الاثنين، 29 ديسمبر 2014

بهاريز الكتب (15) قراءة في كتاب تاريخ المجاعات في مصر للمقريزي



تاريخ المجاعات في مصر وأسبابها

 

المجاعة أو الفاقة هي حالة أشد من الفقر الجماعي المنتشر بنسب متفاوتة في دول العالم ونسبته في مصر حول 40% لكن المجاعة هي فقر مدقع يشمل غالبية سكان قطر ما وقد حدثت في تاريخ مصر القديم والحديث مجاعات مشهورة كتب عنها المؤرخون ومنهم المقريزي  الذي عاش بالمحروسة في النصف الأول من القرن الخامس عشر الميلادي معاصراً لدولة المماليك البحرية كما عاش شطرها الآخر في عهد المماليك البرجية، احتل المقريزي مركزاً عالياً بين المؤرخين المصريين في النصف الأول من القرن التاسع الهجري، حيث أن معظم المؤرخين الكبار كانوا تلاميذ المقريزي، مثل أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي مؤلف الكتاب التاريخي النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، والسخاوي وغيرهم.
وبعد هذه المقدمة الموجزة عن المجاعة والمقريزي تعالوا معي نتعرف علي  كتاب  تاريخ المجاعات في مصر وأسبابها
 أراد المقريزي في كتابه " إغاثة الأمة بكشف الغمة " أو " تاريخ المجاعات في مصر"، الحديث عن الأزمات الاقتصادية والمجاعات التي عاشتها مصر، ليصور لنا ما لاقته معظم فئات الشعب والجماهير المصرية من ضروب المحن والمآسي، في غفلة من الحكام، الذين فضل معظمهم الابتعاد عن الجماهير، وجعلوا كل همهم في جني الأموال وتحصيلها والإكثار منها، والاحتفاظ بالسلطة والحكم بمختلف الوسائل الأخلاقية وغير الأخلاقية، ومهما حل بالشعب من آلام ومصائب.
استطاع المقريزي أن يحدد الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه المآسي والمجاعات ووصفها واحداً واحداً لتلافيها وعدم الوقوع فيها مرة ثانية. لقد عدد الكثير من المجاعات التي ألمت بمصر وأوضح صورها وأسبابها وحمّل مسؤولية هذه المجاعات للحكام الغافلين عن مصالح العباد، والغارقين في ملذات الدنيا وعبثها (ذكر منها قرابة ستاً وعشرين مجاعة). لقد كانت وسائل الإنتاج بسيطة، حيث كان يسود في المدينة الإنتاج الحرفي مع أدواته البسيطة، وتمركزه الضعيف ورأسماله القليل،
 أما في الأرياف فلم تكون وسائل الإنتاج تعدو المألوف من محاريث يدوية وأوائل زراعية تقليدية
يوضح المقريزي بأن المصائب والمحن تعاظمت على الناس في مصر بحيث ظن الناس أن هذه المحن لم يكون فيما مضى مثلها ولا مر الزمان في شبهها، حتى أنهم قالوا لا يمكن زوالها، وغفلوا أن ما بالناس هو ناتج من سوء تدبير الزعماء والحكام، وغفلتهم عن النظر في مصالح العباد، وما هذه الأزمة التي تمر بها مصر حالياً إلا كما مر من الأزمات والمصائب والمحن التي مرت بها فيما مضى من الأزمات
حاول المقريزي أن يذكر من الأزمات والمحن والمجاعات التي مرت بها مصر فيما مضى، ما يتضح به أنها كانت أشد وأصعب من هذه المحن التي نزلت بالناس في هذا الزمان بأضعاف مضاعفة، حتى ولو كانت الأزمة الحالية مشاهدة والماضية خبراً.
أكد المقريزي على أن المحن والأزمات تتعاقب على هذا الكون منذ بداية الخليقة وفي سائر الأقطار والبلدان، وهو يحاول أن يوضح في كتابه هذا ما حل بمصر وشعب مصر من المجاعات منذ آدم وإلى الزمن الحاضر " الذي عاشه " وهو يعود إلى التاريخ ويحاول أن يوضح ويذكر أهم ما حدث لشعب مصر من المصائب على مر العصور.
الجزء التالي من كتاب المقريزي أنا شخصيا أول مرة أعرف به  ولا أستطيع قبوله دون دليل علمي محقق وعلي كل حال أردت أن أذكره هنا
 (يذكر المقريزي على لسان الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه في كتابه أخبار مصر لما قبل الإسلام، (أن أول غلاء وقع بمصر كان في عهد الملك السابع عشر من ملوك مصر قبل الطوفان. واسمه افروس بن مناوش الذي كان طوفان نوح في زمنه، على قول ابن هرجيب بن شلهوب، وكان سبب الغلاء ارتفاع الأمطار وقلة ماء النيل، فعقمت البهائم، ووقع الموت فيها لما أراده الله سبحانه وتعالى من هلاك العالم بالطوفان.)
وفي الختام
كتب المقريزي كتاب تاريخ المجاعات في مصر منتقدا فيه الحكام رغم أنه كان مقربا منهم حيث أنه أرجع أسباب المجاعات إلي الحكام لكنه في طيات الكتاب ذكر الجمهور أن المجاعات هي قدر مصر وقد مر علي مصر من قبل مجاعات كثيرة وعليهم الصبر وبذلك يكون قد أمسك العصا من المنتصف انتقد الحكام أول الأمر ثم عاد فخفف من سخط الشعب عليهم

وهذا متكرر في أعمال المؤرخين القدامي حينما يقعون في الصراع بين قول الحقيقة ومحاباة الحكام الذين قد تغضبهم الحقائق 

ليست هناك تعليقات: