على الرغم من قسوة الظرف الراهن الذى يمر به المدافعون عن حقوق الإنسان والحريات، فإن بعض الفرص لجهة التخلص من معوقات الفعل المنظم والتغلب على صعوبات بناء تيار عام يطالب بالديمقراطية تحضر اليوم بقوة ويتعين توظيفها.
لدينا فرصة لنزع الأوهام بشأن إدعاء نخب سياسية وحزبية وشخصيات عامة الالتزام بقضايا الحقوق والحريات،
وهى لا تقاربها إلا بحسابات المكاسب الانتخابية المتوقعة أو بمعايير مزدوجة تفتقد المصداقية ــ الانتهاكات مقبولة حين تطول الإخوان ومرفوضة عندما تمس غيرهم، الانتهاكات مقبول الصمت عنها فى لحظات «الخطر والإرهاب والعنف» ومدانة حين نستعيد اعتيادية الحياة، ينبغى الصمت على الانتهاكات والانحناء لموجات الفاشية والمكارثية والاختباء بعيدا عن طيور ظلام المرحلة إلى أن تتراجع سطوتهم جميعا على الرأى العام، وغير ذلك من مقولات المعايير المزدوجة.
لدينا فرصة لصياغة هوية واضحة للمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات عبر إظهار التمايز بيننا وبين أصحاب المعايير المزدوجة، وكذلك عبر تطوير نقد جذرى لخطاب حكم ما بعد يوليو ٢٠١٣ الذى يتعامل مع الحقوق والحريات إما فى إطار مقايضة (هم أم الاستقرار والأمن) أو فى إطار تأجيلى تستسيغه نخب الحكم فى مصر (الاستقرار / الأمن / الاقتصاد / مواجهة المؤامرات الخارجية ثم الحقوق والحريات وإصلاح الأجهزة الأمنية). يتعين أيضا إنجاز الفصل بين خطابنا وبين مساعى توظيفه من قبل مجموعات اليمين الدينى التى تتورط فى العنف والتحريض عليه وتتحمل المسئولية السياسية عن الأعمال الإرهابية وسبق لها الضلوع فى انتهاكات مختلفة فترة رئاسة الدكتور محمد مرسى.
لدينا فرصة لوضع مرتكزات تيار عام لا يقتصر على المنظمات الحقوقية ولا التحالفات السياسية والأحزاب ذات اللافتات الديمقراطية البراقة بدون جوهر، بل يتجاوز ذلك باتجاه الكتل الشبابية المهمومة بملفات الحقوق والحريات، وباتجاه القوة الناعمة المصرية التى يتصدرها أهل الفكر والفن والثقافة وكثير منهم (خاصة الأجيال الوسيطة والشابة) يرفض الانصياع لمجتمع الصوت الواحد والرأى الواحد والبطل الواحد، وباتجاه أصوات الديمقراطية الحاضرة فى الفاعليات السلمية وأدوار المجتمع المدنى وفى جميع قطاعات الحياة على نحو لا يمكن اختزاله فى ثنائيات القديم ــ الجديد والدينى ــ المدنى التى شغلتنا طويلا فى السنوات الماضية وشوهت المساحة السياسية. نحتاج إلى وضع مرتكزات تيار ديمقراطى عام تمثل الحقوق والحريات والمواطنة أهدافه الرئيسية ويستمد فاعليته بعيدا عن السياسة.
لدينا فرصة للانفتاح على أفكار تنظيمية جديدة لبناء تيار عام للحقوق والحريات يبحث عن بدائل لسطوة العاصمة والمدن، ولمركزية عمليات صناعة القرار التى تعانى منها التكتلات السياسية والحزبية والكثير من منظمات المجتمع المدنى، ولعزوف قطاعات شبابية عن الفعل المنظم طويل المدى والمبتعد عن الاستعلاء على ظروف المجتمع المصرى وعن التورط فى مرض «الإنجاز الفورى»، ولحروب الإلغاء بين المدافعين عن الحقوق والحريات إن على خلفية مقولات السبق البائسة (من كان أسرع فى قول أو فعل ماذا) أو بسبب التنافس. فخبرتنا اليوم تدلل على أن الدفاع عن الحقوق والحريات لا يمكن قصره على العاصمة والمدن بتقلباتهم الكثيرة ويستدعى دمج المناطق الريفية بلامركزية فى صناعة القرار تشجع أيضا المجموعات وسيطة العمر والقطاعات الشبابية على العمل طويل المدى بعيدا عن هيمنة نخب بها الكثير من الأمراض وتفتقر للفاعلية.
اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=02032014&id=58a6799e-967f-4cd0-b4ae-7ff814242270
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق