عصر الصورة"
شاكر عبد الحميد، عالم المعرفة، العدد 311، يناير 2004.
ولد الدكتور شاكر عبد الحميد بمحافظة أسيوط بمصر ويشغل حاليا منصب أستاذ علم نفس الإبداع بأكاديمية الفنون بعدما شغل لفترة من الزمن غير طويلة منصب عميد المعهد العالي للنقد الفني من بين ظهرانيها.
ولما كان أحد المتخصصين العرب القلائل في "علم نفس الإبداع"، فإن إنتاجاته الفكرية (بما فيها الترجمات) لم تخرج عن هذا الحقل كثيرا إذ تعتبر إصداراته في ذات المجال (من قبيل " دراسات نفسية في التذوق الأدبي" أو "الأدب والجنون" أو ما سواها) ليس فقط احتراما شكليا من لدنه لمبدأ التخصص، بل وكذلك توظيف المبدأ إياه للغوص في ثنايا قضايا كبرى قد لا يبدو مبدأ التخصص بها جليا ظاهرا (من قبيل كتابه "الفكاهة والضحك" مثلا).
لا يوحي كتابه "عصر الصورة: السلبيات والإيجابيات"، للوهلة الأولى، أنه من صميم اهتمام كاتب حصر اهتمامه (تأليفا وترجمة) في علم النفس (مع تطبيقات له محددة على عالم الأدب والفن)، لكنه في الحقيقة من صلب اهتمامه المباشر ليس فقط باعتبار الصورة عنصرا نفسيا بامتياز (على الأقل بجانب زاوية الرؤية وطرق القراءة)، ولكن أيضا باعتبار المحيط النفسي العام الذي أفرزها وجعلها " تستأثر بالعصر" بعدما كانت السطوة في ذلك، من ذي قبل،للمطبعة وبالتالي للكلمة والصوت.
"عصر الصورة" هو بحث اجتهد الكاتب من خلاله إلى تتبع الصورة في تطورها التاريخي وفي نظرة الفلاسفة لها منذ أرسطو إلى "الصورة في عصر العولمة" (الفصل العاشر) وشرح عبرها التموجات المفاهيمية التي طاولتها ليستخرج من صلب استعمالاتها الجانب الإيجابي كما السلبي سواء بسواء.
وإذا كان "التفكير مستحيلا دون صور" يقول أرسطو، فإن المؤلف يضيف بأن "الحياة المعاصرة لا يمكن تصورها من دون الصور. فالصور موجودة في كل مكان. إنها لا تكف عن التدفق والحضور في كل لحظة من لحظات حياتنا. إننا نعيش بالفعل في عصر الصورة كما قال آبل جانس... ونعيش في حضارة الصورة كما قال الناقد الفرنسي رولان بارت بعد ذلك".
ينقسم كتاب "عصر الصورة" إلى أحد عشر فصلا زاوج المؤلف طيلتها بين تاريخ الصورة في الفكر الغربي، في الأدب والتشكيل والسينما والمسرح وما سواها، وبين مكانة الصورة زمن العولمة وتزايد تيارات تبادل "السلع الرمزية" بين شتى بقاع الأرض: