‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبوالبقاء الرندي ، الأندلس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أبوالبقاء الرندي ، الأندلس. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 6 مارس 2014

ــنونية أبو البقاء الرّندي من مراثي الأندلس نظمها بعد سقوط آخر أراضي المسلمين في الأندلس.



لكل شيء إذا ما تمّ نُقصانفلا يغرَّنَّ بطيب العيش إنسان
هي الأمُورُ كما شاهدتها دولٌمن سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
و هذه الدار لا تُبقي على أحدو لا يدوم على حالٍ لها شانُ
يُمَزق الدهرُ حتمًا كلَّ سابغةٍإذا نَبَتْ مَشرَفِيات و خَرصانُ
و يَنتَضي كلَّ سيف للفناء و لوكان ابنَ ذي يَزَن و الغِمدَ غِمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍو أين منهم أكاليلٌ و تيجانُ
و أين ما شاده شدَّادُ في إرمٍو أين ما ساسه في الفرس ساسانُ
و أين ما حازه قارون من ذهبو أين عادٌ و شدادٌ و قحطانُ
أتى على الكلِّ أمرٌ لا مَرَدَّ لهحتى قضوا فكأن القومَ ما كانوا
و صار ما كان من مُلك و من مَلككما حكى عن خيال الطيفِ وَسْنانُ
دار الزمان على دارا و قاتلهو أمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعبُ لم يَسهُل لهُ سببُيومًا و لا مَلك الدنيا سليمانُ
فجائع الدهر أنواع منوعةو للزمان مسرات وأحزانُ
و للحوادث سُلوان يُسَهِّلهاو ما لما حل بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لههوى له أُحدٌ و انهدَّ ثَهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْحتّى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مُرسيةٍو أين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
و أين قرطبةٌ دارُ العلوم فكممن عالمٍ قد سما فيها له شانُ
و أين حِمصُ و ما تحويه من نُزهٍو نهرها العذب فيّاض و ملآنُ
قواعدٌ كُنَّ أركانَ البلاد فماعسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركان
تبكي الحنيفيةُ البيضاءُ مِن أسفٍكما بكى لفراق الإلف هَيمانُ
عَـلى دِيـارٍ مِـنَ الإِسلامِ خالِيَةٍقَـد أَقـفَرَت وَ لَها بالكُفرِ عُمرانُ
حيثُ المساجد قد صارت كنائس مافيهنَّ إلّا نواقيسٌ و صُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي و هي جامدةٌحتى المنابرُ تَرثي و هي عِيدانُ
يا غافلاً و له في الدهرِ موعظةٌإن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
و ماشيًا مرحًا يُلهيه موطنهُأبَعدَ حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمهاو ما لها مع طولَ الدهرِ نَسيانُ
يا أيها الملك البيضاء رايتهأدرك بسيفك أهل الكفر لا كانوا
يا راكبين عِتاقَ الخيلِ ضامرةًكأنها في مجال السَّبقِ عُقبانُ
و حاملين سيوفَ الهندِ مُرهفةُكأنها في ظلامِ النَّقع نِيرانُ
و راتعين وراء البحر في دَعةٍلهم بأوطانهم عِزٌّ و سُلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍفقد سرى بحديثِ القومِ ركُبانُ
كمْ يستغيثُ بنا المستضعفون و همقتلى و أسرى فما يهتزُّ إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُو أنتمْ يا عبادَ الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌأما على الخيرِ أنصارٌ و أعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزتهمأحالَ حالهمْ كفر و طُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهمو اليومَ هم في بلاد الكفر عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْعليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
و لو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُلهالكَ الأمرُ و استهوتكَ أحزانُ
يا رُبَّ أمٍّ و طفلٍ حِيلَ بينهماكما تَفرَّقَ أرواحٌ و أبدانُ
و طفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ إذْ طلعتكأنما هي ياقوتٌ و مَرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مُكرهةًو العينُ باكيةُ و القلبُ حَيرانُ
لمِثلِ هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍإنْ كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ