعد مناسب جدا هبلغ ماما عشان تمهد للموضوع مع بابا
وبعد ذلك استمر الحوار بينهما حتي وقت متأخر من الليل في أمور أخري كثيرا ما تحدث بين الأحبة المتواصلين عبر سكايب
مثل ماذا أكلت اليوم ؟
كيف كان حال العمل ؟
ما هي آخر الكتب التي قرأتها؟
حتي ينتهي مطاف الأسئلة إلي نوعية ومقاس الحذاء ومقاس أشياء أخري
يضيق المقام عن ذكرها لكنها متخيلة ومعهودة لرواد النت

وزادت كثافة حوارتهما عبر سكايب خصوصا في ليالي الأسبوع الأخير رغم أنها ليالي رمضانية مباركة حتي بلغت ذروتها في الكثافة والسخونة ليلة الثلاثاء عشية السفر إلي مصر كأنما يودعان العالم الافتراضي إلي العالم الواقعي بحب امتد حتي مطلع الفجر

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم :الفصل الثالث ج2



كانت سلوي قد جمعت كل المعلومات الأساسية عنه وعن أسرته من زميلات المدرسة ومن أمها التي تقمصت دور المفتش كورومبو وجمعت كل ما أمكن من معلومات عن أسرته أثناء تجولها في شارع الباب الأخضر وحاراته
وقد استبشرت الأم باسم الباب الأخضر وقالت فأل خير
وعرف محمود معني عبارة دكتور مصطفي محمود في كتابة أناشيد الإثم والبراءة (الحب هو الألفة ورفع الكلفة، أن لا تجد نفسك في حاجة للكذب، أن تصمتا أنتما الاثنين فيحلو الصمت وأن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء)
وكأن الحب بينهما قد ولد حتي قبل أن يلتقيا قبل أيام في المدرسة وها هو ينضج بسرعة مذهلة ومع نموه ونضجه يفتح كل منهما للآخر قلبه وعقله دون تحفظ كأنما هما قطعتي أرابيسك عاشق ومعشوق
كانت الأمور المالية هي ملف شائك يتحرج منه محمود لكن سلوي بحكمتها ومرحها وانفتاح عقلها شجعته علي فتح كل الملفات في جلستهما الأولي فصارحها أن حصيلة عمل خمس سنوات في الغربة بالكاد اشتري بها شقة  100 متر في حي شدس بالقرب من المدرسة وشطبها وقام بتجهيزها وتبقي معه مبلغ معقول
ومن ضمن حديث الصراحة أنه صرف كل ما ادخره خلال أحد عشر شهرا قضاها في السعودية علي استكمال التجهيزات الضرورية لشقته أو شقتهما والتي هي مسكن الزوجية أو البيت السعيد وطبعا سداد بعض الديون القديمة من أيام العوز والفاقة
واتفق أن العروسيين المقبلين علي الارتباط المقدس يدمنان مبدأ الصراحة لكن كل له طريقة (صراحة الهروب من المسؤولية لدي محمود وصراحة المواجهة وتحمل المسؤولية عند سلوي)
ومرت الساعات كأنها ثوان 
يفهم أحدهما صاحبه من نظرة عين
وترضيه منه ابتسامة رائقة
ولم يعكر صفو هذا الانسجام
سوي مايراه محمود توافه لا تقدم ولا تؤخر
مثل الشبكة المبالغ فيها كما يفعل الفلاحين
وأهل الأسكندرية يطلقون لفظ الفلاحين علي الناس القادمين من الريف إلي الأسكندرية وخصوصا ريف البحيرة وكفر الشيخ
كان يري محمود أن يكتفي بدبلة دهب ومحبس عيار 18 للعروس ودبلة فضة للعريس ويوفران بقية المبلغ للأساسيات التي تنفعهما بعد الزواج
لأن هذه الكماليات ماهي إلا فشخرة أمام الناس الذين يتكلمون ويتهامسون علي بعضهم في كل شاردة وواردة
وفي الأخير كلام الناس كما تقول الأغنية لا بيقدم ولا بيأخر
ولن يبقي إلا الدين كالحبل الخشن في رقبة المدين
وقد صدقت سلوي علي كلام محمود عندما ذكرت له أن دراسة أمريكية حديثة حذرت المقبلين على الزواج من الارتفاع أو المبالغة فى تكاليفه، لأنه ثبت أنه كلما ارتفعت تكاليف الزواج زادت فرص الطلا ق والعياذ بالله.
وأردفت سلوي :يعود السبب فى ذلك، وفقا للدراسة، إلى أن تكلفة الزواج العالية يترتب عليها بطبيعة الحال تراكم الديون على الزوجين، وهو ما يجعل حياتهما تعيسة، وانشغال الزوجين فى تسديد الديون الناجمة عن المبالغة فى تكاليف الزواج، إلى جانب الندم الناتج عنها.
ويبدو أن العروسين كانا في واد وأسرة سلوي في واد أخر
وملاحظة أخري جديرة بالذكر أن أسرة محمود حنفي والمكونة من أبيه وأمه وأخواته البنات الأربعة اللاتي يطلق محمود عليهن (الميمات الأربعة) لا تتدخل في الموضوع لا من قريب ولا من بعيد
اللهم إلا الحضور المشرف
وهذا شرط محمود عليهم حتي تتم الزيجة وهذا نوع من صراحة الهروب وإن كان يظن محمود أنه صراحة مواجهة
وحتي يفي محمود هو الآخر بوعده لوالديه في المساعدة في تجهيز أخواته البنات الأربعة عندما يأتي ابن الحلال لكل واحدة منهن إن شاء الله تعالي خصوصا أن الأب قد اقترب من سن المعاش وقد ادخر كل ما يملك في تعليم أولاده الخمسة
أجمل شئ في محمود وعائلته الصراحة والوضوح دون كذب أو تجمل فشعارهم في الحياة الصراحة راحة لكن صراحة حسب فهم كل واحد

سافر محمود وتواصلت المكالمات الهاتفية في البداية ثم استمر التواصل عن طريق شبكات التواصل الاجتماعية 

السبت، 1 نوفمبر 2014

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم .. الفصل الثالث ج1



(3) راندفو علي كافيه السلسة

خرج محمود من مكتب الوكيلة وماهي إلا خطوات قليلة حتي اتصل بسلوي
فاتحها في رغبته المتوقدة للارتباط بها علي سنة الله ورسوله
فأغلقت الموبايل في وجهه من فرحها ولأنها لم تجد ما تقوله له
كان محمود في حاجة ماسة لرؤية سلوي ولو لمدة دقائق فلا يمكن أن يسافر وهو ظمآن لرؤية عينيها
اتصل بها مرة ثانية
-أهلا أستاذ محمود
-بلاش أستاذ محمود دي خليها محمود بس
- أهلا يا محمود قالتها بنغمة صوت مصحوبة بخجل وفرح
-لي عندك رجاء
-ماهو ؟
-أريد أن أراك قبل السفر
-إزي بس أنا اليوم مريضة وأنت مسافر كمان ساعات
-مش عارف بس مش هقدر أسافر من غير ما أشوفك
-خلاص
-خلاص يعني هشوفك قالها وهو يكاد يطير من شدة الفرح
-عارف كافيه السلسلة اللي قدام مكتبة الأسكندرية
-أيوة عارفه
-انتظرني فيه كمان ساعة تقريبا
-حاضرهكون هناك علي طول
وصل محمود إلي كافيه السلسلة قبل سلوي حجز ترابيزة علي البحر مباشرة يا له من منظر رائع منظر البحر والأمواج وصوت ارتطامها بالحجارة حول الجالسين في المقهي
أخذ محمود يسلي نفسه بتصوير المنظر البديع بفيديو الموبايل حتي يكون معه كذكري حين يسافر فالذكريات تبقي إذا ثبتناها في صورة أو فيديو وهذا من نعم الله علينا في عصر التكنولوجيا
-حضرت سلوي نزلت علي درجات سلم الكافيه بثبات ومحمود يرمقها وهي تبحث عنه بعدما رفعت نظارتها السوداء عن عينيها لتضعها علي شعرها المتهدل في لمعان وانسياب كأنه ذيل فرس عربي أصيل
فكر أن يشير بيده لكنه تراجع عن هذه الفكرة حتي لا يسبب لها حرج
كلمها علي الموبايل
أنا أجلس في أخر ترابيزة ولابس تي شرت أخضر
-خلاص شفتك يلا سلام
-السلام عليكم
-وعليكم السلام
قام محمود وسحب الكرسي للخلف حتي جلست سلوي ثم جلس في الكرسي المقابل لها وهو لا يرفع عينيه عنها وهي تنظر له من طرف خفي لحظات من التعارف البصري مرت قبل أن يبدأ محمود الحديث
- ألف سلامة عليك أنا آسف إني قومت من السرير وأنت مريضة لكني لم أستطع السفر بدون أن أراك
جاء الجرسون
-تشربي إيه
-عصير فريش
-طلب محمود من الجرسون :اتنين برتقال فريش
وعادت لحظات التعارف البصري من الطرفين
وقطعتها سلوي قائلة :أنا حضرت بس علشان مقدرة ظروفك وأثق في فيك بعد حديث حضرة الوكيلة عنك
-كم هي رائعة هذه الوكيلة التي سعت لتوفيق رأسين في الحلال
-سلوي وهي تبتسم وتنظر إلي البحر يا بخت من وفق راسين في الحلال
-كان يتوقع محمود أن مرحلة إذابة الثلج ستأخذ وقتا طويلا لكنه دهش عندما جري الحوار بينهما وديا دافئا وتنقل إلي مواضيع كثيرة في وقت قياسي



أنوثة مؤجلة آخر إصدارات الشاعرة ابتسام أبو سعدة





أنوثة مؤجلة "
للشاعرة الكبيرة : ابتسام أبوسعدة
تصميم الغلاف : Muhamed Hawas
داخلى ومراجعة : سارة صلاح

ليان للنشر والتوزيع

صورة نادرة تجمع بين الرئيس محمد أنور السادات والأنبا متى المسكين



من روائع الصحفي اللامع إيهاب الحمامصي


أول صورة تجمع بين الرئيس محمد أنور السادات والأنبا متى المسكين
فى المعرض الصناعى الزراعى الذى أقيم بنكلا العنب على هامش مؤتمر عيد ثورة التصحيح
مايو 1979
فى هذه المقابلة منح الرئيس السادات 1000 فدان لأحد الأديرة
ملحوظة: هذه الصورة نادرة بكل المقاييس حيث أنه لا توجد صور أصلاً للأنبا متى المسكين.. ناهيك عن صورة تجمعه بالرئيس السادات
** لاحظ أن الصورة من الخلف وأن المصور الرسمى امتنع عن التصوير

الفصل الثاني من رواية الباب الأخضر




(2) موعد مع القمر

وصلت سلوي المدرسة لتجد الأستاذة حكمت وكيلة المدرسة قد أرسلت في طلبها علي وجه السرعة
فأسرعت الخطي إلي مكتب الوكيلة وهي تحدث نفسها لماذا طلبتني ؟ ماذا عساه أني يكون الموضوع؟ هل هناك شئ ما ضدي ؟ هل الأمر متعلق بطلب النقل الذي قدمته من شهر ؟ فكرت في كل الاحتمالات ولم تتوقف عن التفكير إلا عندما طرقت باب حجرة الوكيلة ودخلت عليها لتجد مفاجأة صاعقة وسارة في نفس الوقت
إنه هو
نعم محمود حنفي الزميل المسافر
لقد سبقها بخطوة المبادرة ووفر عليها عناء التقدم وحفظ  لها حقها في التمنع والدلال
-اتفضلي يا سلوي
-وما أن جلست حتي طلب محمو الاذن بالانصراف
-اتفضل يا استاذ محمود ومتقلقش إن شاء الله ربنا يقدم اللي فيه الخير
-اتفضلي اقعدي يا سلوي
-بدون مقدمات الأستاذ محمود حنفي ( اللي كان هنا دلوقتي)
 مدرس محترم اشتغل معنا قبل سفره وعرفينه كويس فهو قمة في العلم والأخلاق وقد جاء اليوم لي لأكون واسطة خير لأنه يريد أن يطلب يدك فما قولك؟
-احم احم (سلوي تحاول أن تجيب وقد احمر وجهها حياء لكنها تماسكت - حضرتك أنا جديدة في المدرسة ولا أعرفه لكني واثقة أكيد في كلام حضرتك وعموما الأمر كله راجع لوالدي ولا أستطيع أن أخد قرار كهذا
-يا سلوي أنت زي بنتي تماما  أنا عارفة الأصول والأستاذ محمود كل غرضه أنه يأخذ إشارة منك علي القبول المبدئي وأن الطريق ليس مشغولا بشخص آخر
-ابتسمت سلوي للوكيلة وسكتت
-أعتبر السكوت علامة الرضا
أومأت سلوي برأسها تأمينا علي كلام الوكيلة
-قامت الوكيلة واتجهت نحو سلوي وأخذتها في حضنها وقالت بنات أخر زمن متقولي هو في حد لسة بتكسف اليومين دول
عموما ألف مبروك وربنا يتمم بخير
-الله يبارك في حضرتك يا أبلة حكمت
-أرجو من حضرتك إن الموضوع يظل طي الكتمان حتي يتم شئ رسمي
-متخفيش ياسلوي أنا مقدرة طلبك
-شكرا ياحضرة الوكيلة وعقبال أولادك
-تقدري تكلمي أهلك وتردي عليا عشان أبلغ الأستاذ محمود أصله منتظر علي أحر من الجمر لسماع الخبر السعيد
-وهو كذلك يا آبلة
-وخرجت سلوي من حجرة الوكيلة لتجد محمود منتظرا علي جنب يفرك يديه في بعضهما من التوتر والقلق
يستعد للدخول مرة أخري ليعرف نتيجة المقابلة ورد سلوي علي طلبه
فنظرت نحو وابتسمت ابتسامة رقيقة ذاب منها محمود وتاه في روعتها ونسي أن يدخل للوكيلة
وإذا بالوكيلة تخرج من مكتبها لتجده هايم في ملكوت الله
-تنادي عليه يا أستاذ محمود فيجبها في المرة الثالثة بعد أن ارتفعت نبرة صوتها قليلا
-اتجه إليها ووجه متهللا
خير يا حضرة الوكيلة
-الإشارة خضرا بس
-بس إيه
-بس الأصول يا أستاذ محمود
سلوي طلبت إنها تشاور أهلها وترد عليا
-امتي هتردد عليك يا حضرت الوكيلة أن مسافر بكرة إن شاء الله
-الصبر يا أهل الهوي الصبر
-بكرة إن شاء الله
**********
وجاء بكرة ولكن سلوي لم تحضر
وكان محمود ينتظر حضورها بفارغ الصبر
-تجرأ وطلب من الوكيلة الاتصال بها ليطمئن عليها ويعرف سبب عدم حضورها خصوصا وأن أمامه سويعات قبل أن يذهب إلي المطار ويريد أن يأخذ ردها قبل السفر
-الوكيلة إيه يا سلوي أنت فين ؟
-معلش يا حضرة الوكيلة أنا مريضة وحرارتي مرتفعة
-طب وبالنسبة لموضوعنا
-بابا معندوش مانع بس يجي مع أهله يتقدم
- أخ .. بس هو مسافر السعودية وطيارته بعد كم ساعة
-مفيش مشكلة يجي بالسلامة وربنا يقدر الخير
-يطلب محمود من الوكيلة أن يكلم سلوي فتتردد الوكيلة لكنها أمام إلحاحه كالأطفال وتقديرا منها لحالته وظرف سفره  تقول لسلوي
-محمود معايا وعاوز يكلمك
-ماشي
-ألو سلوي ألف سلامة عليك
-الله يسلمك يا أستاذ محمود أنا آسفة مقدرتش أجي اليوم
-ولا يهمك ألمهم تكوني بخير ممكن تسمح لي أن أخذ رقمك من الوكيلة وأكلمك أطمن عليك
-(بعد تردد ولحظة صمت) ماشي مفيش مشكلة
-ألف سلامة عليك هكلمك-سلام
أعطي التليفون للوكيلة
-مع السلامة يا سلوي خلي بالك من نفسك
-إن شاء الله 

وانتهت المكالمة المصيرية وأخذ محمود رقم سلوي من الوكيلة واصبحت التواصل بينهما مباشر لأول مرة كما أرادت سلوي

ديوان (صباح الخير يا وطن) للشاعر الكبير محمد كُليب



صدر ديوان (صباح الخير يا وطن) للشاعر الكبير محمد كُليب عن دار سندباد للنشر والتوزيع بالقاهرة، وجاء الديوان في 124 صفحة من المقاس المتوسط والغلاف من تصميم الفنان أحمد طه، وقدم الناشر الديوان بكلمة نقدية قائلا: في ديوان (صباح الخير يا وطن) يهتف الشاعر محمد كُليب للمحروسة.. للمصري الذي نهض ونفض التراب وكسر الطوق، ورفع راية الوطن عالية فوق السما، للمصريين الشجعان الذين قاموا بثورتين عظيمتين: ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيه فأبهروا العالم كله، هذا الشعب العظيم أحفاد ملوك الفراعنة القدماء العظماء: رمسيس وأحمس ومينا موحد القطرين، وحديثًا: الزعيم جمال عبد الناصر .. ناصر العمال والفلاحين، والسادات الذي أعاد العزة والكرامة لمصر والمصريين والأمة العربية كلها بنصر أكتوبر المجيد.
في هذا الديوان نرى الشاعر الكبير محمد كُليب يُغني نشيد الصباح والمساء، يغني لراية الوطن العالية التي ترفرف فوق فـ السما قائلا:
صباح الخير يا وطن
صباح رايتك
ترفرف فوق فـ السما
مع غصن زتون
بمنقار حمامه بيضا مسلمه
فوق جندي بسلاحه للحما!
دي أبهج صوره لنفسي المؤمنه
إنما ..... !!
لا كهنوت ولا أسلمه!

الفصل الأول من رواية الباب الأخضر




(1)السنارة غمزت
كانت عائلة الست محروسة ( أم شلبى ) تسكن في حارة الشيخ علي شلبي  المتفرعة من شارع السبع بنات وهو الشارع الأشهر بحي المنشية غرب الثغر المتجه من الجنوب الغربى لمدينة الأسكندرية حيث حي القباري ومينا البصل وكفر عشري عبورا علي كوبرى التاريخ الى الشمال الغربي  حيث ميدان التحرير (السكندري) الذي يطل عليه مبني الحقانية الأثري وصولا إلي شارع عرابي المؤدي إلي ميدان القناصل أشهر ميادين الإسكندرية الخديوية (المنشية  حاليا) والذي خطب فيه الزعيم خالد الذكرجمال عبد الناصر خطبته الشهيرة سنة 1954 وشهد أحد محاولات اغتياله التي اتهم فيها الإخوان المسلمين
وتدعي أسرة شلبي أن أصلها يرجع إلي الشيخ علي شلبي صاحب المقام المبارك الكائن بالحارة المسماة علي اسمه
وتذكر روايتهم أن الشيخ علي شلبي رضي الله عنه وأرضاه قد نزح من قرية أشليمة بريف البحيرة والمطلة علي الضفة الغربية لفرع رشيد بحري مدينة كفر الزيات بحوالي خمسة كليومترات وتجول في الأسكندرية من شرقها إلي غربها حتي حط رحاله في الخرابة خلف شارع السبع بنات وتزوج من سيدة سكندرية من أصل مغربي وأنجب دستة أولاد نصفها من البنين والنصف الآخر من البنات توفوا جميعا في حياة أبيهم ماعدا أصغرهم ياقوت وكبر ياقوت وأنجب سلامة الذي هو زوج الست محروسة (أم شلبي )
ومحمود حنفي المدرس الثلاثيني (مواليد 1984) الذي يعمل بالسعودية منذ خمس سنوات  وهو العريس المتقدم  للآنسة سلوى الابنة الوحيدة لأم شلبي  وتسكن عائلته في حارة الست نعيمة والتي تتفرع من شارع الباب الأخضر وهو شارع عمومي مواز لشارع السبع بنات لكنه عكس اتجاهه
  محمود ربنا أكرمه واشتري شقة من فلوس الغربة في منطقة شدس قريبا من محل عمله حيث يعمل مدرس لغة انجليزية بمدرسة شدس الإعدادية للبنات والعروس ذات الخمسة والعشرين ربيعا تعمل معه في نفس المدرسة الراقية مدرسة لغة فرنسية
وكأن القدر قد قرر أن تجتمع اللغات الأجنبية في هذا الدويتو الجميل
وفي المدرسة تعرف محمود علي سلوي سلامة ياقوت بالصدفة البحتة أثناء حضوره للمدرسة في صيف العام الماضي لإنجاز بعض المعاملات الخاصة بسفره
ومنذ الوهلة الأولي التي رأي فيها قوامها ومن النظرة الأولي في وجهها وقع حبها في نفسه وتذكر مقولة صديقه حسين رمزي ( أذكر مرة كنت في نقاش بجامعة الأسكندرية  حول الموضة التي تشدد على أن يكون الجسم نحيلا وممشوقا فقلت لهم ''إن والدتي قالت لي مرة إن المرأة التي لا تهز السرير ليست بامرأة'') وكانت سلوي من النوع الذي يهز السرير
و قرر أن تكون شريكة حياته القادمة
وربما قرأ ذلك في عيونها التي لمعت حبا عندما التقت بعينيه المشعة بالهيام والشوق

وكعادة الأنثي منذ خلق الله حواء من ضلع آدم ،تمنعت سلوي وهي راغبة وطلبت من نفسها مهلة للتفكير فيه وهي في قرارة نفسها
ترحب به قلبا وقالبا خصوصا أنه شاب وسيم ومتدين ومقرش يعني معه فلوس كثيرة نتيجة لسفره إلي السعودية وهذا هو الانطباع العام عند الناس عن المسافرين إلي الخليج وكأن الفلوس هناك جبال والمسافر ما عليه إلا أن يحمل معه شوال ويملأه وعلي كل حال
وكما تقول الجدة تفيدة في أمثالها القديمة (الصيت ولا الغني )
قالت سلوي في نفسها :إذن هو فرصة لا تفوت في ظل وقف حال الزواج وزيادة نسبة العنوسة في البلد
لكن مهلة التفكير التي طلبتها حتي لا يظن أنها سهلة المنال وهذه ثقافة تعلمتها من أمها ومن القراءة وخصوصا
 تعاليم فيكتور فرانكل التي تقول:
هناك مسافة بين المثير والاستجابة
فيها تكمن حريتنا وسلطتنا لاختيار استجابتنا
وفي استجابتنا يكمن نضجنا وسعادتنا
وفوق ذلك لم يكن قلبها مشغولا بأحد لأنها قررت منذ أن كانت في ثانوي وعقب صدمتها المروعة في حبها الأول مع ابن الجيران ألا تفتح قلبها إلا لابن الحلال المحترم والملتزم الذي يدخل البيت من بابه ويطلبها للزواج علي سنة الله ورسوله وهو ما تعتقد أن محمود حنفي سيحققه لها،  فكيف لا تتمسك به بكل ما أوتيت من قوة الجمال والدلال
لكنها من ناحية أخري فكرت في الفارق الاجتماعي بينهما فهي وإن كانت تبدوا جميلة وترتدي ملابس مهندمة إلا أنها ما زالت تسكن حارة الشيخ شلبي وهو من ساكني شدس وإن كانت شدس ليست جليم ولا كفر عبده
ولكن المفاجأة التي لم تكن تتوقعها سلوي –وصلت إليها المعلومة بالصدفة البحتة في جلسة نميمة بين المدرسات وكانت الجلسة منعقدة حول الزميل المسافر محمود حنفي – وكانت سلوي تجلس قريبة من مجلس النميمة وتظهر أنها منشغلة بقراءة كتاب لكن أذنها مع المدرسات فنمي إلي علمها أن أسرة محمود تسكن هي الأخري في حارة الست نعيمة وهي الحارة القريبة من حارتها
يعني البساط أحمدي والروس تكاد تكون متساوية وهي لم تكن تنوي الكذب عليه أو حتي التجمل كانت تبيت في ضميرها أن تبادله الصراحة والصدق
لكنها كانت تتوقع أن يكون أغني مما هو عليه
علي كل حال السنارة غمزت ولم يبقي إلا أن تسحبها لتري الصيد الثمين

لكن كيف تتواصل معه ؟
هل تلفت نظره مباشرة أم ترسل له رسول ؟
هل تفاتح أمها في الموضوع أم تتمهل قليلا حتي يتقدم نحوها خطوة ؟
خصوصا أنها استشفت من نظراته المختلسة إليها أنه في مرحلة الإعجاب علي أقل تقدير
ويظل السؤال الذي يحتاج إلي تفكير :كيف تتواصل معه وتوصل له أنها هي الأخري تريده لكن علي شروطها ؟
الخطوة الأولي هي أن تخبر أمها عنه وتنظر ماذا تري
وأفرغت سلوي كل مالديها من مشاعر ومعلومات في حجر أمها
قالت الأم لها (وهي تبتسم وعينها تلمع من الفرح ) أنا مبسوطة يا سلوي لسببين الأول ربنا هيكرمك وتتجوزي والسبب التاني أنك قصدتيني علي طول وجيتي تاخدي مشورتي في هذا الموضوع  الحساس
-يا ماما إنت عرفاني من صغري صريحة ومش بحب اللف والدوران
-خلاص سيبي لي الموضوع ده وفي خلال يوم ولا اتنين هيكون عندك الخبر اليقين
-معتمدة علي الله ثم عليك يا ماما
-يا بنتي أنا مليش حد غيرك أنت وأخوك شلبي
في الصباح التالي ذهبت سلوي إلي مدرستها
بينما دلفت الأم إلي شارع الباب الأخضر تسأل وتستفسر عن محمود حنفي وأسرته
 ونعرف أن أسئلة النساء تختلف تماما عن أسئلة الرجال

ووسائل النساء في البحث عن أجوبة لأسئلتهن تختلف تماما عن وسائل الرجال الرسمية والمستقيمة في العادة