
عصـر الصـــورة
فى مصر الحديثة
بدأ التصوير الشمسى فى مصر متزامناً مع بداية اختراع آلة التصوير واستخدامها فى فرنسا عام 1839 وكانت أول صورة تلتقط فى مصر لمحمد على باشا يوم 7 نوفمبر 1839 فى الإسكندرية بواسطة فردريك جوبيل فيسكه، الذى وثّق فى أحد مؤلفاته سير المنظر الأول الذى التقط على أرض مصر بقوله : ".... وجه محمد على مشحون بالاهتمام، عيناه تكشفان عن حالة من الاضطراب، ازدادت عندما غرقت الغرفة فى الظلام استعداداً لوضع الألواح فوق الزئبق، خيّم صمت مقلق ومخيف علينا. لم يجرؤ أحد منا على الحركة أبداً، وأخيراً انكسرت حدة السكون باشتعال عود ثقاب أضاء الأوجه البرونزية الشاخصة وكان محمد على الواقف قرب آلة التصوير يقفز ويقطب حاجبيه ويسعل، وقد تحول نفاد صبر الوالى إلى تعبير محبب للاستغراب وصاح: هذا من عمل الشيطان، ثم استدار على عقبيه وهو لا يزال ممسكاً بمقبض سيفه الذى لم يتخل عنه ولو للحظة، وكأنه يخشى مؤامرة أو تأثيراً غامضا،ً وأسرع لمغادرة الغرفة دون تردد".
ويومها أراد محمد على أن يتعلم هذا الفن العجيب حتى يمكنه تصوير الحريم بنفسه، فلا يطلع عليهم المصورون الأجانب.
سـيطرة الأجــــانب على
سوق التصوير المصرى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت حضارة مصر التى لم تكشف بعد عن مكنونها سِر اجتذابها للمصورين الأجانب.. وقد ساعد على ذلك أن مصر ثانى دول العالم التى أنشأت السكك الحديدية عام 1854 بعد بريطانيا، إضافة إلى افتتاح قناة السويس (1869) وافتتاح خط مرسيليا ـ الإسكندرية البحرى (1840)، وتبدأ هذه الرحلة خط سيرها من أوروبا مرورا بإيطاليا واليونان ثم شمال أفريقيا ومصر والشام وآسيا الصغرى.
وكان أحد أهداف المصورين الذين أتوا إلى مصر هو الذهاب إلى الأماكن المقدسة الوارد ذكرها فى التوراة، ومن هؤلاء المصور الإنجليزى فرانسيس فريث، الذى قام برحلة بين القاهرة والقدس بهدف تزيين التوراة بالصور، ومنذ منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر، استقر عدد من المصورين الأجانب فى مصر.. أقدمهم الفرنسى مونيه.. وكان الوالى عباس باشا الأول(1849 ـ 1854) مهتما بالتنقيب عن الآثار، لذا أتقن مونيه التصوير الشمسى، ورحل إلى الأقصر حيث أمضى بها عقدين من الزمان جنى خلالها أموالا من بيع الصور الفوتوغرافية لمدينة الأقصر.
وهناك الإيطالى أنطونيو بياتو (1825 ـ 1903) الإنجليزى الجنسية الذى بدأ نشاطه فى مصر عام 1857 وبعد خمس سنوات امتلك استوديو للتصوير الشمسى فى شارع الموسكى بالقاهرة، ثم استقر بدءا من عام 1870 بالأقصر، فى حين فضّل الفرنسى جوستاف لوجراى (1820 ـ 1882) الاستقرار فى الإسكندرية قبل أن يتركها بعد بضع سنوات إلى القاهرة، ليعلم أبناء الخديو إسماعيل التصوير اليدوى، وبعد افتتاح قناة السويس وظهور مدن القناة لم يعد تمركز المصورين مقصورا على القاهرة والإسكندرية والأقصر، بل اتجه بعضهم إلى مدينة بورسعيد حيث نجد استديو هيبوليت أرنو صاحب محل "فوتوغرافيا القناة" فى ميدان القناصل، والذى التقط مجموعة رائعة من صور قناة السويس، وسجل العديد من المشاهد عن العادات والأزياء المصرية التى التقطها من فوق مركبه الصغير الذى حوله إلى "غرفة مظلمة".