الأربعاء، 14 يناير 2015

ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين ؟


 تلخيص لكلّ كتاب ماذا خسر العالم بإنحطاط المسلمين لأبي الحسن الندوي -رحمه الله- وهو من صديقنا سليمان العبدالجادر :


الباب الاول العصر الجاهلي
الفصل الاول الانسانية الى احتضار

ابتدأ باخبث و اجهل عصور مرت بها البشرية, وصل الجهل و الجحود الى الهاوية بل اهوى الهاوية, حيث ان شرق الارض و غربها عربها و اتراكها و رومها و فرسها, لم يكن هناك مجتمع مثالي حقق شئ من العبودية حتى ان الله ابغض من في الارض جميعا الا بعض الافراد من النصارى و بقايا الحنفية اي انهم لم يصلوا للمجتمع و عصر الجاهلية هذا كان ماقبل النبوة, فتكلم بنظرة سريعة عن حال الامم و الاديان مبتدئا بالمسيحية و ما وصلت اليها من ظلم و جشع و تفرق و حروب اهلية و استغلال الشعوب الى ان استعبدوا دولة باكملها ياخذون منها الضرائب بلا مقابل و ما يطالبونه الرهبان من صكوك الممغفرة لشراء الجنة, و تكلم عن الحبشة و ما وصلت اليه من جاهلية وثنية  و حالة يرثى لها من الضياع و الضلال , ثم انتقل الكاتب الى الامم الاوروبية حيث انقسمت لديانتان يهودية و مسيحية محللا الاوضاع التي كانت عليها اوروبا من اوهام عقلية و حروب اهلية و حالة اللادين التي عاشتها الشعوب الاوروبية يهودا و مسيحا حيث الديانتان كانت مجرد تنظيم سياسي يتعاون فيه الرهبان مع الملوك كل له مصلحته و تسقط الشعوب ثم انتقل الى الفرس محللا نظانهم الكسروي الدكتاتوري و ما وصلت الفرس اليه من تعظيم الاكاسرة لدرجت التأليه و كانت النار الاله الاساسي لهم , ثم يتكلم عن الهند و الديانات السائدة بها حيث كانت الاصنام الموذة الاساسية لهم , اهم اديانهم البوذية و البرهمية و الهندوس, و كانوا يقسمون الشعب لطبقات منهم المنبوذون حيث لا يجوز لمسهم, و كانت هناك ردة  فعل لهذا النظام الرهباني للبوذة فانتشرت الفاحشة و الزنا و كانوا يتاجرون بالمرأة تجارة بشعة, و اخر امة تكلم عنها هي العرب حيث كانت لهم بعض المبادئ الاخلاقية كالصدق و غيره لكنهم كغيرهم اتخذوا الالهة معبودا و وسيلة لهم لعبادة الاله الاصلي فهذا ما تميزوا به عن غيرهم, و ذكر دور العصبية القبلية في عدم تكون زعامة واحدة لهم فكانوا فرقا اشتاتا .
الفصل الثاني النظام السياسي و  المالي في العصر الجاهلي
و في كل امة من هذه الامم ذكر الكاتب الظلم السياسي و الاقتصادي لهم من سرقة و نهب و ظلم للشعوب فقيصر و ظلمه لشعبه و كسرى و سرقته لشعبه و الهنود و تفريقهم الشعب لطبقات وصلت لدرجة طبقة الانجاس و العرب حيث النهب و السرقة و الفوضة و حالة اللامركزية فيهم و الامبراطورية الرومانية الاغريقية التي تستعبد الشعوب الاخرى و تسرقها سرقا كما فعل الاسكندر المقدوني ,  فهكذا ينتهي الباب الاول بستة و تسعين صفحة تختصر حالة العالم في عصر ما قبل النبوة –القرن السادس ميلادي_ ابشع و اجهل و اخبث و اجحد  اصناف البشر في هذا العصر, فاذا كان للعدم و الشر رقما فهذا العصر هو المجسد لهذا الشر


الباب الثاني من الجاهلية الى الاسلام
الفصل الاول منهج الانبياء في التغيير :

تكلم عن خصائص دعوة الانبياء و سنن الدعوة الى الاصلاح موضح ان النبي عليه الصلاة و السلام تأمل حال قومه, من فساد اخلاقي و جشع سياسي و تمزق النفس البشرية و غرقها في بحر الظلمات, فعندما نقول نبي يتأمل و يحلل اوضاع المجتمعات فهنا لا نتكلم عن زعيم سياسي يبحث عن شعب يمجده و لا مفكر اجتماعي مقيد بالقوانين التي درسها من علم النفس بل و لا زعيم ديني يرى الامور من ناحية واحدة غافلا عن الابعاد الاخرى, بل هو  -عليه الصلاةو السلام-   كالذي يراقب المسرحية من فوق فيعلم ما يجري خلف الكواليس و ما يحدث امام الناس فخلف الكواليس هي النفوس و ما امام الناس هو المظاهر التي يراها الجميع , فلكي تتضح الصورة اكثر تخيل الفرق بين وصف جدك لمرض الجدري و وصف طبيب متخصص لهذا المرض سترى فرقا هائل , قيس هذا على الوصف النبوي للمجتمعات و الافراد, و هو  ليس بشخص اقليمي او زعيم قومي انما هو نبي مرسل اجره على الله,  فهو ليس كاسندر المقدوني الذي يطوف مشارق الارض و مغاربها ليمجد نفسه هو و هو لا يبحث عن رجال يقيمو دعوته ليكون له اقليمه العتربي الخاص ليكون مركزا للسيطرة على البشر لا بل رسول الله الى البشرية ليوحد اعتقاداتها و سلوكها و توجهها لاله واحد بمبادئ تنظيمية تقوم الشعوب, يفهم مفاتيح الدخول لابواب الجاهلية المغلقة, فهو يعرف ما تحتاجه و ما ينقصها و ما لديها لتقدم و لهذا كان نبي منهم (انا بعثنا في الاميين رسولا منهم ) فقد عاش معهم 40 سنة هم الذي اعترفوا انه الصادق الامين هم الذي ادركوا مدى اهمية هذا الرجل فعندما يبعث نبيا من البديهي ان يكون هو دون غيره و الاجابة سنجدها عند قريش فحتى كبراء المعارضة يعرفون انه النبي لكن التعصب يعمي القلوب, و يحارب الباطل بالحقو ليس الباطل بالباطل فلديه رسالة واضحة الله يدفع اجرها عز و جل فرفض اي عرض لزعامة او مال او سلطة فكانت دعوته (( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا !)) هذه هي دعوة الاصلاح الحقيقية .

الفصل الثاني رحلة المسلم من الجاهلية الى الاسلام :

في هذا الفصل يتكلم عن اكبر قفزة قفزتها البشرية عن اكبر تحول اصبح في التاريخ مبينا اثر هبوب ريح الايمان على الشعوب مبينا مظاهر التحول في المجتمع الجاهلي من انانية الى عبودية الى الثبات امام الشهوات و غيره من المظاهر فكانت حقا اغرب انقلاب وقع في التاريخ من الحاد الى توحيد من عصبية الى تسامح من تفرق الى وحده, فكيف تتحول هذه القلوب الجافة فرجالهم كانت تأخذ بناتهم و هم في سن التمييز ليلقوهم في الآبار وأدا , فتقول البنت لاباها لا تقترب عند البئر لكي لا تسقط و تمسح الطين من لحيته, و لكن دون اي عواطف يقي ابنته في البئر خوفا من العار !, كيف تحولت هذه, و المرأة التي كانت لا ترث و عند موت زوجها يرثها اخوه او ابنه هذه المرأة المهضومة و العبيد و تجارة الرقيف و قطاع الطرق و الحروب الثارية التي تستمر لسنين, ما كانت تحتاجه هذه الجاهلية هو مجرد الارتقاء بالروح و التنظيم في الجسد فتكون النتيجة مجتمع متفاهل يعيش مع بعضه في سلام و اطمئنان , ففي المجال العاطفي الروحاني شرعت الصلاة التي هي تواصل يومي في عدة مرات مع خالق الوجود الهادي الرحيم الرحمن الحنان المنان فتقذف هذه الصفات الالهية في هؤلاء المصلين ليكون عبادا ربانيين رحماء فيما بينهم, و شرعت الصدقة و المفروض منها الزكاة هذه الضريبة السنوية التي تحارب حب النفس للمادة , و كأن الانسان يقول لنفسه كفى فيدفها ففتزكى هذه النفس لتطهر و من حبهم للتطهر يحبون الصدقة الطوال العام لان هذه الشريعة جاءت لتحمي الضعيف و تصونه فكافل اليتيم مع النبي عليه الصلاة و السلام في الجنة بل المتصدقين في السر يستظلون في يوم لا ظل الا ظله سبحانه , و لانهم عرب اهل لغة فكانت المعجزى الكبرى لهم و للبشرية هي كلام يتحداهم لغويا و اعجازيا و لكن كلام من كلام الله سبحانه فمجرد جمل يسمعونها يدخلون في الصرح العظيم لهذا الدين, و الحج الا وهو الاستسلام العملي التام للبشرية لتحقيق اسمى معنى في الوجود الا و هو العبودية تخيل الاف و ملاين يدورون حول بيت واحد لرب واحد ليقولوا لبيك اللهم لبيك و الصيام هذا التنازل التام لحظوظ النفس, فمع كل هذا كيف لا تسمو الروح كيف لا يحب المسلم اخاه المسلم كيف ينظر لاصل عرقي او طائفي كيف لا يعيش الفرد و المجتمع بسلام , و لكن هناك الكفة الاخرى الا و هو قوانين الدولة و تنظيم الافراد و هذا يحتاج مجلدات لكن نتكلم باختصار لقد حدد الشارع اهم عقوبات ترتكبها   تكررها البشرية ( القتل – الزنا – شرب الخمر – السرقة ) و لا يعلم كيفية عمل المخلوق الا الخالق فكانت العقوبات بالترتيب الاعدام, الجلد – رجم, الجلد, قطع اليد, و باقي توجيهات عامة كحرمة الربا و الرشوة الخ..   و لا ننسى هنا حظوظ المراة فاصبح لها الحق في الطلاق و اخيار الزوج و الميراث و التملك و المشاركة في العمل التنموي للمجتمع فكل هذا احرى بأن يبني مجتمع مسلم مسالم من مجتمع جاهلي محارب .

الفصل الثالث المجتمع الاسلامي :

في هذا الفصل يحلل خصائص المجتمع الاسلامي الجديد من مسؤولية و طاعة وحب و تفاني و تضحية و ايثار مبينا اثر الرسول صلى الله و عليه و سلم في هذا المجتمع , فبعد ان كانوا عرب جاهلية متعصبون كل لشيخه اصبحوا ذو مبدأ: ((كلكم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان)),  ( لا فرق بين عربي و اعجمي و اسود و ابيض و احمر و اصفر الا بالتقوى ), يسلم  الانصاري على المهاجر فيقول له نصف مالي لك و نصف ما املك لك و يطلق احد زوجاته ليعطيه اياها !,  و ياخذ النبي صلى الله و عليهو سلم امثالهم و يعدلها ليعدل التوجه العام لهم فيقول:  (( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً )) فيقول هذا المتعصب سابقا: (( يا رسول إذا نصرته مظلوماً فكيف أنصره ظالماً ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه)) . فاصبح هذا المجمع المتوحد كل مسئول عن الاخر فالزوج على زوجته و الزوجة على الابناء و الراعي على الغنم و التاجر لتجارته الخ.., و هنا انبعثت عاطفة الحب المفقودة منذ قرون في هذا المجتمع فكانت كالماء البارد في معدة العطشان و يسترسل في ذكر الامثلة و نذكر احدها (خرجت امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيراً هو بحمد الله كما تحبين! قالت : أرونيه حتى أنظر إليه . فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل ؟؟؟!!!)

الفصل الرابع كيف حول الرسول خامات الجاهلية الى عجائب الانسانية :

في هذا الفصل يبين طرق و و تكتيكات محمد عليه الصلاةو السلام لتحويل المجتمع الجاهلي و انتاج المجتمع الاسلامي ليكون كتلة بشرية متزنة , و بهذه الفقرة من الكاتب ستفهمون ما فعله عليه الصلاة و السلام
{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ }, عمد إلى الأمة العربية الضائعة وإلى أناس من غيرها فما لبث العالم أن رأى منهم نوابغ كانوا من عجائب الدهر وسوانح التاريخ، فأصبح عمر الذي كان يرعى الإبل لأبيه الخطاب وينهره وكان من أوساط قريش جلادة وصرامة، ولا يتبوأ منها المكانة العليا ، ولا يحسب له أقرانه حساباً كبيراً، إذا به يفجأ العالم بعبقريته وعصاميته ، ويدحر كسرى وقيصر عن عروشهما ويؤسس دولة إسلامية تجمع بين ممتلكاتهما وتفوقهما في الإدارة وحسن النظام فضلاً عن الورع والتقوى والعدل الذي لا يزال فيه المثل السائر .
وهذا سلمان الفارسي كان ابن موبذان في إحدى قرى فارس لم يزل يتنقل من رق إلى رق ومن قسوة إلى قسوة إذا به يطلع على أمته كحاكم لعاصمة الإمبراطورية الفارسية التي كان بالأمس أحد رعاياها، وأعجب من ذلك أن هذه الوظيفة لا تغير من زهادته وتقشفه فيراه الناس يسكن في كوخ ويحمل على رأسه الأثقال, وهذا علي بن أبي طالب وعائشة وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس قد أصبحوا في أحضان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم من علماء العالم يتفجر العلم من جوانبهم وتنطق الحكمة على لسانهم ، أبّر الناس قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفاً ، يتكلمون فينصت الزمن ويخطبون فيسجل قلم التاريخ

الباب الثالث العصر الاسلامي
الفصل الاول عهد القيادة الاسلامية الراشدة

خصائص الائمة المسلمون تاثيرهم في المجتمع و تاثير المدينة التي يقودونها على المجتمع العالمي , فعندما تهب روح الايمان في اي مكان ترى له تاثير واضح كتاثير المطر على النبات او كتحريك الرياح للسفن فهذه القيادة الروحية المستقيمة كانت كجناح الامان للشعوب و منبت النهضة للامم, ففي بداية القرن السادس ميلادي, تولدت طفرة غريبة , غيرت مسار البشرية كلها, فظهرت اول حضارة دينية مدنية, ظهرت اول حضارة لا تسعى الى هدم الشعوب و تدميرها بل بنائها و تعميرها, سابقا عندما تولى علماء الدين امور السياسة طغوا و تجبروا و استعمروا و استغلوا, لكن الآن يكون عالم الدين نفسه خليفة الأمة ينام على الحصير تحاسبه المرأة يستشير القوم يراقب شعبه بنفسه يفتح البلاد فلا يقتل الصغير و الكبير و لا يهدم الكنائس و الصوامع بل لا يغلقها, بل ان احد الخلفاء اراد احدى الكنائس ليجعلها مسجدا فاشتراها و لم يسلبها كما فعلوا هم سابقا !, كانت الدولة الاسلامية تمتد من شرق اسيا الى غرب افريقيا , جنسية افرادها ليس اسيوي او افريقي مصري او رومي بل جنسيته هي الاسلام, و على الرغم من هذه المنطقة الجغرافية الكبيرة فلم يشتك منها مسلما بل انهم يبحثون عن مستحقوا الزكاة فلا يجدون, كان نظام روحاني رباني يعتمد على حب الله لا سلطة القانون هذا ما جعلها خلافة راشدة

الفصل الثاني الانحطاط الذي حدث في الحياة الاسلامية

الحد الفاصل بين العصرين, عندما اصبحت الخلافة وراثية هنا بدأ الانتكاس, عند  انتقال القيادة الى الغير اكفاء نسخة كسرى و قيصر هنا اصبح الانتكاس و عندما ابعدوا لهل البصيرة الفقهاء في الدين عن واثع القرارات السياسية هنا بدا الانتكاس, و قلة الاهتمام بالعلوم الطبيعية و الانغلاق عن العالم كان له دور فعال في التخلف الاسلامي الذي امتد تاثيره ليومنا هذا, فأي فقيه عاقل بحرم استخدام الابرة لانه ضد التوكل على الله,  و ظهور بعض الضلالات و البدع الدخيلة على الحياة الاسلامية كان تأثيره كسم الحية في جسم الانسان,  فبعد الاحتكاك بشعوب آسيا و ديانتها العجيبة ظهرت الصوفي المنحرفة لا المعتدلة, اناس كالبوذة و الهندوس و لكن على الطريقة الاسلامية, فاصبحنا نرى لاول  مرة من يقول ان الله يتحد معنا جسما و يقولون انهم يرون الخضر من حين لآخر و يلبسون سلاسل الحديد و يتعلقون في الشجار لاظهار الزهد و التعصب لشيخ المربي لدرجة تكفير من لم يتبع طريقته و القعود عن الجهاد باسم ان جهاد النفس اولى ؟!!!! , هذه بالنسبة للانحراف السلوكي اما بالنسبة للانحراف العقلي فقد دخل على المسلمين اخطر انواع الفلسفة الا وهي السفسطائية , و هي التي لا تتعترف بالحقيقة فيقولون ايهما خلق اولا البيضة ام الدجاجة؟؟؟!!!!, فادخلت هذه الافكار الغريبة الى ان وصلت للعقيدة فظهرت الفرق الضالة كالمعتزلة الجهمية الخ.. انكرت صفات الله كفرت مرتكب الكبيرة لم تعترف بعلم الله لافعال الانسان الخ.., فهذه العوامل ادت لابطاء حركة النمو للمجتمع الاسلامي على الرغم من وجود العلماء الفضلاء المجددون لهذه الامة لكن هذه عوامل لا تهمل في فهم التاريخ, ثم قفز بنا الكاتب الى القرن السادس الهجري الذي حدث فيه تطور و تحسن في المسلمين التي انتجت   عالم مثل ابي حامد الغزالي الذي عدل و صحح الفكر الصوفي و اوضح دور علم الكلام ما له و ماعليه و انتجت قائدا مثل صلاح الدين الذي فتح القدس و و حد المسلمين  و لكن بعد هذا السلطان الفاتح عادت الحياة السياسية الى فقرها و سبحان الله هذه سنة الله الخير يخص و الشر يعم لكن الخير كالشمعة التي تضئ الغرفة المظلمة فمهما كثر الشر فتركيز و تأثير الخير هو الاقوى .

 الفصل الثالث القيادة العثمانية

ظهرت في هذه القيادة مظاهر التجديد التي عدلت الحياة الاسلامية في البداية و اكبر حدث يؤكد هذه الحقيقة هو فتح القسطنطينية من قبل محمد الفاتح و قد ذكر حديث عن النبي عليه الصلاةو السلام ينبئ عن فتحها فقال نعم الامير اميرها و نعم الجيش جيشها.
 ذكر في الفصل ايضا بعض الخصائص الايجابية للمجتمع التركي و لكنه انتقد انحطاطهم في الاخلاق و جمودهم في العلم و الصناعة فاي فقه هذا الذي يحرم الابرة لانه ضد التوكل على الله, فكان تطاثير الجمود العلمي واضح على المسلمون فعند وصول الراديو اصبح البعض يظن انه به جان و شياطين  و شلل الفكر بشكل عام, فالاسلام لا يحدد دين للعلم فيقول ان الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها فهو اولى الناس بها  و في اواخر العهد ظهرت اوروبا المادية و تفوقت  في العلوم و التكنلوجيا, مما اكسب العثمانيون لقب الرجل المريض نتيجة تدهورهم في القيادة و السياسة و العلم و التخطيط و لتدخل الجواسيس داخل الدولة فهذا اتاتورك الذي نشا و هو شابا يسب الدين و الاسلام و يكره كل ما له علاقة في الدين و الذي يجبنا عن غموض هذا الرجل ا امه كانت يهودية فعندما مسك زمام الامور في رئاسته للوزارة فصل الدين عن الدولة رسميا و احتكم بالشيوعية و عزل الخلفاء الامناء الى ان اسقطت  الخلافة بتاتا    بعد الحرب العالمية الاولى,  لان اتاتورك  بالنهاية جاسوس من الداخل لاعداء الاسلام

الباب الرابع العصر الاوروبي
في هذا الباب يتكلم عن الحضارة الغربية بشكل عام نشأتها  و خصائصها و الى اين ستنتهي
الفصل الاول عن اوروبا المادية

التي كانت مزيج ما بين الحضارة الاغريقية صاحبة الافكار الفلسفية الضالة اللااصل لها من الحقيقة و الاوثان التي كانت من كل نوع فوثن للحب و ار للجمال و اخر للخير و الثاني للشر و غرقان تفكيرهم في الذات الالهية الى ان انتجوا وحدة الوجود و نكران الاله و تجسيمه, و الحضارة الثانية هي الحضارة الرومية التي كانت ذات طابع عسكري دكتاتوري بحت فامتزج الروم مع الاغريق فكانت النتيجة امة جبار طاغية ذات افكار عقائدية و اخلاقية فاسدة و بعد ذلك تكلم عن الرهبان و تاثيرهم  الضعيف على الشعب و الذين تعاونوا مع الحضارة الاغريقية الرومانية –نظرا لعدم وجود دين لهم- فكانت النتيجة امتزاج رجال دين منافقين دجالين مع ملوك جبابرة ظالمين فكانوا الرهبان يتاجرون بالدين لدرجة انهم اصبحوا يبيعون اراضي من الجنة !
و كانت صيطرتهم ذات اثر سلبي على العلم حيث حاربوا كل ما هو جديد لدرجة انهم احرقوا و اعدموا علماء كثيروون لثورتهم على افكارهم الدينية فاكنوا بلا دين حقيقي و بلا علم تجريبي فالنتيجة ظلام و ضلال كبير ادى لظهور مجتمع مادي بحت لا دين له هكذا يرى الكاتب ان دينهم كان المادية لا النصرانيةو من ثار علماؤهم المجددون على هذا الطغيان و ظهرت بعض النظريات الجديدة في المجتمع منها الصالح و منها الطالح.

الفصل الثاني  الروح الوطنية في اوروبا

 فكانوا على درجة عالية من التعصب و القومية لدرجة انهم يرون باقي الشعوب خدم لهم فكانت كل دولة فيها ترى انها هي الافضل و الباقي يسقط و هذه العدوة انتقلت الى بعض الاقطار العربية و وضح الكاتب نظرة الاسلام الى العنصرية و ما قدم من حلول و علل المؤلف هذه الروح العصبية لطبيعة المكان الجغرافي لاوروبا حيث انها ليست اراضي مسطحة متصلة و لكن كل دولة منها تنفصل عن الاخرى بحدود طبيعية سواء كانت جبال او انهار مما يزيد تمسك كل اقليم بوطنيته و تعصبه لابناء جلده

الفصل الثالث اوروبا الى الانتحار

تكلم الكاتب عن ظاهرة الاختراع مبينا الغاية منها بالنسبة لهم و بالنسبة للمسلم و ذكر بعض الغايات الفاسدة التي كانت اهم نتائجها القنبلة الذرية التي فجرت الاف البشر و انتقد الكاتب الحياة التكنلوجية المعاصرة حيث يقول احد الفلاسفة انكم تستطيعون الطيران كالطيور و الغوص كالحيتان و لكنكم لم تستطيعوا المشي على الاقدام  فهنا اوروبا في طريفها التدريجي الى السقوط و الانتحار, فكما نعلم جميعا في حميع انواع الدراسة هناك مواد لا يسقط الطالب بها و لكن هناك مواد اساسية اذا سقط بها يكون راسب مستحق لاعادة العام الدراسي, فكذلك البشرية مهما نهضت و اصبح لها من علوم فهناك شئ اذا جهلته لا ينفها مجلداتها العلمية و اختراعاتها التكنلوجية و مبانية السحابية الا وهو معرفة المغزى الاساسي من الحياة الهدف منها , و الاهم هو معرفة خالق الوجود لماذا خلق و ماذا يريد من مخلوقه ما الذي نهى عنه ؟, اسئلة وجودية كهذه اذا جهلت سيظل الانسان في توهان و ظلمات الظلمات مال يعرفها
الفصل الرابع اثر الاستعمار و السيطرة الاوربية على الانسانية
   فبعد سقوط العثمانية هجمت السباع على بقاية الفريسة فكل دولة مسكت اقليم اسلامي طبعا لا اقول دولة لان اخذت الدول لم تتشكل بعد, فأحذت تبث تعاليمها و افكارها و معتقداتها  لهذه الاقليم الاسلامية , مهاجمة اصول الهوية الاسلامية من لغة و قيم و مبادئ ثم ذهبت و وضعت هذه ابحدود الوهمية فاصبح كل اقليم دولة ,  حيث فقدت الحاسة السادسة لها –الضمير يعود لاغلب البشرية - التي سماها الكاتب الحاسة الدينية فاصبح الناس لا تهمهم المسائل العقائدية لا يهمهم ما الجنة ما النار لماذا نعبد صنم او صليب, فالمسائل  الدينية لا توجد  في قائمة الاوروبي المعاصر بالتالي تدهور تام في السلوك و الاخلاق, فكيف يدخل الكنيسة اذا دخل و لايشمئز لرؤيته صنم معلق لالههم و هو يعذب , كيف يقتنع الهندوسي ان لكل شئ اله خاص و المسيحي ان الله عبارة عن روح و ابن و اب كيف كيف ؟, ببساطة لانههم اصلا لا يعترفون بعقيدة الغيب فلا يهم بماذا يعتقدون و لان الديانة الجديدة هي المادية و المادة لا تعترف بالغيب و الروح و الاخرة فتهمشهاة, فاصبح العالم يتطور و بنهض في التكنلوجيا و المباني و  الاختراعات لكنه هبط بالجانب الروحي و خسر  الدين الذي يحيي اطمئنان القلوب و سلامة الصدور فهنا يكمن السلام العالمي الحقيقي لكن قليل عارفوه .

الباب الخامس قيادة الاسلام  للعالم
الفصل الاول نهضة العالم الاسلامي

في هذا الباب يتكلم الكاتب عن التدهور التي تعيشه مجتمعات اليوم و دور الاسلام لحل مشاكل العالم فهنا تبرز رسائل الاسلام الخالدة التي حلت اهم مشاكل البشرية فقسم دورها بثلاث مهمات الاستعداد الروحي, باعادة التنظيم الروحاني للمجتمع كما قلنا مع الخالق و النفس و الاخرين فمع الخالق  هناك صلاة و صيام و زكاة و حج و عبادات اخرى و مع النفس هناك معارف عامة وضعت ليطهر الانسان نفسه مثل الذكر الدائم لله و الزهد و التوكل على الله و الحب و الاخلاص و تطهير كل شوائب النفس من غل و حسد و عجب و رياء و نفاق   و الاستعداد التقني, فنحن لسنا رهبان نفصل الحياة عن الدين ( ما لله لله و ما لقيصر لقيصر ) , بل كلاهما منظومة واحدة فهل كان المسلمين سينتصرون لولا تبرعان عثمان و ابي بكر و عبدالرحمن بن عوف هل كان صلاح الدين سينتصر لولا اسلحت و تجهيزه لجيشه,  فنحتاج التطوير في المجال التقني و العسكري و التعليمي و العلم لا دين له فلا بأس من الاستعانة بمن هم اعلم في هذا المجال كفار كتابيون مشركون و فالعلم بلا دين اعرج و الدين بلا علم اعمى, فنتبوء الزعامة في العلم و الثالثة هي تنظيم علمي الجديد للمسلمين مجال الفقه و الدين فنحن نحتاج لاعادة تنظيم و تجديد الفقه و العلم الشرعي ليناسب القرن الواحد و العشرين دون هدم اساسياته بل التكملة على الاساس فلا بد ان يكون هناك تقنين للفقه ما دمنا نريد الحكم بما انزل الله كما فعل العثمانييون في اواخر عهدهم و لكن بالاقتصار على المذهب الحنفي , فنقنن الفقه بكل مذاهبه ليكون هناك دستور ديني كل بلد على حسب بيئتها و اعرافها, نحن امة عزنا الاسلام و لا عزة لنا الا بالاسلام

الفصل الثاني زعامة العالم العربي

على الرغم من ان الكاتب هندي و لكنه من اصل عربي بل من سلالة محمد -عليه الصلاة و السلام - الطاهرة فقال ان الاسلام نبع من العرب الى العالم باسره و على مر التاريخ الاسلامي كانت القيادة للعرب, فوضع اهم خطوات القيادة الاسلامية للعرب علم ديني مجدد و ثروة علمية معاصرة و اهتمام تكنلوجي عسكري, و انتقد حياة الترف التي يعشها شباب اليوم ناصحا باعادة نشأة الشباب على الحياة الفروسية و العسكريةو هذه حياة الرجولة المفقودة لان قليل هم الرجال , فالعبرة ليست بخيل ركب او رمح يرمى لكن تذوق التعب و صعوبات الحياة حتى يكون جيل فاتح مجاهد ,  و الاستقلال الاقتصادي للعرب بتجارتهم و مواردهم عن العالم, حيث تجمعت جميع موارد الحياة بها من نفط و زراعة وحديد و قمح فتجمعت الطبيعة و التكنلوجيا معا, و اكد على ضرورة وجود وعي عربي للعالم المعاصر, فعندما يشاهد الشاب فيلما عن الحضارة الغربية لا بد ان يحيط شموليا بماهية هذه الحضارة ما لها و ما عليها, و عندما تتدافع الاحداث حوله من قتلى فلسطين لاحداث 2001 لغزو العراق و افغانستان الى الكلام عن السلام الى استفزاز المسلمين اعلاميا و سياسيا لا بد ان يربط الاحداث ما حوله و يعلم مالذي يحدث من المحرك ما السبب كيف و هل المسلمون حقا سينهضون ام انهم مصد تخلف للعالم, هذا المسلم العربي لا بد ان يمتلك حصانة فكرية و اصولية في الهوية و معاصرة لما يناب البشرية, ختم  مترجيا باسم الدول الاسلامية العرب لاعادة الحياة الاسلامية من جديد لتكون القفزة من جديد.






منهج المجذوب في كتابه علماء ومفكرون عرفتهم

علماء ومفكرون عرفتهم - محمد سعيد مجذوب

كان التخطيط الذي صممته لهذا المشروع يشمل العشرات من الأخوة، ومن مختلف أرجاء العالم الإسلامي، ولكن ظروفاً قاهرة حالت دون تلقي إجابات الكثيرين ممن بعثت إليهم بالاستطلاع أو سلمته إليهم.. هذا إلى تأخر المنشود من بعضهم، حتى لم يبق ثمة متسع من الوقت لصياغته وضمه إلى ما أمكن إنجازه. وبذلك اضطررنا إلى إيساع التصميم حتى يكون الكتاب أكثر من مجلد.
أما المنهج الذي بنينا عليه هذه التراجم فقد كان قائماً على نماذج من الأسئلة، يكتب المترجم أو يملي علينا خطوطها الكبرى، ثم نعمد إلى صوغها وفق ترتيبها في الاستطلاع، رابطين كل جزء منها بما يتصل به من عوامل البيئة أو التربية أو الأحداث المؤثرة، أو بها جميعاً، فتبرز بذلك صور هذه العوامل كلها من خلال الربط التحليلي، حتى يتبين القارئ في سير مجاري العمل الإسلامي في البيئات التي تتصل بحياة المترجمين، ولقد أمكن، ولله الحمد، الحفاظ على روح ذلك المنهج إلا قليلاً.
وأما ترتيب الفصول فقد آثرنا له مراعاة حروف الأسماء وفق النسق الهجائي، بدلاً من تاريخ الورود أو حجم المعروض.

قراءة في كتاب:أليس الصبح بقريب؟


قراءة في كتاب:أليس الصبح بقريب؟

لفضيلة الأستاذ: محمد الطاهر بن عاشور


مؤلِّف هذا الكتاب مربٍّ وأستاذٌ فاضل، أقبلَ على الدراسةِ والبحث بعد أن اجتمعتْ له الوسائلُ الأولى للتعليم؛ كحفظ القرآن، وحفظ المتون العلمية في الكُتَّاب، ثم انتقاله لجامع الزيتونة الذي أهَّله ليكونَ أستاذًا من الطبقة الأولى، ثم رئيسًا لمشيخة جامع الزيتونة سنة 1945م، ومن هذا المنصب وضعَ خُطةً لإصلاح التعليم في العالَم العربي والإسلامي.

وقد تمثَّلت خطةُ الشيخ "محمد الطاهر بن عاشور" في كتابه: "أليس الصبحُ بقريب؟"، الذي ابتدأ تأليفَه سنة 1903م، وانتهى منه بعد ثلاث سنوات.

مهَّدَ في هذا المشروع الإصلاحي للتعليم بحديثٍ عن نشأة التعليمِ العربي وأطواره قبل الإسلام وبعده، مبيِّنًا أن "الإسلامَ انفرد من بين سائر الأديان بالتنويهِ بفضل العلم، والأمر بالاتصافِ به.. وبوضعِ رسومٍ للتعليم والتربية وتعميمِهما، والإلزام بهما"، ثم تحدَّث عن نشأة المدارس في الأمصار الإسلامية، مشيرًا إلى أن بدايتَها كانت في العصر العباسي، إضافة إلى المساجد وبيوت الكتاب، وبيَّن طرُق التدريس في هذه المؤسسات، والعلوم التي يدرُسها المتلقي في ذلك الوقت، ثم التأريخ لمراحل التعليم في كثيرٍ من الأقطار الإسلامية، مثل: مصر، وإفريقيَّة، والأندلس، وبلاد فارس.. مبيِّنًا أسلوبَ التعليم في هذه الأقطار، ومتناولاً طور التفكير العلميِّ، والمشاركة في العلوم.

وفي فصل آخر: يتناول ابنُ عاشور أسبابَ الضعف وتأخُّر التعليم، وعدم التطور الذي لحق التعليمَ في الأقطار الإسلامية، ويرى أن أسباب ذلك التأخر راجعةٌ إلى نوعين:
الأول: يرجع إلى الأسباب العامة التي قضت بتأخُّر المسلمين على اختلاف أقاليمهم، وعوائدِهم، ولغاتهم.

والثاني: يرجع إلى نظامِ الحياة الاجتماعية في أنحاء العالم التي تستدعي تغير الأفكار والقِيَم العقلية، وهذا التغيرُ قد استدعى تغير أساليبِ التعليم، ومقادير العلوم المطلوبة، وقيمة كفاءة المتعلِّمين لحاجات زمانهم.

ويرى الشيخ أنَّ ما أفضت إليه الأسبابُ من النوعين آتٍ من عدة جهات:
1 - جهة فساد النظام العامِّ للتعليم؛ وذلك لعدم وجود خطة تربوية متطورة، وعدم وجود نظام مراقبة يميز الصالحَ من غيره في التعليم، كما أن هذا النظامَ يسلب حريةَ التفكير والابتكار عند الطالب، منتقدًا قانون التعليم التونسي الصادر سنة 1876، الذي ينصُّ على أنه "ليس لأحد أن يبحث في الأصول التي تلقتْها العلماءُ.. ولا أن يُكثرَ من تغليط المصنِّفين..".

2 - جهة فساد التآليف؛ وذلك بهجر القرآن والسنَّة، وعدم تنظيم المؤلَّفات؛ لأنها لا تراعي مراتبَ التلامذة من حيث التدرُّج، أو من حيث نقلُهم من المعلوم إلى المجهول، ويرى أن هذا النظام قصَرَ العلمَ على نقل كلام السَّلف، وانحصار التآليف في نقل ما مضى من غير بحث، وأصبح المبتكرُ عُرضةً للاضطهاد، كما أن هذه المناهجَ تهمل التمارينَ والتدريباتِ العملية، ويضيف إلى فساد هذه التآليف طمعَ بعض المؤلِّفين في التأليف، وهو لا قدرةَ له على ذلك؛ مما أفسد التعليمَ وطالبيه.

3 - جهة فساد المعلم؛ وذلك بتقصير المعلِّمين في مسألة إصلاح العملية التعليمية، وسكوتهم عنها، كما أن أغلبَ المعلِّمين لا يرَون للتعليم إلا كيفيةً واحدة، هي التي تعلَّموا بها، معتذرين بأن بها رَقِيَ سَلفُنَا، وهذا السبب أيضًا يرجع إلى أن بعض المعلِّمين لا يُحْسِنون طرقَ التدريس؛ إذ يُطوِّل بعضُهم -مثلاً- درْسَهُ بالمسائل السطحية، ولا همَّ له إلا الْتقاطُ كلمات المؤلِّفين، ويرى أن انْقِباضَ المعلِّم وتكلُّفه وطريقةَ كلامه، وتجاعيدَ وجهِه - تُبْعِدُ ما بين الأستاذ والتلميذ، فتَحول دون النفع بعلمه، إضافة إلى ذلك أن بعض المعلِّمين يتعلَّقُ بسفاسف الأمور، ويُضْمِرُ الشرَّ لزملائه، ويرميهم بالتحقير، ويقنع الناس بعلوِّ درجته في العلم.

وبعد أن ذكر الشيخُ هذه الأسباب وغيرها - مما اختصرتُه - تناول رؤيتَه في الإصلاح التربوي، التي نذكر منها:
1- ضرورة ضبط جوانبِ التعليم؛ وذلك بجعله إلزاميًّا، مع ضبط أوقات التعليم، ومكانه.

2- ضرورة وجود خطة تعليمية، يُشرف عليها نخبةٌ من رجال التعليم، تعتمد المناهج التعليمية، مراعيةً التطورَ المستمر.

3- ضرورة الاهتمام بالتربية، وتقديمها على ما يتعلمه التلميذ من علوم؛ وذلك بغرس الفضائل في نفوس التلاميذ؛ كالنظامِ، والإقدام، والحزم، وعدم الكسل، وعدم الظُّلم والحسد... وغيرها من الأخلاق الحميدة.

4- ضرورة الاهتمام بالتلميذ وتشجيعه على الابتكار، وحرية النَّقد الصحيح في التعليم؛ لأن القصدَ من التعليم هو إيصالُ العقول إلى درجة الابتكار.

5- الاهتمام بالتمارين والعمل بالمعلومات، كما هو الغاية من كلِّ علم.

6- معالجة ضعف التلاميذ في اللغة العربية؛ وذلك بأن تُجعل لهم تمريناتٌ أسبوعية للنُّطق بالعربية، ويُمنع عليهم الحديثُ مع معلميهم بغيرها، وتُجعل لهم مجلةٌ ينشرون فيها ما تَجود به قرائحُهم.

7- تنظيم المناهج، ووضعُها حسب مراتب التلامذة بالتدرُّج الطبيعي، وبخاصة في كتب المرحلة الأولى، وضرورة ترك التقليد في إعداد المناهج؛ كي لا يصيرَ المتعلمُ عالةً على غيره.

8- أن يلمَّ المعلمُ بصناعة التدريس؛ حتى يستطيع التلميذُ فهْم الدروس بدلاً من الضجر الذي يصيبه، ويجب على المعلم أن يكونَ قدوةً لتلاميذه.

كما ناقش ابن عاشور في أجزاء كتابه كثيرًا من القضايا التي تهمُّ العملية التعليمية، كالفصل الذي عقده عن تعليم المرأة؛ إذ عرَض فيه تاريخَ تعليم المرأة في العصر الجاهلي، ثم العصر الإسلامي، وما بعده.

ويختم ابن عاشور كتابه قائلاً: "وقد تحقق العملُ بكثير من الملاحظات والمقترحات التي اشتمل عليها هذا الكتابُ، فأسفر بها وجه الصبح الذي رجوتُ له قُربًا، ولم أفتأ كلما وجدتُ فجوةً أن أرْتقيَ بالتعليم مرتقًى وإن كان صعبًا، حتى قلتُ إن الصبح أعقبَ بضحاه، ورأيت كثيرًا من الناصحين توخَّى سبيلَنا وانتحاه...".

ومن دواعي غِبطتي بهذا الكتاب وأمثاله أن تعليمَنا في الوطن العربي في حاجة إليه، وأنا أرى ما يراه المؤلِّفُ في دعوته إلى الإصلاح التربوي في عصره، وأدعو رجالَ التعليم في وطننا إلى التزوُّد من مَعِين هذا الكتاب القيِّم، الذي آثرتُ أن أقرأَه للقراء؛ لِما فيه من الفوائد التي يمكنُ تطبيقُها في زمننا، وإن كان قديمًا على عصرنا

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والدعوة إلى تنمية الحس الجمالي

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والدعوة إلى تنمية الحس الجمالي

قراءة في كتاب: القرآن الكريم والدعوة إلى تنمية الحس الجمالي

للدكتور سعيد بوعصاب


البحث والنظر في قيم الجمال من البحوث العميقة التي اهتمَّ بها علمُ الأخلاق، باعتباره علمًا يقوِّم المَلَكات الإنسانية المختلفة، ويسدِّد نظرة الإنسان في اتجاه إيجابي وهو يحيا حياته الفردية والجماعية، ويتقلَّب في آلاء هذه البسيطة، والإنسان مفطور على حبِّ تذوُّق القيم الجمالية في كل فعْل يفعله أو يُفعل له، وفي كل ميسَّر يسِّر له؛ لذلك تجده بالفطرة يُقبل إقبال الفرِح الطرِب على كل ما يتلقاه ويواجِهه، إذا توفَّرت فيه شروط الصحة والحق، وغَشِيتْه ولفَّتْه قوالبُ الحُسن والجمال، وقُل مِثل ذلك في باقي النعم التي منَّ بها المنعِم على خلقه، أطعمةً ودوابَّ، وجنات الأزهار، وتضاريس غاية في الحبك والإحكام، وآفاق السموات وزينتها، وما لا عدَّ له من قبيل آيات الجمال المقروءة والمنظورة.

وعلى هذا النَّسق سيبحث الأستاذ الدكتور سعيد بن أحمد بوعصاب الطنجي هذا الموضوع، وسيحرِّر فيه كتابًا جديدًا - هو الثاني في حلقة تآليفه - وسَمَه بعُنوان: "القرآن الكريم والدعوة إلى الحِس الجَمالي"، نشرته مطبعة ليتوغراف بطنجة / ط1 / 2012 في 208 صفحة من الحجم المتوسط.

استُهِلَّ الكتابُ بمقدمتين، الأوْلى للدكتور محمد الشربجي الشامي أستاذ الدراسات القرآنية في كليتَي الشريعة والآداب بجامعة دمشق - فرَّج الله كرْبه - ختَمها بقوله: "وكان أسلوبه سلِساً، ولغته سليمة، وألفاظه جميلة، وعبارته جَزلَة، وسجْعه جميل دون تكلُّف أو تصنُّع، يأسِرك عند قراءته، فلا تكاد تترك الكتاب إلا وقد أتيتَ على آخره"، وهو ما نستشفُّ منه طبيعة الشكل والقالَب الفني الذي حوى المضامين التي عالَجها المؤلف في كتابه؛ إذ لا يستساغ أن تقارِب موضوعًا دقيقًا يتتبَّع مواقع الجمال في الآفاق بلُغة بعيدة عن نفْس الذوق الرفيع والإحساس المرهَف؛ لذلك تجدني أوافِق الدكتور الشربجي في هذا التعليق الجميل الذي أبداه تُجاه التركيب اللغوي والمعجمي والأسلوبي للكتاب.

والمقدمة الثانية لصاحب الكتاب، والتي أبدى فيها شغَفه بموضوع الجمال، وما حبَّره قلم المرحوم فريد الأنصاري في كتابه" جمالية الدين"، إلا أن استهواءه لهذا التأليف وجده "قد وقف عند معانٍ محدودة، وقضايا معدودة، ودِدتُ لو أن شيخنا الحبيب تناوَل قلمه غيرها، فضمَّها إلى أخواتها"؛ لذلك عقَد الأستاذ سعيد بوعصاب العزم على خوض غِمار بحث وصف موضوعه بـ"جد خطير"؛ لأنه وُظِّفت له منابرُ ووسائل جِد معتبَرة "لتلعب بالأفهام، وتزخرِف الكلام، فتُضل الأنام، حيث حصَرت الحديث فيه في جانب الأجسام، وغفَلت ما للروح من سموِّ المقام، فكان لِزامًا على كل من له بالفن إلمام، أن يعمِد لإماطة اللِّثام".

ونظرًا لما لحِق الفكرَ والحضارة الإسلاميَّين من سوء فَهم وغرابة تأويل، من قِبل بعض المعاصرين، الذين أدرَكوا من الدين طقوسًا ورسومًا وتقاليد جافة؛ بدَل شرائعَ وأركانٍ وقيم كونية خالدة، فإن المقام - كما يرى صاحب الكتاب - حَري بأهل العلم وجمالية القول أن يُبرِزوا "تلك الأخلاق الجمالية الرفيعة، التي كانت تمثِّل زمن حضارة الإسلام الوجه الحقيقي للمسلمين؛ إذ هي تبرِز الذوق الرفيع، والسلوك النبيل، والرؤية الجميلة، والنظرة الراقية، والحركة البانية، كما أن الخطاب الدعوي بحاجة ماسَّة اليوم إلى إبراز مكامِن الحُسن والجمال في العرض والأسلوب، والمعنى والموضوع".

يمكن تقريب متن الكتاب للسادة القراء عبر تقسيم بنيته إلى محورين: المحور الأول نظري، خصَّه للحقل الدلالي والمفهومي لكلمة "الجمال"، ولسِمات ومعايير الجمال في النص القرآني، فالسمات لخَّصها المؤلف في:
1- الدقة والإحكام.

2- التناسق والنظام.

3- الإبداع والابتكار.

4- التبديل والاستمرارية.

5- التنوع والإكثار.

6- السهولة واليُسر.

أما خصائص الجمال التي ضبَط القرآن موازينها وحدودها فاستوعبتها خصيصة "الربانية" التي تربِط الإنسان بربه، وتربِط مظاهر الجمال وسحْرها بفعل صانع الجمال وموجِده على نحو من الروعة واللَّذة والبهاء، وخصيصة "السُّمو" والذي يرمز به إلى العفَّة اللفظية والفعلية في التعاطي مع مواقع الجمال في مختلف ضروب الحياة، وأخيرًا خصيصة "الشمول" الذي أثار فيه الخلْط الذي وقع فيه البعض، فجعلوا "الفن" و"الجمال" واحدًا، "والواقع أن الفن هو مَيدان واحد من ميادين الجمال المتنوعة والمتعددة؛ ذلك أن الجمال في الذوق القرآني يربِّي في المسلم المتأمِّل تلمُّس قِيم الجمال في منحاها الشمولي والتركيبي بدَل الفعل التجزيئي والتصنيفي الذي سقَط فيه الكثير، فأيَّة قيمة لجمال الصورة - يقول الأستاذ سعيد بوعصاب - التي تَسحَر الألباب إذا كان صاحبها فِجَّ السلوك، سيِّئ الأخلاق، ذابِل الروح، قد جمَع في داخله كلَّ معاني الشر التي يُستعاذ منها في كل الأحوال؟!

ورصَد المحور النظري الأخير "مقاصد التربية الجمالية في القرآن"، التي تهدف إلى تنمية الجانب الإيماني، وتكوين الشخصية السَّوية المتكاملة، وتنمية ملَكة الإبداع والإتقان، والتحلِّي بالذوق العالي.

وانتقَل المؤلف في حيِّز عريض من كتابه إلى الجانب التطبيقي والذي وسَمَه بـ "مع القرآن الكريم في تنمية الحِس الجمالي"؛ حيث أبان فيه قدرة وبراعة في استشفاف واستقصاء ملامح الجمال التي نوَّه إليها الوحي، ولفَت انتباه قارئيه ومستمعيه (الوحي) عبر العصور والقرون إلى أهمية إعمال النظر في الآيات المنظورة وإحكام الصَّنعة والخَلق والجمال فيها، ولأن الباري تعالى وضَع الكون وصنَعه لمرامي وغايات، فمن الطبيعي والمنطقي أن تُستثمَر آيات الكون في آيات القرآن لتثبيت عقائد الناس وتوحيد نظرتهم تُجاه موجِد الوجود وتوحيده، ومن ثمَّة اتِّباع هديه وشرائعه، وهكذا توقَّف المؤلِّف مع الآيات القرآنية التي ترصُد جمالية السماء، والأرض، والبحر، والإنسان، والصورة، والحيوان.

وفي الشعائر التعبُّدية تتبَّع المعالم الجمالية الشفافة والعميقة في كلٍّ من شعيرة الصلاة، والصدقة، والصيام، والحج، ثم انتقَل إلى تقصِّي قيم الجمال في الأحوال الشخصية، وقسَّمه إلى قسمين:
1- "في جانب فِقه الأسرة" التي استوحى دُررَ جماليَّاتها من الصَّداق، والزواج، والمعاشرة الزوجية، والأبناء والحَفَدة، ومعالجة الشِّقاق، والطلاق، والميراث، والعِدَّة.

2- "في جانب الآداب الاجتماعية"، واكتفَى فيها بقِيمتين كبيرتين في الحياة الاجتماعية: جماليَّة الاستئذان، وجمالية الضيافة.

وفي المعاملات سيَسبُر غَور الجمال والقِيم العليا في: المعاملات المالية، والتجارة، والدَّيْن، والحدود والكفَّارات، والعلاقات الدولية، والسلام، والجهاد.

وفي آخر قِسم تناوَل المؤلف جَماليَّة فن القول من خلال مهارات التواصل، وعَنونه بـ"القرآن الكريم ومعالِم التربية الجمالية في الأخلاق"، وتتبَّع فيه جماليات التأدُّب في مخاطبة الله تعالى، وفي مخاطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي مخاطبة الوالِدين، وفي مخاطبة الناس عامة، وختَم بجمالية الأفعال: الذوق في طريقة المشي، والإقبال على المتكلِّم بالوجه، والعفو عند المقدرة، والشفاعة الحسنة، وبذْل المعروف، ثم نبَّه قبل الخَتْم إلى جماليَّة الخطاب الدعوي القائم على "الحكمة والموعظة الحسنة" و"المعرفة بمضمون الخِطاب، ومآل الخِطاب، وظروف الخطاب زمانًا ومكانًا".

وفي كل ذلك كان المؤلف يغذِّي تحريره بالاستشهاد والنقل عن الشاطبي والطبري ومحمد الطاهر بن عاشور وسيد قطب ومحمد المكي الناصري، ومسفر القحطاني وفريد الأنصاري ومحمد عمارة وفهمي هويدي، وغيرهم كُثُر، مما أثمَر حصيلة مرجعية مهمة تُفيد الباحث في الجماليات وَفق المنظور الإسلامي.

لقد وفِّق المؤلِّف في اختيار الموضوع، الذي نستشفُّ منه أن صاحبه لاحَظ حدود التعامل مع النص القرآني الذي لا يفارِق حدَّ القراءةِ الظاهرية، والتفسيرِ البسيط، والمعاملات المناقضة لجوهر نَص الوحي وقِيمه العليا؛ لذلك نقول - وبموضوعية -: إن التأليف ذو راهنية مِلحاحة، ولفْت صريح - وبلُغة جذَّابة - لأهمية اهتمام المسلمين بجمالية التديُّن في كل مناحي الحياة.
قراءة د. محمد سعيد صمدي علي موقع الألوكة