الأمن اللغوي ومستقبل اللغة العربية
بقلم:محمد سيف الإسلام بوفلاقـة
-جامعة عنابة-
في إطار رسالته الهادفة إلى الارتقاء باللغة العربية،وقراءة واقعها،ومعالجة التحديات التي تواجهها استضاف قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة الأديب عز الدين ميهوبي؛رئيس المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر،الذي قدم محاضرة بعنوان :«الأمن اللغوي ومستقبل اللغة العربية»،تطرق فيها إلى جملة من القضايا التي ترتبط بواقع اللغة العربية والتحديات التي تواجهها.
استهل الأديب عز الدين ميهوبي محاضرته بتعريف اللغة التي تحوي جملة من الدلالات فهي بمفهومها العام أداة للتعبير، وهي الوسيلة الرئيسة للاتصال، والتي يتم من خلالها الإفصاح عن هواجس الإنسان،وعواطفه، ومشاعره، وأفكاره،واللغة وعاء الفكر، وهي الوسيلة الأولى لتسجيل منتجات القرائح،ولذلك فقد قيل إنها« مجموع الألفاظ والقواعد التي تتعلق بوسيلة التخاطب والتفاهم بين جماعة من الناس، وهي تُعبِّر عن واقع الفئة الناطقة بها، ونفسيتها، وعقليتها، وطبعها، ومُناخها الاجتماعي والتاريخي» وفي هذا الصدد أشار ميلر في تعريفه الذي ركز فيه على الجانب الفكري إلى أنها استعمال لمجموعة من الرموز الصوتية، والمقطعية، والتي يُعبر بمقتضاها عن الفكر،وهي إنتاج إبداعي تختفي وراءه قوة روحية.
سلّط الأديب عز الدين ميهوبي الضوء على التحديات التي تواجه لغتنا العربية،وأشار إلى ضرورة استغلال عالم الحوسبة وتقنيات المعلومات،ونبه إلى استخدام اللغة العربية على الأنترنت التي تعد الوعاء الأكبر للمعرفة المتوفرة في أيامنا هذه،و أشار إلى أن الارتقاء بلغتنا العربية في عالم الحوسبة يتطلب وجود أدوات معلوماتية أساسية تعتمد على تحليل اللغة العربية بشكل علمي دقيق،ومن أبرز الأدوات محركات البحث والمعاجم،وفي نظره أن ما يتوفر حاليا من معاجم لا يلبي الاحتياجات،ولا يرقى إلى مستوى ما هو متوفر في لغات أخرى ولاسيما منها الإنجليزية،كما أكد الأديب عز الدين ميهوبي على ضرورة القيام ببحوث معمقة تتعلق بكيفية تصميم وصناعة المعاجم وآلية توليد المصطلحات ،وحوسبة اللغة العربية وتوسيع المحتوى الرقمي العربي،وفي نظره أن الخطر الأكبر على اللغة العربية بأتي من إبعادها تدريجياً عن الاستعمال كلغة عمل وتواصل على جميع الأصعدة،ومن بينها الخبرات التكنولوجية.
أشار الأديب عز الدين ميهوبي في سياق محاضرته إلى أن مسألة الارتقاء باللغة العربية لا يمكن حصرها في مؤسسات بعينها،فهي مسألة تهم الجميع دون استثناء،وعامة الناس هم أساس بناء مجتمع المعرفة المستقبلي في الوطن العربي،ووفق منظوره فمشكلة اللغة تتجاوز دولاً ومناطق بعينها فهي مشكلة مطروحة عالمياً في جميع البلدان،وقدم عدة أمثلة في هذا الصدد من بينها المشاكل التي تعترض اللغة الفرنسية التي يبحث الخبراء اليوم عن أسباب تراجعها،وكيفية تحسين أدائها،وهم يسعون من خلال بذل جهود كبيرة إلى إيصالها لكل شعوب العالم،ولاسيما في أوروبا الشرقية،فالعالم يعيش اليوم ما يعرف بالحروب اللغوية،واللغة العربية لا تمثل الاستثناء،و كما يرى الأديب عز الدين ميهوبي فوضعها ليس سيئاً خاصة في ظل المنافسة اللغوية بين مختلف لغات العالم،فهي لغة تتميز بمعجمها الخاص،وكيانها المستقل،فالخوف وفق رؤية الأديب ميهوبي يكون على اللغات التي تنتمي إلى الجنس نفسه ،وذكر أننا نستعمل من اللغة العربية ما لايتجاوز0.004بالمائة فقط من مفردات معجمها الكلي،والمقدر ب:12.8000.00 كلمة،ودعا الأديب ميهوبي إلى ضرورة العمل على إنجاز معاجم خاصة باللغة العربية،للارتقاء بها والحفاظ على منزلتها المشرفة في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق