عماد الدين أديب
منطق اليأس قد يدفع البسطاء والفقراء فى هذا الزمن إلى فعل أى شىء من أجل إنقاذ أنفسهم من الجوع والحاجة الشديدة!
آخر هذه التصرفات اليائسة والمجنونة هو ما كشفت عنه مباحث الجيزة من ضبط سرقة قام بها شابان يعملان فى حديقة الحيوان، حيث قاما بسرقة «غزالة» ومسروقات أخرى، وقاما بعرض بيعها تحت كوبرى عباس.
أن يصل الأمر إلى محاولة سرقة غزالة، وقبله سرقة اللحم الذى يقدم للحيوانات، وقبله انتحار زرافة الحديقة، وقبله ضبط تنظيم عصابى يسرق كابلات الكهرباء، وآخر يسرق «غُطيان البلاعات» الخاصة بالصرف الصحى.
إن منطق استباحة أملاك الدولة يعكس فى طياته أزمة كبرى فى فهم حقيقة المالك الأساسى لأملاك هذه الدولة.
إن من يسرق أملاك الدولة هو فى الحقيقة كمن يسرق نفسه، لأن الشعب، وهنا نتحدث عن أن كل الشعب هو المالك الحقيقى والمستفيد الأساسى من أملاك هذه الدولة.
يحدث ذلك، وهناك تقارير تتحدث عن قيمة خسائر الشوارع والأرصفة التى تم تخريبها وتدميرها لتحويلها إلى «سلاح حجارة» ضد الشرطة والجيش تجاوزت الـ600 مليون جنيه على الأقل!
ويحدث ذلك أيضاً فى الوقت الذى تتحدث فيه التقارير عن ضبط عدة محاولات تخريبية لإعطاب شبكات الضغط العالى للكهرباء فى المحافظات والأقاليم من أجل التأثير السلبى على إمداد المواطنين بالكهرباء.
وكأننا شركاء عن جهل، أو عن عمد، أو عن فقر وحاجة، فى مشروع قومى بعنوان «المشروع القومى لتدمير مصر»!
يحدث هذا فى الزمن الصعب الذى يحتاج فيه شعب المحروسة الصبور، أكثر من أى وقت آخر، إلى كل جنيه من أجل إعادة بناء الاقتصاد المتدهور الذى وصل إلى مرحلة المعدلات السلبية فى معدلات التنمية بالمقاييس الدولية.
نحن فى وضع حرج للغاية، وأحرج ما فيه هو الجهل به!
ليس خطراً أن تكون مريضاً بداء، ولكن الأخطر منه أن تجهل مرضك أو تنكر وجوده وأن تعمل بوعى أو بجهل لزيادة تداعيات هذا المرض عليك.
إننا كمن اختار طواعية أن يكون القاتل والقتيل فى آن واحد، وأن يطلق رصاصة الموت على رأسه دون أى سبب منطقى.
إننا نواجه أموراً لا تحدث إلا فى مصر!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق