«لا أريد إلا أن أحشر مع الشعراء يوم يبعثون ،فأعيش شاعرا وأموت شاعرا» هذه هى بعض كلمات الشاعر والناقد والمترجم، وصاحب الدراسات فى الثقافة الإسبانية والتراث الأندلسي، الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم،الذى فقدته الأوساط الثقافية والأدبية بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 69 عاما.
الذى أشتهر بكنيته «أبو همام»حيث اختار لابنه ذلك الاسم الذى أطلقه العقاد على بطل روايته الوحيدة زسارةس ليكون أبو همام كما يحب أن يناديه أصدقاؤه .هو آخر تلاميذ العقاد وفى طليعة المؤيدين المؤمنين به شاعرا وكاتبا ورائدا،وأحد كبار مؤسسى جمعية العقاد الأدبية. وهو أيضا عضو مجمع اللغة العربية،ومقرر اللجنة الدائمة للغة العربية لترقية الأساتذة المساعدين بالمجلس الأعلى للجامعات...إلخ
ولد أبو همام عام 1945بمحافظة المنوفية والتحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة,وتخرج فيها عام1970، ثم عين فيها معيدا، وحصل على درجة الماجستير. بعدها سافر فى بعثة دراسية إلى جامعة مدريد عام 1976، وحصل منها على درجتى الليسانس والماجستير مرة أخرى، ثم على الدكتوراه، وبعد عودته إلى مصر عين أستاذاً ورئيسا لقسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم، فوكيلا للكلية، لكن عمله بالجامعة لم يشغله عن تقديم ما يزيد على الثلاثين مؤلفا للمكتبة العربية فى الشعر والنقد والترجمة وتحقيق أمهات التراث العربي.
عبد اللطيف عبد الحليم شاعر أحب اللغة العربية فأحبته، فكانت على لسانه طيعة ووهابة. كان يمعن النظر فى المعاجم وفى الدواوين الشعرية وفى النثر القديم ، حتى غدا من القلائل الذين حوّلوا الشعر أداة من أدواتها، وصاغوه بحراً وقافية لتمجيد حرفها وتراكيبها ومعانيها. فوق هذا يعد جسرا حميما بين الثقافتين العربية والإسبانية، وله فى كلتيهما باع طويل، وترجم مجموعة من الكتب فى الشعر والقصة والمسرح والأدب المقارن، فكان له الفضل فى نقل المعارف الإسبانية إلى القارئ العربي.
حفظ قبل دخوله دار العلوم دواوين العقاد العشرة،ومعظم ديوان المتنبى وديوان الحماسة لأبى تمام،بالإضافة إلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة،والتراث النثري،كان مفتونا باللزوميات فى القوافي، وله ديوان بعنوان «مقام المنسرح» التزم فيه هذا البحر العصى قليل الورود فى الشعر العربي، حتى تنبأ بعض المحدثين بأنه سينقرض.
وقد أصدر ستة دواوين شعرية، هى «الخوف من المطر»و « لزوميات وقصائد أخرى»و «هدير الصمت» و«مقام المنسرح»و«أغانى العاشق الأندلسي»و«زهرة النار» ثم جمعها معاً ضمن الأعمال الكاملة،إلى جانب كتبه فى الدراسات الأدبية والنقدية، منها المازنى شاعراً، شعراء ما بعد الديوان، فى الشعر العمانى المعاصر، فى الحديث النبوي، حديث الشعر، كما حقق كتاب «حدائق الأزاهر» لأبى بكر الغرناطي.
أحرزت دواوينه الكثير من الجوائز العربية والمحلية، وبعض قصائده تمت ترجمتها إلى الماليزية والإسبانية والإيطالية والفرنسية.
وعن الأندلس قال: لا تزال الأندلس فردوساً مفقوداً بالنسبة لي، وأنا أستلهمها تاريخاً وأستلهمها واقعاً، فقد تناول المجتمع الإسبانى فى مظاهره العادية ، فتحدث عن رجل الشارع الأندلسى والمقاهى الأندلسية والبواب الأندلسى وغير ذلك.
وكان يرى أننا كعرب لابد أن نسعى إلى التراث الأندلسي،كما سعى المستشرقون إلى مخطوطات الأندلسيين ، وعلينا أن ندرسها ونحققها لأنها ربما تقلب بعض الموازين النقدية والثقافية فيما يتصل بالأدب أو الفكر عموماَ. وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» نقول رحم الله المبدع أبا همام بقدر ما أعطى حياتنا الثقافية من علم تنتفع به الأجيال القادمة.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/348965.aspx
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق