منذ أيام قليلة وفى لقاء لى عبر وسائط الاتصال الإلكترونية مع ابنى لؤى (مواليد ٢٠٠٣ ويعيش فى ألمانيا)، فوجئت به يقترح على أن أخصص كتاباتى اليومية لتناول السياسة فى مصر من منظور مبتكر!
الابن: تقول إن مصر لا ديمقراطية بها وأن وضع حقوق الإنسان والحريات يتدهور وأن الكثير من الناس لا يستمع إلا إلى صوت الحكام، فهل تظن أن كتاباتك اليومية فى الصحافة تغير من هذا الأمر أى شىء؟
الأب: قبل الإجابة، هل تعرف معنى كلمات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات؟
الابن: بالقطع أعرفه! درست فى العام الماضى قضايا كالانتخابات والبرلمان والأحزاب التى تحكم والأخرى التى تعارض، وأدرس فى العام الحالى حقوقنا فى الكرامة الإنسانية وحقى كطفل فى التعبير عن رأيى وفى التفكير الحر وفى أن تحمينى الحكومة ويحمينى المجتمع من التعرض للعنف أو للظلم أو للفقر أو الاضطهاد. وندرس أيضا مسئوليتنا كأطفال فى احترام النظام والالتزام بالصدق والأمانة والتسامح لكى نحافظ على الديمقراطية عندما نحل محلكم (ملاحظة: لؤى الآن فى السنة الدراسية الخامسة).
الأب: رائع! أما عن مصر، وكما ذكرت أنت بالفعل، فأنا أشعر بحزن شديد بسبب ابتعادنا عن الديمقراطية وفشلنا فى حماية حقوق الناس وحرياتهم. لا أعلم إذا كانت كتاباتى اليومية مؤثرة أم لا، ولا أعرف إذا كان دفاعى عن الديمقراطية يصل إلى القراء أم لا، وربما يبحث الناس فى مصر عن أمور أخرى غير الديمقراطية كالأمن والغذاء والعلاج والتعليم ويرون أن الديمقراطية تأتى فى المقام التالى. لا أستطيع الإجابة القاطعة على سؤالك، لكن دورى هو تنبيه الناس باستمرار إلى أن الأمن والغذاء والعلاج وكل الأمور التى نحتاجها فى حياتنا لن تتوافر إلا مع الديمقراطية وليس بدونها أو بالانقلاب عليها.
الابن: لدى فكرة يمكن أن تساعدك فى تقريب رأيك إلى الناس. فى فصلى ندرس أن الحكومات الديمقراطية أفضل من غيرها، وأن الحكومات غير الديمقراطية غريبة وغير طبيعية فهى تظلم الناس وتخيفهم وتراقبهم وتضع بعضهم فى السجون. هذه الحكومات الغريبة تشبه مخلوقات الفضاء الشريرة التى تتحدث عنها كتب وأفلام «حروب النجوم» ولا تريد إلا القتل والظلم والتخريب. فلماذا لا تشبه السياسة فى مصر بالصراع بين مخلوقات الفضاء الشريرة التى تحكم وبين الناس التى تدافع عن الحق والعدل، وتكتب ذلك فى رواية وتقص تفاصيلها يوميا؟ ربما يصل رأيك بذلك بصورة أفضل.
الأب: تعجبنى الفكرة كثيرا - مخلوقات الفضاء التى تحكم مصر وفى مواجهتها الناس الذين يريدون الحياة والسعادة فى ظروف طبيعية، رواية تقص تفاصيل الصراع بين الشر والظلم وبين الخير والدفاع عن الحقوق والحريات، وتنتهى بالتأكيد بانتصار الخير على الشر واختفاء المخلوقات الغريبة التى تحكم وعودتها إلى نجوم وكواكب الديكتاتورية. لكن المشكلة هنا هى أن مخلوقات الفضاء التى تحكم مصر تصارعها مخلوقات فضاء شريرة أخرى، والمجموعتان تضغطان على الناس فى مصر وتمارسان الظلم والتخويف بأساليب مختلفة. المشكلة أيضا أن الكثير من الناس لا يرى مخلوقات الفضاء هذه أو تلك على حقيقتها، بل ويقتنع أنها هى الوحيدة القادرة على توفير الأمن والغذاء والعلاج وتحقيق السعادة حتى وإن ظلمت وأخافت اليوم.
الابن: لا أرى مشكلة فى الرواية على الإطلاق. يمكن أن تقسم مخلوقات الفضاء إلى مجموعتين، مجموعة قادمة من الكوكب الشرير الأسود ومجموعة من الكوكب الشرير البركانى مثلا. ويمكن أن تقص تفاصيل الصراع بينهما وسيطرة كل مجموعة منهما على بعض الناس. ويمكن أيضا أن تجعل الناس يكتشفون حقيقة مخلوقات الفضاء الشريرة بعد فترة، تظهرهم فى البداية كبشر عاديين وطيبين ثم يسقطون الأقنعة بعد أن يصلوا إلى الحكم وهكذا.
فصمت ووعدت ابنى بالتعامل بجدية مع فكرته وأكدت له أن الكثير مما اقترح ينطبق بالفعل على مصر وعلى حكايات السياسة بها التى تعيد إنتاج نفسها باستمرار.
اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20022014&id=41616066-0631-4c70-ac3a-5779b5792927
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق