السؤال السادس :هل الأمراض النفسية من ضمن أمراض
الفقراء؟
الأمراض تسبب الفقر لبعض الأفراد، أي أن
العديد من هذه الأمراض تمثل أمراضا نفسية من شانها أن تؤثر على كل من التنشئة الاجتماعية، الوعي الذكاء. من هذه الأمراض التوحد والفصام واضطراب الشخصية المعادي
للمجتمع، فضلا عن أضرار نفسية معينة يسببها تعاطي المخدرات أو الصدمة.
وفي المؤتمر العالمي لاتحاد الأطباء النفسيين العالمي قبل عدة
سنوات والذي عقد في اليابان وكان أول توصياته بأن السبب الأول للأمراض النفسية
والعقلية هو الفقر!. فالفقر باعتراف أعلى هيئة متخصصة ومسؤولة عن الصحة النفسية في
العالم هو المسؤول الأول عن الأمراض النفسية والعقلية، لذلك نجد أن الأمراض
العقلية والنفسية أكثر انتشاراً بين الفقراء وهذا يزيد من معاناة الأسر والطبقات
الفقيرة. ففي ظل عدم وجود أنظمة صحية جيدة للعناية بالمرضى النفسيين والعقليين
بصورة مجانية وعدم قدرة الأسر الفقيرة على علاج مرضاهم في العيادات الخاصة وغلاء
اسعار الأدوية النفسية تجد الأسرة الفقيرة نفسها بين مطرقة الإهمال لمريضهم العقلي
والنفسي وما يترتب على عدم علاج هذا المريض وسندان الاستدانة والقروض من البنوك أو
عن طريق شركات القروض عن طريق شراء سيارات تقسيط وبيعها نقداً، وبذلك يرزحون تحت
وطأة الديون التي تعقّد حياتهم المعقدة أصلاً بالفقر وإصابة أحد أفراد الأسرة بمرض
عقلي أو نفسي! ليست هذه حالة نظرية، ولكنها واقع نعايشه كأشخاص يعملون في قطاع
الصحة النفسية. كم من أسرة على مدى السنين التي عملت فيها في مجال الصحة النفسية،
أفاجأ بأن الأسرة قد أدخلت مريضها النفسي أو العقلي إلى مستشفى خاص لعلاجه، ونظراً
لعدم وجود مبالغ نقدية مع الأسرة فإنها تلجأ إلى الأشخاص الذين يقرضون عن طريق بيع
السيارات لدفع ما تطالب به المستشفيات الخاصة وعادة ما تكون مبالغ كبيرة، خارج
القدرة المالية للأسرة وهكذا تصبح الأسرة في مشاكل متنوعة، فالشخص المريض النفسي
أو العقلي في الأسرة يجعلها تبحث عن أي مخرج نتيجة للضغوط النفسية التي ترزح
الأسرة تحت وطأتها، والحل بالديون والقروض هو أيضاً يزيد الضغوط ضغوطاً وتصبح
الأسرة في وضع مزر من نواح كثيرة. هذه التعقيدات، وهذه الضغوط النفسية الشديدة التي
تعاني منها الأسر التي يصاب أحد أفرادها بمرض عقلي أو نفسي يؤثر سلباً على
العلاقات بين أفراد الأسرة، ففي بعض الحالات تصل المشاكل إلى الطلاق أو التفسّخ
والانحلال الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة نتيجة الضغوط التي ذكرناها والتي
يسببها وجود مريض عقلي أو نفسي في الأسرة. لا أريد أن أتكلّم عن المدمنين، هذه
قضية مؤلمة، واحدى أكثر المشاكل النفسية التي يعاني منها أي مجتمع بكافة أطيافة،
وفي البدء معاناة الأسرة التي تعاني أكثر من أي طرف آخر ما يترتب عليه الإدمان من
مشاكل قد تصل إلى الجرائم التي تقض مضجع الأهل وتجعلهم في دوامّة من التشوّش (32)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق