الاثنين، 12 يناير 2015

ماذا قال الشعراء والحكماء عن الفقر؟


السؤال الثامن :ماذا قال الشعراء والحكماء عن الفقر؟

ورد عن أبي منصور الثعالبي في كتاب (اللطائف والظرائف)، وعن الشيخ إبراهيم بن محمد البيهقي في كتاب (المحاسن والمساويء) في شأن مدح الفقر:
كان يقال: شعار الصالحين الفقر، ويقال الفقر لباس الأنبياء.
وفيه يقول البحتري:
فقرٌ كفقـر الأنبياء وغـربة وصـبابةٌ ليس البـلاءُ بواحدِ
وكان يقال: الفقر مُخِفٌ والغنى مثقل.
ويقال: الفقر أخف ظهراً وأقل عدداً.
ومن أحسن ما قيل في مدح الفقر قول أبي العتاهية:
ألم تر أن الفقر يُرْجى له الغنى وإن الغني يُخشى عليه من الفقر
وقال محمود الوراق:
يا عائب الفقر ألا تنزجر عيب الغنى أكثر لو تعتبرْ
من شرف الفقر ومن فضله على الغنى لو صحّ منك النظرْ
أنك تدعو إليه تبغي الغنى ولست تدعو الله أن تفتقرْ
وجاء في شأن ذمّ الفقر، قول سعيد ابن عبد العزيز: ما ضرب العباد بسوط أوجع من الفقر.
ومن فصول ابن المعتز: لا أدري أيهما أمر، موت الغنيّ أم حياة الفقير؟!
وكان يقال: الفقر مجمع العيوب. ويقال: الفقر كنز البلاء. ويقال: الفقر هو الموت الأحمر.
قيل: لا فاقرة كالفقر، وفيه قيل: الفقر في الأذن وقر، وفي الكبد عقر، وفي القلب نقر، وفي الجوف بقر.
وأنشد بعضهم:
إذا قلّ مالُ المرء قلّ حياؤه وضاقتْ عليه أرضه وسماؤُهُ
وأصبح لا يدري وإن كان حازماً أقُدّامه خيرٌ لـه أمْ وراؤُهُ
وقال صالح بن عبد القدوس:
بلوتُ أمور الناس سبعين حجة وجربتُ صرف الدهر في العُسر واليُسرِ
فلم أرَ بعد الدَّين خيراً من الغنى ولم أرَ بعد الكفر شرّاً من الفقرِ
وقيل لأعرابي : ما أشد الأشياء؟ قال: كبد جائعة تؤدّي إلى أمعاء ضيّقة.
وقال أوس بن حارثة: خير الغنى القنوع، وشرُّ الفقر الخضوع.
وقال عبد الأعلى القاضي : الفقير مرقته سِلْقة، ورداؤه عِلْقة، وسمكته شِلْقة.
وقيل: إنه إذا أيسر الفقير ابتُلي به ثلاثة: صديقه القديم يجفوه، وامرأته يتزوج عليها، وداره يهدمها ويبنيها.
وقال أحد الشعراء:
الموت خيرٌ للفتى من أن يعيش بغير مالِ
والمـوت خيـر للكريـــ ـم مـن الضراعة للرجـالِ
قال الحكماء (الفقر رأس كل بلاء) وقال لقمان لابنه (يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر فلما أرى شيئا أمر من الفقر فإذا افتقرت فلا تحدث بهي الناس كي لا ينتقصونك، ولكن اسأل الله تعالي من فضله، فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله أو دعاء فلم يجب
وقال ابن الأحنف في الفقر
يمشي الفقير وكل شيء ضــده والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنـب ويري العداوة لا يرى أسبابها
حتي الكلاب إذا رأت ذا ثروة خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقير عابــــرا نبحت عليه وكشرت أنيابها
وقال الشاعر
إن الدراهم في الأماكن كلها تكسو الرجال مهابةً وجمالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحةً وهي السلاح لمن أراد قتالا
هذا و يجب على العالم أن يضرب من نفسه المثل والقدوة حتى يصير أهلا للاتباع، كما يقول القائل:
     يا أيها الـرجل المعلم غـيره
                      هلا لنفسك كان ذا التعـليم
     تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
                كيما يصح بـه وأنت سقيــم
     ابدأ بنفسك فـانهها عن غيها
                فإذا انتهت عنــه فأنت حكيم
     فهناك يسمع ما تقول ويشتفى
                بالقـول منك وينفــع التعليم




طب الفقراء 8



رابعا : كفالة ولي الأمر ( الدولة ) : 
أوجب الإسلام رعاية الإمام (ولي الأمر) أو ما يطلق عليه في عصرنا (الدولة أو الحكومة) لجمهور الناس عامة وأصحاب الحاجة خاصة, وجعله مسؤولاً عن ذلك أمامهم ثم بين يدي الله تعالى ، قال جل جلاله - : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) النساء : 58, كما رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, فالإمام راع مسؤول عن رعيته ... " رواه البخاري, ح/844. 

وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مسؤولية ولي الأمر تجاه الفقراء والمحتاجين وإعالتهم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال : " أنا أوْلى بالمؤمنين في كتاب الله, فأيكم ماَّ ترك ديناً وضيعة (عيالاً) فادعوني فأنا وليه " رواه مسلم, ح/3041.
 (19)

أما الموارد التي يستعين بها ولي المر ( الدولة) في كفالة الفقراء وأصحاب الحاجات ورعايتهم فهي : 
الزكاة : التي يجمعوها ولي الأمر ويأخذها من الأغنياء ليردها على الفقراء. قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة 103. 

خُمس الغنائم : والغنائم : المال المأخوذ من الكفار بالقتال يؤخذ خمسه لبيت مال المسلمين, قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) الأنفال :41 

الفيء : ما أخذه المسلمون من الكفار بغير قتال, فال تعالى (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) الحشر : 7 

الخراج : ضريبة مالية على الأراضي المفتوحة عنوة وتركت بيد أهلها يزرعونها ويستغلونها. 

الجزية : ما يؤخذ من الذمي بشروط محدودة مقابل الحماية والمنع. 

العشور : ضريبة تجارية يخضع لها الذميون والمستأمَنون في أموالهم المعدة للتجارة التي تدخل وتنتقل في ديار الإسلام ويختلف مقدارها باختلاف التجارة والبلاد ومدة الإقامة والمعاملة بالمثل. 

خمس الركاز : يقصد به ما وجد مدفوناً من كنوز الأرض في أرض موات أو طريق سابل وهو من ضرب الجاهلية, أما كان من ضرب الإسلام (علامات تدل على ذلك) فهو لقطة تجري عليها أحكامها. 

غلة أراضي الدولة وعقاراتها.
 

الضوائع والودائع التي تعذر معرفة صاحبها.
 

التعزيرات المالية التي يحكم بها القضاء على مرتكبي المخالفات الشرعية.
 

ميراث من لا وارث له.
 

الضرائب : ويقصد بها ما تفرضه الدولة على الأغنياء في حالة عدم تحقيق الكفاية من الموارد السابقة الذكر, وقد ورد في الحديث الذي أخرجه الإمام الترمذي عن جماعة من الصاحبة : " إن في المال حقاً سوى الزكاة " رواه الترمذي, ح/595.
 

وهو ما يدل على إعطاء صلاحيات واسعة في جباية الأموال اللازمة من الموسرين في الحدود اللازمة للإصلاح ولتحقيق الكفاف لأصحاب الحاجات أو لمتطلبات البلاد الضرورية مثل الدفاع عن أهلها وردّ العدوان وفداء الأسرى وغيرها.
 

وقد نقل الدكتور عبد الكريم زيدان عن (المحلّى) ما قاله الفقهية المعروف ابن حزم : " وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكاة بهم, فيقام لهم مما يأكلون من القوت الذي لابد منه ، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك وبمسكن يكنهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة " (20)

وتقل كذلك في الصفحة نفسها عن القرطبي في تفسيره : " واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال إليها. قال مالك - رحمه الله - : يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم وهذا إجماع أيضاً " .
 

طب الفقراء 7



ثانياً : في مجال السلوك والتصرف : 
لم يكتف الإسلام بصياغة النظرة المتفردة لأتباعه تجاه الفقر, بل حدد مجالات السلوك والتصرفات التي يستوجبها ذلك التصور, وقدّم حلولاً عملية واقعية يأخذ بها الناس ليدرؤوا عن أنفسهم شبح الفقر والحرمان وما ينجم عنه, ومن ذلك : 

1- العمل والسعي : 
يعتبر الخبراء أن العمل أساس الاقتصاد الإسلامي, فهو المصدر الرئيس للكسب الحلال. والعمل مجهود شرعي يقوم به الإنسان لتحقيق عمارة الأرض التي استخلف فيها والاستفادة مما سخره الله فيها لينفع نفسه وبني جنسه في تحقيق حاجاته وإشباعها. 

وقد حث الإسلام على السعي والعمل من خلال : 
أ. الامتنان بنعمة تسخير الأرض وما فيها, وطلب الاستفادة منها عبادةً لله : قال تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ) الأعراف : 10, وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) الملك : 15. 

ب. جعله دليلاً على صدق التوكل على الله والثقة به: في صحيح الجامع الصغير من حديث عمر رضي الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم تَوَكَّلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " رواه الترمذي, ح/2266. 

والشاهد من الحديث : " تغدو, تروح " سعياً وحركة, وليكن شعار المسلم : " ابذر الحَبَّ ... وارجُ الثمار من الرب ".
 

ج. الحث على أنواع المهن والحرف ومن ذلك : 
التجارة : وقد اشتغل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجارة, وتاجر مع عمه ثم مع أم المؤمنين خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - واشتغل صحابته الكرام بذلك ومنهم : أبو بكر, وعثمان, وعبد الرحمن بن عوف, وطلحة بن عبيد الله - رضي الله عنهم - وغيرهم, وقد تواصى السلف فيما بينهم ومع تلامذتهم أن : "الزموا السوق" وفي كتب الفقه تُخَصَّص كتب للبيوع وما يتعلق بها وغيرها من الكتب حول التجارة ومعاملاتها. 

الزراعة : ففي صحيح البخاري ومسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان إلا كان له به صدقة" رواه البخاري, ح/2152. 

وعند الترمذي وغيره من حديث جابر وسعيد بن زيد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحيا أرضاً ميْتة فهي له" رواه الترمذي, ح/1299.
 

الصناعات والحرف : ففي البخاري يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أكل أحدٌ طعاماً قَطُّ خيراً من أن يأكل من عمل يده" رواه البخاري, ح/1930. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي الكسب أفضل؟ " قال : " عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور" رواه أحمد, ح/16628. وقي صحيح البخاري ومسلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لأَنْ يحطب أحدكم على ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه" رواه البخاري, ح/1932. 

د. اعتبار العمل والكسب من الصدقات ووسيلة إليها : في الحديث المتفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على كل مسلم صدقة " قالوا : فإن لم يجد؟ قال: "فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق" رواه البخاري, ح/5563. 

هـ. تربية صفوة البشر من الأنبياء على العمل لاتخاذهم قدوة : فقد عمل الأنبياء في أعمال وحرف عدة ومنها رعي الأغنام, وصناعة الحديد, والتجارة, وغيرها, ومما ورد في ذلك من الأدلة : 

قول الرجل الصالح لموسى - عليه السلام - وهو من أولي العزم من الرسل : (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ) القصص : 27.
 

وفي البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم, وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط" رواه البخاري, ح/2102.
 

وفي البخاري أيضاً من حديث المقدام - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" رواه البخاري, ح/1930. وهكذا فعل ورثة الأنبياء من العلماء الربانيين فاشتهرت أسماء أمثال : البزَّاز, الجصَّاص, الخوَّاص, القطَّان, الزجَّاج.
 

و. عدم الاعتراف بالملكية التي لا يكون مصدرها العمل والطرق المشروعة : فحرّم الإسلام أعمال الغصب والسلب والسرقة والنصب والمقامرة والربا وما ينشأ عنها من مكاسب مالية, واتخذ إزاء ذلك العقوبات الرادعة, وفي ذلك إلزام لأفراد المجتمع في البحث عن الكسب المشروع, وأغلب ذلك لا يتأتى إلا عن طريق العمل. 

ز. الترهيب من التسوّل والاحتيال على الآخرين : ففي القرآن الكريم الحث على الاهتمام بالذين لا يتسوّلون وتحسس أحوالهم ورعايتهم : قال - تعالى - (لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) البقرة : 273. 

وروى الشيخان من حديث ابن عمر - رضي الله عنه- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما يزال الرجل يسأل الناس, حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم" رواه مسلم, ح/1724. وفي مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سأل الناس أموالهم تَكثُّراً فإنما يسأل جمراً, فليستقلَّ, أو ليستكثر" رواه مسلم, ح/1726.
 

ح. النهي عن التصدق على غير المحتاج : أخرج الإمام أحمد وغيره في صحيح الجامع الصغير من حديث ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهما - قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تحل الصدقة لغني, ولا لذي مِرَّةٍ سوي" رواه الترمذي, ح/589. ذو المرة السوي : القوي سليم الأعضاء . 

وفي الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع, أو لذي غرم مفظع, أو لذي دم موجع". رواه الترمذي, ح/590. مدقع: شديد, مفظع: ثقيل, دم موجع: دية باهظة.
 (13)

حروف منثورة الموقع الأول في مصر للنشر الرقمي




طب الفقراء 6

السؤال السابع :ما هو المنظور الإسلامي لحل مشكلة الفقر؟

يقول الأستاذ ياسين بن طه على موقه صيد الفوائد :جاء الدين الإسلام ومن أهدافه : معالجة المعضلات الإنسانية على أسس وخصائص ثابتة تميزه. ومنها : (الربانية, الشمولية, الواقعية) ونعرض هنا لسياسة الإسلام في معالجة واحدة من هذه المشكلات وهي (مشكلات الفقر)

استخدم الإسلام أساليب متعددة لمحاربة الفقر يمكن إجمال بعضها تحت مجالين : 
أولاً : مجال الفكر والتصور. 
ثانياً : مجال السلوك والتصرف. 

أولاً : مجال الفكر والتصور : 
يقول العلماء : " التصرف ناتج عن التصور " وقد أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يميز المسلم بالتصور الناضج لقضية الفقر (الحرمان والحاجة) وأن ينطلق من نظرة صحيحة نحوها تمهد للمواقف المتخذة في معالجته ومحاربته. 

لذا نجد أن الإسلام - من خلال نصوص القرآن والسنة - له تصوره المتميز لهذه القضية, حيث : 
1- يعتبر أن الفقر مصيبة وآفة خطيرة توجب التعوذ منها ومحاربتها, وأنه سبب لمصائب أخرى أشد وأنكى . 

2- ينكر النظرة التقديسية وكذلك الجبرية للفقر والحرمان, فكيف تُقدَّس الآفات ذات الأثر السيئ على دين الأمة ودنياها؟ وكيف ينظر إلى الفقر على أنه قدر الله المختوم, ولا يُعدُّ الغنى كذلك قدرٌ يدفع به الفقر لتصلح الأوضاع وتعتمر الأرض ويتكافل الناس؟ 

3- حث الإسلام على الدعاء بطلب الغنى : ورد في صحيح مسلم من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" رواه مسلم, ح/4898 , ومن أدعية الصباح والمساء : " اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً صالحاً متقبَّلاً" رواه البخاري, ح/5859. 

4- جعل من دلائل حب الآخرين وابتغاء الخير لهم الدعوة لهم بوفرة المال : أورد البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لصاحبه وخادمه : " اللهم أكثر ماله" (رواه ابن ماجة, ح/915.), وكذا دعا لعبد الرحمن بن عوف وعروة بن جعد بالبركة في تجارتهما كما في صحيح البخاري. 

5- اعتبر الغنى بعد الفقر نعمة يمتن الله على عباده بها : قال - تعالى - : (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) الضحى : 8 . وقال - تعالى - : (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قريش : 4. 

6- أكد أن المال ركن هام لإقامة الدين والدنيا : يقول الله - تعالى - (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) النساء : 5 . وفي الحديث القدسي يقول - تعالى - : " إنا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة" صحيح الجامع من حديث أبي واقد الليثي. وفي الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" (أخرجه أحمد وابن ماجة عن أبي هريرة - رضي الله عنه. وقد قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في معظم المواضع القرآنية. 

7- جعل الرزق الوفير ثمرة يُرغِّب إليها إتيان الصالحات : قال - تعالى - : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) الأعراف : 96. وفي الحديث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يُبسط له رزقه وينسأ له أثره فليصل رحمه" رواه البخاري, ح/1925. 

8- جعل الحرمان والحاجة نتيجة يُرهبُ بها من اجترح السيئات : يقول - تعالى - : (…فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) النحل : 112 , ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن : " أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه ابن ماجة, ح/4012. 

9- جعل الغني المنفق أحد اثنين تمدح غبطتهم, حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في اثنين , رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق…" رواه البخاري, ح/71. 

10- رغَّب في الإنفاق والصدقة وهي لا تتحقق غالباً إلا في ظل الغني. 

11- ميز بين الغني المنفق والفقير الآخذ : في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى, واليد العليا هي المنفقة, واليد السفلى هي السائلة" (رواه البخاري, ح/4012. 

12- اعتبر المال خيراً فُطِرَ الإنسان على حبه : قال - تعالى - : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) العاديات : 8 , وقال - تعالى - : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر: 20  (12)

طب الفقراء 4



السؤال الرابع : ماهي أسباب الفقر ؟

ببساطة وبدون تفاصيل أذكر هنا أسباب الفقر والتي نأمل أن نعمل علي تقليلها أو إزالتها
سوء توزيع الثروة
 سوء التنظيم
الاتكال على الغير والتقاعس عن العمل
عدم التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع.
الحروب والاستعمار   (8)
السؤال الخامس : كيف نكافح الفقر في المدى القصير ؟

تعتبر استراتيجية مكافحة الفقر في المدى القصير معتمدة على المساعدات والدعم واساليب التنمية للمشاريع الصغيرة من خلال عمل جمعيات مدنية تنموية تعمل على التدريب وتنمية الخبرات المهنية (9)

السؤال السادس : كيف نكافح الفقر في المدى الطويل ؟
إعادة صياغة السياسات العامة للدولة في عدة محاور رئيسية:
·         القناعة والالتزام السياسي والحكومي بأن التنمية البشرية هي وحدها القادرة علي أن تحدث النمو الاقتصادي تترجم في صورة إعادة توزيع الاستثمارات لتحقيق التنمية البشرية.
·         تطبيق اللامركزية الكامل في السلطة واتخاذ القرار وإعطاء الدور الرئيسي للمشاركة في تحديد أهمية المشروعات لأفراد كل مجتمع محلي من خلال مؤسسات مجتمعية تتمتع بالحرية الديموقراطية.
·         قصر دور المفكرين والمتخصصين في التنمية في عرض مسارات التنمية والمساهمة في دقه التشخيص لأنواع وأبعاد وحجم المشكلات.
·         لا تتحقق التنمية "المتواصلة" القادرة علي البقاء المرتكزة علي التنمية البشرية إلا ببناء تكنولوجيات محلية تتسم بأنها كثيفة العمل، كفء في استخدام الطاقة، منخفضة التكاليف غير ملوثة للبيئة وتؤدى لرفع إنتاجية عناصر الإنتاج المحدودة وتحافظ علي الموارد الطبيعية.
·         تعديل أساليب إدارة الميزانيات الحكومية والإنفاق العام، مع إعادة جدولة الإنفاق العام لإحداث توازن بين المناطق الفقيرة (وأغلبها ريفية) والمناطق المرتفعة الدخل (أغلبها المدن الكبرى والعواصم). فقد بينت الدراسات أن المدن الرئيسية في الدول الفقيرة يخصص لها 80% من إنفاق الخدمات علي الصحة والتعليم ومياه الشرب النقية، وقدر نصيب الفرد في المدن من الإنفاق العام حوالي 550 دولار مقابل 10 دولارات فقط للفرد في الريف.

·         تكافل الدول العربية في وضع نظام إقليمي للمعلومات يهدف لإجراء بحوث ميزانية الأسرة كل خمس سنوات في كل الدول العربية، وإتباع منظومة معلومات الرقم القومي الدال علي الفئة الاقتصادية الديموجرافية للسكان لتحديد الفئات المستهدفة بالدعم باعتباره المحك لنجاح أي سياسة تهدف للحد من الفقر.(10)

طب الفقراء 3


السؤال الأول : من هم الفقراء؟

لنعرف من هم الفقراء ينبغي أن نحدد تعريف الفقر أولا

الفقر في اللغة : الفَقْرُ : العَوَز والحاجة. والجمع : مَفاقِرُ [ على غير قياس ]. و الفَقْرُ الشَّقُّ والحَزُّ. و الفَقْرُ الهمُّ والحرْص. والجمع : فُقورٌ.(4)

التعريف الاصطلاحي للفقر :

عرف البنك الدولي الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة معظمها في أفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنويا. برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوي رفاهية الإنسان ونوعية الحياة "Livelihood” هذا الدليل وسع دائرة الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك حوالي 45% من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك فقراء في بلاد الأغنياء، ويكتفي هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحـت خط الفقـر في الولايات المتحدة الأمريكية (15 % من السكـان (5)
وخلال النصف الثاني من القرن العشرين كثر الحديث عن الفقر والفقراء في أدبيات الأمم المتحدة بالتوسّع من الظاهرة الاجتماعية في المجتمع الواحد إلى الظاهرة العالمية بتصنيف البلدان إلى غنية وفقيرة وبتحديد مقاييس ومؤشرات للفقر في مستوى البلدان وكذلك الأفراد مع مراعاة النسبيّة، فالفقير في اليمن لا يُقاس بالمقاييس نفسها التي يقاس بها الفقير في أمريكا الشمالية.
وتم تحديد يوم 17-19 أكتوبر من عام 2008 م، كيوم عالمي للفقر من قبل هيئة الأمم المتحدة. غير ان عدد الفقراء انخفض في الأعوام 2005 - 2008 م، في الهندوالصين، وذلك بفضل معدلات النمو العالية التي حققها هذان البلدن خلال السنوات الماضية.
السؤال الثالث : ماهي أكثر عشر دولا فقرا في العالم ؟ (7)
1.    الهند (350 مليون) فقير
2.    الصين (105 مليون) فقير
3.    بنغلاديش (93,5 مليون) فقير
4.    البرازيل (72,5 مليون) فقير
5.    اندنوسيا (48 مليون) فقير
6.    نيجيريا (46,5 مليون) فقير
7.    فيتنام (38 مليون) فقير
8.    الفلبين (35,5 مليون) فقير
9.    باكستان (35 مليون) فقير

10.                       إثيوبيا (40 مليون) فقير