زَوْبَعَةُ حول كِتَابِ " السُنَّةُ بَيْنَ
الفِقْهِ وَالحَدِيثِ
":للغزالي
أما كتابه الأخير " السُنَّةُ بَيْنَ أَهْلِ الفِقْهِ وَأَهْلِ الحَدِيثِ " الذي هاج عليه خصومات الكثيرين، واستثار أَقْلاَمًا عِدَّةً لِتَرُدَّ عليه بقسوة وَحِدَّةٍ، فمنطلقه فيه الدفاع عن السُنَّةِ أمام فريق (العَقْلاَنِيِّينَ). ولو أدى ذلك إلى رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة في الصحاح إذا ناقضت منطق العقل، أو منطق العلم، أو منطق الدين نفسه، حسبما يراه.
وَالمَبْدَأُ مُقَرَّرٌ لَدَى عُلَمَاءِ الحَدِيثِ أَنْفُسُهُمْ، ولكن الخلاف في التطبيق. وربما أسرف الشيخ فِي رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة، وكان يمكن تأويلها وحملها على معنى مقبول. وربما قَسَا كذلك على بعض الفئات، ووصفهم ببعض العبارات الخشنة والمثيرة، وربما استعجل الحكم في بعض مسائل كانت تحتاج إلى بحث أدق، وإلى تحقيق أوفى.
ولكن الكتاب لَيْسَ كَمَا تُصَوِّرُهُ الحَمْلَةُ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ كِتَابُ ضِدَّ السُنَّةِ، ولا كما تَصَوَّرَ مُؤَلِّفُهُ وَكَأَنَّهُ يُنْكِرُ السُنَّةَ، فَهَذَا ظُلْمٌ بَيِّنٌ لِلْشَّيْخِ، الذى طالما دافع عن حُجِّيَّةِ السُنَّةِ المُشَرَّفَةِ، وَهَاجَمَ خُصُومَهَا بِعُنْفٍ.
وإنكار حديث أو حديثين أو ثلاثة، وإن ثبتت في الصحاح، لا يعنى بحال إِنْكَارَ السُنَّةِ بوصفها أَصْلاً ثَانِيًا، وَمَصْدَرًا تَالِيًا للقرآن. ولو صح ذلك لأخرجنا أئمة كبارًا مثل أبي حنيفة ومالك من زُمْرَةِ أَهْلِ السُنَّةِ، لِرَدِّهِمَا أَحَادِيثَ صِحَاحًا
في العبادات أو المعاملات لم تثبت عندهما. بل لو صح ذلك لاتهمنا أم المؤمنين
عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، لأنها رَدَّتْ على بعض الصحابة أحاديث رَوَوْهَا
وسمعوها بآذانهم من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنها ـ في رأيها
ـ مخالفة لما جاء في القرآن، فاتهمتهم بأنهم لم يحسنوا أن يسمعوا، أو يحسنوا أن
يحفظوا.أما كتابه الأخير " السُنَّةُ بَيْنَ أَهْلِ الفِقْهِ وَأَهْلِ الحَدِيثِ " الذي هاج عليه خصومات الكثيرين، واستثار أَقْلاَمًا عِدَّةً لِتَرُدَّ عليه بقسوة وَحِدَّةٍ، فمنطلقه فيه الدفاع عن السُنَّةِ أمام فريق (العَقْلاَنِيِّينَ). ولو أدى ذلك إلى رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة في الصحاح إذا ناقضت منطق العقل، أو منطق العلم، أو منطق الدين نفسه، حسبما يراه.
وَالمَبْدَأُ مُقَرَّرٌ لَدَى عُلَمَاءِ الحَدِيثِ أَنْفُسُهُمْ، ولكن الخلاف في التطبيق. وربما أسرف الشيخ فِي رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة، وكان يمكن تأويلها وحملها على معنى مقبول. وربما قَسَا كذلك على بعض الفئات، ووصفهم ببعض العبارات الخشنة والمثيرة، وربما استعجل الحكم في بعض مسائل كانت تحتاج إلى بحث أدق، وإلى تحقيق أوفى.
ولكن الكتاب لَيْسَ كَمَا تُصَوِّرُهُ الحَمْلَةُ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ كِتَابُ ضِدَّ السُنَّةِ، ولا كما تَصَوَّرَ مُؤَلِّفُهُ وَكَأَنَّهُ يُنْكِرُ السُنَّةَ، فَهَذَا ظُلْمٌ بَيِّنٌ لِلْشَّيْخِ، الذى طالما دافع عن حُجِّيَّةِ السُنَّةِ المُشَرَّفَةِ، وَهَاجَمَ خُصُومَهَا بِعُنْفٍ.
وإنكار حديث أو حديثين أو ثلاثة، وإن ثبتت في الصحاح، لا يعنى بحال إِنْكَارَ السُنَّةِ بوصفها أَصْلاً ثَانِيًا، وَمَصْدَرًا تَالِيًا للقرآن. ولو صح ذلك لأخرجنا أئمة كبارًا مثل أبي حنيفة ومالك من زُمْرَةِ أَهْلِ السُنَّةِ، لِرَدِّهِمَا أَحَادِيثَ صِحَاحًا
وقد نخالف الصِدِّيقَةَ بنت الصديق في فهمها وفي موقفها من تلك الأحاديث، كما نخالف مالكًا وأباحنيفة في موقفهما كذلك. وقد نَرُدُّ بِالحُجَّةِ على ما ذهبوا إليه، ونبين تهافته ووهن أساسه. ولكن مسلمًا ذا مسكة من عقل ودين، لا يستطيع أن يتهم عائشة، ولا أن يتهم أباحنيفة أو مالكًا بأنه ضد السُنَّةِ، أو مارق من الدين.
وهذا هو موقفنا من الغزالى، قد نخالفه في بعض آرائه في الكتاب، ما قَلَّ منها أو كثر، وقد نُخَطِّئُهُ فيها، فليس هو بمعصوم، ولكنا لاَ نَتَّهِمُهُ فِي دِينِهِ، ولا في علمه، ولا نهيل التراب على تاريخه الحافل، وكفاحه المتواصل، في نصرة الإسلام.
والواقع أن معظم ما تضمنه كتاب الشيخ ليس جديدًا عن فكره، بل هو مثبوت في مختلف كتبه، ضم شتاته في هذا الكتاب، مع بعض أفكار جديدة، وكلمات شديدة، ولهذا ما أثار من ضجيج.
بحث موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية للقرضاوي مجلة مركز بحوث السنة والسيرة 8 ـ 1415 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق