شغل تعليم ودراسة اللغة العربية وآدابها وتاريخ الشعوب الإسلامية وثقافاتها مكان اللُب في مجمل الدراسات الشرقية المبكرة في روسيا القيصرية.
وتمت إجراءات التعليم والبحث الأكاديمي استناداً إلى لائحة النظام الداخلي العام للجامعات الروسية التي أُقرت في الخامس من تشرين الثاني عام (1804)، وفرضت استحداث كراسي اللغات الشرقية في أقسام علوم اللغات، بعد إعادة بناء الجهاز الإداري والأكاديمي في جامعة موسكو وتأسيس جامعتي قازان وخاركوف،.
وحينذاك كان يقصد باللغات الشرقية، في روسيا كما هو في أوروبا، لغات الإنجيل ولغات الشرق الإسلامي. ويُذكر أن أول مدرسة روسية لإعداد المعلمين تأسست في عهد القيصر أَلكسندر الأول في مدينة بطرسبورغ عام (1803)، وفي السنة التالية رُقية إلى معهد التربية، وفي الثامن من شباط عام (1819) حوّل إلى جامعة بطرسبورغ بمفهومها الحديث، واليوم تواصل رسالتها التربوية والتعليمية كواحدة من أهم وأكبر الجامعات الروسية والأوروبية.،
وفي هذا المعهد أنشأ كرسيان للغات الشرقية هما: كرسي اللغة العربية وكرسي اللغة الفارسية. وللشروع في تدريس هاتين المادتين دعت وزارة المعارف الروسية المستشرقين الفرنسيين ديمانش (ت:1839) وشارموا (1793-1868)، وفي نهاية آذار (1818) بدءا التدريس. وكلاهما كان يحمل لقب بروفيسور. ولغرض مساعدة المستشرقين الفرنسيين في توجيه الدروس العملية لطلاب اللغتين العربية والفارسية عُين الأستاذ ميرزا توتشيباتشيف مدرساً، وكان الأستاذ ميرزا ذا معارف علمية عالية.
تدريس اللغة العربية
في تاريخ الاستشراق الروسي يُعد عام (1818) عاماً مشهوداً. إذ بدأ في نهاية آذار، كما ذكرنا، تدريس اللغتين العربية والفارسية في معهد التربية المركزي، وفي الحادي عشر من تشرين الثاني قررت إدارة أكاديمية العلوم الروسية إنشاء قسم خاص بالأوسمة والمسكوكات والمخطوطات والكتب الشرقية وعينت المستشرق كريستيان فرين (روسي النشأة ألماني الأصل) خازناً لهذا القسم الجديد. وهكذا جرى في عام (1818) تأسيس مركزين أكاديميين في مدينة بطرسبورغ قاما بدور كبير في تطوير علم الاستشراق الروسي: الأول في معهد التربية المركزي، الذي شكل نواة كلية اللغات الشرقية في جامعة بطرسبورغ (تأسست عام1855)، والثاني المتحف الآسيوي التابع لأكاديمية العلوم الروسية (تأسس عام 1818)، أول مؤسسة أكاديمية للبحوث والدراسات الشرقية في روسيا.
وبعد مضي عامين على إعادة تأسيس جامعة بطرسبورغ، وتحديداً في عام (1819) أُنشئت ثلاثة أقسام جديدة في كلية التاريخ والآداب هي:1- قسم التاريخ، 2- قسم الآداب، 3- قسم العلوم الشرقية. وفي القسم الأخير درّس الأستاذ الفرنسي ديمانش مادة اللغة العربية، ودرّس الأستاذ الفرنسي شارموا مادة اللغة الفارسية.
وأدار الدروس التطبيقية في هاتين المادتين المدرس ميرزا توتشيباتشيف. وإثر استقالة كل من الأستاذين ديمانش وشارموا من جامعة بطرسبورغ عام (1821) كلف المدرس توتشيباتشيف بمهمة تدريس مادتي اللغة العربية واللغة الفارسية، بعد أن رُقي إلى درجة أستاذ مساعد، وحينذاك ترأس كرسي علوم اللغة العربية وآدابها في جامعة بطرسبورغ.. وفي عام (1822) دعت جامعة بطرسبورغ المستشرق الشاب يوليان سينكوفسكي (1800- 1858) للتدريس في الجامعة، وبدأ في (18/ آب/ 1822) تدريس مادتي اللغة العربية واللغة التركية على الرغم من أن تدريس مادة اللغة التركية أدخل، رسمياً، في الجامعات الروسية عام (1835).
وتميزت محاضرات البروفيسور سينكوفسكي بالمعارف العلمية الغنية والمعلومات الواسعة الضرورية.
واجتهد في إطلاع طلابه على مصادر المعرفة الحيّة، هذا ما يؤكده طلابه ومريدو مجالسه العلمية والأدبية ومنهم العالمين غريغوريف وسافيليف. وبعد فترة وجيزة من عمله في تدريس اللغات الشرقية بدأت اهتمامات العلامة يوليان سينكوفسكي بعلوم الاستشراق تتراجع مسجلة ميلاً واضحاً نحو النشاطات الأدبية والثقافية، الأمر الذي دفعه عام (1834) إلى إصدار مجلة (مكتبة المطالعة) وتدريجياً تفرغ للعمل في المجلة وانقطع عن التدريس . - See more at: http://www.elbashayeronline.com/news-345672.html#sthash.rsz5lI6W.dpuf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق