ولد جمال الدين الأفغاني، واسمه كاملا محمد جمال الدين بن السيد صفتر الحسيني الأفغاني، وهو أحد أعلام التجديد في الفكر الإسلامي، وأحد الرواد الثوريين في العالم الإسلامي، وقد في 1838 في قرية (أسعد آباد) التابعة لكابل وانتقل مع والده الذي كان يعمل مدرسًا في (كابل) وهو في الثامنة، فلفت أنظار من حوله بذكائه وشغفه بالمعرفة وتلقى العلم في منزله حتى بلغ العاشرة فحفظ القرآن الكريم.
عكف على دراسة اللغة العربية، وظهر حبه الشديد للمناقشة في المسائل الدينية، وقرأ في اللغة والأدب والتاريخ والتصوف والشريعة، وظهر حبه للسفر والترحال وفي 1848 ألحقه والده بمدرسة (قزوين) التي كان يعمل بها، وأقام فيها لعامين ثم انتقل به والده لطهران في 1849 وفيها قصد مجلس العلم للشيخ (أقاسيد صادق) ولفت ذكاؤه انتباه الشيخ فطلب من أبيه أن يشتري لجمال عباءة وعمامة،(فيما يعني إلباسه خلعة العلماء).
ترك طهران، وسافر مع والده إلى النجف بالعراق وبقي فيها 4 سنوات درس فيها العلوم الإسلامية والفلسفة والمنطق وعلم الكلام والرياضة والطب وغيرها فلما بلغ الثامنة عشرة سافر للهند، وبقي لسنة وبضعة أشهر درس خلالها العلوم الرياضية، ثم عاد لأفغانستان وعمل بالحكومة، وكان عمره «27 عامًا» ووصل إلى درجة كبير الوزراء في عهد الملك (محمد أعظم) الذي تم خلعه لاحقا وتولى أخوه (شيرعلي) فغادر «الأفغاني» للهند.
وفي 1868 لكن الحكومة الهندية خافت من وجوده لشعبيته وسرعة تأثيره علي الناس وبثه روح الثورة علي الظلم فيهم وتبصيرهم بحقوقهم ، فطلبت منه ألا يجتمع بالعلماء وأفراد الشعب، ثم أجبروه على ترك الهند فسافر إلى مصر في1869 وبقي فيها أربعين يومًا، تردد خلالهاعلى الأزهر منارة العلم، وجاءه الكثيرون يطلبون علمه، وأصبحت له مكانة رفيعة بين العلماء جعلت السلطان العثماني (عبد العزيز) يدعوه إلى زيارة (الدولة العثمانية) فسافر إلى (اسطنبول) ورحب به السلطان وأكرمه رجال الدولة من العلماء والأدباء والأعيان ثم عينه السلطان عضوًا في مجلس المعارف، غير أن أعداءه دسوا له لدي السلطان فغادر مجددا لمصر في1871.
وفي مصرأخذ يدعو الناس إلى الإسلام الصحيح، ويبصرهم بحقوقهم وواجباتهم، مبينًا لهم أن الشعب مصدر القوة، وأخذ يدعو المظلومين للثورة وتآمر عليه أعداؤه من الإنجليز وغيرهم ووشوا به عند الخديوي (توفيق) الذي أمر بنفيه إلى الهند، وبقي فيها 3 سنوات ثم تركها لأوربا، و استدعى تلميذه (محمد عبده) ليحضر إليه، وأصدرا معًا جريدة (العروة الوثقى) التي كانت تدعو المسلمين إلى الوحدة الإسلامية، وأسسا جبهة إسلامية عالمية هي (أم القرى).
وكتب «الأفغاني» يحارب تدخل الدول الغربية في شؤون الأمم الإسلامية وظل ينتقل بين باريس ولندن إلى أن دعاه الشاه (ناصر الدين) إلى إيران فسافر في 20 مايو 1886 واستقبله الشاه بحفاوة بالغة، وجعله مستشاره الخاص والتف حوله الإيرانيون لأنهم وجدوا لديه علمًا غزيرًا وإلمامًا بشؤون السياسة والحياة والعلوم الحديثة، فبلغ مكانة عالية مما جعل الشاه يخاف من التفاف الناس حوله، وأحس «الأفغاني» بذلك فاستأذنه في السفر، وغادر إلى روسيا وبقي بها 4 سنوات.
أبعده القيصر من روسيا وأخذ يتجول في أوربا، فزار باريس ثم ميونيخ، وفيها التقى بالشاه ناصرالدين الذي طلب منه العودةإلى إيران، فعاد برفقته في 1889 ليواصل رسالته وسرعان ماغضب الشاه عليه وطرده وفي1892 ذهب إلى لندن ومن هناك أخذ يهاجم الشاه والاستبداد فأرسل إليه السلطان (عبد الحميد) في الحضور إلى الأستانة فقبل وسافر إليها في 1893 فأكرمه السلطان ثم مالبث أن ساءت العلاقات بينهما بفعل الواشين، وكان المرض قد تمكن منه وهو في الأستانة إلى أن توفي «زي النهاردة» 9 مارس 1897 إلي أن نقل رفاته لأفغانستان في 1944.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق