الاثنين، 12 يناير 2015

طب الفقراء 6

السؤال السابع :ما هو المنظور الإسلامي لحل مشكلة الفقر؟

يقول الأستاذ ياسين بن طه على موقه صيد الفوائد :جاء الدين الإسلام ومن أهدافه : معالجة المعضلات الإنسانية على أسس وخصائص ثابتة تميزه. ومنها : (الربانية, الشمولية, الواقعية) ونعرض هنا لسياسة الإسلام في معالجة واحدة من هذه المشكلات وهي (مشكلات الفقر)

استخدم الإسلام أساليب متعددة لمحاربة الفقر يمكن إجمال بعضها تحت مجالين : 
أولاً : مجال الفكر والتصور. 
ثانياً : مجال السلوك والتصرف. 

أولاً : مجال الفكر والتصور : 
يقول العلماء : " التصرف ناتج عن التصور " وقد أراد الله - سبحانه وتعالى - أن يميز المسلم بالتصور الناضج لقضية الفقر (الحرمان والحاجة) وأن ينطلق من نظرة صحيحة نحوها تمهد للمواقف المتخذة في معالجته ومحاربته. 

لذا نجد أن الإسلام - من خلال نصوص القرآن والسنة - له تصوره المتميز لهذه القضية, حيث : 
1- يعتبر أن الفقر مصيبة وآفة خطيرة توجب التعوذ منها ومحاربتها, وأنه سبب لمصائب أخرى أشد وأنكى . 

2- ينكر النظرة التقديسية وكذلك الجبرية للفقر والحرمان, فكيف تُقدَّس الآفات ذات الأثر السيئ على دين الأمة ودنياها؟ وكيف ينظر إلى الفقر على أنه قدر الله المختوم, ولا يُعدُّ الغنى كذلك قدرٌ يدفع به الفقر لتصلح الأوضاع وتعتمر الأرض ويتكافل الناس؟ 

3- حث الإسلام على الدعاء بطلب الغنى : ورد في صحيح مسلم من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" رواه مسلم, ح/4898 , ومن أدعية الصباح والمساء : " اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً صالحاً متقبَّلاً" رواه البخاري, ح/5859. 

4- جعل من دلائل حب الآخرين وابتغاء الخير لهم الدعوة لهم بوفرة المال : أورد البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لصاحبه وخادمه : " اللهم أكثر ماله" (رواه ابن ماجة, ح/915.), وكذا دعا لعبد الرحمن بن عوف وعروة بن جعد بالبركة في تجارتهما كما في صحيح البخاري. 

5- اعتبر الغنى بعد الفقر نعمة يمتن الله على عباده بها : قال - تعالى - : (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) الضحى : 8 . وقال - تعالى - : (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) قريش : 4. 

6- أكد أن المال ركن هام لإقامة الدين والدنيا : يقول الله - تعالى - (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) النساء : 5 . وفي الحديث القدسي يقول - تعالى - : " إنا أنزلنا المال لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة" صحيح الجامع من حديث أبي واقد الليثي. وفي الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" (أخرجه أحمد وابن ماجة عن أبي هريرة - رضي الله عنه. وقد قدّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في معظم المواضع القرآنية. 

7- جعل الرزق الوفير ثمرة يُرغِّب إليها إتيان الصالحات : قال - تعالى - : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) الأعراف : 96. وفي الحديث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يُبسط له رزقه وينسأ له أثره فليصل رحمه" رواه البخاري, ح/1925. 

8- جعل الحرمان والحاجة نتيجة يُرهبُ بها من اجترح السيئات : يقول - تعالى - : (…فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) النحل : 112 , ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن : " أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" رواه ابن ماجة, ح/4012. 

9- جعل الغني المنفق أحد اثنين تمدح غبطتهم, حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في اثنين , رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق…" رواه البخاري, ح/71. 

10- رغَّب في الإنفاق والصدقة وهي لا تتحقق غالباً إلا في ظل الغني. 

11- ميز بين الغني المنفق والفقير الآخذ : في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى, واليد العليا هي المنفقة, واليد السفلى هي السائلة" (رواه البخاري, ح/4012. 

12- اعتبر المال خيراً فُطِرَ الإنسان على حبه : قال - تعالى - : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) العاديات : 8 , وقال - تعالى - : (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر: 20  (12)

ليست هناك تعليقات: