‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال ، الشرق ، خالص جلبي ، تاريخ الهند ، الملك آشوكا ،. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال ، الشرق ، خالص جلبي ، تاريخ الهند ، الملك آشوكا ،. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 9 مارس 2014

أجمل الكتب

أمتع الأوقات ساعات تذوق المعرفة، وكَتَب العقاد كتابا عن الحياة بين الكتب، ويروى عنه أنه كان يمضي وقته في القراءة بأوقات محفوظة، ففي الصباح في غرفة، وبعد الظهر في أخرى، وعند الأصيل في ظل ظليل، وعند المساء في ضوء مريح للناظرين والقارئين، فيلتهم أكداسا وأطنانا من المعرفة، وأنا أغبطه وأتمنى لنفسي مستقراً ومستودعا بين الكتب، كما مات الجاحظ بانهيار مكتبته فوق رأسه؟
أقول هذا لأنني كنت البارحة بين بناتي أروي لهن غرامي بالمعرفة، وتذوقي للأفكار اللذيذة من رحيق ينابيع الكتب، وأنصح القاريء أن يمشي على بعض من الدرب الذي مشيت فيه، فالأخت هيام ملقي مثلا الكاتبة هي من عرفني على الوردي عالم الاجتماع العراقي، وكان ذلك في الجولان السوري قبل سنوات، فقرأت كتابه منطق ابن خلدون بلذة وغرام وأنا في السيارة وعبود يسوق بين بير عجم ودمشق وأنا غاطس في حمام لذيذ من المعرفة لا أحب مغادرته حتى أنهيت الكتاب، وكان مصورا في جزئين ثم اقتنيته في جزء واحد، وقلت إن هذا الكاتب العراقي الساحر لابد له من كتب أخرى، وهكذا وقعت تحت يدي مجموعة من كتبه مثل وعاظ السلاطين، ومهزلة العقل البشري، وشخصية الإنسان العراقي، وخوارق اللاشعور والأحلام، ولكن أعظم كتبه على الإطلاق موسوعته في التاريخ العراقي الحديث، حيث اشتغلت عليه ستة أشهر، كما حصل معي في كتاب عبد الله عنان عن التاريخ الأندلسي ومقدمة ابن خلدون، الأول اشتغلت عليه أيضا ستة أشهر والثاني ثلاث أشهر عدا حتى هضمت بعضه، وموسوعة الوردي تحدث فيها عن أشياء شتى رافقت نشأة العراق الحديث فتكلم عن البابية والبهائية وقرة عين والماسونية والصهيونية والانكشارية.
ومن هذه الكتب الروائع والمدارس البينات أيضا كتاب النيهوم في محنة ثقافة مزورة، وهو كتاب اجتمعت به في حلب في جامع الفرقان فغرقت فيه وتركت من حولي حتى التهمته في أربع ساعات، وقلت لابد من قراءته من جديد وهذا الذي كان، ثم اطلعت على تراث الرجل وهو الآن بين يدي الرحمن الرحيم فقد مات بعمر صغير نسبيا عن 58 عاما، وهكذا التهمت بقية كتبه، وهي سحر من السحر، وروح عظيمة وفكر نير ومدرسة مميزة، فقرأت إسلام ضد الإسلام، والطريق إلى مكة، وقرود ... قرود والناقد، ومن أعماله المميزة موسوعة التاريخ.
ومن هذه الكتب أذكر في النهاية غطفان القادري الذي أهداني كتاب العبودية المختارة وألح علي بالاطلاع عليه، وكان كتابا رثا صغير البنط يحتاج إلى مكبر لقراءته، وأغراني فيه صغر حجمه وكنت على سفر إلى كندا فقلت أتسلى فيه في طريق طويل يمتد 18 ساعة طيران، وحين قلبت الكتاب للمرة الأولى خطر في بالي كتاب العبودية لابن تيمية.
ولكن حين فتحت الكتاب ذهلت ثم ذهلت ثم ذهلت ثلاث مرات، لشاب في الثلاثينات كتب كتابه في شرح آلة الطغيان في أربعين صفحة قبل أربعة قرون فقد كتبه عام 1562 م فتبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام.
خالص جلبي        2010-06-28 12:55 AM

السبت، 8 مارس 2014

الملك آشوكا .. درس عظيم في التحول الإيجابي في التفكير لمن يعتبر


الملك آشوكا .. درس عظيم في التحول الإيجابي في التفكير لمن يعتبر

يروي لنا تاريخ الهند أن الملك آشوكا، من أسرة موريا، الذي اعتلى العرش عام 273 ق م بعد نهاية غزوات الإسكندر قام، على غرار من سبقه، بتوسيع مملكته عسكرياً. وفي إحدى غزواته في شرق الهند قتل مائة ألف وجرح نظير ذلك من الناس، فهاله منظر الدماء والآلام
. وكان اجتماعُه براهب نقطة التحول في تفكيره عن عبثية الحرب، فغير حياته بالكامل من السيف إلى الكلمة والتربية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن الدم إلى الهداية. ولقد أطلق في مملكته كل ألوان التسامح الديني مع الآخرين من كل الأديان،

وصبَّ جهده لترميم البنية التحتية بما يفيد منه العباد، وبلغت به الرحمة حداً أن هيأ مشافي لمعالجة الحيوانات المريضة. وهكذا طلَّق آشوكا الحرب إلى غير رجعة، وتحولت مملكته إلى روح وريحان وجنة نعيم، وذهب اسمُه سلفاً ومثلاً للآخرين. إن قصص هذه النجوم الإنسانية تدفع الإنسان للخشوع والأمل في الجنس البشري من حيث إنه مستودع لمشروع هائل. 

المصدر 
كتاب الخالدون مائه اعظمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤلف الامريكى مايكل هارت 

فترة الحضانة في الأفكار والسياسة

خالص جلبي

إننا نتساءل فعلاً لماذا كان الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – يوصي أتباعه في مكة بعدم الدفاع عن أنفسهم؟ كما نتساءل، بالمقابل، لماذا لم يستخدم عيسى بن مريم القوة المسلحة؟
ولفهم هذه النقطة يجب أن ننتبه، كما يقول مالك بن نبي، إلى ظاهرة «الحضانة الحضارية» في كل دعوة؛ فالرسول – صلى الله عليه وسلم – أنهى مرحلته الأولى بتحويل المجتمع سلمياً في عقدين ونيف، في الوقت الذي لم يحقق أتباع المسيح ذلك إلا في ثلاثة قرون. ونحن نعرف عن فكرة «الحضانة» incubation أنها ظاهرة كونية، سواء في علم الأمراض أو تخمر الخبز أو نمو الشجر وولادة الإنسان؛ وهي تنطبق على الأفكار والحضارات. في انفجار مرض التهاب الكبد مائة يوم. في الإيدز قد يستغرق سنوات. في خثرة الأوردة والصمامة الرئوية القاتلة عشرة أيام. في الكزاز أسبوعا، وكذلك سعار الكلب. في نمو الشجرة أشهرا لضرب الجذور. في حمل الإنسان تسعة أشهر وأقل في الأرانب والدجاج. في الأفكار حتى تتخمر والشجر حتى يسمق والزيتون حتى يحمل عشر سنين. أما في الحضارة والأمم فهي قرون بين ذلك كثيرة. منه نبهنا القرآن للرجوع إلى التاريخ.
وإذا كان إبراهيم – عليه السلام – «نواة أمة» («إن إبراهيم كان أمة» – النحل 120) فإن محمداً – صلى الله عليه وسلم – صَنَعَ أمة. وهكذا فهناك فترة كمونية بين البذرة والتشكل وبين الفكرة وتمكُّنها؛ وكانت في الإسلام سريعة دامت 23 عاما، ولكنها في المسيحية احتاجت أربعة عشر ضعفاً. ودعوات الأنبياء متشابهة، تمشي على نسق واحد في التحقق؛ وهي تغيِّر المجتمع سلمياً بتغيير رصيد ما بالنفوس.
يروي لنا تاريخ الهند أن الملك آشوكا، من أسرة موريا، الذي اعتلى العرش عام 273 ق م بعد نهاية غزوات الإسكندر قام، على غرار من سبقه، بتوسيع مملكته عسكرياً. وفي إحدى غزواته في شرق الهند قتل مائة ألف وجرح نظير ذلك من الناس، فهاله منظر الدماء والآلام. وكان اجتماعُه براهب نقطة التحول في تفكيره عن عبثية الحرب، فغير حياته بالكامل من السيف إلى الكلمة والتربية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن الدم إلى الهداية. ولقد أطلق في مملكته كل ألوان التسامح الديني مع الآخرين من كل الأديان، وصبَّ جهده لترميم البنية التحتية بما يفيد منه العباد، وبلغت به الرحمة حداً أن هيأ مشافي لمعالجة الحيوانات المريضة. وهكذا طلَّق آشوكا الحرب إلى غير رجعة، وتحولت مملكته إلى روح وريحان وجنة نعيم، وذهب اسمُه سلفاً ومثلاً للآخرين. إن قصص هذه النجوم الإنسانية تدفع الإنسان للخشوع والأمل في الجنس البشري من حيث إنه مستودع لمشروع هائل. وإلى أين تنتهي السفالة؟ وإلى أين يحلق السمو؟