الثلاثاء، 25 فبراير 2014

لو صدقت الجماعة

عماد الدين حسين

لو أن المبادرة الأخيرة التى سربتها جماعة الإخوان المسلمين ــ ونشرتها «الشروق» فى عددها الصادر يوم السبت الماضى ــ تحظى بإجماع ورضاء قادة الجماعة الحقيقيين، فإننا يمكننا فى هذه الحالة الرهان على وجود ضوء فى آخر هذا النفق المعتم الذى تحاول الجماعة أن تدخل كل البلد فيه.
يعلم الله ان الهدف من هذه الكلمات ليس تسجيل مواقف أو انتقاد هذا الطرف أو ذاك، بقدر ما هو محاولة للتنبيه الدائم بضرورة قراءة الواقع جيدا ثم فهمه وبالتالى العمل وفقا لمقتضياته ومصلحة كل الوطن.
خلاصة ما نشرته «الشروق» يوم السبت الماضى ان الجماعة ستقبل بخريطة الطريق مقابل القصاص للشهداء والرقابة الدولية على الانتخابات والإفراج عن قياداتها بمن فيهم الرئيس السابق محمد مرسى.
المصدر الذى استندت إليه «الشروق» فى الخبر الذى كتبه زميلى محمد خيال يتحدث عن وجود اتجاه داخل الجماعة يتبنى هذا الطرح. وإذا صح هذا الكلام يمكننا القول ان الجماعة بدأت النزول من الشجرة العالية والاستجابة للواقع.
ترجمة هذا الكلام الأولى ان الإخوان للمرة الأولى منذ 8 يوليو الماضى يتخلون بالكامل عن الشروط الثلاثة الكبرى التى رفعوها منذ هذا اليوم الذى صدر فيه الإعلان الدستورى وهى عودة محمد مرسى للحكم وعودة دستور 2012 وعودة مجلس الشورى المنحل.
الشروط الجديدة ليست تعجيزية ويمكن التفاوض بشأنها، فالإفراج عن القيادات يمكن ان يتم فى إطار القانون، ولا يعقل ان تتصور الجماعة بإمكانية الإفراج عن أى شخص مخالف للقانون شرط ان تتوافر له جميع متطلبات المحاكمة العادلة، سواء كان هذا المتهم مجرد شاب متعاطف مع الجماعة أو كان محمد مرسى ومحمد بديع وخيرت الشاطر وبقية قيادات الجماعة.
أما شرط القصاص للشهداء فهو مطلب للجميع وليس خلافيا شرط تعريف من هو الشهيد، فإذا ثبت ان شخصا أو وزارة كائنة من كانت تورطت فى قتل أى شخص خارج القانون وجب مساءلتهم جميعا وتعويض أهله، وأظن أن هناك اجتهادات كثيرة ومفيدة فى هذا الصدد إذا توافر الحد الأدنى من التفاهم.
الشرط الثالث المتعلق بالرقابة الدولية على الانتخابات يمكن تحقيقه أو على الأقل الحديث عن صيغ متنوعة تضمن فى النهاية إجراء انتخابات نزيهة فعلا، لا تقتصر فقط على النزاهة داخل اللجان بل فى الطريق إلى اللجان.
ثم إنه لا يوجد عاقل أو وطنى يقبل تزوير الانتخابات تحت أى مسمى حتى لا نعيد إنتاج انتخابات «الثلاثى مبارك والعادلى وعز».
مرة أخرى الوقت ينفذ والخاسر الأكبر من التلكؤ والتأخر هم جماعة الإخوان لأن رصيدهم يتآكل كل يوم لدى من كانوا يثقون فيهم، وبالتالى على الجماعة ان تستخلص العبر وتقرأ الواقع جيدا، وتتوقف تماما عن «تقديم قدم وتأخير أخرى» التى تجعلها تخسر كل شىء ناهيك عن ضرورة التوقف عن اغراق انصارهم فى بحور من الآمال والامنيات والخيالات التى يتبين ان معظمها سراب.
الجماعة لن تستطيع كسر الدولة، قد تستطيع ان تربك المشهد لكنها لن توقفه، والخارج مهما بلغ تعاطفه أو تآمره لن يعيدها للحكم. هى خسرت معركة، وعليها أن تعتذر للشعب وتعيد تقييم تجربتها وتبدأ فى إعادة بناء نفسها كحزب سياسى فقط وليست جماعة المسلمين.
وقتها قد تتمكن من وقف نزيف الخسائر المستمرة.


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=24022014&id=252aaf25-f152-4a77-b9e4-3dfb8c677e22

ليست هناك تعليقات: