قالت الفنانة التشكيلية وسيدة الاعمال السعودية شاليمار الشربتلي، زوجة المخرج خالد يوسف، إنه تم احتجاز ابنتها "تي تي" التي لم تكمل العامين في مطار دبي، ومنعها من الدخول لكونها مصرية فقط.
وأكدت الشربتلى في مقال بصحيفة "الوطن"القاهرية، اليوم، تعرضها وابنتها لمعاملة سيئة في مطار دبي لم تكن تتخيل أنها ستحدث لها بدولة عربية.
وأشارت الى أنها تعرضت أيضا لعملية نصب في أحد الفنادق التي احتجزت فيها بالمطار.
ووجهت الشربتلي انتقادات حادة لسلطات الامارات ودبي، ووصفتها بأنها مدينة ليست لها هو هوية وتفتقد لروح الجمال.
وروت الفنانة المعروفة في مقالها الشيق، مغامرتها مع طفلتها على مدى أيام، وكيف تم التهكم على زوجها المخرج خالد يوسف وعلى صديقه مؤسس التيار الشعبى حمدين صباحي في دبي.
ونظرا لأهمية المقال تعيد "بوابة القاهرة" نشره كاملا هنا:
إعتذر لى..يادبى
المكان.. مطار دبى
التاريخ 28/2/2014م
الساعة 9 صباحاً
وفى رأسى حلم يحيطنى وكأنى أراه أو يسير بجانبى.. حلم.. له رائحة حقيقية.. بأن كل أيام الحظر التى عشتها فى القاهرة.. والعيد المعبق بالدماء.. و«بيريهات الشرطة» التى سالت فيها دماء أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم حاولوا حماية أرض كانت جنتهم.. وأصبحت مقابر مشرفة.. وأن كل هذا سأنساه فى دبى.. وسأرتدى أياماً تمطر الدمع المسكوب فى القاهرة وعلى القاهرة وجدت فى المطار صفّين.. أحدهما لدول مجلس التعاون والآخر للبشر على جنسياتهم..
فى بداية الأمر.. احترت حملت ابنتى «تى تى» وعمرها أقل من سنتين وقلت للضابط: عفواً أنا سعودية وابنتى مصرية الجنسية، قال بمنتهى سخافة الكون وكأنه يتنازل عن موقعه الراقى وبلمحة غرور مخشونة قال: ممكن فجأة وبدون مقدمات وأنا أستعجل الوقت من تعب الرحلة قال الضابط: أنت ممكن تدخلين دبى أما ابنتك لا.. ممنوع، ولا المربيات المصرية والجزائرية ممنوعات.. الأهل السعوديون فقط، أنتم داخلين بطريقة غير شرعية لا يوجد فيزا على الباسبور، ناولت الصغيرة للمربية الجزائرية وعدت إليه لأستوضح الأمر.. قال: «ليس أحد فوق القانون»..
قسماً بالله لو أن إسرائيليا سقط من طائرة بالخطأ فوق جامعة الدول العربية كان أرحم مما رأيت وعانيته فى تلك الساعات المغموسة باللعنة..
استفسارات.. ومن مكتب إلى مكتب ودموع ابنتى من الجوع وإرهاق السفر كان يكفى أن أفرغ رصاصات فى رأس كل من «اعترض» حاولت العودة لجدة.. كى أعتذر لها فى أنى تركتها لهذا الجحيم، قالوا الطائرة ليلاً وأنت تستطيعين أن تستمتعى بدبى.. والصغيرة والمربيات فى أوتيل المطار.. تقريباً محتجزون.
وتستطيعين أن ترفعى قضية ضد خطوط الطيران الإماراتية لأنهم وافقوا أن تركبى الطائرة..
وآخر المطاف أعطونا تأشيرة 4 أيام.. ولن أنسى هذا الاسم ما حييت.. عامر الحبسى.. الذى شعر بأنى سأرتكب جريمة حين قالوا لنا تُترك الصغيرة فى أوتيل المطار وبالفعل كنت على وشك أن أكسر كل الدنيا.. لتهنأ ابنتى فى أوتيل.. وللأسف حتى الأوتيل احتجز 80 ألف درهم.. وحين أردت العودة قال: «لا.. سنأخذ المبلغ كاملا وهذه قوانين دبى".
قلت: سنجلس يوما واحدا.. قالوا: «قوانين دبى» وأوتيل فيرمونت غير مسئول على الرغم من أنى قلت وأنا أعطى فتاة الريسبشن الكارت: سنجلس يوما واحدا، قالت: «مفيش مشكلة».. لن نأخذ المبلغ وللأسف لم نجد طائرة إلا بعد 5 أيام إلى أجمل بلاد الدنيا بلدى.. يا جدة الدنيا والكون والرحمة..
الصغير فى جدة مقدس وكأنه رسول..
والصغير فى دبى إرهابى وملائكته.. مجرمة
وبلزوجة الكون أول وجه يطالعنى سُورى «مع احترامى لجميع السوريين» ومقيم فى القاهرة..
اقترب منى.. وقال: «عفواً حضرتك".
زوجتو الأستاذ خالد يوسف ماهيك دخلك شو بيعجبو فى هيدا الحمدين صباحى؟
لشو منعوكى.. عشان أستاذ خالد ماهيك.. لكن أستاذ خالد عن قريب كان مع هيدا الحمدين عم يشكروها لدبى..
ووابل من الأسئلة كان ينقصه أن يسألنى «شو فى الشنطة؟» ردد مرة أخرى: عن جد منعوكى لأنك مرتو لأستاذ خالد.
قلت له وأنا أنفجر وأضع الشنط فى التاكسى «الذى أرسلوه الأوتيل» وقد بلغونا أنها عربية مرسيدس أيوه.. منعونا لأننا إرهابيون ألا ترى فى عينى شياطين الكون ألا ترى ابنتى شاليمار «تى تى» تحمل سلاح كلاشينكوف؟
أنت أعمى.. وبدأ الأستاذ السورى يضحك ضحكات سليمان القانونى فى حريم السلطان قال: دخلك حمدين بدو ييجى رئيس جمهورية.. كنت وقتها أرمى بالشنطة الأخيرة فى السيارة.
قلت بصدق: الله لا يولّيه على مصر أبداً..
وإذا جاء.. فى يوم.. سأعيش فى دبى لأعاقب نفسى العمر كله أنى تزوجت إنساناً شارك فى جريمة أن يأتى هذا الرجل للسلّطة..
وأنا أغلق الباب أيوه بس جوزك كان معه قريب.
قلت له: جوزى اللى كان معاه فى دبى.. مش أناااااااا
وصرخت وأغلقت الباب.
وشقت بنا السيارة الطريق.. وبدأت الرحلة..
دبى يا سادة ناطحاتها مدببة كرصاصات مصوبة لنجوم الليل..
أو سهام مرفوعة للسماء ستسقط على رؤوس من فى الأرض..
ليس فى دبى بشر عتّق.. ولا حضارات ولّتْ.. ولم تبن بالحب.. بُنيت بالسرعة والتحدى من عقل أو عقلين، دبى.. سارعت الوقت.. ولم تسارع الفن والجمال.. جمال دبى قبيح.. كامرأة فقيرة تزوجت ثرياً فارتدت الماركات.. ووضعت البوتكس وتعطرت بعطر فرنسى وتبخرت بالعود وأكلت الكارى الهندى وارتدت الكيمونو اليابانى ووضعت على رأسها العقال العربى، وركبت السيارة البورش وسارت فى طريق الدول لا هوية ولا هواء ولا هواية.. دبى بنيت بأشكال وجدت فى بلاد أخرى من قبل دبى كلها.. ديجافو «شوهد من قبل».
حتى العمارة المختلفة سألت عنها قالوا مهندستها إيرانية أعطوها الجنسية الإماراتية «حتى هندسة إيران اتعوجت فى دبى».
ليس فى دبى تمثال لهنرى مور أو صلاح عبدالكريم..
ليس هناك أمسيات شعر لفاروق جويدة ومظفر النواب.
كلها مؤتمرات وحفلات وصور دلالة على الشخصيات العامة حتى بناء أتلانتس العظيم الأوتيل الشهير لم يستلهم المعمارى الاسم القوى للمدينة الغارقة أتلانتس ويقدم خياله.. بل وضعه «الأوتيل» كما هو فى أمريكا.. كيف أتلانتس وعلى شكل مسجد لا عثمانى.. ولا إسلامى عام.. لم تلمح عينى تمثالا للخالدين فى تاريخ البشرية كغاندى أو دافنشى أو مانديلا.. أو كونفوشيوس أو مانشيوس، لا دلالة على أن الأرض كان بها أقدام لأناس نتنفس سيرهم.. وتاريخهم أو أحلام تهاوت.. أو دفقات عشق مرشوشة على هواء دبى.. حتى هواء دبى مصنوع.. وكأنه عبئ فى مصانع حديثة وأطلق فى المدى.. البشر يخافون من البشر هناك وكله بفواتير.. والكبارى ترصد سيارتك لتدفع لا أحد يعترض لأنهم أجانب، لا أحد ينتقد لأنهم أجانب، حتى ألعابهم النارية فى رأس السنة انفجرت وكأنها اشتعلت من صدرى، عزمنا أحد الأصدقاء على مطعم إيطالى يطل على النافورة وكان صديقى الجميل الراقى معتز الدمرداش معنا ورقصت النافورة على موسيقى أم كلثوم.. فجأة.. سكن القمر صدرى.. بدأت أنير من جديد.. بدأت أشعر أن لمعة عينى عادت تسكن عينى وأن قلبى بدأ يرتجف.. ويحن.. ويشعر.. بدأ قلبى يكلمنى.. وبدأت أتحاور.. شىء من مصر.. قطعة موسيقى أحيتنى من جديد.. وبهدوء.. سألت معتز لماذا تحب دبى يا معتز؟ قال: دبى جميلة يا شالى.. ولولا صداقة السنين الحقيقية بيننا لكنت اعتذرت عن العشاء.. وانتهت الموسيقى وعدت إلى حالتى التى لا أعرفها.. فى السيارة قلت لصديق عزيز د. عمار بكار هذا البلد إحساسه «ألومنيومى» إن صح التعبير.. قال نعم فيها أكبر مصانع ألومنيوم فى العالم.. إحساسك غريب قلت نعم الرسامون يا دكتور لهم إحساس يتجسد.. وليسوا أساتذة الإعلام.. وفجأة سألته: من أشهر الإعلاميين هنا.. يا دكتور عمار، قال: شوفى طوال هذا الطريق هو البحر.. قلت أى بحر.. قال بحر.. دبى.. أتعرفون.. إنها مدينة ترى من فوق.. من طائرة.. من كوكب فضائى.. قلت له هذه المدينة ليس لها شاطئ.. لم أره.. لا يوجد كورنيش يعلمون الناس الحب ويتعلمونه.. لا يوجد كراكيب بشر.. مرمية على الطريق تكمل المشهد الإنسانى للأماكن.. كبائعى الأيس كريم.. وبالونات الأطفال.. وتيشيرتات مكتوب عليها دبى، اقترضى يا دبى من مصر تمثالا فرعونيا قديما وضعيه فى مركز المدينة اعملى سوق بغداد القديم.. أو أسواق الحجاز العتيقة.. ضعى تاريخك.. أيضاً.. ليس محبتك لصانعك الشيخ زايد «مليون رحمة عليه» فقط بالصور وأسماء الشوارع ضعى كلماته المهمة فى أماكن عامة نقرأها.. لا يمكن يا دبى يقول لى أحد الأصدقاء بأن فى دبى فقراء جداً يتقاضون 600 درهم وهم عمال الشوارع والأبنية.. وهى بلد غاية فى الغلاء لم يعط المكان الوقت بأن يعجزوا الناس ويحكوا حكايا الجدات والأجداد لأن الدنيا فى دبى تبرق من النـظافة.. ولا تبـرق أو تلمع بالفرح.. حـاولى يا دبـى أن تضيفـى جزءا من تشكيل وجدان عربى راق وخاصة عندك أدوات.. الحرية.. والقانون.. بالتأكيد ليس قانون «السجون».. أقسم بالله أننى لم أنو أن أكتب خطا واحداً إلا حين كلمنى د.عمار بكار وقـال لى أرسلى لى صـورة من مغادرة ابنتك مطار دبى هى والـمربيات لأنهم احـتـجـزوا من بطاقته الشخصية 20 ألف درهم لن يعطوها إياه إلا بعد التأكد من أن بنتى «أقل من سنتين» قد غادرت.. قلت له.. التأشيرة 4 أيام.. وأنا دفعت اليوم الزائد الغرامة المطلوبة فلماذا احتجزوا 20 ألف درهم؟ قال: القانون.. قلت عاشت مصر.. وجدة.. ولبنان.. وفرنسا.. وتلك البلدان التى أعشقها.. فكسر قوانينهم حب.. ورحمة.. وسياحة.. وسعادة.