الأربعاء، 19 مارس 2014

أن تكتب مقالاً يُقرأ في زمن «تويتر»



أحمد مصطفي الغر
ما الذي يجعلك تقرأ مقالاً كاملاً إذا كان بإمكانك أن تقرأ 140 حرفاً تغنيك عنه؟ وهل أنت مضطر إلى قراءة خبر طويل إذا كان بإمكانك أن تقرأ سطراً واحداً كعنوان للخبر مصحوباً بصورة تتكفل بتلخيص كل ما يمكن قوله؟
تساؤلات عدة يمكن طرحها حول مستقبل الصحافة بشكلها النمطي في ظل ظهور الصحافة الإلكترونية، بل حتى حول بقاء الصحافة الإلكترونية بشكلها المعروف من خلال مواقعها وبواباتها الإلكترونية في زمن الاختصار، أو زمن «فيس بوك» و»تويتر».
المتابع للصحافة في مراحل تطورها الأخيرة سيجد أنه ما من صحيفة ورقية موجودة الآن إلا ولها موقع إلكتروني على الإنترنت، ومع ظهور نزعة مواقع التواصل الإلكتروني صار لكل جريدة صفحة على «فيس بوك» وحساباً على «تويتر»، وغيرها من مواقع الــ social networks، ومؤخراً كشفت دراسة أجرتها شركة Semiocast لأبحاث الشبكات الاجتماعية أن هناك 61 لغة حول العالم يتم استخدامها على شبكة «تويتر».
وبالنظر إلى أكثر اللغات انتشاراً كانت الإنجليزية بمعدل 34 في المئة من التغريدات تكتب بها، وجاءت اللغة العربية في المركز السادس بنسبة 6 في المئة، وحيث إن نسبة ليست بالقليلة من هذه التغريدات عبارة عن أخبار أو روابط لأخبار ومقالات صحفية، هو ما يؤكد أننا نتحول نحو نمط جديد للتعامل مع الخبر الصحافي أو مقال الرأي.
إذن حمى الشبكات الاجتماعية لم تستثنَ الوطن العربي، فهي اليوم قد باتت جزءاً أساسياً من التواصل، وقد لاحظنا ذلك جميعاً من خلال الدور الكبير الذي لعبته أثناء ثورات الربيع العربي، حتى تفوقت تلك المواقع على طرق تقليدية كنا نستخدمها، فالناس اليوم استبدلت البريد الإلكتروني برسائل «فيس بوك»، والتدوين بـ «تويتر» و»تمبلر» و»انستغرام»، إذن نحن في حاجة إلى كتابة مقال يُقرأ في زمن الاختصار والسرعة، أو زمن «تويتر»!
لم أعتد من قبل على إعطاء النصائح بشكل نقاط متسلسلة، لكن هذه مجرد معلومات ضرورية أو فلنقل «ملاحظات» من أجل كتابة مقال يتوافق مع هذا الزمن، عليك أولاً وقبل أي شيء أن تقرأ، أن تقرأ كثيراً، قراءة ليس الهدف من ورائها أن تكتب مقالك الذي تصبو إليه، وإنما كما قال مصطفى صادق الرافعي: ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلّة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار.
قبل الشروع في الكتابة، لابد من استحضار المعلومات التي لديك عن الموضوع، ابحث في الإنترنت قبل كتابة مقالك عن فكرته، أولاً: لتكتسب معلومات أكثر عن الموضوع، ثانياً: لأنه ربما هناك من تناول نفس الفكرة قبلك، وهو ما يمنحك الفرصة للاستشهاد بما قاله إذا كنت تتفق معه في طرحه للفكرة، وأن تشاركه بالإضافة، أو تنتقد ــ بشكل بنّاء ــ فكرته و تقدم تصوراً آخر مختلفاً لما تم تقديمه.
لا يكفي أن يكون الموضوع جذاباً، ليضمن لك عدداً كبيراً من القرّاء، فطريقة العرض ضرورية أكثر، فالعرض السيء للفكرة يحولها إلى مصدر طرد للقرّاء، لا تكثر من الكلمات إن لم تكن ذات أهمية، فالقارئ ينفر من المقال المزدحم، ولا تنس العناية بعلامات الترقيم ، حتى لا يصير المقال ككرة الصوف التي ضاع رأس الخيط فيها.
استشهد بالمراجع الموثقة عن المعلومات التي تطرحها، إذا كان لديك فرصة التوسع في الطرح، أو تطبيق منهجية بحث في كتابة مقالتك (وإن كان هذا غير متاح دائماً في معظم الصحف الآن)، لست في حاجة إلى التأكيد على أهمية المقالة، بل دع كلماتك تتحدث عن نفسها وتثبت ذلك وتغري القارئ فتدفعه كل فقرة إلى اللهث إلى الفقرة التالية لها بشغف، فكما يقول فلاديمير نابوكوف: «القرّاء ليسوا أغناماً، وليس كل قلم يغريهم».
حاول أن تأخذ رأي أصدقاء آخرين بالمقالة التي كتبتها، أخبرهم مسبقاً أنك لست في حاجة إلى الإطراء أو المجاملة، ويُفضل لو أنهم ليسوا أصدقائك، حتى يقولوا آراءهم بحرية أكثر، ليس كل مقالة تنتهي من كتابتها هي مقالة صالحة للنشر مباشرة، أصبر قليلاً.. وأعد قراءتها مرة أو اثنتين، ويُفضل أن تكون القراءة الثانية في يوم آخر غير ذاك الذي كُتبت فيه المقالة.
اجعل مقالتك قطعة نثرية جذابة، متوسطة الطول قدر الإمكان، تتناول موضوعاً يهم القرّاء بالدرجة الأولى، مكتوباً بلغة يفهمها الجميع ــ ما لم يكن المقال سينشر في دورية متخصصة تستهدف فئة معينة من القرّاء، حاول أن تكتب مقالاً يحوي فكرة جديدة، لا أقول إنه بالضرورة يجب أن تخترع شيئاً جديداً، بل أقول إن تتناول نفس الموضوع الذي يتناوله الكتّاب كافة بطريقة مغايرة لهم، فالقارئ ليس في حاجة إلى قراءة نفس الفكرة بشكل مكرر، لا تنسى الترويج لمقالك على شبكات التواصل الاجتماعي، كمحاولة لمعرفة أراء أكثر حول أسلوبك وفكرتك.
هذه كانت مجرد «نصائح» أو كما أحب تسميتها «ملاحظات هامة» تهم كل كاتب للمقال، وتذكر دائماً الكتابة أمانة ومسئولية ، فكن على قدر تحمل هذه الأمانة وتلك المسئولية.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4151 - السبت 18 يناير 2014م الموافق 17 ربيع الاول 1435هـ

ليست هناك تعليقات: