الأصمعي في سير أعلام النبلاء
الإمام العلامة الحافظ ، حجة الأدب ، لسان العرب أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن عبد شمس بن أعيا ، بن سعد بن عبد بن غنم بن قتيبة بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، الأصمعي البصري ، اللغوي الأخباري ، أحد الأعلام . يقال : اسم أبيه عاصم ، ولقبه قريب .
[ ص: 176 ] ولد سنة بضع وعشرين ومائة .
وحدث عن : ابن عون ، وسليمان التيمي ، وأبي عمرو بن العلاء ، وقرة بن خالد ، ومسعر بن كدام ، وعمر بن أبي زائدة ، وشعبة ، ونافع بن أبي نعيم ، وتلا عليه ، وبكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، وسلمة بن بلال ، وشبيب بن شيبة ، وعدد كثير ، لكنه قليل الرواية للمسندات .
حدث عنه : أبو عبيد ، ويحيى بن معين ، وإسحاق بن إبراهيم الموصلي ، وسلمة بن عاصم ، وزكريا بن يحيى المنقري ، وعمر بن شبة ، وأبو الفضل الرياشي ، وأبو حاتم السجستاني ، ونصر بن علي ، وابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله الأصمعي ، وأبو حاتم الرازي ، وأحمد بن عبيد أبو عصيدة ، وبشر بن موسى ، والكديمي ، وأبو العيناء ، وأبو مسلم الكجي ، وخلق كثير .
عباس الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن الأصمعي قال : سمع مني مالك بن أنس .
وقد أثنى أحمد بن حنبل على الأصمعي في السنة .
قال الأصمعي : قال لي شعبة : لو تفرغت لجئتك .
قال إسحاق الموصلي : دخلت على الأصمعي أعوده ، فإذا قمطر ،
[ ص: 177 ] فقلت : هذا علمك كله ؟ فقال : إن هذا من حق لكثير .
وقال ثعلب : قيل للأصمعي : كيف حفظت ونسوا ؟ قال : درست وتركوا .
قال عمر بن شبة : سمعت الأصمعي يقول : أحفظ ستة عشر ألف أرجوزة .
وقال محمد بن الأعرابي : شهدت الأصمعي وقد أنشد نحوا من مائتي بيت ، ما فيها بيت عرفناه .
قال الربيع : سمعت الشافعي يقول : ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي .
وعن ابن معين قال : كان الأصمعي من أعلم الناس في فنه .
وقال أبو داود : صدوق .
[ ص: 178 ] قال أبو داود السنجي سمعت الأصمعي يقول : إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله -عليه السلام- : من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار .
وقال نصر الجهضمي : كان الأصمعي يتقي أن يفسر الحديث ، كما يتقي أن يفسر القرآن .
قال المبرد : كان الأصمعي بحرا في اللغة ، لا نعرف مثله فيها ، وكان أبو زيد أنحى منه .
قيل لأبي نواس : قد أشخص الأصمعي وأبو عبيدة على الرشيد ، فقال : أما أبو عبيدة : فإن مكنوه من سفره قرأ عليهم علم أخبار الأولين والآخرين ، وأما الأصمعي : فبلبل يطربهم بنغماته .
قال أبو العيناء : قال الأصمعي : دخلت أنا وأبو عبيدة على الفضل بن الربيع ، فقال : يا أصمعي كم كتابك في الخيل ؟ قلت : جلد ، [ ص: 179 ]فسأل أبا عبيدة عن ذلك ، فقال : خمسون جلدا ، فأمر بإحضار الكتابين ، وأحضر فرسا ، فقال لأبي عبيدة : اقرأ كتابك حرفا حرفا ، وضع يدك على موضع موضع ، قال : لست ببيطار إنما هذا شيء أخذته من العرب ، فقال لي : قم فضع يدك . فقمت ، فحسرت عن ذراعي وساقي ، ثم وثبت ، فأخذت بأذن الفرس ، ثم وضعت يدي على ناصيته ، فجعلت أقبض منه بشيء شيء ، وأقول : هذا اسمه كذا ، وأنشد فيه ، حتى بلغت حافره ، فأمر لي بالفرس ، فكنت إذا أردت أن أغيظ أبا عبيدة ركبت الفرس وأتيته .
وعن ابن دريد : أن الأصمعي كان بخيلا ، ويجمع أحاديث البخلاء .
وقال محمد بن سلام : كنا مع أبي عبيدة بقرب دار الأصمعي ، فسمعنا منها ضجة فبادر الناس ليعرفوا ذلك ، فقال أبو عبيدة : إنما يفعلون هذا عند الخبز ، كذا يفعلون إذا فقدوا رغيفا .
وعن الأصمعي قال : نلت ما نلت بالملح .
[ ص: 180 ] قلت : كتب شيئا لا يحصى عن العرب ، وكان ذا حفظ وذكاء ولطف عبارة ، فساد .
وروى ثعلب ، عن أحمد بن عمر النحوي قال : قدم الحسن بن سهل ، فجمع أهل الأدب ، وحضرت ، ووقع الحسن على خمسين رقعة ، وجرى ذكر الحفاظ ، فذكرنا الزهري وقتادة ، فقال الأصمعي : فأنا أعيد ما وقع به الأمير على التوالي ، فأحضرت الرقاع ، فقال : صاحب الرقعة الأولى كذا وكذا ، واسمه كذا وكذا ، ووقع له بكذا وكذا ، والرقعة الثانية كذا ، والثالثة . . . حتى مر على نيف وأربعين رقعة ، فقال نصر بن علي الجهضمي: أيها المرء أبق على نفسك من العين .
وقد روى نحوها من وجه آخر ، وقال : حسبك لا تقتل بالعين ،
وقال : يا غلام ، احمل معه خمسين ألفا .
قال عمرو بن مرزوق : رأيت الأصمعي وسيبويه يتناظران ، فقال يونس : الحق مع سيبويه ، وهذا يغلبه بلسانه .
وروي عن الأصمعي أن الرشيد أجازه مرة بمائة ألف .
[ ص: 181 ] وتصانيف الأصمعي ونوادره كثيرة ، وأكثر تواليفه مختصرات ، وقد فقد أكثرها .
قال خليفة وأبو العيناء مات الأصمعي سنة خمس عشرة ومائتين .
وقال محمد بن المثنى والبخاري : سنة ست عشرة ويقال : عاش ثمانيا وثمانين سنة -رحمه الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق