الأحد، 2 نوفمبر 2014

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم : الفصل السادس



(6) علي ضوء الشُموع عُدنا
-قالت الأم خلاص قربنا
ولم تكد تنهي كلمتها حتي عم الظلام الطريق والأفق
لقد انقطع النور كالعادة كل يوم يقطع خمس أو ست مرات علي الأقل
-وجه محمود كلامه لحسين منورين
-منورة  بك يا أبو حنفي 
قال حسين خلاص يا جماعة لا تقلقوا
وصلنا تقاطع شارع الفتح مع شارع سميكة باشا
-وهنا يسأل الأب مداعبا حسين :سميكة باشا ولا سمكة باشا
-فقال محمود لأبيه يابابا بجد مش عارف ولا بتهزر مع حسين
-لا بجد مش عارف مين سميكة باشا ... إنت تعرفه يا محمود
وهل يفتي ومالك في المدينة؟
مين هو سميكة باشا دة يا حسين ؟
ماشي يا عم محمود مقبولة منك التريقة
باختصار اسمه مرقص باشا سميكة  صاحب فكرة تأسيس المتحف القبطي عام 1893 م وقد جاهد هذا الرجل القبطي العظيم طويلا حتي تمكن من اقامة المبني الحالي للمتحف الذي افتتح عام 1910، وعين هو أول مدير له واختار المكان في منطقة محاطة بالكنائس، وعرف في البداية بمتحف المقتنيات الخاصة، فالكثير من القطع كانت مقتنيات لأغنياء مصر أهدوها بعد ذلك للمتحف.  تصور أن عدد المقتنيات بالمتحف القبطي نحو 16000 مقتني من أهمها مزامير داوود ولوحة آدم وحواء وشرقية باويط، وقد ظل المتحف القبطي تابعا للبطريركية القبطية حتي عام 1931 ثم أصبح تابعا لوزارة الثقافة
-إيه رأيك يا عمي
-الأب لو النور مش طافي كنت قلت أنت بتقرأ من ورقة
الأم بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك
-الله عليك يا حسين موسوعة تاريخية متنقلة
- يا خسارتك هنا يا حسين
-يا محمود أنا لسة عند رأيي مصر فيها خير كتير
- يا حسين أنا متأكد من كدة تماما من ساعة مقررت أسافر
 بس خير مصر مش لنا مش للطبقة الكادحة أمثالنا ،خيرها للناس اللي فوق
-مش المفروض الثورة سوت بين الناس (الأب)
-حسين (في ضحكة بطعم الصبار)أي ثورة فيهم يا حاج (يوليو ولا يناير ولا يونيو) الثورات كتير
-على رأيك والله يا بني الواحد بقي مش عارف راسه من رجليه من كتر الثورات وربنا يولي الأصلح لمصر
-يارب يا حاج
-مصر تستحق أفضل من كل هؤلاء
وانعطفت السيارة إلي اليسار داخل شارع مرقص سميكة باشا حتي وصلت إلي برج السعادة وأمام باب البرج نزل الجميع من السيارة
ومازال النور قاطع
لكن البواب عم فرجاني جاهز لمثل هذه المواقف المتكررة في الصيف ومعه كشاف شحن منور في مدخل البرج وكمان كشاف احتياطي
-طبعا المصعد لا يعمل لذا سيضطر الجميع للصعود علي أقدامهم حتي الدور الخامس شقة رقم 20
وسيتولي عم فرجاني تنزيل الشنط المحملة من خيرات السعودية وحملها إلي أعلي وهذا بالطبع سيزيد من البقشيش وحلاوة سلامة الوصول
وعلي ضوء كشاف عم فرجاني صعد محمود وأبويه واحدة واحدة
وفي طريق الصعود رن تليفون الأب
-قالت الأم مين بيرن في الضلمة دي
-أخرج الأب الموبايل وهو مازال يرن بصوت مزعج في هدوء الليل المظلم  فالساعة الآن تقترب من منتصف ليل الأسكندرية
- ضحك الأب إنها مديحة
-الأم وهي تهمس وقد تنهج علي أخرها كلما صعدت لأعلي
 خلاص وصلنا ياست مديحة
-ومن أعلي كانت صوت البنات واضحا حمدا لله علي السلامة يا محمود
نورت مصر
ضحك محمود ورد عليهن منورة بيكم يا ميمات
وميمات جمع ميم لأن أخواته البنات تبدأ أسماءهن جميعا بحرف الميم وهن علي الترتيب :مديحة وماجدة وميرفت ومها أعمارهن علي الترتيب 27 و25 و23 و21 كلهن جامعيات قد حصلن علي مؤهل عال من جامعة الأسكندرية العريقة
وصلنا أخيرا للشقة وحسين صامت طوال رحلة صعود السلم
وعند الباب قال حسين أستأذن يا أبو حنفي حمد لله علي السلامة
هشوفك بكرة
-قالت الأم (المصرية العبقرية) والله لا يمكن ولا ينفع لازم تتعشي معنا
-بس الوقت اتأخر وكمان علشان تكونوا براحتكم مع محمود هو أكيد وحشكم ووحشتوه
-ردت الأم (وهي تلتقط أنفاسها ):هو أنت غريب يا حسين إنت واحد مننا أنت زي محمود بالظبط
-تسلمي يا حاجة ومحمود بالنسبة لي أكثر من أخ
-خلاص يا عم حسين الحاجة أمرت

-أمر الحاجة نافذ 

ليست هناك تعليقات: