الأحد، 2 نوفمبر 2014

الفصل السابع من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم




(7) السحور الفسفوري
-وعلي ضوء الشموع بدأ تحضير العشاء الفسفوري
تنفيذ الميمات الأربعة تحت إشراف الأم
-السفرة جاهزة
أعلنتها مديحة كمن يقدم عرض مسرحي استعراضي وكأنها تريد من وراء نداءها توصيل رسالة مشفرة إلي شخص معين حاضريهمه الأمر
ولمح محمود هذه الإشارة المستتر وفك رموز الشفر المرسلة إلي حسين
ابتسم ابتسامة عارضة وتذكر قول الروائي البرازيلي الشهير باولو كويلو
يُحَبّ المرء لأنه يُحَبّ، فلا يوجد سبب للحب
والحديث النبوي الشريف (الأروح جنود مجندة ما تعارف منها اتفق وما تناكر منها اختلف )
نعم لمح هذا التوافق بين مديحة وحسين
وهو لا يعارضه طالما كان في النور والأم بلاشك تتابع الأمر عن كثب وحسين مفضل لديها لأنه رجل يعتمد عليه وشخصية جادة زوج أخواته البنات بعد وفاة والده وظل بارا بأمه حتي وفاتها العام قبل الماضي وهو الآن يعيش وحيدا في شقة الأسرة في سابا باشا
وقطع صوت الأم حبل أفكار محمود
يلا يا أولاد الأكل هيبرد البنات تعبوا في تحضيره طول النهار
وما أن انتهت جملة الأم حتي رجع التيار الكهربائي متوجها وعم النور المكان وتحقق الجميع من المكان والأشخاص والألوان والديكور المبهج
وخصوصا ألوان الطعام الفسفوري البوري والبلطي والحمبري الجامبو والسلطات المتنوعة سلطة طحينة وسلطة خضاروبصل أخضر وجرجير
وكعادة البيوت المصرية الأم توزع الطعام علي الجالسين علي السفرة
وها هي تزيد من نصيب محمود العائد بعد غيبة طويلة وأيضا تزيد من نصيب حسين احتفاء به لمجهوداته في تجهيز الشقة ولأنها تتمني أن يكون عريس مديحة المنتظر ولذا فهي تحضر لذلك الأمر لكن علي نار هادئة 
كان حسين أول الناهضين من علي السفرة قائلا سفرة دايمة عقبال سفرة فرح محمود إن شاء الله
-فترد الأم المصرية المسيطرة  : أنت لحقت شبعت يا حسين ولا أكل مديحة مش ولابد
-لا والله شبعت وتسلم الأيادي يا مديحة والميمات كلهم أكيد
الأكل لذيذ وطبعا البركة فيك يا حاجة
-يعلق محمود(معلقا) هنيالك ياعم حسين كأنك إنت العريس وإحنا راحت علينا خلاص
-لا يا عم أنا لسة بدري عليا لما أدخل القفص الذهبي
-الأم : لا متقلش كدة أنت في سن محمود ودا أحسن سن لتكوين الأسرة
ولا إنت مش لاقي العروسة المناسبة
-وأخيرا ينطق الأب قائلا حسين ابن حلال ويشرف أي عيلة وتتمناه أي بنت وعموما انوي أنت وأنا زي والدك الله يرحمه
-نعم أنتم أهلي وربنا يقدم اللي فيه الخير
-محمود : يا جماعة الخير
أنا العريس
 أنا العريس
حسين لسة بيفكر أما أنا ففكرت وقررت والعروسة وأهلها منتظرين
زيارتنا يوم الجمعة اللي جاية بعد صلاة العشاء والتراويح
-خلاص يا ابني عرفنا
إنت جاهز
-أيوة يابابا إحنا هنروح نتعرف أول مرة ونقرأ الفاتحة
-سألت مها (أصغر الميمات) ومين الفريق القومي اللي هيروح في أول زيارة
-ردت ماجدة طبعا أنا وماما وبابا
-ميرفت :طب والعريس مش هيروح
-محمود (مداعبا ميرفت) : مش لازم روحي إنتي يا وركبي شنب
-زعلت ميرفت ودخلت مع مها وهي تقول خلاص أنا هروح أصلي التراويح في المرسي أبو العباس وأتفسح في بحري
-ترد الأم يا سلام هتروحي لوحدك من غير رجل معكم
-خلاص هنروح بيتنا بكرة في السبع بنات
ويوم الجمعة هنصلي كلنا العشاء والتراويح في المرسي أبو العباس
وبعد التراويح هنروح كلنا لزيارة التعرف
محمود :ومعنا حسين طبعا كأنه بيدبسة في المهمة دي
-حسين: ماشي يا محمود
الأم: حسين مش بيتأخر عننا  وهو صاحب واجب من يومه
-تسلمي يا حاجة وربنا يتمم بخير
-الأب عقبالك يا حسين
-والله يا عمي  شكلي هفكر جديا في الموضوع
-الأم فكر وكلنا معك ومخفش من أي حاجة
-محمود: هنيالك يا عم الأمم المتحدة كلها معك
تقريبا انتهي الجميع من تناول العشاء المتأخر أو من السحور المبكر
ونادت الأم علي الميمات الأربعة لرفع الطعام بينما ذهب الأب ومحمود وحسين لغسيل الأيدي وعادوا إلي الصالون
-طلبت الأم من مديحة تقديم الحلو والفاكهة
-وتقدم حسين من محمود طالبا منه أن يذهب فقد تأخر الوقت فعلا وسيمر عليه غدا بعد الإفطار (بعد المغرب)
-فقال له محمود أنا هكون في السبع بنات إيه رأيك تيجي تفطر معنا
-سمعت الأم دعوة محمود لصديقه حسين وصدقت عليها بالموافقة  ومن بعدها الأب ختم بخاتم شعار الأسرة
ولم يجد حسين أمام هذا الإجماع العائلي مفر من الحضور
وقال في نفسه جميل أن يجد المرء أسرة بسيطة وسعيدة كهذه ويكون له نصيب في مصاهرتها
فهم لن يضعوا شروط تعجيزية بالنسبة له  ولن يجنحوا إلي التعقيد والمغالاة في أمور الزواج من شبكة ومهر وخلافه فمن خلال حواراتهم كل ما يهمهم هو شخص يصون ابنتهم ويكون علي قدر المسؤولية وطبعا لديه مسكن مناسب
-نزل محمود مع حسين في المصعد ليوصله حتي سيارته التي وجدها ملمعة وتبرق وبجوارها عم فرجاني يرفع يده بتحية عسكرية للباشا منتظر البقشيش الكبير
-فهم حسين الحكاية ورد التحية العسكرية بعشرة جنيهات لعم فرجاني
-انطلق حسين بسيارته إلي شقته بسابا باشا
-ورجع محمود ليتعرف علي عم فرجاني وأسرته الصغيرة ابنه محمد وزوجته ست أبوها وابنته مروة وأخرج محمود من جيبه ورقة نقدية بمبلغ مئة ريال سعودي وأعطاها لعم فرجاني وقال له معلش يا عم فرجاني قائلا ولا يهمك يا مستر محمود
-هغيرها الآن من سعيد حمدان
-محمود :مين سعيد حمدان ؟ هل هو تاجر عملة مشهور في المنطقة
-لا يا مستر دا صاحب سوبر ماركت السعادة اللي وراك بالظبط
والتفت خلفه محمود ليجد سعيد حمدان يلوح له مبتسما من داخل سوبر ماركت السعادة ببرج السعادة
-لوح له محمود وفي مبادرة منه للتعرف علي جيرانه الجدد مشي نحو سعيد وسلم عليه وتعرف عليه وبدون إضاعة للفرص بادره سعيد أي خدمة يا مستر محمود من السوبر ماركت كله تحت أمرك وكمان تغيير الدولارات بسعر أعلي من البنك
-محمود مبتسما : شكرا يا عم سعيد لنا قاعدة بعدين تصبحوا علي خير جميعا
ودخل محمود  البرج قاصدا المصعد لكن الكهرباء مرة أخري انقطعت ولف الظلام المكان
فقال محمود أمري لله أصعد السلم مرة أخري حتي علشان أهضم هذه الوجبة الدسمة من الطعام السكندري الفسفوري
-صعد محمود السلم وهو يفكر في مستقبله مع سلوي
ويسأل نفسه ماذا أستطيع أن أنجز  في هذه الأجازة القصيرة
هل سنكتفي بالخطوبة وتلبيس دبل
أم سيتطور الموضوع لشبكة كاملة وكتب كتاب
أم ياتري يكتمل الحلم ونتزوج وندخل
وعلي بسطة الدول الثاني رن الموبايل
إنها سلوي تتصل للاطمئنان علي سلامة وصوله
فيرد محمود كنت لسة هكلمك بعدما وصلت حسين وأنا صاعد علي السلم كنت بفكر فيك يا عمري وماذا نستطيع أن ننجز في هذه الأيام المعدودات
-بالكتير خطوبة وتلبيس دبل
-أنا كنت طمعان في شبكة وكتب كتاب ولا دخلة
- تضحك سلوي علي الطرف الآخر دخلة مرة واحدة أنت طماع أوي
-إذا كنت أنت جاهز أنا لسة مش جاهزة
باقي كتير في الجهاز من الأفضل أن نؤجل موضوع الدخلة ده للعام القادم إن شاء الله
-فجأة جاء النور المقطوع ومحمود عند باب الشقة في الدور الخامس
-الله ينور عليك
-سمعتي النكتة بتاعة الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء
-لأ
بيقولك يا ستي الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء كان شغال زهرات (مؤقت) أيام مرسي أما دلوقتي فالسيسي شغله بعقد دائم
-صحيح نكتة في وقتها
-بس موضوع الكهرباء ده مزمن من بقايا فساد مبارك مدة 30 سنة ومرسي والسيسي ورثوا تركة الفساد زي ماهي
بس فيه فرق مرسي الإعلام كان ضده وضخم أخطاؤه
أما السيسي فالإعلام معه ويتغاضي عن نفس الأخطاء أو يلتمس له الأعذار والسيسي ومرسي ينطبق عليهما مع الإعلام المثل الشعبي الشهير(حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط)
-سلوي : كفاية سياسة كدة وروح نام تصبح علي سعادة وهناء
-تصبحين علي حب وفرح  يا حبيبتي
ودخل محمود الشقة وكان يتوقع أن يكمل السهرة مع الأسرة حتي مطلع الفجر
 لكنه وجد الجميع قد خلدوا إلي النوم وراحوا في سبات عميق ربما من تأثير التعب طول النهار مع الصيام  والأكلة الفسفورية  الدسمة
-كويس خالص أروح أنام أنا كمان كان يوم طويل جدا
و ذهب إلي سريره والنوم يداعب جفونه ورغم ذلك ما زال الشوق بلم به وصورة سلوي لا تفارق مخيلته يمني نفسه أن يراها غدا
ويريد أن ينام بسرعة حتي يأتي الصباح بسرعة ويراها

أو تزوره في الحلم 

ليست هناك تعليقات: