الأربعاء، 11 أبريل 2012

قصة حب الدوبامين


قصة حب الدوبامين 
بقلم د صديق الحكيم
المجموعة الرابعة
 
(1)
طرقت سلمى باب البيت بأناملها الرقيقة كأنما تعزف مقطوعة موسيقية علي البيانو دو ري مي فا صولا سي  فُتح الباب فطارت كفراشة بين الزهور أوكراقصة باليه تدورعلي أطراف أصابعها وأمها تتبعها إلي غرفتها تبحث عن سر سعادة ابنتها العارمة والمفاجئة وهي التي نزلت قبل سويعات عابسة مهمومة يائسة من دنياها يحمل عقلها نظرة رمادية للحياة
نظرت في عينيها فرأت فيهما بريق فرح ولمعان سعادة تشوقت أكثر لمعرفة ماالذي جري لابنتها وقلب حالها رأساً علي عقب
(2)
سلمي ماذابك اليوم ؟ احكي لي فأنا أراك علي قمة أفرست من السعادة
-أمي :هل تؤمنين بالحب من أول نظرة؟
- سؤال فاجئ الأم فاقتربت منها واحتضنتها بشدة وتنهدت كأنما تستعيد ذكرياتها الحالمة منذ ثلاثة عقود مع حبها الأول
- بالطبع يابنيتي أؤمن به حتي درجة اليقين
-وهل فعلا يحدث هكذا بسرعة ؟
-هل تسألينني بصفتي الأم الصديقة أم الأم خبيرة العلاقات الإنسانية
-بصفتك أقرب الناس لقلبي
(3)
- ما أن تقع عينا الفتاة على الشخص المناسب وما أن يشم أنفها رائحة الرجل الذى تتمناه وتنطبق عليه مواصفات فتي أحلامها حتى يدفع المخ بجرعة كبيرة من الناقل الكيميائى الدوبامين فتيشعر بالسعادة والنشوة والرضا، ثم يُعطى المخ أوامره لتنفيذ الرغبة العارمة فى امتلاك ذلك الشخص وفعل المستحيل وبذل أي تضحية حتي لو اقتضي الأمرالخروج علي تقاليد وأعراف وعادات المجتمع في سبيل تحقيق القرب والوصال ،ويسمي هذا الشعور الرائع بحب الدوبامين الذي عادة ما يحدث للإنسان مرة واحدة طوال العمر
(4)
- أنهت الأم إجابتها والانبهار يشع من عيني سلوي المتوهجتان من السعادة
-وأردفت تسأل أمها في لهفة وشغف وهل يقع الطرف الآخر في الحب بنفس السرعة ؟
- ابتسمت الأم : أأصابك حب الدوبامين ؟ فهزت  سلوي رأسها فى خجل العذراء مؤكدة
- الرجل يظهر نشاط أكبر فى قشرته المخية البصرية، مما يعنى أنه أكثر عرضه للوقوع فى الحب من أول نظره بسرعة أكبر ودون وعي منه
(5)
-تعجبت سلوي من هذا الجواب الذي جاء عكس توقعها ولمحت بطرف عينها نظرات الاهتمام لدى الأم لمعرفة المزيد عن الفارس الهمام وفتي الأحلام الذي حرك الدوبامين السحري في دوائرها العصبية حتي استسلمت لحبه من أول نظرة
-أمي سأحكي لك عنه في الوقت المناسب عندما أتأكد من صدق إحساسي
-تبسمت الأم وظلت تحدق إلى سلوي بعينيها الخضراوين مرتابة من قولها
- فشحب وجهها وصمتت منتظرة رد الأم
(6)
-اعتدلت الأم في جلستها علي سرير سلوي وهي تتحدث بنبرة تمزج بين الحزم بالحنان :انتبهي يابنيتي من هذا الدوبامين اللعين فهو الذي يجعل مراية الحب عامية
-بدي علي وجه سلوي الدهشة من الربط بين المثل الشعبي بالحقيقة العلمية
-ردت الأم لاتندهشي فهذا الدوبامين يسري في الأعصاب سريان النار في الهشيم فيغلق دوائر الحرص والتكتم والتفكير المنطقي المتزن فيغدو المحبوب في نظر المحب وكأنه ملاك نزل من السماء خال من العيوب حتي لووجدت تلك العيوب فإنها لا تشغل بال المُحب ولا تؤرقه لأنها بالنسبة له مجرد هفوات أولمم سرعان مايتلاشي  فلا يصده عن حبه قلة جمال أو ضعف حال ولايصدق فيه أي قول مهما كان قائله
(7)
الأكثرمن ذلك أنه أي الحب الدوباميني يثبط مراكز الخوف والقلق في مخ المُحب فيصبح وقد فقد السيطرة علي جوارحه وخصوصا لسانه الذي ينطلق في البوح لمن حوله عن تباريح الهوي ،وهومختلط المشاعر ومتقلب الأحوال بين قمة السرور والضحك من لذة القرب والوصال إلي قاع الحزن حتي البكاء من شدة الوجد ولوعة الفراق وهكذا دواليك علي هذه الحال حتي تنفذ جرعة الدوبامين وينتهي مفعوله السحري
(8)
-تتسارع دقات قلب سلوى الأخضر بعد كلمات الأم الصديقة وترشح قطرات العرق علي جبينها المتورد فتساعدها الأم في تجفيف عرقها وتربت علي كتفها لتهدأ من روعها  قائلة لا تفهمي كلامي علي أنه تحذير من حب الدوبامين فما منا من أحد إلا ودخل هذه التجربة وركب موجتها التي أخذته من قمة إلي قاع إلي قمة  وهكذا حتي ينتهي مفعول الدوبامين ويفيق المرء علي الحقيقة، علي صورة المحبوب بالألوان الطبيعية علي صفحة مرأة مبصرة،ساعتها يدرك كم كانت درجة الحكمة في قراراته التي أخذها وهو تحت تأتيرالمخدر العاطفي
- المهم أن يحسن الخروج من تلك التجربة وبحد أدني من الخسائر العاطفية لأن الجراح كلها تندمل إلا جرح القلب
-قامت سلوي واقفة وعينياها الضاحكتان تنظران في عيني أمها ثم انحت علي رأس أمها تقبلها

المسودة الأولي 11/04/2012
المسودة الثالثة 11/04/2012

ليست هناك تعليقات: