أمس الأول تشرفت واستمتعت بإجراء حوار تليفزيونى فى برنامج «بهدووء» مع أحد أهم رواد التنوير المعاصرين الدكتور جابر عصفور، دار معظمه حول أزمة النخبة السياسية فى مصر فى إخراج مصر من مرحلة ما بعد الإخوان إلى مرحلة الدولة المدنية الحديثة.
ولفهم هذا الموضوع يمكن العودة إلى كتاب الدكتور جابر عصفور «أنوار العقل» الذى صدر عام 1996 والذى أسس فيه إلى فكر التنوير بقوله «إن العقل هو أساس التنوير».
وإذا كان العقل هو أساس التنوير، فإن الفكر الظلامى يصبح -بالضرورة- حالة من حالات فقدان العقل.
المأساة التى نحياها أننا ثرنا على ظلامية الفكر الدينى لكننا ما زلنا نعانى من أزمة فى عقل النخبة السياسية التى أثبتت فشلها فى قيادة البلاد والعباد إلى مرحلة الانتقال الديمقراطى.
عقل نخبة الأمة يعانى من إشكاليات كبرى تعود إلى تراكم مخيف من سوء التعليم وثقافة العشوائيات وبيع الكثير منهم لضمائرهم وإرادتهم الوطنية لمن يمتطى صهوة جواد السلطة بصرف النظر عن توجهاته.
الثورة حدثت فى الشارع، لكنها لم تحدث فى النخبة!
تاريخ العالم كله يقول إن النخبة تقود الشارع، إلا فى الحالة المصرية المعاصرة، التى قاد فيها ضمير الشارع النخبة وأجبرها على الخروج إلى مواجهة الاستبداد والحكم الظلامى.
هذا الهرم المقلوب لا بد أن ينعدل حاله، وهذه المعادلة يجب أن تؤدى إلى تنوير حقيقى يخلق حالة من الوعى القائم على حسن إدارة العقل فى زمن سيطرت عليه حالات الهيستيريا وتراكمات الفكر الظلامى.