السبت، 17 يناير 2015

لم يأت "الإسلام" طوباويا، بل جاء لينظم حياة بشر خطائين دوما.


أشرف الخمايسي 

لم يأت "الإسلام" طوباويا، بل جاء لينظم حياة بشر خطائين دوما.
ومن مكونات الحياة البشرية "الحرب"، و"القتل".
"إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة".
والقتل، والقتال، والمقاتلة، بشروط، وعلى أصول. ليس منها القهر، أو التوسع من أجل دنيا، أو العنصرية والطائفية.
وأروع ما في "الإسلام" هو أن نواته "عقلية".
وفكرته الأساسية لا مكان للأساطير الدينية فيها.
فغايته حرية الإنسان.
حيث "لا إله إلا الله".
غاية سامية يطلبها "العقل".
ومنهاجه "عقلي"، فلا يعترف بوساطة مخلوق بين "الله" و"الإنسان"، بل ليس للمرء إلا ما سعى، ولا تذر، فيه، وازرة وزر أخرى، ويعلن أن الخالق لن يغير ما بالإنسانية قبل أن تغير الإنسانية ما بنفسها.
"الإنسان" هو المسؤول الأول، والأخير، عن حياته.
قمة المنهج "العقلى"، وغاية الاحترام للإنسانية.
والداعي إليه رجل لم يمارس "الكهنوت"، ولم يدع المعجزات في حياته، وكلما حزبه أمر مال إلى استشارة أصحابه، ولم يلجأ قط إلى كهف، أو خلوة، ينتظر فيها حلا إلهيا.
فلقد حل مشكلة "الحديبية"، العصيبة، بصلح سياسي، فوري، تنازل فيه عن صفة "الرسالة".
وحل المشكلة العسكرية في "بدر" برأي رجل من أتباعه، رافضا الادعاء بأن منزله من أرض المعركة أمر من الله.
وقال للناس: أنتم أدرى بأمور دنياكم.
وفي الوقت الذي جمدت فيه بقية الأديان، وقبل أتباعها بأن تتحول إلى أعمال قلبية، يأبى المسلمون إلا أن يكون الإسلام دليلا دنيويا، ونورا روحيا، لا لشئ سوى لأنه يقدم، بالفعل، العديد من الحلول الناجعة لو صح "الفهم"، وسلم "الفقه".
وكتاب الإسلام، "القرآن"، أروع الكتب.
إذ أنه تمكن من الحفاظ على لغة صعبة.
وبقى "خريطة طريق" تحدد للإنسان الاتجاه إن أراد التحضر ماديا، ومعنويا، معجز البلاغة، يشف إذا رق، ويضج إذا دق، ويفضح إذا شق.
المشكلة ليست في الأئمة أصحاب الفقه القديم، فقد كان فقههم في أوقاتهم جديدا، ومعاصرا، ولائقا، وإنما في فقهاء محدثين لا يمتلكون جرأة "أجتهد رأيي ولا ألو"، فبقوا متمسكين بالفهم الذي استهلكه تعاقب العصور، بينما "الإسلام"، في ذاته، ديناميكي متجدد. قلبه محمَّل بألف فقه وفقه.
ستبقى، شريعة التوحيد الخالص، دينا، وفكرا، الأسمى.
وسيظل "محمد بن عبد الله"، حتى بعيدا عن فكرة "الرسالة"، الرجل الأعظم عبر كل العصور، وزهرة العالم الفواحة بالأريج العطر.

ليست هناك تعليقات: