الأربعاء، 12 مارس 2014

ثروة الأمم: فى العدد أم فى العمل؟



يحيي الرخاوي 
تساءلت فى المقال الأول فى هذه السلسلة: هل تقاس ثروة الأمم بعدد سكانها أم بعدد ساعات العمل الحقيقى، أم بثرواتها الطبيعية أم بحجم إنتاجها بلا ديون، أم بعدد القتلى الذين تطيح بهم دولة عظمى فى حروبها الاستباقية، فى مقابل ملء خزانتها، أم بمساحة عطاء أمة حضارية عريقة لكل الناس من ناتج إبداعها وفضل تطورها ؟

هل يا ترى كلما زاد عدد السكان زادت الأمة قوة أم زادت أعباءً وإرهاقا ومشاكل خدمات ومطالب فئوية وأعباء احتياجات أساسيه؟ كيف نجعل زيادة عدد الناس بركة وإعمار وثروة وها هى الصين أمامنا تقترب من المليار ونصف؟ (1.353.460 فى مارس 2014)؟ أم أن زيادة العدد تكون حاصل ضرب أصفار فى أصفار فى دول تعتمد على المنح والمساعدات طول الوقت؟ على نفس القياس يمكن النظر فى مسيرة الهند خاصة مع وضع اختلاف النظام السياسى عن الصين فى الاعتبار، إذن فالإنتاج لا يرتبط بالضرورة بنظام سياسى معين وإنما بموقف وجودى وحضارى ملتزم، لابد أنه وراء نجاح الهند والصين برغم الاختلاف السياسى، فالهند من أكثر البلاد ديمقراطية، وتعدادها يقترب من الصين (مليار وربع مليار أيضا، 1.237.920.000) وهى تواصل تحديها كأكبر بلد زراعى، كما تواصل سبقها فى صناعات تكنولوجيا المعلومات الحديثه كأهم أدوات العصر، وإن قصرت عن الصين فى طموحاتها وإغارتها على أسواق العالم.

أين نحن من هذا وذاك؟ ترتيب مصر من حيث عدد السكان هو السادس عشر (16) من بين 242 دولة، حاجة عظيمة جداً!!! لا تنتفخ لو سمحت، لا عظيمة ولا حاجة، هى عظيمة: إذا كان العدد خيراً وبركة كما فى الهند والصين، عددنا يبلغ الآن 85.542.9000 دون إضافة 8 ملايين مصرى فى الخارج، نحن أكثر عددا من تعداد مواطنى كل من المملكة المتحدة (انجلترا: 63.605.000، وإيطاليا 59.743.670، وأسبانيا 46.704.317،) حتى روسيا بجلالة قدرها لا تزيد عنا إلا بستين مليونا (143.500.000)!!

ما هذا؟ سوف أتوقف عن المقارنات خجلا، لعلى أبلغت أن المسألة ليست مسألة عدد، بما يعنى غالبا أن "العدد فى اللمون"!

خلاصة القول: إن العدد إما أن يكون ثروة حقيقية نفخر بها ونباهى بها الأمم من الآن وليس فقط يوم القيامة، وإما أن تكون زيادة العدد أزمة اقتصادية وكارثة إنسانية حين يكون الفرد عبئا على دولة مسترخية وحكومة شكلية وعدل غائب، وبالنسبة لحالتنا هذه الأيام: لن تكون الثورة ثورة إلا إذا نجحنا أن يصبح كل فرد من المصريين ثروة قومية تقاس كما ذكرت فى المقال الثانى: بمجموعة دقائقه (جمع دقيقة) مضروبا فى مساحة وعيه مقاسا بناتج فعله له ولمن حوله ( ممن يرعى من أطفال وأسر ومن يحتاجون إليه ممن يعرف ومن لا يعرف ).

ولكن كيف تتحول هذه الجموع التى لم نعد نسمع منها إلا المطالب (المشروعة غالبا) إلى هذا الإنسان العامل المسئول الحضارى ؟ لا يمكن أن يتحقق أى من ذلك إلا استطعنا أن ننتقل من حسابات الحد الأدنى والحد الأقصى إلى الحركة المنتجة فى مساحة من الوعى تتناسب طرديا مع مدى الرؤية التى تتناسب بدورها طرديا مع مدى المسئولية، ولن يتحقق ذلك إلا إذا عرفنا جميعا أن أى إرهاق لخزانة الدولة لإرضاء فئه عالية الصوت على حساب فاعلية انتاجها ومساحة وعى أبنائها، وعطاء إبداعها هو جريمة قومية بكل معنى الكلمة، لن يعانى من آثارها إلا الأفقر فالأفقر،هل الأطباء المصريون يضعون ذلك فى حسابهم فى هذا الوقت بالذات، أنا أعرف أن عندهم حق، وأن مرتباتهم وبدلاتهم تكاد تكون إهانة أكثر منها عائدا لعملهم، لكن وهم من أذكى الفئات (بأمارة مجاميع الثانوية العامة) وأكرم البشر (بأمارة القول الشائع أنهم رسل الرحمة) هل هذا وقته بالذات؟ وهل هذا ما تحتاجه مصر الآن بالذات؟ وبغض النظر عما إذا كانوا سوف ينالون حقهم الآن أو بعد عام أو حين ميسرة، ألم يفكروا فى الرسالة التى يمكن تبلغ الفئات الأخرى الأقل فرصا والأصعب حياة من إثارتهم هذه المطالبة بالذات فى هذا الوقت بالذات بهذه الطريقة بالذات ؟

وبعد
يا خبر!! للمرة الرابعة أؤجل كيف تتعامل وزارة الصحة مع الإنسان المصرى المريض والصحيح باعتباره ثروة قومية؟ ربطا بالجهاز المأمول والفيروس المزعوم ودواؤه الحلم الفلكى.. ربنا يسهل وأكمل لاحقا.

ليست هناك تعليقات: