الأحد، 11 يناير 2015

العميد حمزة يونس .. البطل المنسي وسط الأقزام

16_31_26

أنا خائف من انهيار عالمي ..

محمد أبو الغيط
(1)
الرجل المسن الصامت الجالس على طرف المنضدة، متكئاً على عصاً خشبية، وبنظارة غليظة، لم يبدُ لي مهماً أبداً.
كنت أحاور صحفياً مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى مصر، والذين سقطوا من حسابات كل الجهات الدولية بسبب تعقيدات بيروقراطية، تخصّ كونهم تحت مسؤولية وكالة « الأونروا » وليس مفوضية اللاجئين كالسوريين، لكن «الأونروا» لا تعمل هنا، لرفض مصر وجود أي مخيمات لاجئين فلسطينيين بها تاريخياً.
انتهيت من عملي، وبينما أستأذن للرحيل، ناداني الرجل المسن لأجلس معه.. كنت على وشك الاعتذار بلطف بسبب تعجّلي، لكن شاباً بجواره قال: «تعال اتكلم معاه.. ده العميد حمزة يونس اللّي هرب من سجون إسرائيل 3 مرات!».
– عميد؟؟ هرب من سجون إسرائيل؟؟
جلست بالطبع، وبدأ الرجل دون سؤال يحكي قصصاً قادمة من عالم بعيد جداً…
قال إنه من قرية فلسطينية اسمها «عارة»، كانت ضمن 22 قرية سقطت دون قتال عام 1948، بعد أن انسحب منها الجيش العراقي وجيش الإنقاذ العربي في إطار اتفاقية « رودس ».
نال حمزة وأمثاله الجنسية الإسرائيلية، عمل مزارعاً في «الكيبوتسات»، أصبح له أصدقاء إسرائيليون، لكن العنصرية لم ترحمه، وظهرت أكثر حين وصل إلى 16 عاماً من عمره، فذهب أصدقاؤه للتدرب في الجيش استعداداً للخدمة العسكرية في سن 18، وعادوا يتكتمون عنه ما حدث.
مدفوعاً بطاقة غضب لا تنتهي؛ قرّر التدرب على الملاكمة ليدافع عن نفسه، فاز عام 1962 ببطولة إسرائيل للملاكمة لدى فئة الناشئين، ثم عام 1963 ببطولة إسرائيل لملاكمة الوزن الوسط.
عمل سبّاحاً منقذاً في نادٍ إسرائيلي، ثم فوجئ بزملائه يرفضون عمله، بعد أن اكتشفوا أنه عربي، لكن تهديده بترك النادي أجبر المسؤولين على إبقائه.
بعد مشاجرة مع إسرائيليين تسلّل إلى غزة وتواصل مع المخابرات المصرية، التي لم تصدّق قصته وأعادته، فتم اعتقاله عام 1964 بتهمة الخيانة والتعامل مع مصر، لكنه تمكن في مغامرة مذهلة من الهرب من سجن عسقلان.. استدرج الحراس وضربهم وقفز!
كان قد أعلن بتحدٍّ أمام الجميع، وبوضوح؛ أنه سيهرب اليوم ونفّذ قوله، وهو ما أدّى إلى إقالة مدير السجن، وجلسة استجواب في الكنيست.
ظلّ في غزة حتى عام 1967، عمل مترجماً لصالح المخابرات المصرية، لكنه بشكل مستقل تماماً وقف يقاتل القوات الإسرائيلية بعد الانسحاب المصري، وسقط أسيراً مصاباً بالرصاص في ساقيه، ثم تمكن للمرة الثانية من الهرب من المستشفى العسكري الإسرائيلي، وعبر الحدود إلى مصر.
عرضت عليه المخابرات المصرية عبر الرائد إبراهيم الدخاخني – وهو الآن لواء متقاعد – العمل لصالحها رسمياً، لكنه فضل الانضمام إلى الجناح المسلّح لحركة فتح، انتقل إلى الأردن ثم خرج منها إلى لبنان، وأصبح قائداً لمجموعة عسكرية مهمتها الرئيسية توصيل السلاح إلى الخلايا الفلسطينية في الداخل، حتى إنه قام بالسباحة 16 ساعة كاملة في أحد العمليات.
تمكنت إسرائيل من اعتقاله عام 1972 بالقرب من شاطئ حيفا؛ بينما كان يقود زورقاً مطاطياً محملاً بالسلاح، تحمّل التعذيب ولم يأتِ على ذكر زملائه، أصدرت المحكمة الإسرائيلية عليه 7 أحكام بالسجن المؤبد، وتم حبسه هذه المرة في سجن الرملة شديد الحراسة، والذي لم يهرب منه أي مسجون منذ إنشائه أبداً.
قرّر تكرار ما فعل في السجن الأول، تعهّد بمجرد دخوله أمام الجميع أنه سيهرب بعد عامين على الأكثر، وهو ما حدث؛ وتمكن من الهرب عام 74، بمساعدة رفيقه في السجن سمير درويش ابن عم الشاعر الفلسطيني محمود درويش.
كانت هذه العملية الأكثر تعقيداً وصعوبة، بما يليق بفيلم «أكشن» سينمائي، قام عبر حيل معقدة بتهريب وإخفاء مناشير داخل السجن، وبها نشروا قضبان نافذة غرفة الغسيل، وقفزوا منها في وقت قيام رفيقهم بقطع التيار الكهربائي (كان أمامه 7 ثوان لتجاوز جهاز الإنذار الأول، ودقيقتين لبلوغ السور) ثم هرب من مطاردات شرسة داخل الغابات.
تحوّل حمزة يونس إلى أسطورة محلية، استقبله ياسر عرفات فور وصوله إلى لبنان، أصبح مقرّباً من أبو جهاد (خليل الوزير)، عقدت منظمة التحرير مؤتمراً عالمياً لإعلان ما حدث، واصل العمل العسكري محتفظاً بمكانته المميزة.. بدا أن حمزة سيصبح بطلاً قومياً حتى آخر حياته.
مصيرك إما النصر أو الشهادة يا حمزة، وفي الحالتين لك المجد والسعادة.
(2)
فجأة تغيّر العالم كلّه.

خرجت المنظمات الفلسطينية من لبنان عام 82، بعد حصار إسرائيل لبيروت.. انهار عالم حمزة يونس تماماً، وبدأ عالم جديد لم ينتقل ليصبح جزءاً منه كغيره، فلم يحصل على مناصب في السلطة الفلسطينية التي نشأت بعد اتفاقية «أوسلو».
وهكذا عبر 33 سنة؛ تنقل حمزة من لبنان إلى السعودية، ثم إلى الجزائر، ثم انتهى به المقام في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطييين بسوريا.
لم يعد البطل الشهير الذي يتمنى الناس مصافحته، ولم يعد الشاب المغامر مفتول العضلات، بل هو مجرّد مُسنّ ضعيف آخر، ستراه في مدينة 6 أكتوبر جالساً على قهوة بلدي عادية جداً، يستند إلى عصاً خشبية ليتابع «دور طاولة»، وسط أقرانه من اللاجئين الفلسطينيين السوريين، بل لن تميّز أصلاً أن هؤلاء فلسطينيين، وستحسبهم مثل أي سوريين في المنطقة.
إذا كتبت الآن اسم «حمزة يونس» في محرك بحث جوجل فستجد فقط أخبار لاعب الكرة التونسي الذي يحمل الاسم نفسه.
طلب العميد حمزة بعد أيام أن يقابلني مرة أخرى، كان مهتماً للغاية بأن يشاهد ما كتبته عنه في جريدة الشروق، بصراحة خجلت من أن أريه الموضوع الذي احتل صفحة كاملة، لكن قصته مذكورة في زاوية صغيرة للغاية، فقلت له إن العدد ليس معي.
قال لي إنه يريد إعادة نشر كتاب مذكراته «الهروب من سجن الرملة» الذي صدر عام 99، وانتهت كل نسخه، طلبت منه أن يعطيني نسخة لأعرضها على دور النشر، فقال إن النسخة الوحيدة معه لا يمكنه المخاطرة بتركها، أخرج نسخة ورقية عبارة عن مئات الصفحات المنفصلة، كل ورقة بمفردها.
لم أعرف كيف أخبره أن «زمنك انتهى يا سيادة العميد».. كان هذا منذ ثلاثين عاماً كاملة، وقتها كان هناك معسكرات تدريب، وفدائيون، واتحاد سوفيتي، وكتلة شرقية، وقوات عاصفة، وأبو جهاد، وأبوإياد، وأيلول الأسود…إلخ.
كان زمنك عظيماً، وأنت كنت بطلاً، لكن.. بكل أسف، كل هذا انتهى يا سيادة العميد…
(3)
قابلت خلال عملي الإعلامي العديد من نسخ «حمزة يونس».
مثلاً هذا مدير لأحد أهم مراكز الدراسات في العالم العربي كلّه سابقاً، تلاميذه يملؤون الفضائيات والحكومات العربية حتى الآن، لكن قمة شهرته ومجده كانت في الستينيات والسبعينيات، انحسر اسمه مع انحسار موجة الناصرية والوحدة العربية، أصبح من عالم آخر منذ نهاية التسعينيات.
وهذا آخر أفنى عمره في تأسيس برنامج الفضاء المصري، وذلك رابع كان من رواد علم النفس في مصر كلها.
يجمع كل هؤلاء الـ «حمزة يونس» محاولة التمسك بالوجود في العالم الحالي، لكن مع احتفاظهم بكامل كرامتهم، وفي الوقت نفسه احترامهم البالغ لنا نحن أبناء العالم الجديد.
لن أنسى أبداً ذلك المسن السبعينيّ العظيم بالغ الشهرة سابقاً، الذي كنت واسطة استضافته في برنامج ما للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، كنت أكلّمه قبلها عن موضوع الحلقة فيردّد: «اللي تشوفه حضرتك، انتم أدرى مني!»، وبعد الحلقة اتصل: «أنا باعتذر جداً لحضرتك إني باخد من وقتك، ممكن تقولي البرنامج هيتعاد إمتى بكرة؟!».. كنت خجولاً جداً من ذوقه البالغ.
في مقابل هؤلاء تظهر صور سلبية إلى حدٍّ مقزّز، ممن رفضوا تماماً الاعتراف بالزمن، وتغيّر العالم.. مثلاً أحدهم كان يشغل منصباً حكومياً هاماً للغاية سابقاً، لكنه على المعاش منذ 10 سنوات ونُسي تماماً، كلّمني كأنه مازال في منصبه المهيب، وكأن عالمه مازال قائماً، وانهال بالسُباب على شباب الجيل «شوية العيال الكذا!»، طالباً أن أنشر كلماته كما هي في الصحيفة!
وآخر كان يشغل منصباً حكومياً متوسطاً – ليس كبيراً جداً! – قال لي بصلفٍ: «إحنا إدينا كتير للبلد طول عمرنا، دلوقتي وقت إننا ناخد بقى، ولو انت واللي مشغلك مش عارفين ده تبقى دي مشكلتكم!»
وطبعاً الأسوأ بمراحل من هؤلاء؛ هم أقرانهم الذين مازالوا بالفعل في مواقع النفوذ والسيطرة، يسدّون كل باب ويمنعون كل تغيير.
(4)
أتمنى ألا يزول عالمي فجأة، أن أظل هنا..
أنا خائف من مصير «حمزة يونس».. خائف من يوم يأتي بعد 30 عاماً يكون الجيل الموجود وقتها لا يعرف أي شيء عني أو عن جيلي.
خائف من نظرة استهجان أو حتى شفقة من شاب صغير لهذا المسن الذي يتحدّث بكلام قديم انتهى عصره، لا يردّده إلا رفاقه من المسنين.
خائف من شاب يقول عني «انتو جيل الهزيمة، انتو سبب كل ما وصلناله»، وخائف في الوقت نفسه من رفيق مسن من جيلي يشتم هؤلاء الشباب الجدد، أو يضيّق عليهم بما له من سلطة وأموال.
لو حدث ذلك؛ أنوي البقاء في منزلي لأرعى أحفادي ما تبقى من عمري، ولو أتيحت فرصة ما للظهور والتأثير سأكون «حمزة يونس» نبيلاً، متواضعاً، محترماً للقادمين الجدد.
أيها القادمون الجدد.. الذين لا أعرفكم، من حقكم تماماً ألا تحترموا من لا يحترمكم، من يريد مصادرة حقكم في الحلم والتجارب الجديدة، لكني من الآن أعد باحترامكم، وأرجو أن تحترموني..

رابعـــه العــدويـــه ..التى ظلمتها السينما العربية



رابعـــه العــدويـــه ..التى ظلمتها السينما العربية
كم من طفلة صغيرة اصبحت ام لأخواتها بعد رحيل الأم
رابعة العدوية (717م - 801م)CE وتكنى بأم الخـير، عابدة ومتصوفة تاريخية وأحد الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، وتعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي وهو مذهب العشق الألهي.
هي رابعة بنت إسماعيل العدوي، ولدت في مدينة البصرة، ويرجح مولدها حوالي عام (100هـ - 717م)، وكانت لأب عابد فقير، وكانت الأبنة الرابعة لوالدها ولهذا يرجع اسمها رابعة.
وقد توفي والدها وهي طفلة دون العاشرة ولم تلبث الأم أن لحقت به، لتجد رابعة واخواتها أنفسهن بلا عائل يُعينهن علي الفقر والجوع والهزال، فذاقت رابعة مرارة اليتم الكامل دون أن يترك والداها من أسباب العيش لها سوى قارب ينقل الناس بدراهم معدودة في أحد أنهار البصرة كما ذكر المؤرخ الصوفي فريد الدين عطار في (تذكرة الأولياء).
كانت رابعة تخرج لتعمل مكان أبيها ثم تعود بعد عناء تهون عن نفسها بالغناء وبذلك أطلق الشقاء عليها وحرمت من الحنان والعطف الأبوي، وبعد وفاة والديها غادرت رابعة مع أخواتها البيت بعد أن دب البصرة جفاف وقحط أو وباء وصل إلى حد المجاعة ثم فرق الزمن بينها وبين أخواتها، وبذلك أصبحت رابعة وحيدة مشردة، وأدت المجاعة إلى انتشار اللصوص وقُطَّاع الطرق، وقد خطف رابعة أحد اللصوص وباعها بستة دراهم لأحد التجار القساة من آل عتيك البصرية، وأذاقها التاجر سوء العذاب، ولم تتفق آراء الباحثين على تحديد هوية رابعة فالبعض يرون أن آل عتيق هم بني عدوة ولذا تسمى العدوية.
شخصية رابعة العدوية
اختلف الكثيرون في تصوير حياة وشخصية العابدة رابعة العدوية فقد صورتها السينما في الفيلم السينمائي المصري الذي قامت ببطولته الممثلة نبيلة عبيد والممثل فريد شوقي في الجزء الأول من حياتها كفتاة لاهية تمرّغت في حياة الغواية والخمر والشهوات قبل أن تتجه إلى طاعة الله وعبادته، في حين يقول البعض أن هذه صورة غير صحيحة ومشوهة لرابعة في بداية حياتها، فقد نشأت في بيئة إسلامية صالحة وحفظت القرآن الكريم وتدبَّرت آياته وقرأت الحديث وتدارسته وحافظت على الصلاة وهي في عمر الزهور، وعاشت طوال حياتها عذراء بتولاً برغم تقدم أفاضل الرجال لخطبتها لأنها انصرفت إلى الإيمان والتعبُّد ورأت فيه بديلاً عن الحياة مع الزوج والولد.
ويفند الفيلسوف عبد الرحمن بدوي في كتابه شهيدة العشق الآلهي أسباب أختلافه مع الصورة التي صورتها السينما لرابعة بدلالات كثيرة منها الوراثة والبيئة، بالإضافة إلى الاستعداد الشخصي. وكان جيران أبيها يطلقون عليه العابد، وما كان من الممكن وهذه تنشئة رابعة أن يفلت زمامها، كما أنها رفضت الزواج بشدة
رسالة رابعة لكل إنسان كانت: أن نحب من أحبنا أولاً وهو الله

ربنا ميزني عنكم وعندي كروموسوم زيادة



علي فكره أنــا مش متخلف
ولا انا أهبــــــل زي ما انتو بتسموني
ولا أنــا عبيط فعلشان كده بتستخفوا بيا
وكمـــان مش لازم تخلوا ولادكم يضحكوا عليا كل ما بيشوفوني
ولا يتريقوا علي طريقة كلامي
ومش لازم تحسسوهم اني هقتلهم لو شوفتهم
أصـــل الحكايه أبسط من كده بكتير !
كل الحكايه ان ربنا ميزني عنكم وعندي كروموسوم زياده !!
وعلشان ربنا خلق كل شيئ بقدر معين ..ويختل الشي اذا زاد او نقص هذا القدر !
فزيادة الكروموسوم دي عملتلي خلل في حجات كتير الحمد لله
يعني غيرت شكلي اللي انتو بتستغربوه ..
خلت عندي مرض في القلب من صغري ..خلت فمي صغير ومش بقدر
احافظ علي لساني بداخله طول الوقت
عملتلي مشاكل وأمراض كتير في الجهاز الهضمي وفي اماكن تانيه
خلتني أكثر عرضه للامراض علشان مناعتي قليله !
خلتني أقل منكم ذكاء ..بس الحمد لله انا بفهم حجات كتير زيكم بس مش بنفس الدرجه ..
خلت عندي صعوبه في الكلام ومخارج الحروف ..فمش لازم تضحكوا لما اتكلم
شوفتوا بقي كل الحجات دي علشان كروموسوم بس زياده ......
يعني انا مش مختلف اووي ولا انا كائن من كوكوب تاني دخيل عليكم
انا ليا حق في الحياه زيي زيكم ..
و رساله مني ليكم ..رفقا بيا ..ومتجرحونيش بنظراتكم ..ولا تجرحوا امي بكلامكم ....
‫#‏مهذبون_مصر‬

كم سوريًا ينبغى أن يتجمد؟

فهمي هويدي
كم سوريًا ينبغى أن يتجمد؟فهمي هويدي































كم سوريًا ينبغى أن يتجمدوا من البرد وكم فلسطينيا ينبغى أن يلحقوا بهم من سكان البيوت المدمرة فى غزة، لكى يستيقظ الضمير العربى ويمد إليهم يد الإغاثة والعون؟ ــ وهل نستطيع أن نقول بأنه حين تجمد هؤلاء بسبب الصقيع والبرد، فإن قلوب ملايين العرب تجمدت بدورها، فما عادت تحركها صور الأطفال المجمدين، ولا صور أهاليهم الباكين الذين أعجزهم الصقيع حتى عن دفنهم. وما عادوا يستشعرون الذنب حين يطالعون منظر كبار السن وهم يرتعشون ويذرفون الدموع، من شدة البرد والجوع، بعدما ضربت الرياح الثلجية خيامهم. حتى أوقعتها فوق رءوسهم ولم يستطيعوا لها دفعا.
قبل يومين قرأت عن الطفلة رهف أبوعاصى التى لم تحتمل البؤس فى غزة، فماتت من شدة الجوع والبرد بعد شهرين فقط من ولادتها. قرأت فى الوقت نفسه، عن الطفل السورى ابن السنوات الثمانى الذى تجمد من البرد فى شبعا، وعن الأطفال الخمسة الذين لقوا ذات المصير فى دوما بريف دمشق. وتلك أخبار صارت يومية وروتينية حتى بدت وكأنها حوادث عادية. وإذ صرنا نطالع تلك الأخبار يوما بعد يوم، فان التقارير باتت تحمل إلينا صورا مفزعة وصادمة من المخيمات المقامة على الحدود، بين سوريا وبين كل من الأردن والعراق ولبنان وتركيا. وهى لا تختلف كثيرا فى مضمونها عن التقارير التى تخرج من قطاع غزة ومعاناة أهله الذين دمر الإسرائيليون بيوتهم حتى تركوا عشرات الآلاف منهم فى العراء لإذلالهم والتنكيل بهم.
أدرى أن نكبات العرب تعددت فى هذا الزمان، إلا أن نكبة السوريين والفلسطينيين أكبر من غيرهم. للأسف فإن الفلسطينيين كانوا سباقين حيث نكبوا بالاقتلاع والطرد من جانب الإسرائيليين منذ عام 48 حتى الآن، ثم نكبوا برموزهم الذين فرطوا فى قضيتهم ونسقوا مع عدوهم. ونكبوا مرة ثالثة بأشقائهم الذين أداروا ظهورهم لهم وشاركوا فى حصارهم وإذلالهم. أما السوريون فإن نكبتهم المستمرة منذ أربع سنوات تسبب فيها نظام أبدى استعدادا مدهشا لإفناء الشعب السورى وتدمير البلد كله، مقابل استمرار احتكاره للسلطة، ولم يتوقف سعيه ذاك طوال تلك المدة، مستعينا ببعض الأشقاء والحلفاء.
لا نستطيع أن نصف الصمت العربى إزاء ذلك بأقل من أنه نكبة أخرى، بل فضيحة تاريخية. حيث ما خطر ببال أحد أنه يمكن أن يتعايش ملايين من العرب الذين يعانون من البرد والجوع، جنبا إلى مع ملايين آخرين من العرب ينشغلون بالمهرجانات الغنائية وسباقات الإبل وحروب الانتحار الداخلية.
لم نسمع أن الجامعة العربية دعت إلى اجتماع لشحذ همة الدول الأعضاء لكى تقوم بواجبها إزاء الفلسطينيين والسوريين. لم نسمع ان الهلال الأحمر العربى ولا منظمات الإغاثة فى الأقطار المختلفة استنفرت ونظمت حملات لتوفير الاحتياجات للمكنوبين ولإعمار قطاع غزة. لم نسمع عن تحرك للنخب المهتمة بالتضامن العربى ان رفعت صوتها منادية بإيقاظ النائمين وتنبيه الغافلين، لكى يؤدى المجتمع العربى واجبه إزاء الخطر الحال والكارثة المحدقة.
لا أستطيع أن أتجاهل ان بعض الجهات أسهمت فى الإغاثة ولكن إسهامها كان دون المطلوب، وألتمس العذر للذين حاولوا إيصال بعض المعونات إلى المحاصرين ولكنهم منعوا من ذلك، وهو ما اعتبره موقفا مشينا وعارا لن ينسى ولن يغفر، كما أننا لا نستطيع ان نقلل من شأن حملة الإغاثة التى تقدمها المنظمات التركية، إلا أن الحمل يظل أكبر وأثقل مما تستطيع القيام وحدها به.
فى هذا الصدد، فإننا لن نسطتيع ان نعاتب أو نلوم المنظمات الإغاثية العالمية، لأن هناك أكثر من رد يسكتنا ويخجلنا، ليس فقط لأن هناك تقصيرا عربيا فى إغاثة الفلسطينيين والسوريين، ولكن لأن بعض الدول النفطية القادرة على العطاء والعون أصبحت تفضل الانفاق بسخاء على دعم الثورة المضادة للربيع العربى فى أكثر من بلد، وتقدمه على جهود إغاثة الإنسان العربى لابقائه على قيد الحياة.
الخلاصة انه يتعين علينا ان نعترف بأنه ما عاد للعرب نظام أو كيان نطالبه بأن يقود حملة لإنقاذ السوريين والفلسطينيين المشردين والمهددين بالموت. ايضا ما عاد للعرب كبير نخاطبه وندعوه لأن يتحمل مسئوليته إزاء اشقائه الأصغر منه، وما عاد لهم مجتمع مدنى يعبر عن ضمير الأمة وآلامها، بوسعه أن يضغط على أصحاب القرار ويطالبهم بتحمل مسئوليتهم التاريخية فى التخفيف من عذابات أبناء الأمة الذين جار عليهم الزمن، بل ما عادت فى العالم العربى منظمات إغاثية قادرة على التعبئة والحركة، بعدما عصفت السياسة بالأنشطة الأهلية وقامت بتأميمها وتوظيفها لصالح حساباتها.
فى السابق كانت تظاهرات السوريين تجأر بالنداء: ما إلنا غيرك يا الله. وقبل أيام قليلة تناقلت مواقع التواصل الاجتماعى نداء يردد نفس الفكرة اذ يقول ما معناه، لا تجهدوا أنفسهم فى التواصل مع الخطوط الأرضية فكلها مقطوعة أو مشغولة، وما بقى مفتوح أمامكم سوى أبواب السماء، فإليها توجهوا بالدعاء ان ينزل الله رحمته على عباده المقهورين ولعنته على الظالمين والمستبدين.
لنا أن نردد معهم نفس النداء. ولكن هل يئسنا تماما من أى جهد إغاثى يبذل على الأرض. وإذا كانت الشهامة والمروءة قد اختفت فى زماننا، فهل اختفت الإنسانية أيضا وفسدت الضمائر إلى ذلك الحد المشين والمخجل؟


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11012015&id=8a1f1839-d726-44d3-b9c1-c3e1318aee3a

الثقافة العربية والسياسة

بوابة الشروق



ظلت الثقافة العربية فى تاريخها المعاصر تعتمد على ما يغدقه عليها السياسى والكادر السياسى من تفريغ للتجربة التى عاشها السياسى وتجليات العرج الروحى الذى عاناه السياسى العربى، وظلت النظرية الكتابية العربية تقتات على ما تفرزه هذه التجربة من تجليات.
وفى قراءة عاجلة لتاريخنا الكتابى المعاصر نلحظ أن السياسة كانت هى بالفعل المنقذ الحقيقى لحالات الإفلاس الكتابى العربى، إذ نلحظ أن الواقع الكتابى العربى يعيش فى زمن معين حالة من البطالة الفراغية، وذلك حين يهجر السياسى مكانه فى الإبداع على وجه العموم لا التخصيص. ومع تحفظنا على هذا النهج نقول إن السياسى الذى فقد بوصلته الإبداعية فى وقت مبكر قد عاد واسترد هذه البوصلة لتعيده إلى عالم الكتابة من جديد، وعلينا هنا أن نستبعد عوالم كتابية لمبدعين من أمثال طه حسين ونجيب محفوظ وحتى يوسف السباعى، ذلك أن معظم هؤلاء قد انخرطوا فى وقت مبكر فى الكتابة المجردة من السياسى والمنظر الثورى، وذلك تحت وطأة النظام السياسى وسلطته القامعة. ويمكن أيضا ملاحظة أن الأدباء الساسة قد خنقهم الاضطهاد والقمع، وهو ما جعلهم يبحثون عن متنفس يمكن أن يفرغوا من خلاله معاناتهم التاريخية مع الكتابة، وقساوة اللجم الذى تمارسه السلطة السياسية عليهم، فكان أن وجدوا أن الكتابة الأدبية كانت تمثل بالنسبة لهم خشبة الخلاص التى من الممكن أن تقودهم إلى بر الأمان النفسى والصحى.
•••
ومن هنا نقول إن «الحكّة» الكتابية حول تقسيم الأدب إلى ملتزم وغير ملتزم كانت من الطروحات الفائضة للكاتب السياسى ومن حمولته تحديدا. وأنا باعتبارى من كتاب سبعينيات القرن المنصرم أعترف بأنى قد عانيت فى كتاباتى كثيرا تحميل كتاباتى البعد الملتزم، حيث كان يقف لنا آنذاك بالمرصاد الناقد المؤدلج وهو يبحث عن افتراقنا أو انجذابنا للأدب الملتزم بقضايا الوطن والأمة.
وأذكر بعض الأدباء والكتاب الذين رفضوا فى وقت مبكر هذا الانضواء، حيث جرى تخوينهم وتأكيد إفلاسهم البرجوازى. وقد كان عليهم أن يدفعوا ثمن هذا الانحراف. ولأن الأدب العربى ليس له هذا النوع من الحراس من النقاد المؤدلجين نقديا كان العمل الإبداعى العربى يقف وحيدا فى ساحة النقد يتلقى كل الركلات الترجيحية ولا يجد من يدافع عنه سوى النقاد «الساسة» إن جاز التعبير.
وعلى الجانب الآخر كان المبدع الذى تعمقت تجربته بالانضمام إلى الحزب السياسى يتسيد المشهد الكتابى العربى، ويحصّن كتابته بالمرجعية التنظيمية والسياسية العربية. وحين استرد القارئ العربى أذنه الاستماعية وكشف طابق الانضواء فى لجوء السياسى إلى الأدب كى يفرغ تجربته الحزبية، سرت مصطلحات جديدة أخذت تسمى القصائد التى تعتمد النهج السياسى بالقصيدة المنبرية أو الإنشائية، وصار معظم الكتاب يتحاشون فكرة الكتابة من باب الالتزام السياسى والتنظيمى.
•••
وإزاء هذا التهور فى البناء والنهج نلحظ أن الأدب العربى قام بخطوات انسحابية من المناخ الالتزامى عموما قى الأدب، وحدث فى مقابل هذا الانسحاب حالة فراغية فى الأدب العربى عموما، وهو ما أدى إلى تشرذم المدارس الإبداعية العربية فبدت الساحة الإبداعية العربية كأنها تعانى القحط الإبداعى وفقدان النهج. ونظل على أمل أن تنهض الكتابة الأدبية العربية من كبوتها هذه وتلتحق بالكتابة الوضاءة التى تنير طريق الكتابة بالإبداع الحقيقى الذى لا يتوخى إلا النهوض بالإبداع


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11012015&id=4a568a89-b8b6-4f51-b156-e11f231279f6

كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون

لمحات عن كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون




قبل الدخول في هذا البحثِ القصير لا بُدَّ أن نشيرَ إلى الموضوعات التي سنتناولها في سطور تالية:
1- نبذة عن حياة المؤلف.
2- طبقته.
3- اسم الكتاب.
4- منهجه.
5- مقدمة الكتاب.
6- مكونات ومشتملات هذا المؤلَّف.
7- ذيوله.
8- المراجع.

1- نبذة عن حياة المؤلف:
هو مُصطفى بن عبدالله، ويلقب بـ "حاج" (في الفارسية: حاجي) خليفة، أو كاتب جلبي، من تركيا، ولد بالقسطنطينِيَّة في ذي القَعدة سنة 1017 من الهجرة، (فبراير- مارس سنة 1608)[1].

وتوفِّي بالقسطنطينية في 17 ذي الحجة سنة 1067 من الهجرة، (6 أكتوبر سنة 1657).

وله عدَّة مؤلفاتٍ وإنتاجات، ومنها ما نحن بصدد الحديث عنه الآن، وهو "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"، وهذا الكتاب كما يبدو من اسمه دائرة معارف عظيمة، فكأنَّه مَوسوعة لا مَندوحةَ عن اعتمادها أساسًا؛ لأنَّ ذاك المؤلف لم يقنع بذِكْر المؤلفات والمصنفات العربية فقط، كما قال بعضُ العلماء، بل عالَج لقطاتِ المؤلفات الفارسِيَّة أيضًا، وأكلها، وهضمها، ولَم يصرف عنها النَّظَرَ بتاتًا، مثلاً يذكر "خفي علاتي(في علم الطب) مؤلف في الفارسية[2].

ومن جانب آخر، فهذا الكتاب كأنَّه توثيق للكُتُب والمؤلفات حتى مُنتصف القرن السابع عشر الميلادي، فبناءً على ما رَصَده لنا من الكتب، وإسفاره عن المتون، والمدوَّنات، والدواوين، والرسائل، والمصنَّفاتِ، واختلافه في كل مجال من العلم والفن فيما كُتب بين الدَّفَّتَيْن إلى مدى مُنتصف القرن السابع عشر- يسمونه موسوعةً شاملةً، فيذكر حاجي خليفة كلَّ ما تقدَّم في كتابه، ويُزيل الأستارَ عن العيون، ويكشف الظنون عن العقول، ويَجعله مستيسرًا لِمَن يَحرص عليه، ويُريد الاطلاع على تلك الخزائن، والعثور على كنوز الدقائق، وهناك بعضُهم قالوا: إنَّه قد جَمع في كتابه ما يُقارِب ثَمانية عشر ألف عنوان من التُّراث.

2- طبقته:
هناك عددٌ من الأكابر الذين سلكوا هذا المسلكَ، وجمعوا حسب مَقدرتِهم واطلاعهم على المؤلفات في علومٍ شَتَّى، نَحو: الفقه، والأدب، والتفسير، والأصول، وغيرها، بِحياله.

1- فمنهم من جَمَعَ كلَّ ذلك، حتى أشار إلى بعض مَباحثه المُهِمَّة، وما دوّن فيه، كالشيخ أبي محمد أحمد بن طيفور البغدادي المتوفَّى سنة 280 صاحب كتاب "أخبار المؤلفين والمؤلفات"، والشيخ أبي الفرج محمد بن إسحاق الوَرَّاق، الشهير بابن النديم البغدادي المتوفَّى سنة 438هـ صاحب كتاب "الفهرست"، والشيخ أبي الخير أحمد بن مصطفى بن خليل الشهير بطاشكبري زاده، المتوَفَّى سنة 968هـ صاحب كتاب "مختصر موضوعات العلوم" وغيرهم.

2- ومنهم من عنونَ، وذكر في كتابه المؤلفين، وسردَ في تراجِمهم أسماءَ الكتب.

3- ومنهم من قَصَرَ كتابَه على ذِكْر أسامي المؤلفات ومؤلفيها، دونَ إلْمام بالتراجِم من البداية إلى النهاية إلاَّ في بعض الأحايين، ولكنَّه نقد المؤلِّف أو المؤلَّف بناءً على ما نقل فيه عن فحول العلماء، فتناقلوا، ثم استحسنوا، أو استقبحوا.

فـ"كشف الظنون..." هو من كتب الطبقة الثالثة.

3- اسم الكتاب:
كشف الظُّنون بضم الظاء، وليس بالفتح؛ لأنه وصف بمعنى المتهم في عقله أو ما لا يوثق به[3]، كالظَّنين في قوله- تعالى-: ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾ [التكوير: 24]؛ إذ وردت القراءة بالظاء والضاد؛ أي: بضنين، على ما رُوِي من اختلاف القراءة ها هنا عن العلماء، فالظَّنون بالفتح والظنين مترادفان، كما ذكر المفسرون؛ نظرًا إلى المعاجم الأصيلة.

فهذا بالضم ومفرده ظَنٌّ بمعنى الشك، والرِّيبة، وعدم اليقين، وخواطر القلوب، وتَرَدُّدها، كما في قوله- تعالى-: ﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾[الأحزاب: 10]، إذًا معناه: "كشفُ الخواطر والشكوك عن أسامي الكتب حيث تنظرُ فيما بينَ هاتينِ الدَّفَّتَينِ مِمَّا يُزيل عنك الرِّيبةَ، ويزيل الغبارَ عمَّا أنت تجهَله، فلَتَجِدنَّ نصيبَك فيه بيقين العِيان والعلم".

4- منهجه:
وحاجي خليفة- رحمه الله- بنفسه يقول في مقدمة الكتاب: إنَّه قد رتَّب ذلك على الحروف المعجمة؛ حذرًا من التَّكرار والالتباس، وذكر المؤلَّف مع اسم المؤلِّف إذا كان له اسم، وتأريخه ومتعلقاته، ووصف كتابه تفصيلاً وتبويبًا، وربَّما آل إلى ما رُوِيَ عن الفحول من الرد والقَبول، وأورد أسماءَ الشروح والحواشي، مع التصريح بأنَّه شرح كتاب فلان، وأنه سبق أو سيأتي في فصله، وقال عن الكتب دون الأسماء: ذكرته باعتبار الإضافة إلى الفن، أو إلى مُصنفه برعاية الترتيب في حروف المضاف إليه، كتأريخ ابن الأثير، وتفسير ابن جرير، وديوان المتنبي، ورسالة ابن زيدون، وكتاب سيبويه.

وأورد القصائد في القاف، وشروح الأسماء الحسنى في الشين.

أمَّا أسماء العلوم، فذكرها باعتبار المضاف إليه، فعلم الفقه مثلاً في الفاء وما يليه.

5- مقدمة الكتاب:
يتكلم في المقدمة عن العلم تعريفًا وتقسيمًا، وماهيته عند القُدماء والفلاسفة، وما يتصل به من الاختلاف والأقوال، ثُمَّ يأتي إلى أنَّ العلمَ يطلق على العلوم المدونة، كالنَّحْوِ والبلاغة... ثُمَّ يأتي بعده إلى موضوع العلم، ومبادئه، ومسائله، وغايته، ثُمَّ فصل الكلام في تقسيمه، وذكر خمسةَ تقسيمات، ومن خلالها رجَّح تقسيم صاحب "مِفتاح السعادة"؛ حيث قال: وهو أحسن من الجميع[4]، ثم بحث عن مراتب العلم وشرفه وما يلحق به، وجعل فيه إعلامات، نحو: الإعلام الأول والثاني... ثُمَّ رجع إلى منشأ العلوم والكتب، وجعل فيها إفهامات نَحو الإفهام الأول والثاني... ثُمَّ تنوع إلى منشأ إنزال الكُتب، واختلاف الناس وانقسامهم، وجعل فيها إفصاحاتٍ، نَحو: الإفصاح الأول والثاني... ثُمَّ تكلم عن أهل الإسلام في الصَّدر الأول، وجعل فيها إشارات نحو الإشارة الأولى والثانية.

ثُمَّ جَعل تقسيمات المؤلفين والمؤلفات، وجعل فيها ترشيحات نحو: الترشيح الأول والثاني... ثم تكلم عن الفوائد المنثورة في العلم، وقَرَّر فيها مَناظر نَحو: المنظر الأول... وقسم المنظر السابع إلى فتوحات نحو فتح.

وانتهى إلى الخاتمة، وقسَّمَها أيضًا إلى سبعة مطالب.

6- مكونات ومشتملات هذا المؤلف:
وسنُقدِّم دراسة مُوجَزة عن مُشتملات هذا المؤلف ومكوناته استقرائيًّا؛ حيث نرى هذا الكتاب أساسًا في مَجال مصادر الدِّراسات عمومًا، والأبواب اللغوية والأدبية خصوصًا؛ لخصبه وسَعته وغزارته.

فيبدأ بالألف مثلاً يقول: باب الألف، ثم الباء ثم التاء.

فيذكُر مُعظم الكتب وأسماء العلوم والفنون تحت الباب، تبدأ بالحرف الهجائي، مثلاً: علم الأبعاد والأجرام؛ لأَنَّ الأبعادَ بالألف والباء حسب الترتيب الأبجدي، أو علم الآثار بالألف والثاء على ترتيب سابق، أو مثلاً: "أبنية الأسماء والأفعال والمصادر"، لابن القطاع السعدي، أو "الأبنية في النحو"، لمحمد بن الحسن الزبيدي الإشبيلي النحوي، أو مثلاً: "أبواب الأدب في اللغة"، ولم يذكر صاحبه.

على كل حال، فإن الجزء الأول مشتملٌ ومُنطوٍ على الموضوعات التالية:
 أبنية الأسماء والأفعال والمصادر.
 معاني القرآن الكريم، والطب، والآثار العلوية والسفلية.
 الأحاديث وأجزائها.
 الأحاسن في المحاضرات والفصول واللطائف والعلوم والفنون والأقاليم.
 المناسك وما يتعلَّق بالحجاج من الأحكام والأخبار والأحوال.
 الاختلاف والخلاف.
 الأخلاق، والمناظرة، وآداب الدرس والعلم، والأراجيز، والأربعينيَّات، و(الأرثماطيقي)، والإرشادات، وأسباب النزول.
 ما يتعلَّق باستنباط المعادن والمياه.
 النحو، والصرف، والبلاغة، والأصول، والعَروض، والرجال، والفقه، والأسئلة، والاشتقاقات، والقراءات، والأنساب، والتصوُّف، واللغة، والتأريخ، والسيرة، والتأويل.

7- ذيوله:
وله ذيول شَتَّى، ومنها "التذكار الجامع للآثار"، للسيد حسين العباسي النبهاني الحلبي، المتوفَّى سنة 1096، اختصر فيه ما فات المؤلف، وأضاف إليه ما ألف بعده.

وكذلك أسهم في تأليف الذيل محمد عزتي أفندي، المشهور بـ"بوشنه زاده"، وسَمَّاه "ذيل كشف الظنون".

ولكن من أشهر الذيول على كشف الظنون هو ذيل لإسماعيل باشا ابن محمد أمين أفندي ابن الأمير سليم، المتوفَّى سنة 1339، المسمى بـ "إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون"، وهذا الذيل مكوَّن من ثلاثة مجلدات، ففي أول الاثنين قد جَمَع، واستدرك، واستطرد ما لَم يذكره حاجي خليفة، إلا أنَّه لم يذكر أسماء العلوم وتعريفاتها تحت الأبجدية، ولم يهتم بها أصلاً، بل اكتفى بذكر المصنفات ومن صنفهم، أمَّا ذكر الشروح والحواشي، نحو: "شروح وحواشي أنوار التنزيل"، للقاضي البيضاوي، أو نحو: "شروح ايسا غوجي تزيده مزية وفضلاً"، ثم في المجلد الثالث وسماه بـ "هدية العارفين، أسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون"، فتناول فيه تراجم المؤلفين، فكأنَّه تتمة لما فات صاحب "كشف الظنون".


[1] "دائرة المعارف الإسلامية"، 7/235، دار الفكر، يصدرها باللغة العربية أحمد الشنتاوي، إبراهيم زكي خورشيد، عبدالحميد يونس، مراجعة د. محمد مهدي علام من قبل وزارة الأوقاف.
[2] "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"، لحاجي خليفة، 1/717، دار الفكر، سنة الطبعة: 1410- 1990.
[3] "تهذيب اللغة"، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، 14/260، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1421- 2001.
[4] كشف الظنون (1/14).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/26035/#ixzz3OUrFio9a


كتاب يسرى فودة «فى طريق الأذى»



كتاب يسرى فودة «فى طريق الأذى».. أسرار 48 ساعة مع قائدى «غزوة مانهاتن» (1-5)


حمد يطلب دفع مليون دولار للحصول على «الشرائط».. ومدير «سى أى إيه»: أمير قطر أعطانا هدية مذهلة
• بن خليفة يقطع إجازته للقاء فودة فى «مطعم متواضع» فى لندن للسؤال عن تسجيلات قادة القاعدة
• مكالمة من مجهول تنتهى بلقاء مع خالد شيخ محمد ورمزى بن الشيبة فى «بيت آمن» فى ضواحى كراتشى
• خالد شيخ محمد: نحن إرهابيون.. هكذا نكسب عيشنا.. ونحن من فعلها
«صباح الرابع عشر من يونيو عام 2002، كانت قناة الجزيرة على موعد مع أكبر خبطة صحفية فى تاريخها عندما دخل فودة إلى مبناها فى الدوحة محملا بمفكرته وأسراره التى بدأ يكشف عنها. لم تكن شرائط لقائه بزعماء القاعدة قد وصلت بعد، لكنه كان قد بدأ يشعر بأن الوقت قد حان كى يُطلع رؤساءه فى العمل على الأمر».
المقدمة السابقة للصحفى والكاتب الأمريكى الكبير، رون ساسكيند، المقرب من الدوائر السياسية والأمنية فى واشنطن، استهل بها الإعلامى يسرى فودة كتابه (فى طريق الأذى.. معاقل القاعدة إلى حواضن داعش)، الصادر عن دار الشروق، واصفا حالة الدهشة التى أتابته وهو يلتهم سطور كتاب، «مبدأ الواحد فى المائة»، مطلعا على معلومات استقاها ساسكيند ـــ كما يقول ــ من مصادر المخابرات الأمريكية، ليرسم صورة دقيقة مثيرة لمنظور مهم لمشهد يخص فودة، كان من وجهة نظره «مشهد من أهم المشاهد فى حياتى».
والقصة التى يتحدث عنها الكاتب الأمريكى، هى تلك التى مر بها فودة فى أحد المنازل الآمنة وفى جعبته «اعترافات رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة، خالد شيخ محمد، والمنسق العام لعملية 11 سبتمبر، رمزى بن الشيبة». ليخرج علينا فودة بعد مضى نحو ثلاثة عشر عاما على تلك الأحداث بكتاب ــ صدر حديثا عن دار الشروق ــ يروى من خلاله تفاصيل اللقاء مع العقول المدبرة لهجمات سبتمبر، ويضيف إليه تجربة فريدة أخرى «اكثر خطورة»، عندما عبر الحدود من سوريا إلى العراق مع مهربين فى أعقاب الغزو الأمريكى.
50 مليون دولار
وفى مستهل روايته لما يجرى يتساءل فودة: «ماذا تفعل لو كنت مكانى؟ خارجا للتو من أحد المنازل الآمنة لتنظيم القاعدة فى مدينة كراتشى الباكستانية وفى جعبتى اعترافات خالد شيخ محمد، ورمزى بن الشيبة.. الأمريكان فى كل مكان فى أفغانستان وفى باكستان. القاعدة مشردة كما لم تتشرد من قبل. أحد فى قناة الجزيرة ولا فى غيرها يعلم أين أنا ولا من قابلت. أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى تحت الأرض، والعالم كله فى حالة مخاض. ثم فجأة.. فى جعبتى، أنا العبد الفقير إلى الله، معلومات تساوى 50 مليون دولار».
وقبل أن يروى فودة تفاصيل رحلته ينقل عن ساسكيند جانبا ظل خفيا حتى العام 2006: «الأمر استغرق أكثر من أربع سنوات قبل أن تتاح لى معرفة ما حدث من ورائى.. دخل جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (سى آى إيه) آنئذ، دخل فى ذلك اليوم، الرابع عشر من يونيو 2006، إلى اجتماع الخامسة مساء وهو يكاد ينفجر. أصر وهو يتخذ موضعه على طاولة الاجتماعات على تغيير جدول الأعمال وعلى أن يبدأ هو الحديث: «كما تعلمون، كانت لدينا خلافاتنا مع صديقى الأمير (يقصد أمير قطر آنئذ، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى).. ولكنه اليوم أعطانا هدية مذهلة.. ويعرض تينيت التفاصيل التى بلغته من الأمير فيما يخص لقائى بالمسئولين عن قناة الجزيرة، وهو مستمتع فخور بما لديه».
ويضيف فودة: «نوقشت الشروط أثناء الاتصال الذى جمع تينيت بالأمير فيما يخص الكيفية التى ستتعامل بها وكالة الاستخبارات المركزية مع المعلومات.. لا أحد على الإطلاق  ــ ولا حتى داخل إدارة الجزيرة ــ كان على علم بأن الأمير أقام ذلك الاتصال الهاتفى».
لقاء غامض
ولا يضيع الكاتب وقتا للإثارة، فيحكى تفاصيل ذلك اللقاء المثير قبل سرد تفاصيل رحلته فى كراتشى: «بينما كان يقضى عطلته الصيفية المعتادة فى لندن، اتصل بى رئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة، الشيخ حمد بن ثامر آل ثانى، كى يدعونى إلى عشاء فى وسط العاصمة البريطانية، ولم يكن ذلك خارج المألوف مما جمعنا من علاقة مهنية إنسانية وديَّة».
لكنّ الذى كان خارج المألوف أنه، لدى وصولى إلى ذلك المطعم الإيطالى المتواضع المتخصص فى وجبات البيتزا فى شارع جيمس (قرب شارع أو كسفورد)، لمحته قبل هبوطى من السيارة واقفا بنفسه فى انتظارى على باب المطعم. اصطحبنى مرحبا إلى ركن عميق منزوٍ من المطعم كى أفاجأ بطاولة يجلس إليها رجل ممتلئ البدن، كثيف الشعر، أملسه، أسوده إلى حد النصوع، يرتدى بدلة «اسبور» من الجينز الأزرق، وينهمك فى تناول حساء المينيسترونى الإيطالى المعروف. استغرقنى الأمر ثوانى عدة وسط ابتساماتهما قبل أن أدرك أننى أمام أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى (..) بعد ترحيب حار دعانى إلى الجلوس وقال إنه اضطر لقطع إجازته كى يرانى ويشد على يدى بعد ذلك السبق الصحفى. لم يضيّع وقتا كثيرا قبل الدخول إلى صلب الموضوع. «وين الشرايط يا ريّال؟»، شرحت له ملابسات ما حدث وأن وسطاء دخلوا على الخط ويحاولون الآن أن يساومونا للحصول على «تبرع» قبل توصيلها.
- «انزين.. أديش يعنى؟».
= عايزين مليون دولار.
- «ونت إيش رأيك؟».
= طبعا لأ يعنى، قولًا واحدا.
نظر الأمير إليّ فى تلك اللحظة كأنه ينظر إلى ساذج غر.
= «مش أفضل ندفعلهم وناخد شرايطنا؟».
بدأ إحساس بعدم الارتياح يتسرب إليَّ (..) كان كل ما يهمه الوصول إلى الشرائط مهما كلف الأمر، وكان إلحاحه لافتا للنظر. بوصولنا إلى هذه الفجوة، نظرت أنا بدورى إلى رئيس مجلس الإدارة ممازحا: «أومال ليه بقى عمّالين تقولولى ما عندناش ميزانيات ما عندناش ميزانيات؟» لم أكن على علم وقتها بما أورده ساسكيند فى كتابه بعد ذلك بأربع سنوات، ومرة أخرى لا أدرى إن كان لما أورده أى علاقة بما دار فى ذلك المطعم الإيطالى. لكنّ موقفى حينها هو موقفى فى كل حين هو موقفى الآن».
ويتساءل فودة فى موضع آخر من مقدمة كتابه: «ما الذى إذا يمكن أن يكون الأمير قد نقله إلى تينيت فانتشى به هذا إلى ذلك الحد؟ بل إلى حد أن يقول رون ساسكيند فى كتابه إنه «لدى تلك النقطة، كان لدى صحفى فى قناة الجزيرة معلومات أثمن مما كان لدى أعظم دولة فى العالم بكل قواها مجتمعة وبكل حلفائها».
فاعل خير
فى الجزء الأول من كتابه، والذى يحمل عنوان «الطريق إلى القاعدة»، يروى فودة ملابسات تلك الدعوة الغامضة التى تلقاها «ذات صباح، فى الأسبوع الأول من شهر أبريل 2002»: «دق هاتفى المحمول بينما كنت أهم بالدخول إلى مكتبى الجديد (..) على الخط كان صوت لم أتعرف عليه. «السلام عليكم يا أخ يسرى. أنا فاعل خير». أتى صوت عطوف بلسان عربى فصيح عبر خط رديء: «نرجو أن يكون قد خطر ببالك أن تعد برنامجا خاصا للذكرى الأولى». لم يشرح أى ذكرى يقصد، لكنه مضى سريعا، «إن كان الأمر كذلك فإن فى استطاعتنا أن نمدك بشيء خاص، سرى للغاية». لم يمض أكثر من عشرين ثانية تقريبا قبل أن يطلب «فاعل الخير»، الذى قررت بعد ذلك، تسهيلا للأمور، أن أسميه «أبوبكر»، رقم جهاز الفاكس الخاص واستأذن فى قطع الاتصال.. اضطررت إلى الانتظار أربعة أيام قبل أن يلفظ جهاز الفاكس رسالة مطبوعة من ثلاث صفحات».
وفى المساء يتلقى فودة مكالمة جديدة من «ابو بكر»: «ما رأيك فى الحضور إلى إسلام آباد (..) سنتأكد من الترتيبات ومن أنه لن يصيبك  ــ  إن شاء الله ــ مكروه ومن أنك ستعود بما تريد».. ويسافر فودة إلى باكستان بالفعل، وبعدما يستقر فى غرفة الفندق ومضى على وصوله نحو اثنتى عشرة ساعة.
: «دق الهاتف. اختطفته فإذا صوت أبو بكر واضحا جليّا هذه المرة. «حمد الله على السلامة». لم ينتظر ردّا، بل استطرد قائلا: «خذ طائرة المساء المتوجهة إلى كراتشى غدا». كان هذا كل ما فى الأمر، وعندها فقط بدأت أسمح لنفسى بتصديق احتمال أن «خبطة» صحفية قد تكون فعلا فى انتظارى. يعلمون إذا أننى الآن فى باكستان، وأننى قد التزمت بما يخصنى فى أول اتفاق، وأننى من الآن فصاعدا أضع نفسى راضيا بين أيديهم».
فى كراتشى
وفى اليوم التالى، وبعدما يصل فودة إلى كراتشى، وقبل دقائق من وصوله إلى فندق ماريوت «دق الهاتف. كانت لدى أبو بكر تعليمات جديدة: «اطلب من السائق أن يغير مساره إلى فندق ريجينت بلازا «Regent Plaza». كان الماريوت أقرب مما ينبغى إلى القنصلية الأمريكية فى كراتشى وكان يرتاده كثير من الدبلوماسيين وأعضاء البعثات الأجنبية، مثلما شرح أبو بكر فيما بعد. بالمصادفة البحتة ــ أو بغيرها».
بعد حوالى نصف الساعة كانت الغرفة رقم 322 مسرحا لأول لقاء لى بأحد أعضاء تنظيم القاعدة (..) لم ينتظر الرجل دعوة وإنما اندفع مباشرة داخل الغرفة وهو يغلق الباب فى الوقت نفسه.
كلمة سر
وفى اليوم التالى «لم أكن فى انتظار اتصال آخر من أبو بكر. لم يكن عليَّ الآن سوى الانتظار حتى الخامسة مساء قبل أن أبدأ فى تنفيذ التعليمات التى أخبرنى الرجل بها قبل مغادرته ليلة أمس».
فى الوقت المحدد تماما خرجت بهدوء من الباب الخلفى للفندق إلى شارع جانبى وأشرت بيدى طالبا سيارة أجرة. كانت تعليمات أبو بكر أن أتجنب السيارات المنتظرة أمام الفندق أو بالقرب منه.. توقفت سيارة كانت مسرعة فطلبت من سائقها أن يأخذنى إلى عنوان بناية بعينها. عندما وصلت إليها صعدت إلى طابقها الثانى وانتظرت على السلم. مرت خمس دقائق ثقيلة قبل أن يصعد إليَّ رجل كثيف اللحية باكستانى الملامح.. قال لى بالإنجليزية: «لقد انتهيت لتوى من توصيل حماتى إلى منزلها، ونستطيع الآن الذهاب!» كانت هذه شفرة اتفق عليها معى أبو بكر.
قادنى صاحب اللحية فى سيارته إلى ميدان مزدحم حيث توقف فجأة لشراء عصير مانجو. استغرب الصحفى داخلى وقد التزم الصمت تماما حتى تلك اللحظة قبل أن أسأل بلهجة متأدبة: «هل تعتقد أن لدينا وقتا لهذا؟» لكن الرجل رد هو الآخر بلهجة أكثر تأدبا: «لا يتعلق الأمر بما إذا كان لدينا وقت. هذه هى التعليمات وحسب يا أخى».
رحلة فى الـ«ريكشا»
كانت التعليمات أن أبقى داخل السيارة التى غرقت فى حرارة كراتشى فى مثل ذلك الوقت من العام. بينما أخذت أرشف عصير المانجو غادرنى صاحب اللحية ثلاث مرات متجها كل مرة نحو صندوق مختلف للهواتف العامة(..) أخيرا، عاد صاحب اللحية من أحد صناديق الهواتف بتعليمات جديدة. المرحلة التالية مما لا بد أنه رحلة «تتويه» ستكون على متن ما يسميه الباكستانيون «ريكشا» (تشبه التوك توك) إلى مكان لا بد من أن يبقى سرّا.. قادنى السائق عبر شوارع وأزقة ملتوية خافتة الأضواء فى رحلة غير مريحة وصل فى أحد منحنياتها إلى طريق مسدود».
وصلت الريكشا فنزلت منها سريعا دون حتى أن أودع صاحب اللحية. «لاهور؟!»، هتف به سائق سيارة صغيرة كانت تنتظر قرب المكان الذى توقفت لديه. كانت تلك كلمة السر التى همس بها فى أذنى صاحب اللحية عندما عاد من صندوق الهاتف العام. دلفت داخل السيارة فانطلق سائقها مسرعا. كان شابّا صغير السن ذا وجه عربى أليف وعينين يشع منهما الذكاء يرتدى قميصا وبنطالا عاديين. قدّم نفسه بلهجة فلسطينية: «أهلا بالأستاذ. أخوك حسن». مد يده مصافحا بحرارة وهو يقود سيارته بسرعة فائقة إلى خارج كراتشى.
فى طريق مظلم منعزل، على بعد حوالى عشرة كيلومترات خارج كراتشى، توقف حسن بالسيارة فجأة إلى جانب سيارة بدت بغطاء محركها المفتوح كأنها معطوبة. خرج منها رجل آخر يرتدى زيّا باكستانيّا قام بعد قليل بمساعدة حسن فى وضع عصابة على عينى. كانت العصابة من نوع طريف: كرتان صغيرتان من القطن الكثيف لُصقت كل منهما على إحدى العينين ثم طُلب منى أن أضع فوقهما نظارة شمسية. كانت الفكرة بسيطة ذكية لولا أن أحدا كان يمكن أن يلاحظ التناقض فى ارتداء نظارة شمسية فى عز الليل. لكن الرحلة الحقيقية كانت على أى حال قد بدأت لدى تلك النقطة.
آخر المشوار
بعد مسار طويل مليء بالمنحنيات والمطبات توقفت السيارة. فتح الرجل بابه من الداخل ثم فتح بابى من الخارج هامسا بلغة عربية بلهجة آسيوية: «هل يمكن أن تساعدنى فى حمل هذا الصندوق؟» أحسست، بينما هممت بالخروج من السيارة، بطرف صندوق ورقى متوسط الحجم يسقط بين يدى فاستجمعت قوتى فى ذراعى لاستقباله. لكن الدهشة عقدت لسانى عندما لم أشعر بأى وزن يُذكر. كان الصندوق الورقى فارغا. لم يكن ثمة شيء يستدعى المساعدة على الإطلاق، لكننى استجبت للطلب دون أسئلة. فجأة، بينما قاد الرجل الطريق ممسكا بالطرف الآخر للصندوق، أدركت عبقرية هؤلاء الناس: كانت تلك حيلة فى غاية الذكاء كى تقود رجلا معصوب العينين فى الاتجاه الذى تريده دون أن تلفت الأنظار.
بعد حوالى خمس عشر خطوات بدأ سلم طويل فيما استنتجت من صدى الصوت ودرجة الحرارة أننى الآن داخل بناية مدنية. خزنت فى ذاكرتى إحساسا بصعود أربعة طوابق قبل أن ينجذب الصندوق من يدى وأسمع صوت جرس داخلى يدق بطريقة متقطعة. لا بد أن تلك هى اللحظة التى كنت أنتظرها من شهور.
وجها لوجه
فُتح الباب وشعرت بيدين تجذباننى إلى الداخل بسرعة قبل أن ينغلق الباب ورائى وتمتد اليدان كى ترفع الغمامة عن عينى. «كل شيء على ما يرام الآن. يمكنك أن تفتح عينيك». تائها للوهلة الأولى وأنا أشعر بلمسات الطمأنة بدأت تدريجيّا أميز أمامى خيالا يميل إلى القصر ممتلئا ذا لحية متوسطة الطول تميل ملامحه إلى العربية. تسارعت اللحظات الأولى لحظة بعد لحظة تترك إحساسا قابضا لديَّ بأننى رأيت ذلك الوجه من قبل. ثم فجأة نزل إدراكى عليَّ كالصاعقة. إنه هو. إنه هو بشحمه ولحمه. إنه خالد شيخ محمد، المولود فى الكويت قبل ذلك بثمانية وثلاثين عاما، يقف أمامى مباشرة على بعد نصف متر. كيف يمكن أن أنسى ذلك الوجه الذى «درست» صورته على موقع مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI؟ حتى قبل أحداث الحادى عشر من سبتمبر، كان الأمريكيون قد رصدوا خمسة ملايين دولار فى مقابل رأسه لتورطه المزعوم فى انفجار مركز التجارة العالمى عام 1993 الذى بسببه يقضى ابن أخته، رمزى يوسف، عقوبة بالسجن مدى الحياة فى أحد سجون أمريكا.
أنا الآن بين يديه، أم أنه هو الآن بين يديّ؟
ابتلعت وقع المفاجأة بينما اقتادنى خالد شيخ محمد عبر شقة بدت خاوية على عروشها (..) كانت مفاجأة أخرى فى انتظارى. على إحدى المقعدين كان يجلس مطمئنّا، محاطا بثلاثة أجهزة كمبيوتر متنقلة وخمسة هواتف محمولة، رمزى بن الشيبة، المولود فى اليمن قبل ذلك بثلاثين عاما، الذى يتهمه الأمريكيون بالضلوع فى تفجير المدمرة (يو إس إس كول) USS Cole عام 2000، ويضعه الألمان على رأس قائمة المطلوبين بعد الحادى عشر من سبتمبر.
«عرفتَنا الآن؟!» ألقى خالد بالسؤال مازحا فيما نهض رمزى ومد يمينه مصافحا إياى بحرارة. التفتتُ إلى خالد وفاجأت نفسى بجواب ظننت لأول وهلة أنه سابق لأوانه، بينما اتخذت مكانى على الأرض بين الرجلين: «يقولون إنكم إرهابيون!».
هادئا، وديعا، مستريح القسمات، رد رمزى بابتسامة متواضعة مرحّبة، لكنّ خالد هو الذى فتح فمه: «طبعا، نحن إرهابيون. هكذا نكسب عيشنا». قطعتْ سعلة مصطنعة من رمزى لحظة صمت مبكرة. «لو كان الإرهاب أن تلقى الرعب فى قلوب أعدائك وأعداء الله، فإننا نحمده ــ عز وجل ــ على أن جعل منا إرهابيين»، تدخّل رمزى بهدوء وهو يهم بالتوجه إلى المطبخ لإعداد الشاى، «إنه أمر مذكور فى القرآن، يا أخ يسري».
استغل خالد الفرصة كى يحدد لى قواعد المقابلة وشروطها.. «ليس لك أن تخوض فى طرق اتصالاتنا، ولا لك أن تذكر أسماءنا الحركية»، بدأ خالد حازما ثم استطرد أمامى وأنا أهز رأسى موافقا، «عندما (لا إذا) يسألونك كيف تبدو هيئتنا الآن ستقول لهم إننا نشبه تماما تلك الصور التى سيعرضونها أمامك». بعد ذلك طلب خالد منى أن أضع كفى اليمنى على مصحف وأن أقسم بالله العظيم أن ألتزم بهذه الشروط.
الصاعقة
حاسما، حازما، جريئا، وسريع البديهة. هكذا كان خالد منذ اللحظة الأولى. عندما أخرجت هاتفى المحمول اختطفه خالد مسرعا وأغلقه ثم استخرج من باطنه البطاقة الذكية والبطارية وألقى بهذه المكونات جميعا منعزلة فى أحد أركان الحجرة.
مرت ساعة كانت كافية لابتلاع صدمة المفاجأة، بدأت بعدها اكتسب إحساسا بالطمأنينة فيما بدأ الرجلان يكتسبان إحساسا بالثقة.. استجمعت كل ما أملك من خبرة ولياقة وثقة، ونظرت إلى خالد فى عينيه نظرة ثاقبة: «أنت الذى قام بتدبيرها!» لكنّ رمشا فى عينيه لم يتحرك. «لا تصوير اليوم»، رد حازما، «ولا تقلق بشأن الكاميرا والمصور. سنوفر لك كل ما تحتاجه غدا». ثم أضاف رمزى ما تبقى من ترتيبات: «بعد الانتهاء، ستخرج من هنا مباشرة إلى الطائرة».
لكنّ خالد لم يكن ليأذن لى بالنوم قبل أن يفجر مفاجأة أخرى نزلت عليَّ نزول الصاعقة: «أنا رئيس اللجنة العسكرية لتنظيم القاعدة، ورمزى هو منسق عملية الثلاثاء المبارك، ونعم، نحن الذى فعلها».المكالمة«نوقشت الشروط أثناء الاتصال الذى جمع تينيت بالأمير فيما يخص الكيفية التى ستتعامل بها وكالة الاستخبارات المركزية مع المعلومات.. لا أحد على الإطلاق  ــ ولا حتى داخل إدارة الجزيرة ــ كان على علم بأن الأمير أجرى ذلك الاتصال الهاتفى».


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=09012015&id=60e04ee5-ea52-4e2e-b863-3b29345d0785

أغاريد من من كتاب : التراتيب الإدارية للإمام الكتاني


أغاريد من من كتاب : التراتيب الإدارية للإمام الكتاني
12/ـ قال بعض الأصوليين : لو لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم معجزة إلا أصحابه لكفوه في إثبات نبوته .
15/ـ قال أبو الحسين الرازي : ولم تعمر مجالس الخير بعد كتاب الله بأحسن من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
16/ـ قال بعضهم : في القران من آيات العلوم الكونية ما يزيد على (750) آية ، أما في علوم الفقه فتزيد على (150) آية .
43/ـ من ألَّف فقد جعل عقله في طبق وعرضه على الناس .
4/ـ أبو بكر ،، أول من أسلم ، وأول من جمع القرآن ، وأول من سماه مصحفاً ، وأول من لقب بشيخ الإسلام .
39/ـ أبو بكر ،، كان يشغل مدير التشريفات للرسول صلى الله عليه وسلم .
47/ـ أم ورقة ،، جمعت القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم .
53/ـ في حديث حضور النساء المسجد ووعظ الرسول صلى الله عليه وسلم لهن ، قال الدمياميني : هذا أصل في حضور النساء المواعظ ومجالس الخير بشرط السلامة من الفتنة .
61/ـ الكتب المنسوبة إلى ابن سيرين في علم الرؤيا من أهجن ما كُذب السلف ، ولا يتصور من التابعين أن يكون هذا أول ما ألفوا فيه من أبواب العلم .
.. وكان ابن سيرين وأصحابه لا يكتبون الحديث فكيف يكتبون الرؤيا .
64/ـ صلى أبو بكر في مرض الرسول صلى الله عليه وسلم (17) صلاة .
66/ـ الصلاة جماعة من خصائص هذه الأمة .
111/ـ أخذ الأجر على دخول الكعبة لا خلاف في تحريمه ، وأنه من أشنع البدع .
118/ـ شرحبيل بن حسنة هو أول كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، قاله في المواهب .
120/ـ أول من كتب (( وكتبه فلان )) في آخر الكتاب (( أبي بن كعب )) .
142/ـ في رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هرقل : (( إلى هرقل عظيم الروم )) ولم يقل (( ملك الروم )) لئلا يكون تقريراً لملكه .
141/ـ نقل القاضي على المرداوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخدم (( أما بعد )) ورواها عنه (35) صحابي . وزاد الزرقاني وقال (40) صحابي .
169/ـ كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عمر بن حزم / فيه بعض الأحكام ، قال الباجي : هو أصل في كتابة العلم وتحصينه في الكتب .
192/ـ العناية بالبريد والإرسال ، أول من وضعه هو (( معاوية بن أبي سفيان )) .
212/ـ في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأحد الصحابة : هل معك من شعر أمية ؟ قلت : نعم . قال : هيه . فأنشدته بيتاً ، فقال : هيه .... (100) بيت , قال القرطبي : فيه دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها ، إذا تضمنت حكماً ومعاني مستحسنة شرعاً وطبعاً .
220/ـ نص المؤلف على أن خطب الرسول صلى الله عليه وسلم كانت عارية من السجع واقتفى آثاره الخلفاء الراشدين ، وأكثر السلف ، وإنما التزمت الاسجاع في هذه الزمان ...
135/ـ لقب ( العريف ) على الرؤساء ...وهو : القيم بأمور القبيلة والجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف منه الأمير على أحوالهم ، وفي الحديث : ... فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم ...
268/ـ أول من نظر في المظالم (( علي بن أبي طالب )) وهو أول من أفرد للظلمات يوماً يتصفح قصص المتظلمين .
295/ـ لم يكن السجن موجوداً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ، ووجد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حالات سجن خاصة ... وأما في زمن عمر ، فوجد المبنى المخصص للمساجين .
304/ـ في قصة كعب بن مالك وهجر الرسول صلى الله عليه وسلم له ، قال الطبراني : حديث كعب أصل في هجران أهل المعاصي والفسوق والبدع ...
373/ـ في الإصابة في ترجمة (( بُسر بن ارطاة )) ولي البحر لمعاوية ، قال المؤلف : فُأخذ من ذلك أن إمارة البحر في زمن معاوية ضبطت وتوسُع أمرها .
387/ـ وقد جرت عادة المحدثين وأرباب السير أن يسموا كل عسكر حضره الرسول (( غزوة )) ومالم يحضره ، بل أرسل أحد أصحابه (( سرية في بعثاً )) .
409/ـ الوقف من خصائص الإسلام لا يُعرف وقوعه في الجاهلية ، ونصَّ على ذلك الشافعي.
454/ـ أول من بنى المارستان من ملوك الإسلام الوليد بن عبد الملك (( سنة 88هـ )) وجعل فيه الأطباء
465/ـ قال الحافظ : ولم أر في شيء صحيح أنه صلى الله عليه وسلم اكتوى .
المصدر موقع جامعة أم القري -من بطون الكتب د.محمد علي صالح الغامدي

السبت، 10 يناير 2015

زَوْبَعَةُ حول كِتَابِ " السُنَّةُ بَيْنَ الفِقْهِ وَالحَدِيثِ ":للغزالي



زَوْبَعَةُ حول كِتَابِ " السُنَّةُ بَيْنَ الفِقْهِ وَالحَدِيثِ ":للغزالي
أما كتابه الأخير " السُنَّةُ بَيْنَ أَهْلِ الفِقْهِ وَأَهْلِ الحَدِيثِ " الذي هاج عليه خصومات الكثيرين، واستثار أَقْلاَمًا عِدَّةً لِتَرُدَّ عليه بقسوة وَحِدَّةٍ، فمنطلقه فيه الدفاع عن السُنَّةِ أمام فريق (العَقْلاَنِيِّينَ). ولو أدى ذلك إلى رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة في الصحاح إذا ناقضت منطق العقل، أو منطق العلم، أو منطق الدين نفسه، حسبما يراه.
وَالمَبْدَأُ مُقَرَّرٌ لَدَى عُلَمَاءِ الحَدِيثِ أَنْفُسُهُمْ، ولكن الخلاف في التطبيق. وربما أسرف الشيخ فِي رَدِّ بعض الأحاديث الثابتة، وكان يمكن تأويلها وحملها على معنى مقبول. وربما قَسَا كذلك على بعض الفئات، ووصفهم ببعض العبارات الخشنة والمثيرة، وربما استعجل الحكم في بعض مسائل كانت تحتاج إلى بحث أدق، وإلى تحقيق أوفى.
ولكن الكتاب لَيْسَ كَمَا تُصَوِّرُهُ الحَمْلَةُ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ كِتَابُ ضِدَّ السُنَّةِ، ولا كما تَصَوَّرَ مُؤَلِّفُهُ وَكَأَنَّهُ يُنْكِرُ السُنَّةَ، فَهَذَا ظُلْمٌ بَيِّنٌ لِلْشَّيْخِ، الذى طالما دافع عن حُجِّيَّةِ السُنَّةِ المُشَرَّفَةِ، وَهَاجَمَ خُصُومَهَا بِعُنْفٍ.
وإنكار حديث أو حديثين أو ثلاثة، وإن ثبتت في الصحاح، لا يعنى بحال إِنْكَارَ السُنَّةِ بوصفها أَصْلاً ثَانِيًا، وَمَصْدَرًا تَالِيًا للقرآن. ولو صح ذلك لأخرجنا أئمة كبارًا مثل أبي حنيفة ومالك من زُمْرَةِ أَهْلِ السُنَّةِ، لِرَدِّهِمَا أَحَادِيثَ صِحَاحًا
في العبادات أو المعاملات لم تثبت عندهما. بل لو صح ذلك لاتهمنا أم المؤمنين عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -، لأنها رَدَّتْ على بعض الصحابة أحاديث رَوَوْهَا وسمعوها بآذانهم من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنها ـ في رأيها ـ مخالفة لما جاء في القرآن، فاتهمتهم بأنهم لم يحسنوا أن يسمعوا، أو يحسنوا أن يحفظوا.
وقد نخالف الصِدِّيقَةَ بنت الصديق في فهمها وفي موقفها من تلك الأحاديث، كما نخالف مالكًا وأباحنيفة في موقفهما كذلك. وقد نَرُدُّ بِالحُجَّةِ على ما ذهبوا إليه، ونبين تهافته ووهن أساسه. ولكن مسلمًا ذا مسكة من عقل ودين، لا يستطيع أن يتهم عائشة، ولا أن يتهم أباحنيفة أو مالكًا بأنه ضد السُنَّةِ، أو مارق من الدين.

وهذا هو موقفنا من الغزالى، قد نخالفه في بعض آرائه في الكتاب، ما قَلَّ منها أو كثر، وقد نُخَطِّئُهُ فيها، فليس هو بمعصوم، ولكنا لاَ نَتَّهِمُهُ فِي دِينِهِ، ولا في علمه، ولا نهيل التراب على تاريخه الحافل، وكفاحه المتواصل، في نصرة الإسلام.

والواقع أن معظم ما تضمنه كتاب الشيخ ليس جديدًا عن فكره، بل هو مثبوت في مختلف كتبه، ضم شتاته في هذا الكتاب، مع بعض أفكار جديدة، وكلمات شديدة، ولهذا ما أثار من ضجيج.

بحث موقف الشيخ الغزالي من السنة النبوية للقرضاوي مجلة مركز بحوث السنة والسيرة 8 ـ 1415 هـ