هذه محاولة للتجاوز المؤقت للواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى المحبط الذى يفترسنا جميعا ويقضى على طاقتنا الإيجابية، هذه محاولة للتناسى اللحظى للمخاوف وللهواجس الكثيرة التى تتوزع بين جنبات مجتمعنا وتدفع بعضنا إلى العنف والبعض الآخر إلى الاستقالة من الشأن العام أو المرارة الساخرة، هذه محاولة للسيطرة على سلبية الشعور الشخصى بالظلم والقناعة العامة لدى الأصوات المدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وقطاعات شبابية واسعة بانقلاب الحكم على مطالبهم وذبحها قربانا للهيمنة وللحلول الأمنية، هذه محاولة لعدم الاكتفاء بتشخيص الواقع والبحث البناء عن وجهة كبرى لها أن ترشدنا إلى سبل وأدوات الخروج من الأزمات واستعادة العافية والأمل فى التقدم.
•••
ستتقدم مصر حين تدرك الدولة ونظام حكمها ومؤسساتها وأجهزتها أن للمواطن حقوق وحريات لا تنازع، من بينها الحق فى المعرفة وحرية تداول المعلومات عن الشأن العام بموضوعية ودون تشويش أو تزييف أو تسييس والاختيار الحر لمن يمثله فى إدارة الشأن العام (فى سلطتين تشريعية وتنفيذية منتخبتين)، وحين تعترف أن واجبها هو حماية الحقوق والحريات هذه وليس الافتئات عليها أو التعامل معها كترف فاقد للقيمة وللمضمون.
ستتقدم مصر حين تحترم الدولة ونظام حكمها مبادئ الشفافية والنزاهة ومقاومة الفساد كمنطلقات أساسية للتقدم وللتغيير الإيجابى، وترفض ثقافة الوضعيات الاستثنائية والامتيازات الخاصة لبعض المؤسسات والأجهزة، وتقدم للمجتمع وللمواطن لجهة سيادة القانون والالتزام بالمساواة الكاملة إزاء قواعده العامة والمجردة (التى لا تميز بين حاكم ومحكوم، قوى وضعيف، غنى وفقير) نموذجا يصلح الاحتذاء به.