الأحد، 11 يناير 2015

كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون

لمحات عن كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون




قبل الدخول في هذا البحثِ القصير لا بُدَّ أن نشيرَ إلى الموضوعات التي سنتناولها في سطور تالية:
1- نبذة عن حياة المؤلف.
2- طبقته.
3- اسم الكتاب.
4- منهجه.
5- مقدمة الكتاب.
6- مكونات ومشتملات هذا المؤلَّف.
7- ذيوله.
8- المراجع.

1- نبذة عن حياة المؤلف:
هو مُصطفى بن عبدالله، ويلقب بـ "حاج" (في الفارسية: حاجي) خليفة، أو كاتب جلبي، من تركيا، ولد بالقسطنطينِيَّة في ذي القَعدة سنة 1017 من الهجرة، (فبراير- مارس سنة 1608)[1].

وتوفِّي بالقسطنطينية في 17 ذي الحجة سنة 1067 من الهجرة، (6 أكتوبر سنة 1657).

وله عدَّة مؤلفاتٍ وإنتاجات، ومنها ما نحن بصدد الحديث عنه الآن، وهو "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"، وهذا الكتاب كما يبدو من اسمه دائرة معارف عظيمة، فكأنَّه مَوسوعة لا مَندوحةَ عن اعتمادها أساسًا؛ لأنَّ ذاك المؤلف لم يقنع بذِكْر المؤلفات والمصنفات العربية فقط، كما قال بعضُ العلماء، بل عالَج لقطاتِ المؤلفات الفارسِيَّة أيضًا، وأكلها، وهضمها، ولَم يصرف عنها النَّظَرَ بتاتًا، مثلاً يذكر "خفي علاتي(في علم الطب) مؤلف في الفارسية[2].

ومن جانب آخر، فهذا الكتاب كأنَّه توثيق للكُتُب والمؤلفات حتى مُنتصف القرن السابع عشر الميلادي، فبناءً على ما رَصَده لنا من الكتب، وإسفاره عن المتون، والمدوَّنات، والدواوين، والرسائل، والمصنَّفاتِ، واختلافه في كل مجال من العلم والفن فيما كُتب بين الدَّفَّتَيْن إلى مدى مُنتصف القرن السابع عشر- يسمونه موسوعةً شاملةً، فيذكر حاجي خليفة كلَّ ما تقدَّم في كتابه، ويُزيل الأستارَ عن العيون، ويكشف الظنون عن العقول، ويَجعله مستيسرًا لِمَن يَحرص عليه، ويُريد الاطلاع على تلك الخزائن، والعثور على كنوز الدقائق، وهناك بعضُهم قالوا: إنَّه قد جَمع في كتابه ما يُقارِب ثَمانية عشر ألف عنوان من التُّراث.

2- طبقته:
هناك عددٌ من الأكابر الذين سلكوا هذا المسلكَ، وجمعوا حسب مَقدرتِهم واطلاعهم على المؤلفات في علومٍ شَتَّى، نَحو: الفقه، والأدب، والتفسير، والأصول، وغيرها، بِحياله.

1- فمنهم من جَمَعَ كلَّ ذلك، حتى أشار إلى بعض مَباحثه المُهِمَّة، وما دوّن فيه، كالشيخ أبي محمد أحمد بن طيفور البغدادي المتوفَّى سنة 280 صاحب كتاب "أخبار المؤلفين والمؤلفات"، والشيخ أبي الفرج محمد بن إسحاق الوَرَّاق، الشهير بابن النديم البغدادي المتوفَّى سنة 438هـ صاحب كتاب "الفهرست"، والشيخ أبي الخير أحمد بن مصطفى بن خليل الشهير بطاشكبري زاده، المتوَفَّى سنة 968هـ صاحب كتاب "مختصر موضوعات العلوم" وغيرهم.

2- ومنهم من عنونَ، وذكر في كتابه المؤلفين، وسردَ في تراجِمهم أسماءَ الكتب.

3- ومنهم من قَصَرَ كتابَه على ذِكْر أسامي المؤلفات ومؤلفيها، دونَ إلْمام بالتراجِم من البداية إلى النهاية إلاَّ في بعض الأحايين، ولكنَّه نقد المؤلِّف أو المؤلَّف بناءً على ما نقل فيه عن فحول العلماء، فتناقلوا، ثم استحسنوا، أو استقبحوا.

فـ"كشف الظنون..." هو من كتب الطبقة الثالثة.

3- اسم الكتاب:
كشف الظُّنون بضم الظاء، وليس بالفتح؛ لأنه وصف بمعنى المتهم في عقله أو ما لا يوثق به[3]، كالظَّنين في قوله- تعالى-: ﴿ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴾ [التكوير: 24]؛ إذ وردت القراءة بالظاء والضاد؛ أي: بضنين، على ما رُوِي من اختلاف القراءة ها هنا عن العلماء، فالظَّنون بالفتح والظنين مترادفان، كما ذكر المفسرون؛ نظرًا إلى المعاجم الأصيلة.

فهذا بالضم ومفرده ظَنٌّ بمعنى الشك، والرِّيبة، وعدم اليقين، وخواطر القلوب، وتَرَدُّدها، كما في قوله- تعالى-: ﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾[الأحزاب: 10]، إذًا معناه: "كشفُ الخواطر والشكوك عن أسامي الكتب حيث تنظرُ فيما بينَ هاتينِ الدَّفَّتَينِ مِمَّا يُزيل عنك الرِّيبةَ، ويزيل الغبارَ عمَّا أنت تجهَله، فلَتَجِدنَّ نصيبَك فيه بيقين العِيان والعلم".

4- منهجه:
وحاجي خليفة- رحمه الله- بنفسه يقول في مقدمة الكتاب: إنَّه قد رتَّب ذلك على الحروف المعجمة؛ حذرًا من التَّكرار والالتباس، وذكر المؤلَّف مع اسم المؤلِّف إذا كان له اسم، وتأريخه ومتعلقاته، ووصف كتابه تفصيلاً وتبويبًا، وربَّما آل إلى ما رُوِيَ عن الفحول من الرد والقَبول، وأورد أسماءَ الشروح والحواشي، مع التصريح بأنَّه شرح كتاب فلان، وأنه سبق أو سيأتي في فصله، وقال عن الكتب دون الأسماء: ذكرته باعتبار الإضافة إلى الفن، أو إلى مُصنفه برعاية الترتيب في حروف المضاف إليه، كتأريخ ابن الأثير، وتفسير ابن جرير، وديوان المتنبي، ورسالة ابن زيدون، وكتاب سيبويه.

وأورد القصائد في القاف، وشروح الأسماء الحسنى في الشين.

أمَّا أسماء العلوم، فذكرها باعتبار المضاف إليه، فعلم الفقه مثلاً في الفاء وما يليه.

5- مقدمة الكتاب:
يتكلم في المقدمة عن العلم تعريفًا وتقسيمًا، وماهيته عند القُدماء والفلاسفة، وما يتصل به من الاختلاف والأقوال، ثُمَّ يأتي إلى أنَّ العلمَ يطلق على العلوم المدونة، كالنَّحْوِ والبلاغة... ثُمَّ يأتي بعده إلى موضوع العلم، ومبادئه، ومسائله، وغايته، ثُمَّ فصل الكلام في تقسيمه، وذكر خمسةَ تقسيمات، ومن خلالها رجَّح تقسيم صاحب "مِفتاح السعادة"؛ حيث قال: وهو أحسن من الجميع[4]، ثم بحث عن مراتب العلم وشرفه وما يلحق به، وجعل فيه إعلامات، نحو: الإعلام الأول والثاني... ثُمَّ رجع إلى منشأ العلوم والكتب، وجعل فيها إفهامات نَحو الإفهام الأول والثاني... ثُمَّ تنوع إلى منشأ إنزال الكُتب، واختلاف الناس وانقسامهم، وجعل فيها إفصاحاتٍ، نَحو: الإفصاح الأول والثاني... ثُمَّ تكلم عن أهل الإسلام في الصَّدر الأول، وجعل فيها إشارات نحو الإشارة الأولى والثانية.

ثُمَّ جَعل تقسيمات المؤلفين والمؤلفات، وجعل فيها ترشيحات نحو: الترشيح الأول والثاني... ثم تكلم عن الفوائد المنثورة في العلم، وقَرَّر فيها مَناظر نَحو: المنظر الأول... وقسم المنظر السابع إلى فتوحات نحو فتح.

وانتهى إلى الخاتمة، وقسَّمَها أيضًا إلى سبعة مطالب.

6- مكونات ومشتملات هذا المؤلف:
وسنُقدِّم دراسة مُوجَزة عن مُشتملات هذا المؤلف ومكوناته استقرائيًّا؛ حيث نرى هذا الكتاب أساسًا في مَجال مصادر الدِّراسات عمومًا، والأبواب اللغوية والأدبية خصوصًا؛ لخصبه وسَعته وغزارته.

فيبدأ بالألف مثلاً يقول: باب الألف، ثم الباء ثم التاء.

فيذكُر مُعظم الكتب وأسماء العلوم والفنون تحت الباب، تبدأ بالحرف الهجائي، مثلاً: علم الأبعاد والأجرام؛ لأَنَّ الأبعادَ بالألف والباء حسب الترتيب الأبجدي، أو علم الآثار بالألف والثاء على ترتيب سابق، أو مثلاً: "أبنية الأسماء والأفعال والمصادر"، لابن القطاع السعدي، أو "الأبنية في النحو"، لمحمد بن الحسن الزبيدي الإشبيلي النحوي، أو مثلاً: "أبواب الأدب في اللغة"، ولم يذكر صاحبه.

على كل حال، فإن الجزء الأول مشتملٌ ومُنطوٍ على الموضوعات التالية:
 أبنية الأسماء والأفعال والمصادر.
 معاني القرآن الكريم، والطب، والآثار العلوية والسفلية.
 الأحاديث وأجزائها.
 الأحاسن في المحاضرات والفصول واللطائف والعلوم والفنون والأقاليم.
 المناسك وما يتعلَّق بالحجاج من الأحكام والأخبار والأحوال.
 الاختلاف والخلاف.
 الأخلاق، والمناظرة، وآداب الدرس والعلم، والأراجيز، والأربعينيَّات، و(الأرثماطيقي)، والإرشادات، وأسباب النزول.
 ما يتعلَّق باستنباط المعادن والمياه.
 النحو، والصرف، والبلاغة، والأصول، والعَروض، والرجال، والفقه، والأسئلة، والاشتقاقات، والقراءات، والأنساب، والتصوُّف، واللغة، والتأريخ، والسيرة، والتأويل.

7- ذيوله:
وله ذيول شَتَّى، ومنها "التذكار الجامع للآثار"، للسيد حسين العباسي النبهاني الحلبي، المتوفَّى سنة 1096، اختصر فيه ما فات المؤلف، وأضاف إليه ما ألف بعده.

وكذلك أسهم في تأليف الذيل محمد عزتي أفندي، المشهور بـ"بوشنه زاده"، وسَمَّاه "ذيل كشف الظنون".

ولكن من أشهر الذيول على كشف الظنون هو ذيل لإسماعيل باشا ابن محمد أمين أفندي ابن الأمير سليم، المتوفَّى سنة 1339، المسمى بـ "إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون"، وهذا الذيل مكوَّن من ثلاثة مجلدات، ففي أول الاثنين قد جَمَع، واستدرك، واستطرد ما لَم يذكره حاجي خليفة، إلا أنَّه لم يذكر أسماء العلوم وتعريفاتها تحت الأبجدية، ولم يهتم بها أصلاً، بل اكتفى بذكر المصنفات ومن صنفهم، أمَّا ذكر الشروح والحواشي، نحو: "شروح وحواشي أنوار التنزيل"، للقاضي البيضاوي، أو نحو: "شروح ايسا غوجي تزيده مزية وفضلاً"، ثم في المجلد الثالث وسماه بـ "هدية العارفين، أسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون"، فتناول فيه تراجم المؤلفين، فكأنَّه تتمة لما فات صاحب "كشف الظنون".


[1] "دائرة المعارف الإسلامية"، 7/235، دار الفكر، يصدرها باللغة العربية أحمد الشنتاوي، إبراهيم زكي خورشيد، عبدالحميد يونس، مراجعة د. محمد مهدي علام من قبل وزارة الأوقاف.
[2] "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"، لحاجي خليفة، 1/717، دار الفكر، سنة الطبعة: 1410- 1990.
[3] "تهذيب اللغة"، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري، 14/260، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1421- 2001.
[4] كشف الظنون (1/14).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/26035/#ixzz3OUrFio9a


هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

كتاب قيم