أجد الأمر محبطًا وجديرًا بالملاحظة أن يرصد المرء مدى فقدان مصر لسيطرتها على صورتها وعلى الخطاب الشعبى فى الخارج. ربما أُغرى بعض المصريين بالتسرع برفض هذا باعتباره أمرًا غير مهم أو حتى متوقع. وعلى أية حال، هناك سوابق لإساءة الأجانب فهم السلوك والتاريخ والثقافة المصرية.
ومع ذلك فالنتائج اليوم مادية وتوضح التحديات التى يواجهها البلد عند تحقيق تطلعات الثورة المشروعة.
لقد اكتسبت مصر ملايين المعجبين فى أنحاء العالم بسبب ثورة الخامس والعشرين من يناير. إذ وقف الكثيرون فى خشوع أمام شجاعة المصريين الذين لم يخشوا شيئًا ونزلوا إلى الشوارع لاسترداد البلاد من عقود الحكم القمعى.
وقد ألهمهم النجاح السريع والمفاجئ للانتفاضة المصرية بلا قيادة التى وحدت المصريين بغض النظر عن النوع أو الدين أو مستويات الدخل. وأعجبوا بارتفاع قدر المسئولية الاجتماعية وما ارتبط بها من سعى من أجل «العيش والحرية والعدالة».
وانتظروا بشغف نجاح الجهود الديمقراطية الوطنية المتجددة التى يحتل موقع المقدمة فيها الجيل الشاب الذى شعر أخيرًا، بعد عقود كثيرة من القمع، بامتلاكه للبلاد وقدرته على التأثير على مصيرها نحو الأفضل. وكانوا يأملون أن تلهم منجزات ثورة مصر السلمية المجتمعات الأخرى المقموعة وتُساء معاملتها.
كان الإعجاب الأجنبى يزيد على كونه رمزيًّا. فقد كان على وشك أن يترجم إلى سلوكيات ستحسِّن صالح المصريين ماديًّا:
كانت الشركات تتطلع إلى الاستثمار بشكل أكبر فى مصر الجديدة فى ظل مستقبلها الديمقراطى الأكثر إشراقًا، وبالتالى تخلق فرص عمل وتأتى بالتكنولوجيا المحسِّنة للقدرة الإنتاجية.
كان عدد أكبر من منظمى الأعمال الأجانب حريصًا على التشارك مع الشباب المصرى الذى أبدى قدرة مبهرة على تنظيم الذات وتغيير الحقائق على الأرض، وبالتالى تحسين المعرفة الفنية والتمويل.
بإلهام من مشاهد الفرحة العارمة والموحدة التى شوهدت على شاشات التليفزيون، كانت أعداد متزايدة من السائحين فى ذلك الحين حريصة على زيارة مصر، الأمر الذى يزيد مكاسب النقد الأجنبى ومتحصلات الضرائب وكل من يعملون فى الأنشطة المتصلة بالسائحين.
كان المصريون المقيمون فى الخارج يحتشدون لإرسال المساهمات الخيرية إلى الأرض التى غادروها لكنهم يشعرون بصلة هائلة بها، وبالتالى يدعمون ظهور الأنشطة الشعبية القوية، ومنها التعليم والصحة.
كل تطور من هذه التطورات كان سيدعم الجهود الوطنية التى تهدف إلى توفير ما نزل ملايين المصريين إلى الشوارع من أجله. ومما يؤسف له أن كلاً منها قضت عليه الصعوبات التى واجهتها مصر أثناء استكمال الثورة.
لقد أحبط عدم وجود الأمن فى الداخل والاعتلال الاقتصادى والمشكلات المالية الاستثمار الجديد وقضت على الأنشطة الإنتاجية القائمة بالفعل. وطرد عدم الاستقرار السياسى والقلاقل الاجتماعى السائحين.
وتراجع الكثير جدًّا من المصريين فى تبرعاتهم لمصر، حيث خشوا من توجيهها إلى غير المسار المقصود أن توجه إليه ومن أن يذوب أثرها فى تلك البيئة غير المستقرة. وحتى التزويد الموثوق به بالمساعدات الأجنبية قضى عليه التفكك السياسى فى مصر.
ليس مستغربًا أن مصر فقدت كذلك السيطرة على الخطاب فى الخارج. ولنفكر فى الأمثلة التالية فحسب:
ما يعتبره غالبية المصريين عزلاً شعبيًّا مشروعًا للرئيس السابق مرسى تصفه مصادر أجنبية كثيرة بالانقلاب العسكرى غير المشروع.
ما يعتبر مصريون كثيرون استعادة لثورتهم يصنفه أجانب كثيرون جدًّا على أنه تعطيل للثورة.
محاولات إعادة صياغة الدستور المصرى والمؤسسات الديمقراطية على أسس أقوى يعتبرها أجانب كثيرون جدًّا خطفًا غير مشروع لعملية سبق أن ضمنتها أصوات الأغلبية فى أكثر من اقتراع.
إن الضرر ملموس ويتجاوز كثيرًا فرص النمو الضائعة وفرص العالم وشبكات الأمان الاجتماعية للمصريين. وعند مشاهدة التماسك الاجتماعى للبلاد وتضامنها السياسى وهما يوضعان تحت ضغط هائلة لم يكن يخطر على بال أحد من قبل صرف بعض الأجانب قبل الأوان النظر عن إمكانية مصر الضخمة.
فى غياب التحسينات الكبيرة فى الوضع الداخلى، لا يمكن أن تكون استعادة قلوب الأجانب وعقولهم (ولا ينبغى أن تكون) هدفًا وحيدًا للحكومة الجديدة. ولا ينبغى للحكومة أن تكرس جهودًا كثيرة لإعادة صياغة الخطاب الخارجى بشأن مصر بنجاح ليكون أقرب شبهًا بالواقع على الأرض.
ومن المؤكد أن أيًّا من هذه العوامل يمثل غاية فى حد ذاته. ومع ذلك فهى مكونات مهمة فى جهد قومى شامل لعدة سنوات لتحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدستورية.
ولتحسين صالح الأجيال الحالية والقادمة، يمكن لمصر، وينبغى لها، أن تطمح إلى صورة محسَّنة وخطاب محسَّن فى الخارج. لكن هذا سوف يتحقق فقط بمجرد نجاح الحكومة الجديدة فى جهودها من أجل المصالحة الوطنية والتجديد الاقتصادى والاستقرار المالى وتحسين الأمن الداخلى والعدالة الاجتماعية الأفضل.
ومع ذلك فالنتائج اليوم مادية وتوضح التحديات التى يواجهها البلد عند تحقيق تطلعات الثورة المشروعة.
لقد اكتسبت مصر ملايين المعجبين فى أنحاء العالم بسبب ثورة الخامس والعشرين من يناير. إذ وقف الكثيرون فى خشوع أمام شجاعة المصريين الذين لم يخشوا شيئًا ونزلوا إلى الشوارع لاسترداد البلاد من عقود الحكم القمعى.
وقد ألهمهم النجاح السريع والمفاجئ للانتفاضة المصرية بلا قيادة التى وحدت المصريين بغض النظر عن النوع أو الدين أو مستويات الدخل. وأعجبوا بارتفاع قدر المسئولية الاجتماعية وما ارتبط بها من سعى من أجل «العيش والحرية والعدالة».
وانتظروا بشغف نجاح الجهود الديمقراطية الوطنية المتجددة التى يحتل موقع المقدمة فيها الجيل الشاب الذى شعر أخيرًا، بعد عقود كثيرة من القمع، بامتلاكه للبلاد وقدرته على التأثير على مصيرها نحو الأفضل. وكانوا يأملون أن تلهم منجزات ثورة مصر السلمية المجتمعات الأخرى المقموعة وتُساء معاملتها.
كان الإعجاب الأجنبى يزيد على كونه رمزيًّا. فقد كان على وشك أن يترجم إلى سلوكيات ستحسِّن صالح المصريين ماديًّا:
كانت الشركات تتطلع إلى الاستثمار بشكل أكبر فى مصر الجديدة فى ظل مستقبلها الديمقراطى الأكثر إشراقًا، وبالتالى تخلق فرص عمل وتأتى بالتكنولوجيا المحسِّنة للقدرة الإنتاجية.
كان عدد أكبر من منظمى الأعمال الأجانب حريصًا على التشارك مع الشباب المصرى الذى أبدى قدرة مبهرة على تنظيم الذات وتغيير الحقائق على الأرض، وبالتالى تحسين المعرفة الفنية والتمويل.
بإلهام من مشاهد الفرحة العارمة والموحدة التى شوهدت على شاشات التليفزيون، كانت أعداد متزايدة من السائحين فى ذلك الحين حريصة على زيارة مصر، الأمر الذى يزيد مكاسب النقد الأجنبى ومتحصلات الضرائب وكل من يعملون فى الأنشطة المتصلة بالسائحين.
كان المصريون المقيمون فى الخارج يحتشدون لإرسال المساهمات الخيرية إلى الأرض التى غادروها لكنهم يشعرون بصلة هائلة بها، وبالتالى يدعمون ظهور الأنشطة الشعبية القوية، ومنها التعليم والصحة.
كل تطور من هذه التطورات كان سيدعم الجهود الوطنية التى تهدف إلى توفير ما نزل ملايين المصريين إلى الشوارع من أجله. ومما يؤسف له أن كلاً منها قضت عليه الصعوبات التى واجهتها مصر أثناء استكمال الثورة.
لقد أحبط عدم وجود الأمن فى الداخل والاعتلال الاقتصادى والمشكلات المالية الاستثمار الجديد وقضت على الأنشطة الإنتاجية القائمة بالفعل. وطرد عدم الاستقرار السياسى والقلاقل الاجتماعى السائحين.
وتراجع الكثير جدًّا من المصريين فى تبرعاتهم لمصر، حيث خشوا من توجيهها إلى غير المسار المقصود أن توجه إليه ومن أن يذوب أثرها فى تلك البيئة غير المستقرة. وحتى التزويد الموثوق به بالمساعدات الأجنبية قضى عليه التفكك السياسى فى مصر.
ليس مستغربًا أن مصر فقدت كذلك السيطرة على الخطاب فى الخارج. ولنفكر فى الأمثلة التالية فحسب:
ما يعتبره غالبية المصريين عزلاً شعبيًّا مشروعًا للرئيس السابق مرسى تصفه مصادر أجنبية كثيرة بالانقلاب العسكرى غير المشروع.
ما يعتبر مصريون كثيرون استعادة لثورتهم يصنفه أجانب كثيرون جدًّا على أنه تعطيل للثورة.
محاولات إعادة صياغة الدستور المصرى والمؤسسات الديمقراطية على أسس أقوى يعتبرها أجانب كثيرون جدًّا خطفًا غير مشروع لعملية سبق أن ضمنتها أصوات الأغلبية فى أكثر من اقتراع.
إن الضرر ملموس ويتجاوز كثيرًا فرص النمو الضائعة وفرص العالم وشبكات الأمان الاجتماعية للمصريين. وعند مشاهدة التماسك الاجتماعى للبلاد وتضامنها السياسى وهما يوضعان تحت ضغط هائلة لم يكن يخطر على بال أحد من قبل صرف بعض الأجانب قبل الأوان النظر عن إمكانية مصر الضخمة.
فى غياب التحسينات الكبيرة فى الوضع الداخلى، لا يمكن أن تكون استعادة قلوب الأجانب وعقولهم (ولا ينبغى أن تكون) هدفًا وحيدًا للحكومة الجديدة. ولا ينبغى للحكومة أن تكرس جهودًا كثيرة لإعادة صياغة الخطاب الخارجى بشأن مصر بنجاح ليكون أقرب شبهًا بالواقع على الأرض.
ومن المؤكد أن أيًّا من هذه العوامل يمثل غاية فى حد ذاته. ومع ذلك فهى مكونات مهمة فى جهد قومى شامل لعدة سنوات لتحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدستورية.
ولتحسين صالح الأجيال الحالية والقادمة، يمكن لمصر، وينبغى لها، أن تطمح إلى صورة محسَّنة وخطاب محسَّن فى الخارج. لكن هذا سوف يتحقق فقط بمجرد نجاح الحكومة الجديدة فى جهودها من أجل المصالحة الوطنية والتجديد الاقتصادى والاستقرار المالى وتحسين الأمن الداخلى والعدالة الاجتماعية الأفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق