السياسة التحريرية في الصحف اليومية
- بقلم : د.الامير صحصاح
يقصد بالسياسة التحريرية للجريدة مجموعة المبادئ والقواعد والخطوط العريضة التى تتحكم فى الأسلوب أو الطريقة التى يقدم بها المضمون الصحفى، وتكون فى الغالب غير مكتوبة، بل مفهومة ضمنا من جانب أفراد الجهاز التحريرى، وتظهر فى
سلوكهم وممارستهم للعمل الصحفى اليومى، وهى تخضع لقدر من المرونة تختلف درجتها من صحيفة لأخرى ومن موقف لآخر ومن فترة لأخرى داخل الصحيفة نفسها( ) وتكون عملية صنع السياسة التحريرية للجريدة مسئولية هيئتها التحريرية، حيث تقوم هيئة التحرير فى اجتماع عام بتحديد الخطوط العامة لهذه السياسة التحريرية، ولا يمكن إجراء أية تغيرات فى السياسة التحريرية إلا من خلال اجتماع آخر يشترك فيه جميع أعضاء هيئة التحرير( ).
وفى العادة يتم تقرير سياسة تحرير الجريدة عند تأسيسها، وتحديد طابعها الصحفى، ثم يتم الحفاظ على هذه السياسية أو تغيرها بمرور الوقت نتيجة لتغير الظروف الاجتماعية والحياة السياسية التى تعد الجريدة جزءاً منها( ).
ويرى الدكتور عبد العزيز شرف أن السياسية التحريرية هى الوجهة التى تختار الصحيفة اتباعها فى إجابتها على سؤالين بالغى الأهمية .
1-ماذا ستنشر؟
وأن هذه الوجهة قوامها الإجراءات والقواعد والمبادئ التى أقرتها وسائل الإعلام لتستهدى بها فى عملها، وهكذا فإن سياسة التحرير الصحفية تهيمن على كل وجوه الوسيلة، من نوع الأخبار التى ستنشرها إلى حجم الحروف التى تعتمدها فى الطباعة( ).
العوامل المؤثرة على السياسة التحريرية:
تؤثر على السياسة التحريرية للجريدة مجموعة ضخمة ومتشابكة من العوامل بعضها يتصل بالصحيفة أو المؤسسة الصحفية من الداخل، والبعض الآخر يرتبط بالنظام الإعلامى السائد، والبعض الثالث يتأثر بالأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية السائدة( )، ويمكن تصنيف العوامل المؤثرة على السياسة التحريرية إلى عوامل مباشرة تؤثر على السياسة التحريرية وعوامل وسيطة وعوامل غير مباشرة وفيما يلى عرض لهذه العوامل.
أولا: العوامل المباشرة المؤثرة على السياسة التحريرية
هناك عدة عوامل تؤثر تأثيراً مباشراً على السياسة التحريرية للجريدة ومن أبرز هذه العوامل:
1-أيديولوجية الصحفية
ويقصد بالأيديولوجية نظام الأفكار المتداخلة والمبادئ التى تؤمن بها جماعة معينة أو مجتمع ما وتعكس مصالحها واهتماماتها الاجتماعية والأخلاقية والدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وتقوم الأيديولوجيات بمهمة التبريرات المنطقية والفلسفية للاتجاهات( ).
2-ظروف العمل الصحفى وطبيعته:
وأهم ظروف العمل الصحفى المساحة المحدودة وضغط الوقت كعنصرين حاكمين للعمل إذ أن كم المواد الصحفية المعدة للنشر فى كل عدد من الصحفية يكون عادة كبيراً بالقياس للمساحة التى تخص المادة التحريرية بعد حجز الأماكن الخاصة بالمادة الإعلانية، ومن هنا فلابد من احترام هذه المساحة بمعنى أن يكون معيار النشر هو الأهمية النسبية لكل مادة صحفية وتقرير المساحة المخصصة لكل مادة بما يتناسب مع قيمتها الفعلية، كما أن هذه المواد تصبح سلعة بائرة فى اليوم التالى ولا يمكن نشرها إذا تقادم الحدث وذلك لأن الآخرين فى الصحف المنافسة لن يتركوها دون تغطية( )
3-الجوانب الاقتصادية:
هناك عدة عوامل تتحكم فى السياسات الاقتصادية لوسائل الاتصال الجماهيرى، ومن بينها الصحافة وهذه العوامل هى( ):
• السياسات المالية للحكومة وتسعيرها للخدمات التى تستعين بها الصحافة أثناء أداء عملها.
• الضرائب التى قد ترى الحكومة أن تفرضها على نشاط الصحافة أو الإعفاءات الضريبية التى تقدمها.
• المساعدات المالية التى تقدمها الحكومات للصحافة.
• الإعلان إذ يعتبر مصدراً رئيسياً لتمويل الصحف.
• مدى قبول أو عدم قبول المساعدة الخارجية.
• نمط الملكية الصحفية.
4-تكنولوجيا الصحافة.
تلعب تكنولوجيا إنتاج الصحفية دوراً مهماً فى عملية الإصدار بعامة، وتؤثر على درجة نجاحها التحريرى، وتزداد أهميتها هذه الأيام نظراً للتطور التكنولوجي الضخم الذى تشهده الصحافة الآن والذى يحمل توقعات مذهلة فى المستقبل سيكون لها تأثيرها البعيد، وإذا كانت هذه الثورة التكنولوجية تحمل فرصاً كبيرة إلا أن هذه الفرص ليست متكافئة، وليست متاحة لكل الدول أو حتى فى داخل كل دولة بالقدر نفسه لأسباب سياسة واقتصادية، وقد يكون لهذه التكنولوجيا آثار سلبية أو سيئة اجتماعياً وثقافياً إلى جانب آثارها الإيجابية ومن هنا ينبغي أن يكون هناك سياسية واضحة لإدخال التكنولوجيا ونقلها مراعية ظروف كل بلد وإمكانياته واحتياجاته وأولوياته( ).
5-الجهاز التحريرى للصحيفة:
يشمل الجهاز التحريرى للصحيفة رئيس التحرير ومدير أو مديرى التحرير ونواب رئيس التحرير ورؤساء الأقسام والمحررين والمندوبين ومهمة الجهاز التحريرى هى جمع وإعداد كل مادة صحيفة تطبع فى الصحيفة ويضم الذين يجمعون الأخبار والذين يعيدون كتابة هذه الأخبار أو يراجعونها أو الذين يرسلون الأخبار من الخارج والذين يتلقونها ويعدونها للنشر أو الذين يخططون وينفذون ويكتبون ويحررون الموضوعات الصحفية ويتولى الجهاز التحريرى تزويد الجهاز الفنى للصحيفة بأصول المواد التحريرية( ).
ويتوقف على الطريقة التى يدار بها عمل الجهاز التحريرى نجاح الصحيفة ومن هنا فلا بد من التعاون والتفاهم بين الأقسام المختلفة كى يتحقق للصحيفة عنصر التجانس والتنسيق الذي يتم من خلال اجتماعات متعددة( ). ويتصل بالجهاز التحريرى مجموعة عوامل تؤثر بشكل أو بآخر فى سياسة التحريرية منها( ):
-المعايير التى تحكم اختيار أفراد الجهاز التحريرى.
-ظروف تنشئتهم الاجتماعية والثقافية وانتماءاتهم السياسية.
-تأهيلهم وتدريبهم وما يتمتعون به من مهارات صحفية.
-ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.
6- طبيعة عملية حراسة البوابة:
تقوم فكرة حراسة البوابة على أن المادة الصحفية تمر حتى تصل إلى الجمهور من نقاط أو بوابات يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج، وأنه كلما طالت المراحل التى تقطعها هذه المادة حتى تظهر فى الصحيفة ازدادت المواقع التى يصبح فيها من سلطة فرداً وعدة أفراد تقرير ما إذا كانت هذه المادة ستظل كما هى أم بعد إدخال بعض التغيرات عليها( ).
وهناك مجموعة من العوامل تتحكم فى اتخاذ قرارات النشر يتحدد بناءاً عليها المسموح وغير المسموح به من كافة النواحى السياسية والقانونية والاجتماعية( ). فضلا عن وجود مجموعة من المعايير يتم وفقا لها انتقاء المادة الصحفية ومن هذه المعايير ما يلى( ):
• المعايير الخاصة باختيار الأنباء ونقلها والتى تتمثل فى القيم الأخبارية.
• المعايير الخاصة بالتعبير عن احتياجات جميع فئات السكان ووجهات نظرها وبالذات الفئات المحرومة والمهملة.
• المعايير الخاصة بالمادة الصحفية التى تأتى من مصادر أجنبية ومدى التوازن بينها وبين المادة الوطنية.
ومن هنا يجب على السياسة التحريرية أن تتخذ مجموعة من القرارات خاصة تلك التى تتعلق ببعض المبادئ التى تؤثر فيما بعد على العمل التحريرى ومن هذه القرارات ما يلى( ):
• تعمد إغفال أو عدم إغفال نشر بعض الأخبار أو المعلومات أو الآراء.
• النقد والتعريض بالسلوكيات السيئة.
• حماية سرية مصادر المعلومات.
• الفصل بين الخبر والتعليق.
• تحديد المساحة التى تخصص للمادة الإعلانية.
• إعادة النظر فى التعاريف الضيقة للخبر والاعتبارات التى تحكم ما ينبغى نشره.
• القيم المطلوب التركيز عليها والقيم غير المرغوب فيها أو المطلوب التصدى لها.
7-جمهور الصحيفة
ويمكن تحديد علاقته الفعلية بالسياسة التحريرية من خلال مستويين أو جانبيين: الجانب الأول: هو تحديد الجمهور الفعلى الذى يقرأ الصحيفة بالفعل والجمهور المستهدف الذى تخطط الصحيفة للوصول إليه ليصبح جمهوراً فعلياً ومعرفة سماته وخصائصه الجنسية والعمرية والسيكولوجية والاجتماعية والاقتصادية واهتماماته، والجانب الثانى: يتعلق بما يريده الجمهور وما يحتاج إليه، وهل تسعى السياسة التحريرية إلى الاكتفاء بتلبية رغبات الجمهور أم تهدف إلى الموازنة بين ما يرغب فيه وما يحتاجه بالفعل؟( ).
ثانيا: العوامل الوسيطة المؤثرة على السياسة التحريرية:
1-الفلسفة العامة للاتصال فى المجتمع أى مجموعة المعايير التى تحكم السلوك الاتصالى بالمجتمع تبعا لسمات المجتمع وحاجاته، وتجيب هذه الفلسفة على التساؤلات التالية:
1/1 هل يهدف الاتصال إلى الربح أم إلى أحداث تغييرات فى الاتجاهات أو السلوك أم أنه يهدف إلى كليهما؟( ).
1/2 – الوظائف المطلوب أولوياتها (الإعلام، التثقيف، الحوار، النقاش، التنشئة الاجتماعية، الإعلان، والترفيه، التكامل) ويمكن تحديد الوظائف التى تصلح للمجتمعات النامية على النحو التالى( ):
1/2/1 – تغطية الأحداث بشكل دقيق وصحيح وشامل بما يعطيها معناها الحقيقى.
1/2/2- طرح كافة الآراء دون الاقتصار على طرح الأفكار والآراء التى يراها القائمون على وسائل الاتصال أو أى فئة أخرى.
1/2/3 -أن تكون وسيطا رئيسيا وفاعلا بين الحكام والمحكومين.
1/2/4 – الإسهام فى حث الجماهير على المشاركة فى إدارة مجتمعاتها وتنمية إدراكها السياسى.
1/2/5 -الإسهام فى دعم قضايا التنمية الشاملة للمجتمع.
1/2/ 6 -التأكيد على الهوية الثقافية للمجتمع وحماية القيم الثقافية المقبولة أو المرغوب فيها.
1/ 2/7 -دعم الشعور بالانتماء إلى الوطن.
1/2/8 -الربط بين الماضى والحاضر بحيث تحافظ على الأصالة.
1/2/ 9 -التعبير عن هموم الجماهير وآماله.
1/ 2/10 -الإسهام فى الدفاع عن القضايا العادلة.
1/2/11 -الإسهام فى دعم السلام والتفاهم الدولى وتعزيز حقوق الإنسان.
1/3 –هل يهدف الاتصال لمجرد التغطية الإخبارية الخاطفة أم إلى تقديم التعليقات والخلفيات والتفسيرات التى توضح الأخبار وتفسرها وتضعها فى إطارها الشامل( )؟
1/4 -هل يهدف الاتصال إلى تقديم الآراء الجاهزة وفرض القناعات والاعتقادات أم إلى تقديم المعلومات والخلفيات ووجهات النظر التى تحكم المواطن من تكوين وجهة نظرة ورؤيته الخاصة؟( ).
2-القيود المفروضة على الصحف وحجم الحرية المتاحة لها سواء أكانت هذه القيود مباشرة أو غير مباشرة( ).
3-معايير السلوك المهنى ومواثيق أخلاقيات المهنة وهذه المواثيق قد تكون إجبارية تحمل بعض أشكال العقاب لمن يخالفون ما جاء بها من معايير للسلوك المهنى أو ينتهكونها وتتمثل فى هذا الاحتقار أو التأنيب العام أو الوقف المؤقت عن مزاولة المهنة( ).
وتهدف هذه المواثيق بشكل عام إلى الآتى( ):
• حماية الجمهور من الاستخدام غير المسئول أحياناً للصحافة.
• حماية الصحفيين من التعرض لأى ضغوط ضد ما تمليه عليهم ضمائرهم.
• التأكيد على حق الصحفيين فى الحصول على المعلومات.
ثالثا: العوامل غير المباشرة التى تؤثر على السياسة التحريرية.
من أبرز العوامل غير المباشرة التى تؤثر على السياسة التحريرية ما يلى( ):
-الظروف العامة السائدة فى البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
-السياسة العامة للدولة.
و الدراسة التي اجريتها خلال احداث سبتمبر عام2001 علي صحف الاهرام الدولي والشرق الاوسط والحياة انتهت إلى عدة نتائج كمحصلة للإجابة على التساؤلات الرئيسية التى طرحتها حول توجهات المواد الإخبارية، والمحددات الأساسية للسياسات التحريرية وإلى أى مدى تتفق توجهات المواد الإخبارية والسياسات التحريرية فى الصحف محل الدراسة؟. وفيما يلى عرض لهذه النتائج.
محددات السياسات التحريرية:
اتضح بعد إجراء الدراسة الميدانية لاستطلاع رأى القيادات الصحفية وعينة من الصحفيين بالصحف محل الدراسة أن محددات السياسات التحريرية لهذه الصحف تنحصر فى الآتى:
1- تضم جريدة الشرق الأوسط أقساماً تحريرية ثابتة تشمل السياسة، والاقتصاد، والفن، والرياضة، والتحقيقات، والرأى، والثقافة، والتقنية، والصحة، والمرأة، والمنوعات، والسياحة، والديسك، والترجمة بينما تتحدد الأقسام التحريرية بجريدة الحياة وفقاً للتبويب المتغير وتعتبر الصفحة الأولى قسما تحريرياً ضمن بعض الأقسام التحريرية التى تشمل السياسة، والاقتصاد، والرأى، والمنوعات، والتراث، الرياضة، الملاحق.
وتضم جريدة الأهرام الدولى أقساماً تحريرية ثابتة تشمل القسم السياسى، والتحقيقات، والرياضى، والأخبار، والقسم العربى، والاقتصادى، والديسك المركزى، وسكرتارية التحرير.
2- الكفاءة والالتزام من أهم المعايير التى تحكم اختيار المحررين بقسم الأخبار بجريدة الحياة والموهبة والمهارات المهنية والمبادرة والإبداع والاستقلالية والانضباط المهنى يحكم اختيار المحررين بجريدة الشرق الأوسط، ويحكم اختيار المحررين بجريدة الأهرام الدولى التميز، والخبرة الطويلة فى العمل الصحفى.
3- تهتم جريدة الشرق الأوسط بتدريب صحفييها من خلال مراكز التدريب الصحفية بينما تعتمد جريدة الحياة على إكساب محرريها المهارات من خلال الممارسة والتواصل مع القيادات، ولا يتم تدريب الصحفيين بجريدة الأهرام الدولى من خلال مراكز التدريب أو الدورات المتخصصة.
4- فى جريدة الحياة يتم إدارة العمل فى مجال الأخبار من خلال محرر مسئول عن كل قطاع معين وتأخذ بنفس السياسة جريدة الشرق الأوسط، وجريدة الأهرام الدولى.
5- النخب العربية السياسة والاجتماعية والاقتصادية تشكل الجمهور الرئيسى لجريدة الشرق الأوسط وكذلك بالنسبة جريدة الحياة بينما تهتم جريدة الأهرام الدولى بجميع القراء العرب فى الخارج.
6- تسعى جريدة الشرق الأوسط للوصول إلى الجمهور العربى العادى بينما تتمسك جريدة الحياة بجمهور النخبة ولا تسعى للوصول إلى القارئ العادى وتسعى إلى مزيد من النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتهدف جريدة الأهرام الدولى إلى الوصول إلى مزيد من القراء العرب فى الخارج.
7- توازن جريدة الشرق الأوسط بين الدول العربية فى معالجتها الإخبارية ولا تخفى الاهتمام بشكل أكبر بأخبار المملكة العربية السعودية ثم مصر، وسوريا، بينما تعطى جريدة الحياة أولوية للمادة الإخبارية ولا تهتم بالتوازن الجغرافى فى معالجتها الإخبارية ولا تخفى اهتمامها بشكل أكبر بالأخبار فى لبنان، ثم السعودية ومصر، وتهتم جريدة الأهرام الدولى بأخبار الوطن فى مصر بشكل أساسى وتهتم بأخبار الدول العربية بشكل متوازن وتولى اهتماماً أكبر للمادة الإخبارية فى الجزائر وليبيا.
8- القضايا العربية تلقى اهتماماً كبيراً من الصحف محل الدراسة وتحتل مرتبة متقدمة من بين أولوياتها.
9- يغلب على جريدة الشرق الأوسط الطابع السياسى والاقتصادى ولا تهمل الجوانب الأخرى، ويغلب على جريدة الحياة الطابع السياسى وتحرص على تقديم خدمة متميزة فى المجالات الأخرى، وتوازن جريدة الأهرام الدولى بين توجهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية.
10- السياسة التحريرية لجريدة الشرق الأوسط ترتكز على حق القارئ فى المعرفة والالتزام بالموضوعية والانحياز للحقيقة وترتكز السياسة التحريرية بجريدة الحياة على الاستقلالية وتلبية طموحات القارئ دون الخوض فى الشئون الشخصية، وفى جريدة الأهرام الدولى ترتكز السياسة التحريرية على الموضوعية والصدق وتحرى الحقيقة.
11- تلتزم جريدة الشرق الأوسط بالثبات على سياستها التحريرية ولا تسمح بأى عوامل تعرقل هذا الالتزام بينما تأخذ جريدة الحياة طابع المرونة عند ظهور قضايا ومتغيرات تطرح نفسها وتتعارض مع السياسة التحريرية. أما جريدة الأهرام الدولى فإنها تحافظ على سياستها التحريرية ولا تتأثر بالمتغيرات العارضة.
12- القيم الإخبارية التى تحظى باهتمام جريدة الحياة تتمثل فى الأهمية والضخامة، والصراع، والاهتمامات الإنسانية بشكل أساسى وتحظى قيم الحالية والصراع، والأهمية والضخامة، والاهتمامات الإنسانية باهتمام جريدة الشرق الأوسط ، وتهتم جريدة الأهرام الدولى بقيم الأهمية والضخامة، والشهرة، والقرب النفسى والمكانى، كقيم إخبارية عند نشر المادة الإخبارية.
13- تحرص جريدة الشرق الأوسط على تنوع مصادر الصحيفة ومصادر الصحفى وتعتمد بشكل كبير على مكاتبها الخارجية ووكالات الأنباء والمراسلين موفدى الجريدة، وتعطى جريدة الحياة أهمية متساوية لجميع المصادر الإخبارية بما فيها شبكات الإذاعة والتليفزيون وشبكة الإنترنت، بينما تعتمد جريدة الأهرام الدولى بشكل أساسى على وكالات الأنباء العالمية، والمراسلين ووكالات الأنباء المحلية، والمندوبين الصحفيين.
14- تشترك جريدة الشرق الأوسط فى الخدمات الإخبارية بشكل متنوع ومنها وكالات الأنباء العالمية، وخدمة الواشنطن بوست، وخدمة نيويورك تايمز، وخدمة لوس أنجلوس تايمز، وخدمة جرافك نيوز، وتشترك جريدة الحياة فى معظم الخدمات الإخبارية المتوفرة على الساحة العالمية، وتشترك جريدة الأهرام الدولى فى وكالة أنباء الشرق الأوسط ووكالة رويترز، ووكالة الأنباء الفرنسية بشكل أساسى.
15- هناك إدراك كبير من الصحفيين فى صحف الدراسة لتوجهات المادة الإخبارية فى صحفهم خاصة فيما يتصل بالقيم الإخبارية، وهذا يشير إلى أن الصحيفة كمنظمة هى حارس البوابة الفعلى الذى يجمع وينتقى ويختار المواد الإخبارية للنشر.
علاقة المواد الإخبارية بالسياسات التحريرية:
بعد إجراء الدارسة التحليلية ومقارنة نتائجها بنتائج الدراسة الميدانية للتعرف على مدى الاتفاق بين توجهات المواد الإخبارية والسياسات التحريرية فى الصحف محل الدراسة يتضح الآتى:
1- فى ضوء نتائج الدراسة التحليلية احتلت الأحداث العربية المرتبة الأولى من اهتمام صحف الأهرام الدولى والشرق الأوسط والحياة، وجاءت الأحداث العالمية فى المرتبة الثانية، وجاءت الأحداث الإقليمية فى المرتبة الثالثة، ويتفق هذا التوجه الإخبارى مع السياسات التحريرية للصحف محل الدراسة، حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن الاهتمام بالأحداث العربية فى المرتبة الأولى يأتى من بين المحددات الأساسية للسياسة التحريرية فى الصحف محل الدراسة.
2- فى ضوء نتائج الدراسة التحليلية احتل الموضوع السياسى المرتبة الأولى من اهتمام صحف الأهرام الدولى والشرق الأوسط، والحياة، ويتفق هذا التوجه الإخبارى مع السياسات التحريرية للصحف محل الدراسة حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن الاهتمام بالموضوعات الإخبارية السياسية فى المرتبة الأولى يأتى من بين المحددات الأساسية للسياسة التحريرية فى الصحف محل الدراسة.
3- فى ضوء نتائج الدراسة التحليلية احتلت وكالات الأنباء العالمية المرتبة الأولى من بين مصادر الصحيفة التى تعتمد عليها جريدة الأهرام الدولى، واحتل المراسل الخارجى المرتبة الأولى فى جريدتى الشرق الاوسط، والحياة، ويتفق هذا التوجه الإخبارى مع السياسات التحريرية لهذه الصحف حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن الاستعانة بوكالات الأنباء العالمية بشكل أساسى من بين المحددات الأساسية للسياسة التحريرية بجريدة الأهرام الدولى، والاستعانة بموفدى الجريدة ومكاتبها فى الخارج بشكل رئيسى من بين المحددات الأساسية للسياسة التحريرية بجريدتى الشرق الأوسط والحياة.
4- فى ضوء نتائج الدراسة التحليلية احتلت فئة مسئول تنفيذى المرتبة الأولى من بين مصادر الصحفى فى صحف الأهرام الدولى والشرق الأوسط والحياة ويتفق هذا التوجه الإخبارى مع السياسات التحريرية لهذه الصحف حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن الاستعانة بفئة مسئول تنفيذى من بين أولويات السياسة التحريرية للصحف محل الدراسة.
5- فى ضوء نتائج الدراسة التحليلية احتلت قيم الصراع، والحالية، والشهرة، مرتبة متقدمة من اهتمام جريدة الأهرام الدولى بالقيم الإخبارية التى تتبناها عند نشر المادة الإخبارية، واحتلت الحالية، والصراع، والأهمية والضخامة مرتبة متقدمة بجريدتى الشرق الأوسط، والحياة، ويتفق هذا التوجه مع السياسات التحريرية لهذه الصحف حيث تشير نتائج الدراسة الميدانية إلى ذلك.
التوصيات
استناداً إلى نتائج الدراسة يتقدم الباحث بعدة توصيات تتصل بتوجهات المواد الإخبارية والسياسات التحريرية فى الصحف محل الدراسة وهى على النحو التالى:
1- علاوة على اهتمامها الكبير بالخبر الصحفى يجب أن تهتم صحف الأهرام الدولى والشرق الأوسط، والحياة بالأِشكال الإخبارية الأخرى، وأن تعطى مساحة أكبر للقصص الإخبارية، والتقرير الإخبارى، والصورة الإخبارية حيث تضائل الاهتمام بهذه الأشكال الإخبارية خلال فترة الدراسة.
2- أن توازن صحف الأهرام الدولى، و الشرق الأوسط و الحياة بين الموضوعات الإخبارية عند النشر بحيث لا يطغى الموضوع السياسى على الموضوعات الأخرى وأن تكون هناك مساحة أكبر للموضوعات الاجتماعية والثقافية فى هذه الصحف.
3- أن تقلل جريدة الأهرام الدولى من اعتمادها الكبير على وكالات الأنباء العالمية، وتزيد من اعتمادها على وكالات الأنباء المحلية فى الأحداث العربية بشكل خاص.
4- أن تقلل الصحف محل الدراسة من نشر المواد الإخبارية مجهولة المصدر سواء كان مصدراً للصحيفة أو مصدراً للصحفى.
5- أن تقلل الصحف محل الدراسة من الاعتماد الكبير على فئة مسئول تنفيذى كمصدر للصحفى وأن تعطى اهتماماً أكبر للاستعانة بمصادر الصحفى غير الرسمية مثل الوثائق المطبوعة، والخبراء والمتخصصين، وممثلو المجتمع المحلى.
6- أن تعطى الصحف محل الدراسة اهتماماً أكبر للتغطية الإخبارية التمهيدية، والمتابعة أسوة بالتغطية الإخبارية التقريرية التى ظهرت بشكل كبير جداً خلال فترة الدراسة بينما تضاءلت التغطية التمهيدية وتغطية المتابعة.
7- أن تزيد الصحف محل الدراسة من المساحة المخصصة للتغطية الإخبارية التفسيرية المحايدة لما لها من أهمية وتقلل الاعتماد على التغطية المباشرة.
8- أن تقلل الصحف محل الدراسة من الاعتماد على التغطية الإخبارية المتحيزة سواء كانت مباشرة أو تفسيرية حيث ظهرت بشكل ملحوظ فى الأحداث العالمية خلال فترة الدراسة.
9- أن تعتمد الصحف محل الدراسة والصحف بشكل عام سياسة تحريرية معلنة ومكتوبة وأن توضح ما ترتكز عليه هذه السياسة من مبادئ وأسس ومحددات أساسية حتى لا تظل السياسة التحريرية ممثلة لحالة مشوشة وغير واضحة بالنسبة للصحفيين.
10- أن يكون هناك انسجام وتوافق بين القيم الإخبارية التى تتبناها الصحف محل الدراسة والصحف بشكل عام وبين ما ترتكز عليه سياساتها التحريرية من مبادئ ومحددات وأن تقلل الصحف الرزينة من تبنى قيم السلبية والإثارة إلى أقصى درجة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق