الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

ريحانة جباري - الرسالة الأخيرة نص مسموع

رسالة الإيرانية ريحانة جباري قبل إعدامها



أُعدمت ريحانة في يوم السبت 25 أكتوبر 2014، بعد إدانتها بقتل موظف سابق في الاستخبارات الإيرانية؛ وتقول ريحانة إنه قد حاول اغتصابها فطعنته بسكينٍ دفاعًا عن النفس في عام 2007.
التالي نص رسالة الإيرانية "ريحانة جباري" إلى أمها «شعلة» بعد علمها بالحُكم عليها بالإعدام. 

سجَّلت ريحانة الرسالة بصوتها في 1 أبريل 2014؛ ونشر نشطاء إيرانيون النص مُفرغًّا بعد تنفيذ حكم الإعدام.

عزيزتي شعلة،

علمت اليوم أنه قد جاء دوري لمواجهة القصاص. أشعر بالأسى لأنكِ لم تخبريني بنفسكِ أني قد وصلت إلى نهاية رحلتي في الحياة. ألا تعتقدين أنه من حقي أن أعرف؟ أتعلمين؟ أشعر بالخزي لأنكِ حزينة. لماذا لم تعطيني الفرصة لأُقبِّل يدكِ ويد أبي؟

لقد عشتُ 19 سنةً في هذا العالم. في تلك الليلة المشؤومة كان يجب أن أكون أنا القتيلة. كان جسدي ليُلقى في إحدى زوايا المدينة؛ وبعد أيام كانت الشرطة ستأخذكِ إلى مكتب الطبيب الشرعي لتتعرَّفي على الجثة؛ وكنتِ ستعرفين حينها أني قد اغتُصبت. لم يكُن أحدٌ ليتوصَّل إلى هوية القاتل؛ لأننا لا نملك أموالهم ولا نفوذهم. عندئذٍ كنتِ ستُكملين بقية حياتكِ في معاناة وعار؛ وكنت ستموتين كمدًا بعد بضع سنين؛ وكانت القصة ستنتهي.

لكن قصتي تغيَّرت بضربة ملعونة. لم يُلقَ جسدي جانبًا، بل أُودع في قبر سجن «أوين» بعنابره الانفرادية، والآن في سجن «شهر ري» الذي يشبه القبر. استسلمي للقدر ولا تشتكي. أنتِ تعلمين أكثر مني أن الموت ليس نهاية الحياة.

تعلَّمت منكِ أن المرء يولد في هذا العالم ليكتسب خبرات، ويتعلَّم دروسًا؛ وأن كل امرئ بما كسب رهينة منذ لحظة مولده. تعلَّمت أنه يجب على المرء أحيانًا أن يقاتل. أذكرُ حين أخبرتِني أن سائق العربة قد احتج على الرجل الذي كان يجلدني، لكن الجلَّاد ضرب رأسه ووجهه بالسوط؛ ليموت في النهاية بأثر ضرباته. لقد أخبرتِني أن المرء يجب أن يثابر حتى يُعلي قيمة، حتى لو كان جزاؤه الموت.

تعلَّمت منكِ وأنا أخطو إلى المدرسة أن أتحلَّى بالأخلاق الرفيعة في مواجهة الشجار والشكوى. هل تذكرين إلى أي حدٍ كنتِ تشددين على الطريقة التي يجب أن نتصرف بها؟ لقد كانت تجربتكِ خاطئة. حين وقعت الواقعة، لم تساعدني مبادئي. حين قُدمت إلى المحاكمة بدوت امرأةً تقتل بدمٍ باردٍ، مجرمةً لا تملك ذرة من رحمة. لم تسقط مني ولو دمعة واحدة. لم أتوسل إلى أحد. لم يغمرني البكاء لأني وثقت في القانون.

لكني اتُهمت باللامبالاة أمام الجريمة. أترين؟ لم أكُن أقتل حتى الحشرات؛ وكنت أرمي الصراصير بعيدًا ممسكةً بقرون استشعارها. أصبحت بين ليلة وضحاها قاتلة مع سبق الإصرار. لقد فسَّروا معاملتي للحيوانات على أنه نزوعٌ لأن أصبح ذكرًا؛ ولم يتكبَّد القاضي عناء النظر إلى حقيقة أني كنت أملك حينها أظافر طويلة مصقولة.

كم كان متفائلاً من انتظر العدالة من القضاة! لم يلتفت القاضي إلى نعومة يدي بشكلٍ لا يليق بامرأة رياضية، أو مُلاكِمة بالتحديد. البلد التي زرعتِ فيَّ حبها لم تكن تبادلني الحب؛ ولم يساعدني أحدٌ وأنا تحت ضربات المُحقق وأسمع أحط ألفاظ السباب. وحين تخلَّصت من آخر علامات الجمال الباقية في جسدي بحلاقة شعري أعطوني مكافأة: أحد عشر يومًا في الحبس الانفرادي.

عزيزتي شعلة،

لا تبكِ مما تسمعين. في أول يوم لي في مركز الشرطة آذاني ضابط كبير السن وغير متزوجٍ بسبب أظافري. عرفت حينها أن الجمال ليس من سمات هذا العصر: جمال المظهر، وجمال الأفكار والأمنيات، وجمال الخط، وجمال العيون والنظر، وحتى جمال الصوت العذب.

أمي العزيزة،

تغيَّرت فلسفتي وأنتِ لستِ مسؤولة عن هذا. لن تنتهِ كلماتي فقد أعطيتها إلى شخصٍ تعهَّد بتسليمها إليكِ بعد أن أُعدم دون حضوركِ، ودون علمكِ. لقد تركت لكِ الكثير من الكتابات ميراثًا.

لكن، وقبل أن أموت، أريد أن أطلب منكِ أمرًا يجب عليكِ تلبيته بكل ما تستطيعين من قوة، وبأي طريقة في مقدورك. هذا، في الحقيقة، الأمر الوحيد الذي أريده من هذا العالم، ومن هذا البلد، ومنكِ. أعلم أنكِ تريدين وقتًا لإعداده؛ لذا أخبركِ جزءًا من وصيتي قبل الموت. لا تبكي واسمعيني جيدًا. أريدك أن تذهبي إلى قاعة المحكمة وتعلني رغبتي. لا يمكنني كتابة هذه الرغبة من داخل السجن لأن مدير السجن لن يسمح بمروره؛ لذا سيتوجَّب عليكِ أن تعاني من أجلي مرة أخرى. إنه الأمر الوحيد الذي لن أغضب إذا اضطررتِ إلى أن تتوسلي من أجله، رغم أني طلبت منكِ عدة مراتٍ ألَّا تتوسلي إلى أحد لينقذني من الإعدام.

أمي الطيبة، العزيزة شعلة، الأعز عليَّ من حياتي،

لا أريد أن أتعفَّن تحت الثرى. لا أريد لعينيَّ أو لقلبي الشاب أن يتحوَّل إلى تراب. توسَّلي لهم ليعطوا قلبي، وكليتي، وعيني، وعظمي، وكل ما يمكن زرعه في جسدٍ آخر، هديةً إلى شخصٍ يحتاج إليهم بمجرد إعدامي. لا أريدُ لهذا الشخص أن يعرف اسمي، أو يشتري لي باقة من الزهور، ولا حتى أن يدعو لي. أقول لكِ من أعماق قلبي أني لا أريد أن أوضع في قبر تزورينه، وتبكين عنده، وتعانين. لا أريدكِ أن تلبسي ثوب الحداد الأسود. ابذلي ما في وسعكِ لتنسي أيامي الصعبة. اتركيني لتبعثرني الريح.

لم يحبنا العالم؛ ولم يتركني لقدري. أنا أستسلم الآن وأقابل الموت بصدرٍ رحب؛ أمام محكمة الله سأوجه الاتهام إلى المفتشين؛ سأوجه الاتهام إلى المفتش «شاملو»؛ سأوجه الاتهام إلى القاضي، وإلى قضاة المحكمة العليا الذين ضربوني وأنا مستيقظة، ولم يتورَّعوا عن التحرش بي. أمام الخالق سأوجه الاتهام إلى الطبيب «فروندي»؛ سأوجه الاتهام إلى «قاسم شعباني» وكُل من ظلمني أو انتهك حقوقي، سواءً عن جهلٍ أو كذب، ولم يفطنوا إلى أن الحقيقة ليست دائمًا كما تبدو.

عزيزتي شعلة ذات القلب الطيب،

في الآخرة سنوجِّه نحن الاتهام؛ وسيكونون هم مُتهمين. دعينا ننتظر إرادة الله. أردتُ أن أضمكِ حتى أموت. أحبكِ.

ريحانة،

1 أبريل، 2014

السبت، 25 أكتوبر 2014

إشراقة الحبيب.. شعر ورسوم: د.سوسن أمين



د.سوسن أمين

ليس غيرك في الحياة..
بوحي يخطو من الآله
 يهدي للحسن نداه ..
يشع بالنور ثراه
أنقذني من هول رهيب..
ألقى لي طوق النجاة
قال لي عود قريب ..
خير من ملك وجاة
أوصاني بهدي الطريق ..
نجاني من جمع العصاة
يوم لا مال ولا صديق ..
 ويتبرأ الجناة من الجناة
هو الحبيب لا سواه ..
يا سعد كل من رأه
نال من الحسن صفاه ..
 ونال من الفضل مبتغاه
هو المصيب من عداه ..
 ضاع في التيه وتاه
هو الحبيب من والاه ..
 نال من الدنيا هناه
هو الطبيب  لكل آه ..
 إن تغنى القلب بهواه                              
هو النبي لا سواه ..
يهدي القلوب لمنتهاه   
يا نبي قد صفاه ..
 ربه بحسن  وجاة 
رب كريم قد حباه ..
 تنحني لنوره الجباة 

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

الباب الأخضر رواية بقلم د.صديق الحكيم



وهكذا يجني محمود ثمرة تحوله الذهني  ثم تحوله الواقعي من صراحة الهروب إلي صراحة المواجهة والمسؤولية
وهو درس العمر بالنسبة له فقد أعاد هندسة العلاقات الإنسانية بينه وبين المحيطين به
فما عاد ينظر إليهم علي أنهم عوائق أو موانع أو مكبلات تمنعه من بلوغ هدفه الشخصي بل أصبحت نظرته للأخرين علي أنهم  بشر مثله لديهم نفس المشاعر والأحاسيس
يحتاجون لدعمه ومساندته وهو في نفس يحتاج دعمهم ومساندتهم
وأهل زمان قالوا (الجنة من غير ناس ما تنداس)
كانت جملة تحية أخت حسين القصيرة (عقبال بابا وماما) هي شعاع الضوء الذي أنار عقله وقلبه
وكانت المفتاح الذي فتح له الباب الأخضر الذي ولج منه إلي عالم أرحب وأوسع من عالم الذاتية والأنانية الذي كان يحبس نفسه فيه طول عمره
لقد ولج من خلال الباب الأخضر عالم الناس
عالم يعيش فيه مع الآخرين يساعدهم ويساندهم ويعيش معهم أفراحهم وأتراحهم

وهذه دعوة  لكل منا لكي يبحث عن الباب الأخضر في حياته ويعمل علي فتحه والولوج إلي العالم الأخضر حيث يعيش الناس معا متعاونين حتي وإن ظهر من بعضهم أذي فهو أفضل من العزلة وحب الذات والأنانية 

رواية الباب الأخضر بقلم د.صديق الحكيم



الأحد، 19 أكتوبر 2014

جماليات النهايات الروائية

alt

تعد النهاية (الخاتمة) Closure  الركن الأهم في تشكيل بنية النص الإبداعي ولها وهجها ودورها في تحديد مسار العمل واتجاهه، ومع أن دراسة النهايات في الأعمال الإبداعية قد استُحضِرت في دراسات تطبيقية قليلة إلا أن الجانب التنظيري قد أهمل تماما في فضاءات النقد العربي ولم تحضر النهايات في إطار التنظير النقدي الجاد، وتجدر الإشارة إلى أن هناك دراسات غربية قد استثمرت هذا المفهوم وكشفت كثيراً من ملامح النهايات بصورة عامة في كتاب فرانك كيرمودFrank Kermode  الذي بعنوان (معنى النهاية: دراسات في نظرية السرد) The Sense of an Ending: Studies in the Theory of Fiction  الصادر في 1967م في الشعر وجمالياته مثل الدراسة النقدية التي لبربارا هيرنستين سميث Barbara Herrnstein Smith  التي بعنوان (الخاتمة الشعرية: دراسة في كيفية إنهاء القصائد الشعرية) Poetic Closure: A Study of How poems End  المنشور عام 1968م وقد ركز كتابها على النهايات الشعرية التي اختبرتها في نصوص أغلبها كلاسيكية، أما الروايات فتكون نهاياتها طويلة ومعقدة التفاصيل في أحايين كثيرة لذلك فقد درس بعض الباحثين النهايات الروائية ونقلوا مفاهيم سميث إلى قراءاتهم للنهاية الروائية ومن ذلك كتاب ماريانا تورقوفينيك Mariana Torgovnick  الذي بعنوان (الخاتمة في الرواية) Closure in the Novelوصدر في عام 1981م، وغير ذلك من الإصدارات والبحوث الأكاديمية.

ليس غريبا أن تعد النهاية أو الخاتمة الركن الأسمى في العمل الإبداعي، لنأخذ العرض السينمائي بوصفه مثالاً على أهمية النهايات، فالنهاية (الفيلمية) تتبقى غالباً في ذاكرتنا ليس لكونها آخر المشاهد التي نختزلها فحسب بل لكونها تختصر لنا ذلك العرض وتلخصه، من الصعب جداً أن نستدعي كامل العمل بعد اكتمال القراءة لكنها تستدعي اللحظات والمشاهد الدرامية فالبدايات والنهايات هما ما يتبقى في الذاكرة وتشكل اتجاهنا وميولنا تجاه العمل الروائي.

تشبه النهايات الأمثال التي تنتسب إلى حكايات طويلة قد لا ينتظر المتلقي معرفتها ولكنه يميل إلى اختزال معرفتها في تلك الجملة القصيرة، وتعرف باربارا سميث النهاية في الشعر بكونها إشارة رقيقة إلى الانتهاء، إذ تبدو بوصفها صورة مجازية تقترح الانتهاء، أو لنقل إشارة إلى الخروج من العمل وهي النقطة الأخيرة التي يقول فيها المؤلف ما يريد تلخيصه وإيجازه.

وتتخذ نهاية الرواية المنحى نفسه إذ هي تعبير إبداعي مكثف على بعد القراءة الزمني فليس من الممكن الحديث عن لوحة فنية لها خاتمة، إذ تعد تغييرا لبنية الاستمرارية في العمل الإبداعي شعراً أونثراً، وذلك بخلق الانقطاع الذي يجسد غياب الاستمرارية الحدث الأكثر نجاحاً في السرد، فالفشل في تحقيق الاستمرار يخلق في المتلقي أن لا يتوقع شيئاً.

وتتجلى أهميتها في محاولة قراءتنا الثانية لرواية ما بعد معرفتنا نهايتها في كوننا نسعى جادين إلى التعرف على العلامات والطرق التي أوصلتنا إلى تلك النهاية التي رسخت في أذهاننا فيحاول المتلقي أن يكتشف من خلال تلك القراءة كيف دارت الأحداث حتى وصلت إلى آخر العمل واكتماله. إن محاولتنا تأويل عمل إبداعي سواء أكان شعراً أم سرداً يفترض منا أن ننتظر حتى نهاية العمل واكتماله، وفي حال تركنا ذلك فسيبدو تأويلنا ناقصاً وتفسيرنا مضطرباً.

إن تجربة القراء مع النهايات تعتمد على تأثير تأويلهم الشخصي للنصوص، وفي حال كون الخاتمة ضعيفة فإن على القراء مع اختلاف تأويلاتهم أن يكونوا طموحين في تجارب تأويلهم لها. ولعل المتعة التي تجلبها لنا النهايات الروائية إحدى أبرز مميزات النهايات التي تقدمها لنا السرديات لتلبية وإشباع فضولنا، هذا الفضول يراه فوستر مثيراً للسؤال الإشكالي التالي عند تلقينا لأي سرد: وماذا يحدث بعد ذلك؟ وليس غريباً أن نصف قارئ السرد بكونه نسخة جديدة من شهريار زوج شهرزاد في (ألف ليلة وليلة) وهو متلق يتطلع إلى إجابة سؤاله الفضولي: وماذا سيحدث لاحقاً، لكن النهايات تنسج ومن ثم تفك نسيج النص.

لا تعني كلمة نهاية في الرواية آخر صفحاتها لكنها المقطع الذي يجيب على هدف القراءة والغرض منها، إنها تعني الخط النهائي في اكتمال السرد في الأعمال الروائية الطويلة، ولذا تعد النهايات أكثر أهمية لكونها مهمة وفاعلة للمكونات السردية الأخرى في العمل بوصفها أسباباً حقيقية لها.

ولما كانت هذه النهايات في مجموعها تعتمد على بعد خطي إذ تتقدم أحداث السرد التقليدية منذ البداية فقد أدرك كيرمود استمرار النماذج التقليدية في السرد بما فيها الكتاب المقدس النموذج الأهم والمعتاد تاريخيا إذ بدأ بلفظ البداية وانتهى بمنظور النهاية فخضع لمنطق النهاية التي تتناسب مع البداية، كما أظهر كيرمود شكوكه حول تلك البدايات، وانساقت الإنسانية للتصور الخطي نفسه الخاضع لمنطق الولادة والفناء، ويتبع ذلك عند والاس مارتن الرواية الواقعية إذ تبقى أفعال الشخصيات فيها مثلنا خاضعة لافتراضات السبب والأصل والنهاية، وإذا أراد الروائي أن يكشف خضوعنا لذلك الزيف، فإن القراء لا يتقبلون أطروحته وسيفرضون التصور التقليدي للبدايات والنهايات والغايات والنتائج للنصوص التي تفكك هذا التصور.

وقد تم تفكيك خطية النص عملياً بظهور مصطلح النص الحديث الفائق أو المتشعب أو المترابط hypertext  على ما اصطلح علماء الإنسانيات بتعريفه بالنص الذي لا يعتمد خطاً أفقياً ولا يخضع لبداية أو نهاية في إنتاجه، ولا يعتمد الشكل التقليدي للنص، إنه نمط مخصص من قواعد المعلومات تتجلى عبر نص يرتكن إلى روابط تفضي إلى نصوص عدة، لا يمكن هنا أن نقرر بداية للنص أو نستند إلى نهاية بل تصبح لا نهائية النص في الشكل والتأويل وغياب المركز إحدى أبرز ملامحه، ومن الجدير أن نشير إلى تيد نيلسون Ted Nelson  الذي اجترح المصطلح ومنحه الحياة، إذ كان ذلك في عام 1965م تقريباً، ولعل كتاب نيلسون المعنون Literary Machinesالذي نُشر في أوائل الثمانينيات الميلادية يُعد أول كتاب نشر في هذا الحقل ويكرس لمصطلحيه المعروفين:hypertext  وhypermedia، ويمكن وصف المصطلح الأخير بكونه مسانداً للنص الفائق، لكنه يُفضي إلى صور وفيديو وأصوات تُضيف إلى النص الأساس، وقد تبعت هذين المصطلحين مصطلحات عدة وظفت من أجل التكريس لبيئة النص الرقمي وقواعد تلقيه.

ومع ذلك فقد وجهت نقدات قوية إلى النهايات الروائية إذ يراها هيلس ميلر J. Hillis Miller مشكلة نقدية سواء في نقد عمل واحد أو أعمال روائية محددة في فترة زمنية مختلفة، ويعود السبب في ذلك إلى كونها تحمل أزمة تشخيص السرد نفسه ومن ثم تؤدي مثل هذه الدراسات إن كانت دقيقة إلى تواز ظاهر في المنتج الإبداعي عامة ما يشي بالعجز عن إظهار مجالات إبداعية نقدية.

تؤكد الروائية الإنجليزية جورج إليوت (1880م) على كون النهايات هي النقطة الأضعف لدى معظم المؤلفين، لكن ذلك قد يخضع للفترة الزمنية التي يعيش فيها المؤلف، فعلى سبيل المثال كانت نهايات الرواية في العصر الفيكتوري صعبة ومزعجة للروائيين والروائيات الذين كانوا يخضعون لسطوة دور النشر والقراء إذ يميل هؤلاء إلى النهاية السعيدة في الأعمال الروائية، وهناك النهايات التي تعتمد على الصدفة والنهايات المقنعة للقارئ.

لذلك فمن الصعب أن نلم بأنواع النهايات فهناك نهايات تعتمد على دور القارئ التأويلي الذي ينطلق مع نهايات مفتوحة ويقيد بأخرى مغلقة، وهناك تصنيف يعتمد مدى النجاح أو الإخفاق فالنهايات المثالية وهي التي يطلق عليها النهاية الماهرة أو الناجحة وهي النهايات التي تعطي القراء الإحساس الذي يؤكد على أن النص قد تم تلقيه بكامله، تمكنه هذه النهايات من الإعلام بتعريف منطقية العمل وضبطه داخل عملية التعلق بالماضي عوضاً عن التصور الضروري لروتينية نماذج التعلق بالماضي، إلى جانب ذلك فإن النهايات تكمل دائرة التلميحات وأوهام الحياة. النهايات الفاشلة يمكن وصفها ببساطة أنها تلك النهايات التي تكون أسبابها عكس أسباب نجاح النهايات القوية والمثالية.

ويرى ويليام ثيكستون أن هناك في الرواية الغربية الحديثة ثلاثة أعمال حظيت نهاياتها برؤية وتصور مثاليين وهي روايات Howards End  لأدوارد مورغان وThe Rainbow  لدي اتش لورنس وUlysseلجيمس جويس، وتتفق الروايات الثلاث في الاعتماد على نقطة واحدة وذلك باستلهام نهج سيرذاتي في نهاياتها، ثم تعكس محاولات لتعبر من إلقاء الضوء على سيرة المؤلف وتجربته الشعورية إلى مشاعر مختلطة وعامة من التجارب الإنسانية العريضة.

وتتصل أسباب نجاح النهاية الروائية باشتمالها على ثلاثة ملامح: أولها أن تكون هذه النهاية نهاية حتمية لا تستدعي القارئ لأن يفكر في نهاية أخرى محتملة تكون أفضل من النهاية الروائية المقترحة، وذلك يعني بطبيعة الحال أن يكون كل فصل روائي منذ البداية لا يفضي إلى نهاية محتملة فحسب بل يعكسها، وثاني تلك العناصر أن تكون النهاية الروائية مؤكدة لدور أفعال الشخصيات نفسها ولاسيما الرئيسة منها في خلق النهاية المناسبة، ومن ثم يكون دور الروائي في خلق تلك النهاية منطقياً وخاضعاً لفعل الشخصيات، أما ثالثها فالتأكيد على أن النهاية الروائية قد أوجدت بالفعل نهاية ما للعمل، ومع أن ذلك قد يبدو أمراً بسيطاً ساذجاً في الإبداع الروائي ولا يتفق ذلك مع الأعمال الروائية المسلسلة أو المكونة من ثلاثة أجزاء، إذ يتطلع القارئ فيها إلى نهاية تحثه على مواصلة الاطلاع على الجزء التالي.

وأخيراً، فإن دراسة أشكال القص قد تفرض علينا أن نبدأ أولاً بالأكثر أهمية وهو النهاية، وعلينا أن نعد نجاحها جزءا لا يتجزأ من العمل بأكمله، وتخضع القراءة النقدية للنهايات لجوانب منها: قراءة جماليات الشكل اللفظي فيها، وقراءة جماليات المجاز فيها، وقراءة علاقاتها ببنيات القص الأخرى، ودراسة علاقاتها بالثيمات والأفكار المدرجة في النص، ولذلك تعد مقاربة الروايات عبر النهايات أمراً مهماً فالنهاية جوهر العمل الروائي وقاعدته، وهي بوابة جديدة تضيف إلى القارئ للدخول في عوالم تأويلية جديدة وكأنه أمام عنوان جديد.
 
د. معجب العدواني ...جريدة الرياض السعودية

السبت، 18 أكتوبر 2014

أساسيات لعبة الشطرنج



نقلات القطع

1.
  • إذا نقلت قطعة إلى مربع تحتله إحدى قطع الخصم، فإن الأخيرة تؤسر وتبعد من الرقعة كجزء من نفس النقلة.
  • يُقال أن قطعة تهاجم قطعة للخصم إذا كانت قادرة على أسرها في المربع الذي تقف عليه ما عدا قطعة الملك التي لا يمكن أسرها ولا إخراجها من الرقعة.
  • يمنع على قطعة ما الحركة إذا كانت حركتها تفتح الهجوم على ملكها أو تضعه تحت التهديد ويقال في هذه الحالة أنها قطعة مسمرة أو تحت التسمير (أو يقال أحيانا مربوطة أو تحت الربط) مثال :
2. الفيل : يمكن تحريكه إلى أي مربع عبر القطر (الوتر) الذي يقف عليه
3. الرخ : يمكن تحريكه إلى أي مربع عبر العمود أو الصف الذي يقف عليه
4. الوزير : يمكن تحريكه إلى أي مربع عبر العمود أو الصف أو القطر الذي يقف عليه
5. عند القيام بهذه النقلات لا يمكن لأي من القطع التي ذكرت (الفيل والرخ والوزير) أن تقفز فوق أخرى تعترض طريقها.
6. الحصان :يتحرك على شكل الحرف اللاتيني «L» ولا يمكنه أن يتحرك خطياً (سواءاً عمودياً أو أفقياً أو قطرياً).وهي القطعة الوحيدة القادرة على القفز فوق باقي القطع سواءً من معسكرها أو من معسكر الخصم.
7. البيدق:
  • (أ) يمكن تحريكه إلى الأمام عبر العمود الذي يقف عليه إلى المربع الشاغر الموجود أمامه مباشرة.أو:
  • (ب) في نقلته الأولى يمكن تحريك البيدق كما في (أ) أو تحريكه مربعين على نفس العمود بشرط أن يكون المربعين خاليين من القطع. أو:
  • (ت) يمكن تحريك البيدق إلى مربع أمامه قطريا على عمود مجاور تحتله قطعة منافسة آسرا تلك القطعة.
  • كما يمكن للبيدق إنجاز حركتين اخريين في حالات خاصة وهما الأخذ بالتجاوز وترقية البيدق (أنظر الفقرتين المواليتين).

الخميس، 16 أكتوبر 2014

علي هامش الرواية (5)




بقلم د/صديق الحكيم
ماهي السمات الأساسية لشخصية البطل في الرواية ؟
البطل: وهي الشخصية المحورية في العمل الأدبي، وشخصيته دائماً ما تكون مرنة قادرة على التغير.. وتغلب عليه السمات العشر التالية والتي تُبنى عليها الرواية حتى نهايتها:
تعثره في الأحداث لوجود تحدي أمامه يعترضه.
رفضه لهذا التحدي.
إجبار نفسه على قبول هذا التحدي.
السفر في طريق المحاولات.
جمع القوى والحلفاء له.
مواجهة الشرور التي تحاول هزيمته.
فترات من ظلمة النفس واليأس، يأتي بعدها..
قوة إيمانية تمكنه من..
مواجهة الشر مرة أخرى، ثم فجأة..
ينتقل الطالب من مرحلة تعلمه إلى مدرس يلقن غيره الدروس.

علي هامش الرواية (5) ماهي المقومات الفنية للرواية؟



علي هامش الرواية (5) ماهي المقومات الفنية للرواية؟
بقلم د/صديق الحكيم

ماهي المقومات الفنية للرواية؟
الطول ليس العنصر الوحيد الذي يميز الرواية عن باقي الأجناس الأدبية النثرية الأخرى،توجد روايات قصيرة إلي حد ما مثل الغريب لألبير كامو والعجوز والبحر لإرنست همنجواي عدد صفحاتها حول المئة صفحة تقريبا ومع ذلك تركت أثرا باقيا في عالم الرواية
 وإنما توجد مقومات فنية أخرى تجعلها ممتعة لقرائها. ومن هذه المقومات الفنية العناصر التالية:
موضوع الرواية
يدور العمل الأدبي فيها حول حادثة رئيسية واحدة، تتفرع منها أحداث ثانوية أخرى متعددة، وعلى الرغم من تركيز الأحداث على بطل أو اثنين إلا أنه هناك شخصيات ثانوية أيضاً تظهر في هذه الرواية تقوم بتجسيد هذه الأحداث أو المواضيع الثانوية.
التفصيل في الرواية
من خصائص الرواية أن كاتبها يميل إلى الإسهاب في سرد الأحداث بما فيها الزمان والمكان ولا يترك شيئاً إلا أن يقدم له وصفاً مفصلاً.. حيث أن الرواية تستمد طولها من هذا الوصف التفصيلي. ويضم الموضوع العديد من الأمور التي تعكس دقائق الأمور في بيئة أو مجتمع، فنظرة الكاتب هنا في الرواية هي نظرة شمولية لا تقتصر على خبراته الشخصية وإنما تشتمل على أحداث وطبائع وعادات وأزمنة قد لا يكون مر بها.
فنية الرواية
هناك بعض النقاد يشيرون إلى أن الرواية تفتقد إلى عنصر الفنية لتشعب أحداثها والوقوف على تفاصيل يتم الإسهاب فيها. أي أن حرية الكاتب سواء للإيجاز أو الإسهاب (بالطبع دون أن تتأثر المقومات الأساسية في كتابة الرواية) يعنى عدم التقيد، وعدم التقيد يعطي سهولة في الكتابة ولا يكون هناك احتياج للدقة.
طبيعة الرواية
تقدم الرواية سرداً لأحداث وأزمنة وأماكن كثيرة، وهذا يتطلب أن يكون كاتبها مؤرخ للتاريخ، أو أن يكون باحثاً اجتماعياً ملماً بكافة التفاصيل حتى تتوافر المصداقية في روايته لأنه يتناول الحدث وكأنها تحدث في الحقيقة.. الأمر الذي يتطلب الدراسة المتعمقة لكافة الأنماط المحيطة به في البيئة لكي تبدو طبيعية لتتوافر واقعية الأحداث. فالإنسان ينجذب إلى كل ما هو واقعي أو اجتماعي يحدث من حوله.
ذاتية الرواية

راوى أو سارد أو كاتب الأحداث بوسعه أن يعرض وجهة نظره الذاتية من خلال موضوع الرواية- لكن بطريقة غير مباشرة، في حين أن الأنواع القصصية الأخرى تكون موضوعية تقل التفاصيل فيها وتلتزم بقالب فني معين.

علي هامش الرواية (4)



علي هامش الرواية (4)
بقلم د/صديق الحكيم
ماهي مواطن المتعة في الرواية ؟
ماهي الأمور التي تجعل القارئ يستمتع بالرواية ؟

تجتمع في الرواية مجموعة من العوامل تدفع القارئ للاستمتاع بها مثل:
متعة السرد: يحقق المتعة من الرواية منذ قديم الأزل لأي شخص ينصت لها أو يقرأها.. حيث تتعدد أنماط الروايات فهناك رواية الحكايات.. وهناك رواية الأخبار.. أو قراءة الرواية نفسها والمتمثلة في العمل الأدبي النثري.
متعة التخيل: المتعة مرتبطة بكلمة الرواية والتي تأتى للإنسان من خلال "التخيل": متعة التخيل للأحداث،


متعة التخيل للشخصيات، متعة التخيل للوصول إلى المجهول.
متعة اللغة: استخدام الكاتب لأدواته الفنية من اللغة والمتمثلة في العناصر اللغوية المتعددة من التصوير والاستعارات والكنايات والبلاغة وغيرها من الأدوات اللغوية الأخرى.
متعة الإيهام بالحقيقة: فالكتابة الناجحة من مقوماتها توافر عنصر الصدق وكأن الرواية واقعية تشبه مجريات الحياة التي يعيشها الإنسان أو التي يجد غيره من حوله يعيشها بالمثل.
المتعة الشعورية: والمتمثلة في التشويق والإثارة.. التشويق والإثارة في الرواية يشبها الأيام العصيبة والأيام الجميلة في حياة الإنسان، وبدون هذا التباين والتناقض فلن يستطيع معرفة كل نوع من المواقف التي يتعرض لها سواء التي تجلب له السعادة أو التي تحمله على التعاسة والإحباط.
الحياة ليست كلها حلوة: ومن هنا تستمد متعتها وكذلك الرواية التي تعكس واقع الإنسان فهي تستمد متعتها من الإثارة والتشويق التي تقدمها للمتفرج.