السُنَّةُ حَقٌّ:
ويزيد ذلك الشيخ إِيضَاحًا فيقول تحت هذا العنوان (السُنَّةُ حَقٌّ):
«إذا صح أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بشيء أو نهى عن شيء، فإن طاعته فيه واجبة، وهى من طاعة الله.
وما يجوز لمؤمن أن يستبيح لنفسه التجاوز عن أمر للرسول فيه حكم: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاَ مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
والمسلمون متفقون على اتباع السُنَّةِ بوصفها المصدر الثانى للإسلام بعد القرآن الكريم. لكن السنن الواردة تتفاوت ثبوتًا ودلالة تفاوتًا لا محل هنا لذكره.
وقد وضعت لضبط ذلك مقاييس عقلية جيدة، يرجع إليها في مظانها من شاء ..
وللناقد البصير، أن يتكلم في حديث ما من ناحيتي متنه وسنده، وأن يرده لأسباب علمية يبديها.
والمجال الفني لهذا الموضوع رحب ممهد، خاضه العلماء الأقدمون وتركوا فيه آثَارًا ضخمة.
لكن المؤسف أن بعض القاصرين ـ ممن لا سهم له في معرفة الإسلام ـ أخذ يهجم على السُنَّةِ بحمق، ويردها جملة وتفصيلاً.
وقد يسرع إلى تكذيب حديث يقال له، ولا لشيء، إلا لأنه لم يرقه، أو لم يفقهه.
وتكذيب السُنَّةِ على طول الخط احتجاجًا بأن القرآن حوى كل شيء بدعة جسيمة الخطر. فإن الله - عَزَّ وَجَلَّ - ترك لرسوله السنن العملية يبينها ويوضحها.
وقد ثبتت هذه بالتواتر الذى ثبت به القرآن فكيف تجحد؟ بل كيف تجحد وحدها ويعترف بالقرآن؟.
ويزيد ذلك الشيخ إِيضَاحًا فيقول تحت هذا العنوان (السُنَّةُ حَقٌّ):
«إذا صح أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بشيء أو نهى عن شيء، فإن طاعته فيه واجبة، وهى من طاعة الله.
وما يجوز لمؤمن أن يستبيح لنفسه التجاوز عن أمر للرسول فيه حكم: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاَ مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
والمسلمون متفقون على اتباع السُنَّةِ بوصفها المصدر الثانى للإسلام بعد القرآن الكريم. لكن السنن الواردة تتفاوت ثبوتًا ودلالة تفاوتًا لا محل هنا لذكره.
وقد وضعت لضبط ذلك مقاييس عقلية جيدة، يرجع إليها في مظانها من شاء ..
وللناقد البصير، أن يتكلم في حديث ما من ناحيتي متنه وسنده، وأن يرده لأسباب علمية يبديها.
والمجال الفني لهذا الموضوع رحب ممهد، خاضه العلماء الأقدمون وتركوا فيه آثَارًا ضخمة.
لكن المؤسف أن بعض القاصرين ـ ممن لا سهم له في معرفة الإسلام ـ أخذ يهجم على السُنَّةِ بحمق، ويردها جملة وتفصيلاً.
وقد يسرع إلى تكذيب حديث يقال له، ولا لشيء، إلا لأنه لم يرقه، أو لم يفقهه.
وتكذيب السُنَّةِ على طول الخط احتجاجًا بأن القرآن حوى كل شيء بدعة جسيمة الخطر. فإن الله - عَزَّ وَجَلَّ - ترك لرسوله السنن العملية يبينها ويوضحها.
وقد ثبتت هذه بالتواتر الذى ثبت به القرآن فكيف تجحد؟ بل كيف تجحد وحدها ويعترف بالقرآن؟.
وكيف نصلى ونصوم ونحج ونزكي ونقيم الحدود، وهذه
كلها ما أدركت تفاصيلها إلا من السُنَّةِ؟.
وإن إنكار المتواتر من السنن العملية خروج عن الإسلام .. وإنكار المروي من سنن الآحاد ـ لمحض الهوى ـ عصيان مخوف العاقبة ..
والواجب أن ندرس السُنَّةَ دراسة حسنة، وأن ننتفع في ديننا بما ضمت من حكم وآداب وعظات. وإن الولع بالتكذيب لا إنصاف فيه ولا رشد.
وقد تعقبت طائفة من منكري السنن فلم أر لدى أكثرهم شيئًا يستحق الاحترام العلمي.
قالوا: إن السلف اهتموا بالأسانيد وحبسوا نشاطهم في وزن رجالها ولم يهتموا بالمتون. أو يصرفوا جُهْدًا مذكورًا في تمحيصها ..
وهذا خطأ. فإن الاهتمام بالسند لم يقصد لذاته وإنما قصد منه الحكم على المتن نفسه.
ثم إن صحة الحديث لا تجىء من عدالة رواته فحسب، بل تجيء أيضًا من انسجامه مع ما ثبت يَقِينًا من حقائق الدين الأخرى، فأي شذوذ فيه، أو علة قادحة يخرجه من نطاق الحديث الصحيح ..
على أن اتهام حديث ما بالبطلان مع وجود سند صحيح له، لا يجوز أن يدور مع الهوى، بل ينبغى أن يخضع لقواعد فنية محترمة.
هذا ما التزمه الأئمة الأولون، وما نرى نحن ضرورة التزامه.
ذكر بعضهم حديث: «الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ».
فقال: إن الواقع يكذبه، وإن صححه البخاري.
ويظهر أنه فهم من «مِنْ كُلِّ دَاءٍ» سائر العلل التى يصاب الناس بها.
وهذا فهم باطل، ولو كان ذلك مراد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كان هناك موضع للأحاديث الكثيرة الأخرى التى تصف أدوية أخرى لعلل شتى.
والواقع «أَنَّ كُلِّ دَاءٍ» لا تعني إلا بعض أمراض البرد، فهي مثل قول القرآن الكريم في وصف الريح التى أرسلت على «عَادٍ»: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]، فـ {كُلَّ شَيْءٍ} هو ما عمرت به مساكن القبيلة الظالمة فحسب.
وهذا الحديث، لو أن مسلمًا مات دون أن يعلم به ما نقص إيمانه ذرة.
إن أبابكر وعمر كليهما، لم يعلما بالحديث الصحيح عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذى قال فيه: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ - يَعْنِي وَثَنِيِّي الجَزِيرَةَ - حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
فإن الحديث الذي حفظاه ليس فيه: «إِقَامِ الصَّلاَةَ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ».
ولو علم عمر بهذا النص الزائد ما اعترض على أبي بكر في قتاله مانعي الزكاة.
ولو علم به أبوبكر ما استدل على رأيه بالقياس والاستنباط.
ولكن فقه الشيخين في الكتاب العزيز، وحسن استفادتهما مما يعلمان من سُنَّةٍ أغنى وكفى .. ولم يضرهما ما يجهلان من روايات أخرى.
بيد أن الطعن ـ هكذا خبط عشواء ـ فى الأسانيد والمتون كما يصنع البعض ليس القصد منه إهدار حديث بعينه، بل إهدار السنّة كلها، ووضع الأحكام التى جاءت عن طريقها فى محل الريبة والازدراء.
وهذا ـ فوق أنه غمط للحقيقة المجردة ـ يعرض الإسلام كله للضياع.
إن دواوين السُنَّةِ وثائق تاريخية من أحكم ما عرفت الدنيا.
ويمكننا أن نقول: إن الكتب المقدسة لدى بعض الأمم ما تزيد فى قيمتها التاريخية عن أحاديث دَوَّنَهَا علماؤنا وحكموا على طائفة منها بالضعف، وطائفة أخرى بالوضع!!
وَالسُنَّةُ ـ لكثرة ما عرضت له من تفاصيل ـ تضمنت أحكامًا كثيرة، والأحكام قيود توضع على تصرفات الناس، والقيد عندما يجيء في مكانه الذى يناسبه ويلائمه، لا يكون هناك معنى للتبرم به والإنكار عليه
وإن إنكار المتواتر من السنن العملية خروج عن الإسلام .. وإنكار المروي من سنن الآحاد ـ لمحض الهوى ـ عصيان مخوف العاقبة ..
والواجب أن ندرس السُنَّةَ دراسة حسنة، وأن ننتفع في ديننا بما ضمت من حكم وآداب وعظات. وإن الولع بالتكذيب لا إنصاف فيه ولا رشد.
وقد تعقبت طائفة من منكري السنن فلم أر لدى أكثرهم شيئًا يستحق الاحترام العلمي.
قالوا: إن السلف اهتموا بالأسانيد وحبسوا نشاطهم في وزن رجالها ولم يهتموا بالمتون. أو يصرفوا جُهْدًا مذكورًا في تمحيصها ..
وهذا خطأ. فإن الاهتمام بالسند لم يقصد لذاته وإنما قصد منه الحكم على المتن نفسه.
ثم إن صحة الحديث لا تجىء من عدالة رواته فحسب، بل تجيء أيضًا من انسجامه مع ما ثبت يَقِينًا من حقائق الدين الأخرى، فأي شذوذ فيه، أو علة قادحة يخرجه من نطاق الحديث الصحيح ..
على أن اتهام حديث ما بالبطلان مع وجود سند صحيح له، لا يجوز أن يدور مع الهوى، بل ينبغى أن يخضع لقواعد فنية محترمة.
هذا ما التزمه الأئمة الأولون، وما نرى نحن ضرورة التزامه.
ذكر بعضهم حديث: «الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ».
فقال: إن الواقع يكذبه، وإن صححه البخاري.
ويظهر أنه فهم من «مِنْ كُلِّ دَاءٍ» سائر العلل التى يصاب الناس بها.
وهذا فهم باطل، ولو كان ذلك مراد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما كان هناك موضع للأحاديث الكثيرة الأخرى التى تصف أدوية أخرى لعلل شتى.
والواقع «أَنَّ كُلِّ دَاءٍ» لا تعني إلا بعض أمراض البرد، فهي مثل قول القرآن الكريم في وصف الريح التى أرسلت على «عَادٍ»: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25]، فـ {كُلَّ شَيْءٍ} هو ما عمرت به مساكن القبيلة الظالمة فحسب.
وهذا الحديث، لو أن مسلمًا مات دون أن يعلم به ما نقص إيمانه ذرة.
إن أبابكر وعمر كليهما، لم يعلما بالحديث الصحيح عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذى قال فيه: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ - يَعْنِي وَثَنِيِّي الجَزِيرَةَ - حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
فإن الحديث الذي حفظاه ليس فيه: «إِقَامِ الصَّلاَةَ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ».
ولو علم عمر بهذا النص الزائد ما اعترض على أبي بكر في قتاله مانعي الزكاة.
ولو علم به أبوبكر ما استدل على رأيه بالقياس والاستنباط.
ولكن فقه الشيخين في الكتاب العزيز، وحسن استفادتهما مما يعلمان من سُنَّةٍ أغنى وكفى .. ولم يضرهما ما يجهلان من روايات أخرى.
بيد أن الطعن ـ هكذا خبط عشواء ـ فى الأسانيد والمتون كما يصنع البعض ليس القصد منه إهدار حديث بعينه، بل إهدار السنّة كلها، ووضع الأحكام التى جاءت عن طريقها فى محل الريبة والازدراء.
وهذا ـ فوق أنه غمط للحقيقة المجردة ـ يعرض الإسلام كله للضياع.
إن دواوين السُنَّةِ وثائق تاريخية من أحكم ما عرفت الدنيا.
ويمكننا أن نقول: إن الكتب المقدسة لدى بعض الأمم ما تزيد فى قيمتها التاريخية عن أحاديث دَوَّنَهَا علماؤنا وحكموا على طائفة منها بالضعف، وطائفة أخرى بالوضع!!
وَالسُنَّةُ ـ لكثرة ما عرضت له من تفاصيل ـ تضمنت أحكامًا كثيرة، والأحكام قيود توضع على تصرفات الناس، والقيد عندما يجيء في مكانه الذى يناسبه ويلائمه، لا يكون هناك معنى للتبرم به والإنكار عليه
بحث موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية
للقرضاوي مجلة مركز بحوث السنة والسيرة 8 ـ 1415 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق