لا فائدة من أي حراك مجتمعي ما لم يكن فاعلاً بطريقة تحقق له التواصل المنسجم والتعاون بين أعضاء الحراك، تخيل نفسك تنشر منشورات للتوعية حول قضية بشكل فردي، أو أنت ومجموعة من أصدقائك، بالتأكيد العمل الجماعي ممتع أكثر ويحقق الغاية المنشودة بطريقة أفضل.
ولأن فيس بوك الشبكة الإجتماعية الأكبر اليوم مع أكثر من مليار شخص حول العالم يستخدمها بالتالي تتحول لطريقة تحقق الفعالية في دعم أي حراك، فما هي إيجابيات فيس بوك كأداة فعالة؟ وهل هناك سلبيات؟ وكيف يمكننا إطلاق حملة فعالة؟ ولنتحدث عن حالة عملية عن كيفية الإستفادة من فيس بوك لإطلاق حملة و حراك فعال .. هذه ستكون مادة مقال اليوم.
إيجابيات و سلبيات فاعلية فيس بوك
* يستخدم أكثر من مليار شخص حول العالم فيس بوك وهؤلاء كلهم يمكن الوصول إليهم عبر منصة واحدة وهم يتواصلون مع بعضهم البعض، ولأن خوارزميات فيس بوك مبنية على زيادة التفاعل والتواصل الإجتماعي، فمثلاً يقدم المؤشر ticker أداة سهلة لتعرف لحظة بلحظة ما الذي يقوم به أصدقائك، وهي أداة دعائية ممتازة لنشر الأفكار أيضاً.
* بما أنه لا يكلفك أي مبلغ إنشاء مجموعة على فيس بوك وكذلك يمكنك ذلك فوراً وبدون أي وقت يذكر بالتالي ستخصص معظم وقتك في التفكير للتخطيط للحملة و دعوة و ضم الأعضاء الجدد والتواصل معهم.
* يمكن لأعضاء المجموعات أن يرفعوا ملفات متعددة الوسائط، فاليوم الصورة والفيديو أصبح أكثر إنتشاراً و استخداماً وبالطبع فعالية من المنشور النصي العادي.
* تلك كانت بعض الإيجابيات في إستخدام فيس بوك كأداة فعالة في دعم الحراك، لكن هل هناك سلبيات؟ بالطبع هناك العديد من النقاط السلبية وهذه بعضها أيضا:
- لما يسهل فيس بوك على أعضاء المجموعة لو سمح المدراء بذلك أن يرفعوا الملفات فإن ذلك يخلق مشكلة الفوضى أيضاً حيث سيكون لديك كم هائل من المحتوى، ولما يسهل أيضاً إنشاء المجموعات فإنه ستكون هناك عدة مجموعات تتحدث عن نفس القضية التي تثيرها مجموعتك، لذا فأنت هنا ستعمل على منافسة تلك المجموعات في كسب تأييد و إهتمام العدد الأكبر من المستخدمين وبالتالي الإنضمام إلى مجموعتك.
* ولما يكون من السهل على أي مستخدم الإنضمام إلى المجموعات وذلك بنقرة زر فإن عدد أعضاء المجموعة لا يعد دليلاً قوياً على فعاليتها وقدرتها على التأثير، حيث أن مستوى الإلتزام لدى أعضاء المجموعة غير واضح وبالتالي يخلق هذا الأمر شيء من التضليل أمام المستخدمين المنضمين أو الجدد.
خطوات تنظيم حملة فعالة على فيس بوك
1- اعرف هدفك الحقيقي
ليس صحيحاً أن كل الطرق تؤدي إلى روما طالما أنت لاتعرف أين تقع روما، وهل أصلاً تود السفر إلى روما؟ .. يجب أن تسأل نفسك أولاً ما الهدف الحقيقي من إنشاء المجموعة؟ وهذا السؤال على بديهيته قد لا يخطر على بال كل مدراء المجموعات في أول المشوار، وليكون في ذهنك أيضاً أن الأهداف الموضوعة قد تتغير تدريجياً مع بدء دخول الأعضاء و مشاركتهم، ومن الضروري أن تحدد أهداف مجموعتك في القسم التعريفي المخصص وبذلك تكون رسالة تحفيزية وبنفس الوقت تحذيرية للمستخدمين عند بداية قرائتهم لإسم المجموعة ويقررون، هل ننضم إليها أم لا؟
2- إنشاء المجموعة وبناء قاعدة فاعلة
طبعاً بعد أن حددت الهدف بشكل مكتوب فيجب عليك الآن إنشاء المجموعة و دعوة المستخدمين المهتمين للإنضمام، والبداية ستكون من معارفك و أصدقائك، وبعد تكوين عدد كافي من القاعدة الجماهيرية للمجموعة يجب الإستفادة منهم بدعوة أصدقائهم وذلك إنطلاقاً من فكرة أن الإنسان عادة يتواصل ويتعرف على آخرين من ضمن دائرة إهتمامهم. وفي هذه المرحلة المبكرة من الحملة الفعالة على فيس بوك يجب أن يكون هدفك هو النمو بشكل متزايد.
3- ابدأ بالإنتشار الإنترنتي
بعد أن أصبح هناك عدد كبير من المنضمين في المجموعة يمكن البدء بتنظيم النشاط الإنترنت، وهنا تبدأ مرحلة الخروج من فيس بوك وربما تكون المرحلة التالية التعريف بالحملة على المدونات و المجتمعات المختلفة ذات الإهتمام، يمكن أيضاً جمع الصور والملفات و مقاطع الفيديو ذات العلاقة بهدف المجموعة و نشرها على مواقع كبرى، ربما لو كنا نتحدث بالإنكليزية أن نتجه إلى مواقع مثل digg.com و reddit.com وإن حققت إنتشار و إهتمام على هذه المواقع فإنها ستحصل على الإنتشار الفيروسي المطلوب.
4- إنشاء موقع إنترنت خارجي
لم يوفر فيس بوك المجموعات لتكون أداة لحشد وجمع الرأي العام تجاه قضية، بل الهدف من المجموعات هو النقاش حول قضية وليس عرض المحتوى، وهنا يجب إنشاء موقع خارجي تضع فيه كل المعلومات اللازمة عن القضية وبالتالي تصل بالقضية إلى الجمهور الذي لا يملك حساب فيس بوك أو لم يسمع بقضيتك على فيس بوك وبالتالي تصبح أداة تسويقية للترويج للمجموعة. ويمكن أيضاً إستخدام أدوات و واجهات خاصة تدمجها في الموقع لاتوفرها مجموعات فيس بوك مثل النشرات البريدية والتوقيع على عريضة وغيرها.
5- التواصل مع منظمات فاعلة موجودة مسبقاً
من الضروري بعد نجاح المجموعة و تأسيس الموقع ليكون بوابة محتوى و تأييد أن تتواصل مع منظمات سبق و أن عملت على مناصرة قضايا أخرى وسيكون من الأفضل أن يكون هناك شيء مشترك بين حملتك و بين المنظمة، وربما تحصل على المساعدة والدعم اللازم لتنظيم جهود حملتك وهذا كله يزيد من فرص نجاحك.
6- البدء الفعلي بالعمل
بإعتبار أن هدفك هو ترك تأثير فعلي حان الوقت لتبدأ بالعمل، وبإعتبار فيس بوك شبكة عالمية فيمكن الإستفادة من مواهب أشخاص بدول وقارات أخرى غير التي تعيش فيها، يمكنك أن تحدد يوماً لنشر فكرة الحملة في الشارع لأن كل عملك بالنهاية سيكون لتحقيق الحشد والفعالية الكافية لحملتك في الشارع، كما فعلت الأنونيموس عندما حددوا يوم للظهور في عدة عواصم عالمية وليخرج الناس مرتدين القناع الشهير المستوحى من شخصية أحد الأفلام .. كانت الصدمة كبيرة عندما تحقق النجاح فلم يتوقع أحد أن يخرج سوى بعض المنظمين، لكن المفاجأة كانت أن الكثير من المهتمين والمتابعين قد خرجوا مرتدين الأقنعة، حتى أن البعض لم يكن قد سمع بالحملة من قبل وانتابه الفضول ووصلته الرسالة.
7- الدعم بالملفات
مع كل إنجاز تحققه الحملة والمجموعة يجب ذكره في الإعلام والصحافة، يجب أن يعمل أعضاء المجموعة على التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت تقليدية كالتلفزيون والراديو والصحف أو الإعلام الجديد كالإنترنت والمدونات وهذه القنوات توفر نشر الملفات التي تتحدث عن أهم إنجازاتك.
8- تابع تابع تابع
أخيراً بعد أن لفت إنتباه و إهتمام وسائل الإعلام المختلفة فإنه ستكون هناك حركة إنضمام كبيرة إلى المجموعة و موقعك و سيتم البحث عن الحملة بشكل أكبر، وحتى لو لم تحظى بالإهتمام الكافي فلايجب عليك أن تتوقف هنا، بل يجب أن تعرف سبب ذلك وعندها ستتعرف على الخطأ حتى لا تكرره.
حالة عملية: حملة ” أطلقوا سراح كريم”
كريم عامر هو مدون مصري جريئ تحدى نظام الرئيس السابق حسني مبارك كما وانتقد العنف والتطرف، وكانت تدويناته محط جدل بين تقدير الكثيرين لدفاعه عن الحقوق المدنية وحرية التعبير، و سخط الكثيرين لمهاجمته التطرف الديني.
في نوفمبر 2006 أوقفته قوات الأمن بسبب كتاباته، وفي فبراير 2007 صدر بحقه حكم بالسجن 3 سنوات بتهمة التحريض على الفتنة و سنة إضافية للتشهير بالرئيس.
أنشئ مجموعة من النشطاء الفاعلين بقيادة إسراء الشافي موقع على الإنترنت وبدأت حملة للمطالبة بإطلاق سراحه.
اعتمد مؤسسي موقع freekareem.org على نشر الوعي بالقضية بين الطلاب و وجدوا مساهمين كبيرين على فيس بوك عرفوا بالقضية وعرضوا مساعدة الحملة و استخدموا فيس بوك لتنظيم وحشد الإحتجاجات العالمية و أنشأو صفحة للمظاهرات في فرنسا و ألمانيا و الولايات المتحدة و دول أخرى.
أتاح فيس بوك المجال للتعريف بالقضية مع الجمهور الواسع من خلال تفاعله مع الحملة، وتم إستخدام الشبكة الإجتماعية لنشر الإعلانات عن المظاهرات و سببها و مكانها ولم يطلب من المتظاهرين سوى الحضور.
وتقول إسراء أن المناقشات التي دارت حول كريم و تبادل مقاطع الفيديو والصور ساهم بإضفاء طابع خاص بحالته و ساعدت ملفات الفيديو أكثر من الصور في حشد الرأي والتأييد لذا تم الإعتماد عليها بشكل أكبر.
ومن النصائح التي يمكن تقديمها من هذه الحالة عدم إنشاء عدة مجموعات مختلفة لمناصرة نفس القضية، ففي حالة كريم كان هناك ثلاثة مجموعات لنفس القضية أسسها ثلاثة أشخاص مختلفين لايعرفون بعضهم ولايتواصلون وكانت مجموعتين غير فاعلتين.
من الضروري في حال كان هناك أكثر من مجموعة أن يقوم مدراء المجموعات بالتواصل مع بعض والإندماج بالمجموعة الأكثر فعالية، وبالتالي المجموعة الخاملة والتي لاتنشر مشاركات بشكل جيد ومتواصل لايمكنها جذب المزيد من الأعضاء وحتى أن أعضائها الحاليين قد ينسوها لأنهم لا يتلقون أية تنبيهات بوجود منشورات جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق