مقدمة كتاب طب الفقراء
«الأطباء هم المحامون الطبيعيون عن الفقراء))
تزامنت شيخوخة.فيرخو (الطبيب وعالم الأعصاب الألماني والناشط السياسي المعروف في القرن
التاسع عشر) مع حدثين مثيرين: تفشي مرض التيفوئيد في عام 1847 واندلاع ثورات عام 1848 الفاشلة. من هذين الحدثين استخلص (فيرخو) نتيجتين مهمتين: الأولى تشير إلى أن ثمة علاقة متينة بين انتشار الأمراض
وظروف الحياة الصعبة، والثانية تؤكد أن من بيدهم القوة يمتلكون وسائل فعالة لقهرِ
من لا حولَ لهم ولا قوة. وتأسيسا على هذه العلاقة المتينة بين الأمراض والفقر أعلن
فيرخو مقولته الشهيرة: «الأطباء هم
المحامون الطبيعيون عن الفقراء.»(1)
و طب
الفقراء هو نوع من الطب الشعبي يناسب الفقراء ثقافيا وماليا وليس كل ما فيه مخالف
لقواعد الطب التقليدي القديم والحديث لكنه يختلف في الوسائل والنتائج وبعض وسائله
تعتمد علي الدجل والشعوذة وغير مبنية على أي أسس علمية لذا أردت أن أقدم في عملي هذا استقصاء لهذا
النوع من الطب الشعبي وأنواعه ووسائله والتي تتسمع بالبساطة وقلة التكلفة في أغلب
الأحيان وقد يشترك فيها الفقراء والأغنياء حينما تنحدر ثقافة الأغنياء أو حينما
ترتقي ثقافة الفقراء مثل العلاج بالألوان والأصوات
وقد كتب
في هذا المجال عدة كتب قديما وحديثا أشهرها كتاب( طب الفقراء والمساكين) للطبيب
أحمد ابن الجزار القيراوني المتوفي سنة 979م
يقول الطبيب الجزار في مقدمة الكتاب : «لمّا
رأيت كثيرا من الفقراء وأهل المسكنة عجزوا » عن علاج أمراضهم «لقلّة طاقتهم عن
وجود الأشياء التي هي موادّ العلاج ... رأيت عند ذلك
أن أجمع في هذا الكتاب ... العلل وأسبابها ودلائلها وطرق مداواتها بالأدوية التي
يسهل وجودها بأخفّ مؤونة وأيسر كلفة، فيسهل عند ذلك علاج العَوَام على الأطباء، من
أهل الفقر والمسكنة منهم بهذه الأدوية التي جمعتها .»(2)
والكتاب الثاني
بعنوان أمراض الفقراء تأليف دزفيليب عطية وهو صادر عن سلسلة عالم المعرفة –المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب –الكويت وهو يتحدث عن أمراض العالم الثالث والكتاب
عبارة عن242 من القطع المتوسط صدر سنة 1992 (3)
وسيأتي الحديث
عن هذه الكتب بالتفصيل في ثنايا الكتاب
تنويه هام
أود أن أنوه أن
عملي هذا أصنفه تحت فئة الأعمال الاجتماعية
التي ترصد ظاهرة طب الفقراء في مصر والعالم وليس بحثا طبيا يستدل به في
معالجة الناس رغم أن كاتبه طبيب لأن هدفي منه معالجة الظاهرة الاجتماعية وليس
معالجة أفراد بوسائل لا تعتمد في معظمها علي الدليل العلمي وقد بثثت فيه بعض القصص
الواقعية التي سمعتها من ثقات أو شاهدتها خلال ممارستي للطب في الريف المصري ليكون
أقرب إلي القارئ
وقد قسمت عملي
هذا إلي قسمين :
القسم الأول
:تناولت فيه تعريف الفقر وأسباب ووسائل مكافحته وأقوال الشعراء والحكماء في الأدب
القسم الثاني:
تناول تعريف طب الفقراء ووسائل علاج الفقراء والعلاقة بين الفقر والأمراض المختلفة
وغيرها من الموضوعات
وقد اعتمد في
تأليفه على طريقة الأسئلة والأجوبة إيمانا مني أن السؤال هو مفتاح المعرفة وأرجو أن يجد فيه الأسئلة والأجوبة لما دار في
خلده عن سماع أو رؤية عنوان الكتاب وإن وجد فيه القارئ العزيز أي خطأ أو تقصير أو
نقص فليتواصل معي فالعمل في النهاية جهد بشري قابل للخطأ والنسيان
للتواصل مع الكاتب