كنت أظن أن الإخوان كانت لهم مشكلة فى الاستماع للنصيحة، أو النقد من مؤسسات الدولة، ومن الجهات أو الأسماء المستقلة، لكن تبين لى كذلك أنهم رفضوا حتى النصيحة القادمة لهم ممن يشاركونهم فى الخلفية الأيديولوجية. ومن هنا، جاءت أهمية حوار الأستاذة سارة علام فى «اليوم السابع» مع الشيخ عبدالفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية بتونس «الإخوان المسلمين»، وأحد القادة التاريخيين للحركة هناك، ومن أهم ما قاله الرجل، وفقاً لهذا الحوار، ما يلى:
أولاً، فى فترة هشاشة المؤسسات لا ينبغى أن نتمسك بحقنا، لأن التمسك بالحق، سوف ينتهى بنا إلى صدام، والصدام يعنى النزول إلى الشارع، ونحن نخشى أن يحدث صدام الكل ضد الكل، لذلك فإن تأجيل حظوظنا فى الحكم إلى مرحلة لاحقة أفضل من الصدام.
تعليق مُعمُع: ومن يؤتَ الحكمة فقد أُوتى خيراً كثيراً.
ثانياً، ذهبت إلى وجدى غنيم، وقلت له أنت أشعلت الحماس بـ30 ألف شاب، وتركت لنا قنبلة موقوتة، فأنت معنا اليوم وغداً ستعود إلى بلدك، هل ستتحمل مسئولية ما سيحدث فى بلدنا، لأن هذا الشباب الذى ملأت دماغه بكلام فارغ، سيذهب لرئيس الوزراء، ويقول له أنت كافر وهو ما حدث بالفعل. تعليق مُعمُع: ومن يؤتَ الحكمة فقد أُوتى خيراً كثيراً.
ثالثاً، ليست للإخوان تجربة فى الحكم، لقد وقعوا فى فخ ولم يحسنوا التعامل مع المرحلة، وتصوروا أن الدولة بأيديهم، وما غاب عنهم أن الدولة بأيدى الدولة العميقة، ثم هناك قضية أساسية فى مصر أن الجيش له وجود فى المسرح السياسى وله تقاليد فى مصر، ولا يمكن استبعاد الجيش من السياسة المصرية أبداً، وما حدث بمجرد خلع مبارك هو أن الهيئة العسكرية عملت على تسيير البلاد، وحاولت إرشاد الإخوان لذلك، ونصحت المرشد العام، وقلت له هذا بلد فيه مؤسسة عسكرية، وهذه المؤسسة لها سلطة ووجود وكيان، فلا تتصرفوا كأنكم تملكون كل شىء، وأنتم لا تملكون شيئاً. واتهمنى المرشد بأننى لا أفهم شيئاً فى الواقع السياسى المصرى، وذهبت إليه كناصح ونصحت بلطف، ويبدو أن المرشد العام خفف الله عنه، لم يدرك أبعاد الخطورة، وحين يكون لدينا تقاليد فى أى دولة، لا يمكن تغييرها فى يوم، أو شهر، أو عام، قلت له تحتاج أن تتصرف كوكيل عن الشعب لا كطرف ضد الشعب، ولا تتصرفوا ضد إرادة شعبكم، لا أن تنفذوا مشروعكم الخاص، عليك أن تجمع كل الأطراف حولك، وتقول لهم أنا وكيل عنكم وسأنفذ برنامجكم. تعليق مُعمُع: ومن يؤتَ الحكمة فقد أُوتى خيراً كثيراً.
رابعاً، إن كانوا التزموا بوعودهم فى الحكم، والترشح على ثلث مقاعد الانتخابات، وعدم الترشح للرئاسة، كان الأمر اختلف كثيراً، وللعلم أنا من اقترح عليهم الترشح على ثلث المقاعد فقط، وقلت لا ينبغى للإسلاميين أن يتجاوزوا الثلث فى أى بلد كان. حتى لا يتصور الشعب، إن الإسلاميين يستقوون على الشعب بكثرتهم، وحتى يكونوا قادرين على أن يساهموا مع غيرهم فى تحسين وضع البلد، ولكن ربما هناك ظروف فرضت على الإخوان التراجع، ولكنهم لم يقدروا العاقبة السيئة عن تراجعهم عن تلك الوعود، خاصة تراجعهم عن مشاركة غيرهم فى الحكم بعد فوز مرسى.
خامساً، فى تونس أخذنا عبرة وتجربة مما حدث فى مصر، وما كنا نتصوره أن العجلة لا يمكن أن تدور للوراء، تبين أنها قد تدور إلى الوراء، ولذلك أصبح الناس يحسبون حساباً دقيقاً، والذى يهمنا أن الإسلاميين، وهم طرف فى المجتمع لا يمكن إبعاده، هؤلاء يروضون عن طريق ممارسة السلطة، وليس الإقصاء، فالإقصاء يزيدهم تطرفاً ويفسح المجال لدعاة الفتنة، وفى تصورى وضعنا كإسلاميين فى تونس اليوم ليس كوضعنا عند قيام الثورة، فاليوم الإسلاميون فى تونس أكثر فهماًَ ورشداً، صحيح لم يكتمل فهمهم، ولكنهم أفضل مما كانوا عليه عند قيام الثورة منذ 3 سنوات، وإذا قسنا تجربتنا بـ20 سنة ماضية تجد الفرق شاسعاً بما كانوا عليه، وما أصبحوا عليه اليوم.
تعليق مُعمُع: ومن يؤتَ الحكمة فقد أُوتى خيراً كثيراً.