‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال ، الشروق ، مصر ، الشعب ، الحرية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقال ، الشروق ، مصر ، الشعب ، الحرية. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 13 مارس 2014

ماذا لو فشل الرئيس القادم؟



عبد الفتاح عبد المنعم

بداية، يجب أن نؤكد أن الخطيئة الكبرى التى وقعت فيها جماعة الإخوان ليس فقط ترشحها على منصب رئيس الجمهورية، بل أنها ربطت بين فشل هذا الرئيس ومصير الجماعة، فلو أن الإخوان فكروا قليلاً قبل تعاطيهم مع مرسى بعد عزله بشكل براجماتى لما انهار هذا التنظيم، ولما تحول إلى أكبر تنظيم إرهابى، ليس بقرار حكومى فقط، بل بقرار شعبى أيضًا، ولما خسرت الجماعة تعاطف أغلب القوى السياسية معها.. إذن، كل هذه النتائج الكارثية سببها ربط الإخوان بفشل مرسى، لأن الجميع كان يعلم أن الذى يحكم هو مكتب إرشاد الجماعة، وعلى رأسهم محمد بديع، مرشد الإخوان، لهذا خرجت الملايين تطالب بإسقاط حكم المرشد.. ما حدث مع الإخوان بسبب غبائهم السياسى، ولا نريده أن يتكرر مع المشير السيسى، أو حمدين صباحى، أو أى حاكم آخر، فإذا فشل السيسى فلا تقل إن هذا فشل حكم العسكر، ونجد مراهقى المظاهرات يخرجون ليرفعوا هذا الشعار، أو أن يفشل حمدين صباحى فنكفر بالفكر الناصرى والزعيم الخالد جمال عبدالناصر، أو أن يفشل حاكم إسلامى فنهاجم الدين، فكل حاكم يحمل فشله على نفسه، وليس على الجهة التى ينتمى إليها، مثل الجيش أو تيار سياسى، مثل الأحزاب، ولهذا على كل رئيس قادم أن يفكر مليون مرة قبل أن يدخل سباق انتخابات الرئاسة، بأن يكون بينه وبين أى جهة أو تيار ينتمى إليه مسافة، حتى لا يورط هذه الجهة معه لو فشل فى حكم مصر، ونعده بأنه لو نجح فى حكم مصر سنقول إنه نجح بشعبه كله، وليس بالجهة، أو التيار الذى جاء منه، ولن نستثنى أحدًا، سواء السيسى أو صباحى أو أى شخص جاء من تيار ما، بشرط ألا يورط تياره أو جهته فى حكم مصر، بل يتحلى هو بالشجاعة ما يجعله يقول أنا أتحمل مسؤولية فشل حكمى لمصر.. أتمنى أن تصل رسالتى للجميع حاكمًا ومحكومًا.. اللهم احفظ مصر من المزايدين عليها، اللهم آمين.

رابط المقال

إعادة الاعتبار للعقل المصرى مقال وائل السمري

أربعون عاما ونحن هكذا، نحتقر العلماء، نسخر من الأدباء، نعتبر كل مبدع «مجنوناً» أو على الأقل «مجذوباً» رفعنا من شأن المكسب المالى السريع فلم نسرع فى شىء إلا فى الهبوط، تنظر إلى أكبر رجال الأعمال فى مصر بشكل مجرد فلا تجدهم إلا بضعة سماسرة، كل شىء للبيع، وكل شىء ستجد له ألف سمسار ولن تجد له منتجا واحدا، نتابع أخبار العالم فنجد أن بضعة شباب استطاعوا مؤخرا أن يبيعوا تطبيقا للتليفونات المحمولة «واتس آب» بستة عشر مليار دولار، بينما يقفز أحد أفلام الرسوم المتحركة «فروزن» ليكسر حاجز المليار دولار فى بضعة أسابيع، ثم ننظر إلى بلدنا فنجده محاطا بالديون من كل جانب، ولو كان به اثنان فقط مثل صناع «واتس أب» لاختفت الديون أو عاد الاحتياطى النقدى كما كان قبيل الثورة.

الثلاثاء، 11 مارس 2014

زيادة الثروة.. أم حُسن توزيعها؟ مقال جلال أمين في الشروق

جلال أمين

منذ أن ولد علم الاقتصاد (أى منذ قرنين ونصف القرن) ظلت فكرتان تتصارعان داخل عقول الاقتصاديين (بل وربما فى قلوبهم أيضا)، فتنتصر إحداهما مرة، ثم تنتصر عليها الأخرى. والصراع هو حول الإجابة على السؤال الآتى: «أيهما أهم: زيادة الثروة أم حُسن توزيعها؟».
من السهل أن نتبين أن وراء هذا الصراع فى الفكر، صراعا طبقيا، فالمنتصرون للأغنياء يقولون عادة إن زيادة الثروة هى الأهم (إذ إن إعادة توزيع الثروة لابد أن يكون على حسابهم)، والمنتصرون للفقراء يقولون بالعكس إن المهم هو حُسن توزيع الثروة، ولكن الجميع يزعمون بأنهم لا يبغون فى النهاية إلا مصلحة الفقراء. الفريق الأول يقول ان التركيز على زيادة الثروة هو الذى يحقق مصلحة الفقراء فى النهاية، وان اللهفة على إعادة التوزيع لصالح الفقراء، ستنتهى بالإضرار بهم، فإذا بنا بدلا من أن نعيد توزيع الثروة نعيد فى الواقع توزيع الفقر. أما الفريق الثانى، فيؤكد أن سوء توزيع الثروة لابد أن يؤدى فى النهاية إلى تقليل حجم الثروة نفسها، ومن ثم فإن إعادة التوزيع تضمن تحقيق العدل والتنمية فى نفس الوقت.
المدهش فى هذا الخلاف الذى بدأ منذ آدم سميث (1776)، الذى يوصف عادة بأنه أبوعلم الاقتصاد، أن الحجج التى يستخدمها كل فريق لم تتغير كثيرا منذ ذلك اليوم. أما حجة الفريق الأول فتتلخص فى الآتى: تحسين حالة الفقراء (العمال) يتوقف على زيادة الطلب عليهم، فتنخفض البطالة وترتفع الأجور. ولكن زيادة الطلب على العمال تتوقف بدورها على الاستثمار، والاستثمار يتوقف على الادخار، والادخار لا يقدر عليه إلا الأغنياء (الرأسماليون)، فلنترك الرأسماليين إذن يحققون المزيد والمزيد من الأرباح، ويزدادون غنى، ففى ذلك مصلحة الفقراء أيضا.
هذا الفريق يستغرب القول بغير ذلك. إذ من الذى يمكن ان يوظف العمال غير الرأسماليين؟ الدولة؟ فمن أين ستأتى الدولة بالأموال اللازمة؟ إما من الضرائب أو بالتأميم. ولكن زيادة الضرائب والتأميم كلاهما بمثابة قتل الدجاجة التى تبيض ذهبا. الضرائب تقتل الحافز لدى الرأسماليين للقيام بالاستثمار، والتأميم ينقل قرارات الإنتاج والاستثمار من يد أكفأ الناس (الرأسماليين) إلى يد أقلهم كفاءة (موظفو الدولة)، ناهيك عما يؤدى إليه هذا من ديكتاتورية.
من الأقوال الطريفة التى تنسب إلى أنصار هذا الفريق، قول أحد الساخرين من الذين لا يكفون عن الشكوى من استغلال الرأسماليين للعمال: «إن هناك شيئا أفظع من ان تخضع للاستغلال، وهو ألا تجد من يستغلك على الإطلاق!».
أما الفريق الثانى، فتتلخص حجته فى الآتى: الإنتاج لا يأتى فقط من رأس المال، بل يأتى أساسا من العمال، والعمال (الخاضعون للاستغلال) يؤدى فقرهم إلى انخفاض إنتاجهم. ومن ثم فتحسين أحوالهم يؤدى بذاته إلى زيادة الدخل والثروة والأرباح التى يجنيها الرأسماليون لا تذهب كلها للاستثمار، بل قد يبدو أكثرها فى الاستهلاك الذى لا يساهم فى زيادة ثروة المجتمع. والجزء الذى يوجه منها للاستثمار قد يذهب إلى فروع من الإنتاج قليلة الأهمية من وجهة نظر أغلبية الناس، فلا يفيد منها إلا الأغنياء أنفسهم. والرأسماليون لا يهمهم القضاء على البطالة، بل يستفيدون منها لأنها تضمن استمرار انخفاض الأجور. ومن ثم قد يذهب الاستثمار إلى فروع لا تستوعب الكثير من العمال، وقد تستخدم تكنولوجيا كثيفة الاستخدام لرأس المال، فتحل الآلات محل العمال وتزيد البطالة.
لا خروج من هذه الحالة إلا بتدخل الدولة، بالضرائب أو التأميم، فتقوم هى بالاستثمارات المطلوبة، وتدفع الأجور العادلة، وتحدد أوجه الانفاق التى تفيد المجتمع ككل. أما عن تشدق الرأسماليين بما يتيحه نظامهم من حرية، فالحقيقة أن حرية الاختيار المتاحة للعمال فى الرأسمالية فهى بين أن يقبلوا الخضوع لاستغلال الرأسماليين، أو أن يموتوا جوعا.
•••
هذا السجال (أو حتى العراك) بين الفريقين استمر طوال فترة القرنين ونصف القرن الماضية، فينتصر الفريق الأول كلما حسن أداء الرأسماليين، فارتفعت معدلات النمو، وأدخلت تكنولوجيا جديدة بمعدلات عالية، وينتصر الفريق الثانى كلما ضعف أداء الرأسمالية، فانخفض الاستثمار ومعدل النمو وعمت البطالة.
حدث الازدهار فى فترة الثورة الصناعية فى أوروبا فى الربع الأخير من القرن الثامن عشر والعقود الأولى من القرن التاسع عشر، وهى الفترة التى شهدت ازدهار الفكر الاقتصادى الكلاسيكى المناصر للرأسمالية. وتباطأ النمو فى الربع الثالث من القرن التاسع عشر، وهى الفترة التى نشأ فيها الفكر الماركسى. ثم حدث انكسار آخر فيما بين الحربين العالميتين فى القرن العشرين، فاشتد عود الاشتراكيين وظهرت المدرسة الكنيزية التى انتقدت بشدة ترك الحرية المطلقة للرأسماليين، وأدت إلى قيام ما عرف «بدولة الرفاهية» فى أعقاب الحرب الثانية.
كان عقدا الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين هما عقدا التدخل الشديد من جانب الدولة، ليس فقط فى الدول الصناعية المتقدمة، بل وأيضا فى دول العالم الثالث حديثة الاستقلال. وكان جمال عبدالناصر من أهم ممثلى هذا الاتجاه (الذى يعبر عن موقف الفريق الثانى) فى العالم الثالث.
ولكن أشياء كثيرة حدثت منذ ذلك الوقت فى العالم الصناعى والعالم الثالث على السواء. ازدهرت الرأسمالية من جديد وضعفت أصوات المنادين بالتدخل، مع انتصار سياسات الانفتاح الاقتصادى، فى الثمانينيات والتسعينيات، ثم تراخى النمو الاقتصادى وزادت البطالة فى العقدين التاليين، وبلغ هذا التراخى ذروته فى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التى بدأت فى سنة 2008، ومازالت قائمة حتى الآن. لا عجب ان نشط من جديد الحديث عن تدخل الدولة، وإعادة توزيع الدخل، والعدالة الاجتماعية، كما تعودنا دائما ان يحدث كلما تدهور أداء الرأسمالية.
•••
ليس غريبا إذن ان نرى شعار العدالة الاجتماعية يرفع بقوة من جديد فى مصر، مع قيام ثورة 25 يناير 2011. وليس غريبا أيضا ان يتردد اسم عبدالناصر من جديد، وان تعود ذكريات السياسة الاقتصادية الناصرية التى طبقت فى الخمسينيات والستينيات إلى الأذهان، كلما رفع شعار العدالة الاجتماعية. ولكن من المهم ان نلاحظ أن «العدالة الاجتماعية» المطلوبة الآن لا يمكن ان تعنى نفس ما كانت تعنيه منذ نصف قرن، كما ان وسائل تحقيقها لم تعد هى الوسائل القديمة. لقد تغير العالم وتغيبت مصر فى جوانب مهمة تجعل من الضرورى إعادة تحديد مفهوم العدالة الاجتماعية حتى يصبح أكثر ملاءمة وواقعية، وإعادة النظر أيضا فى وسائل تحقيقها. هذا هو ما سأحاول بيانه فى المقال التالى.


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11032014&id=5f80dcc4-6755-4d94-a507-7e1eb875d49b

العرب و«القيصر» الجديد مقال مصطفي الفقي في الحياة

عندما وصل ضابط الاستخبارات الشاب فلاديمير بوتين إلى موقع المسؤولية الأولى في روسيا الاتحادية تساءلنا جميعاً من يكون ذلك الرئيس الجديد الذي لا يمثل «الصورة النمطية» لحكام الكرملين، فالرجل الجديد لا ينتمي الى الشريحة العمرية لحكام الاتحاد السوفياتي السابق أو روسيا الاتحادية، فضلاً عن تاريخٍ غامض شأن كل من عملوا وتميزوا في الأجهزة الأمنية وبرعوا في العمل السري، وصعد «القيصر الجديد» إلى سدة الحكم بجسدٍ رياضي ووجهٍ صارم وملامح لا يمكن قراءة ما وراء صاحبها، وأعاد ترتيب الأوضاع في بلاده الواسعة المترامية الأطراف التي تشترك في حدودٍ جغرافية مع عدد كبير من الدول الآسيوية والأوروبية فضلاً عن الثراء الواضح في الموارد الطبيعية والتراث الضخم لحكم القياصرة القدامى الذي جعل «الدب الروسي» يسعى دائماً نحو المياه الدافئة ويحاول الخروج من دائرة البحار المغلقة. إن «روسيا الاتحادية» كيان ضخم يملك جيشاً مقاتلاً عبر التاريخ فضلاً عن التميز في تصنيع السلاح حتى أصبحت تلك الدولة القوية نداً معاصراً للولايات المتحدة الأميركية بثرائها وقوتها العسكرية، وعندما بدأت أحداث الثورات البرتقالية في شرق أوروبا بدأ بوتين حركة غير عادية في الكرملين وتذكر الناس وقتها أيام ربيع براغ عندما دخلت المدرعات السوفياتية الشوارع التشيكية العام 1968، وها هي الظروف تتكرر وتتحرك الثورة ضد الرئيس الأوكراني فلا يتحمل «القيصر الجديد» المشهد المستفز على حدوده المباشرة ويبدأ في احتلال المطارات المشتركة ويوجه إنذاراً عملياً للولايات المتحدة الأميركية والقوى الداعمة للثوار. إننا أمام تطور خطير في العلاقات الدولية المعاصرة يعيد شيئاً من أجواء الحرب الباردة ويذكرنا بالإنذار الروسي أثناء العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 ويؤكد لنا من جديد أن «القيصر» يتحرك بل ويتحدى بعد اتصال تليفوني عاصف مع الرئيس الأميركي أوباما قال خلاله بوتين إن بلاده لا تحتمل العبث على حدودها! وقد استقبل البيت الأبيض إنذار بوتين بجدية واضحة إذ إن القيصر الذي يتناوب مقعدي السلطة مع رئيس وزرائه أصبح مثلاً للحاكم القوي الذي أعاد الهيبة المفقودة لبلاده الواسعة، ولعلنا نتابع أصداء مواقفه الصلبة لحماية الأمن القومي الروسي خصوصاً أن معظم سكان شرق أوكرانيا هم من أصول روسية ويتحدثون لغتها لذلك فإن «القيصر الجديد» بوتين الغامض يكاد يضع العالم على حافة مواجهة عسكرية بعد أن دخل بالمناخ الدولي إلى أجواء الحرب الباردة ورغم أن بعضهم يتحدث أحياناً باستخفاف عن مستوى معيشة المواطن الروسي قائلين إنه يقترب من نظرائه في دول العالم الثالث ولكن الفارق هو وجود ترسانة عسكرية هائلة وقوة نووية رادعة، ويهمنا في هذا المقام أن نبحث في الوضع العربي داخل الفكر الاستراتيجي للقيصر الروسي ونستعرض ذلك في المحاور التالية:
أولاً: لقد وقف الاتحاد الروسي بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين موقفًا فاعلاً تجاه الثورة السورية وأصبح طرفاً مباشراً فيها حفاظاً على مصالحه الإستراتيجية التي تتمتع بتسهيلات بحرية على شاطئ المتوسط قرب اللاذقية وهو أمر حيوي لدولة كبرى عانت كثيراً من البحار المغلقة، لذلك نشطت الديبلوماسية الروسية منذ بداية الأزمة السورية في محاولة للحفاظ على الوضع القائم والاكتفاء بإدارة الأزمة من دون الوقوف إلى جانب الثوار خصوصاً أنه لم يتم فقط تدويل الأزمة السورية ككل ولكن جرى أيضاً تدويل المعارضة وتحولها إلى مجموعاتٍ قتالية من خارج الحدود السورية، ولقد استخدم القيصر الجديد بوتين الصراع في سورية لأن أطرافاً دولية عدة دخلت في محاولات فاشلة لإنهائه فاستغلت موسكو ذلك لتحقيق مكاسب دولية وإقليمية والدخول في مقايضات مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب لأن المصالح هي الفيصل وليست المبادئ على الإطلاق! وها هي الأزمة السورية تراوح مكانها وتزداد تدهوراً والقيصر الروسي يرقب عن كثب باحثاً عن مصالحه المباشرة ولو أدى الأمر إلى التضحية بحكم بشار الأسد وأسرته.
ثانياً: لقد شعر القيصر الجديد بأن ما جرى في مصر بعد 30 حزيران (يونيو) 2013 هو بمثابة نجاحٍ حصدته الديبلوماسية الروسية من دون أن تسعى إليه أو تشارك فيه، لذلك تطلعت روسيا الاتحادية إلى مصر بعد سقوط حكم «الإخوان» باعتبارها جائزة كبرى خصوصاً عندما اكتشف الكرملين أن المملكة العربية السعودية تدعم بشدة الوضع الجديد في مصر وتؤكد ذلك علانية للقوى الدولية المختلفة، حيث كانت زيارة رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان لموسكو بمثابة نقطة تحول فتحت شهية الروس تجاه مصر حيث أوفدت موسكو وزيري الدفاع والخارجية إلى القاهرة في رسالة واضحة إلى من يهمه الأمر بأن موسكو داعمة سياسياً وعسكرياً للوضع الجديد في مصر، وقد ردت القاهرة بزيارةٍ مماثلة ولكن أهميتها جاءت من أن وزير الدفاع المصري الزائر لموسكو هو المشير عبد الفتاح السيسي الذي يقترب من موقع الرئاسة بإرادة ملايين المصريين الذين طالبوه بالترشح وألحوا في ذلك عبر الشهور الأخيرة، ولا شك في أن الروس ينظرون إلى مصر وما حدث فيها باعتباره عامل توازن لما يمكن أن يكونوا قد خسروه في سورية منذ اندلاع ثورتها على امتداد السنوات الثلاث الأخيرة، ولا شك في أن العلاقات بين القاهرة وموسكو تستدعي سنوات التعاون المشترك بين البلدين في العهد الناصري، ولكن الاختلاف هذه المرة هو أن الجانب الأيديولوجي لا يتقدم كمؤشر يدفع به الروس لاحتواء مصر كما حاولوا في ستينات القرن العشرين، فالدنيا تغيرت والحركة الشيوعية تراجعت وأصبحت العلاقات بين الدول محكومة بالاستثمارات ورأس المال المتبادل والأفواج السياحية المتدفقة وليست محكومة بشعارات أيديولوجية أو أفكار عقائدية، ولقد شهدنا في السنوات الأخيرة حرباً باردة ذات طابع اقتصادي احتدمت بين أوروبا والولايات المتحدة وكانت ساحتها منظمة التجارة العالمية، لذلك فإننا نرى أن الصراع - أيديولوجياً أو سياسياً أو اقتصادياً - هو جزء من العلاقات الدولية على مر العصور حتى نكاد نراه جزءاً من ناموس الوجود ذاته، ولا شك في أن المصريين يرحبون من جانبهم بالتعاون مع موسكو عسكرياً وديبلوماسياً خصوصاً أن واشنطن تبدو داعمة لجماعة «الإخوان» وفلولها متجاهلة إرادة الشعب المصري وتمسكه بهويته التاريخية وحرصه على تماسكه الاجتماعي ووحدته الوطنية!
ثالثاً: إن العلاقات بين روسيا الاتحادية ودول الخليج العربي قد بدأت تتنامى في العقود الأخيرة لأنها لم تكن كذلك في ظل الاتحاد السوفياتي السابق حيث كانت هناك أسباب أيديولوجية تحول من دون التقارب الخليجي السوفياتي، ولكن الأمر اختلف الآن وأصبح لمعظم دول الخليج علاقات كاملة مع موسكو ربما تتأثر أحياناً بقضية عرقية دينية مثل قضية الشيشان ولكنها في مجملها قد ازدهرت، وأنا ممن يظنون أن العلاقات السعودية الروسية حاكمة في هذا الشأن فالسعودية هي أكبر دولة خليجية فضلاً عن أنها هي الدولة الإسلامية الأولى ولا يخفى علينا الحساسيات التاريخية التي حكمت الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية تجاه التجمعات الإسلامية، لهذا فإن الأمر في ظننا لم يكن سهلاً إذ إن التحولات التي جرت في التوجهات الديبلوماسية للمملكة وشقيقاتها في الخليج خلال السنوات الأخيرة قد غيرت المسار وجعلتنا أمام حالة من التعددية من دون الاعتماد ديبلوماسياً على الغرب وحده، ولا شك في أن علاقات موسكو بدول الخليج إنما تضع دائماً إيران كطرف ثالث بحكم الجوار الجغرافي المشترك لها ولدول الخليج مع ايران.
رابعاً: يجب أن نتنبه إلى أن علاقة روسيا الاتحادية «بالإسلام علاقة مضطربة إلى حد كبير حتى أن أحد القياصرة الروس في القرن التاسع عشر قد عرض على الكنيسة الأرثوذكسية في مصر أن يكون حامياً للأقباط ويومها سأل بطريرك مصر مبعوث القيصر: هل سيموت هذا القيصر في يوم من الأيام؟ فقال له المبعوث: نعم، فرد البطريرك: إذن فنحن في حماية من لا يموت. إنه الرب الذي يحمينا، ولا شك في أن النظرة الروسية التقليدية للإسلام لا تخلو من تحفظ ولا تبرأ من رواسب تاريخية قد تتجاوزها روح العصر خصوصاً أن روسيا الاتحادية تضم أقليات مسلمة لعل أبرزها الشيشان، فضلاً عن جوار تاريخي مع الدول الآسيوية الإسلامية التي نطلق عليها مجازاً اسم «دول الكومنولث الروسي» منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وتقسيم الدولة الكبرى.
خامساً: لا يجب أن يغيب عن إدراكنا ذلك الصراع الروسي التركي الطويل وما خلفه من آثار سواء بالنسبة إلى حركة التجارة الروسية من خلال الوصول إلى بحار مفتوحة ومن خلال الصراع التاريخي على حركة المضائق، ولذلك اتصفت العلاقات التركية الروسية بالمد والجزر خصوصاً أن تركيا اختارت منذ عقود عدة أن تكون عضواً في حلف الأطلسي وأن تتعامل كجزء من الغرب يتطلع لعضوية الاتحاد الأوروبي، والذي يعنينا من ذلك هو أن روسيا القيصرية قد تناولت العالمين العربي والإسلامي من خلال نظرتها للإمبراطورية العثمانية التي كانت تضم وسط آسيا وشمال إفريقيا وتمتد من منابع النيل جنوباً إلى الحدود الأوروبية شمالاً، فالعلاقات قديمة بين الروس والعرب وتمثل تراكماً على امتداد قرون عدة.
هذه قراءة عامة في ملف العلاقات العربية الروسية التي مرت بمراحل متعاقبة بين الصعود والهبوط حتى استقرت حالياً على النحو الذي نراه.

وائل عبد الفتاح يكتب: مصر التى تبنيها الأغانى



لماذا يتحول كل مسؤول إلى عندليب عندما تسأله عن برنامجه/ مشروع/ رؤيته للعبور من أزمات ما بعد سقوط الاستبداد؟
عندليب يغنى.. «ماتقولش إيه إدتنا مصر.. قول هاندى إيه لمصر» ولازم «نحب بعض..» و«هانضحى علشان مصر تعيش».
العندليب/ المسؤول يتصور أن الخطابات العاطفية يمكنها أن تكون بديلًا لأكثر من ساعات خطابه.. وأن مفهوم «مصر.. » التى يغنى لها ولا يمكن إذا فكرت أن تفهم ماذا يعنى لك أن تقول: «لازم نضحى علشان مصر»
ما هى مصر ذلك الكيان المتعالى الذى لا يمكن تحديده/ الماكينة الكبيرة المقدسة التى تدور تروسها بإخلاصنا وتفانينا فى عبادتها؟!
وماذا يعنى أن «ندى لمصر» هل هناك صندوق نذور أو منصة قرابين سنقدم عليها إخلاصنا وحبنا؟
وكيف ستستفيد «مصر..» من القرابين والنذور؟ أم أن هذا نصيب الكهنة خلف المنصات وفى الغرف المغلقة؟
ولماذا لا تنتج الماكينة المقدسة مصر إلا القهر والسجن والفقر لمن يقدمون إليها حياتهم كل يوم، بينما هناك سلالة ما لا يطالبها أحد بدفع الفاتورة/ فاتورة الوطنية المقدسة ويعيشون فى نعيم وجنات هى ناتج دوران هذه الماكينة؟
الحقيقة أن العندليبية الحاكمة تثير الخوف لأنها تعيد إنتاج خطاب اكتشفنا فشله وابتذاله بعد 60 سنة كان الكيان الغامض المتعالى الذى اسمه مصر يبتلع فى حاكم وشلته/ عصابته/ سلالته، بينما مَن يديرون هذه الماكينة يدفعون الفواتير/ كانت مصر تختصر فى الحاكم وتسمى باسمه كأنه مولود من رحم مقدس ومبعوث من السماء/ بينما هو مدير مصالح.. هدفه تثبيت الأوضاع ليستمر دوران الماكينة كأنها أقدار.. إلهية.
لم تحفظنا الأناشيد والأغانى الوطنية من الفساد والاستبداد والتخلف والهزيمة والسقوط فى مستنقع الانحطاط.. كما لم تبن دول محترمة بالأغانى.. ونفس المُغنى الذى كان يغنى لمبارك وعصابته هو الذى يريد اليوم أن يقود حملة تبرعات لضمان دوران ماكينة الفساد والاستبداد تحت اسمها العاطفى الأنيق «مصلحة مصر».
وذكرنى كل هذا بالنكتة الشهيرة عندما سألت المذيعة: مصر بالنسبة لك إيه؟
قالها المسطول الأول: مصر هى أمى.
فاستدارت وسألت زميله: وإنت.. مصر بالنسبة لك إيه؟
فرد بسرعة: «أنا مابتكلمش عن أم واحد صاحبى».
هذه أقصى سخرية من الوطنية القديمة التى تعتبر أن الوطن هو الأم. والشعب عائلة واحدة.. وهى وطنية قد تغوى عواطف الحالمين والرومانسيين والمثاليين.. لكنها فى الحقيقة وطنية موروثة من الأنظمة الفاشية.. تربى المواطن على أنه مجرد رقم فى عائلة كبيرة.. وطنية تقوم على التعصب الأعمى.. وعلى فكرة القطيع الذى لا يفكر.. الفرد يلغى اختلافه ويحتمى وسط القطيع.. وينتمى إليهم. هكذا كان يمكن لحاكم من ناصر إلى مبارك/ بل أقل منهم تمترسًا فى الحكم مثل طنطاوى أو المرسى حتى/ أن يعتبر نفسه مصر.. وأى نقد له هو «إساءة إلى مصر». وبنفس المنطق، فإن المنتمين إلى وطنية القطيع تنتابهم هستيريا جماعية عندما يعرى أى أحد الفضائح التى يتواطأ الجميع للتستر على وجودها.. بهذه الثقافة. ووطنية تربت بمنطق الثكنات وطوابير الأوامر من أعلى إلى أسفل.. وهدير القطيع.. نتصور أحيانًا أننا فى المدينة الفاضلة كلما ارتكبت السلطة جرائم لقهر الفرد.. يصرخ القطيع كلما هرست ماكينات الدولة فردًا تمر وصرخ «إنى أراكم عرايا.. فاشليين».
هى دولة لديها مزارع تربية الفاشية/ تربى فاشيين يقهرون أنفسهم أولًا/ لكنها لا تستطيع حتى أن تصبح فاشية/ لأنه كما قلت أكثر من مرة الفاشية بنت إنجاز/ وهذه دول فاشلة تريد فقط أن تكون كل شىء.. لتبدو قدرًا.. دولة شمولية لا لون لها/ يمكن أن تكون ليبرالية (توزع منح الديمقراطية على شعبها الطيب المسكين) واشتراكية (لا تغفل عينها عن أى محتاج من طبقات محدودى الدخل) وقومية (تلعب الدور المصرى فى أمة العروبة.. ليس المهم ماذا تلعب المهم أنها تلعب).. دولة كل شىء.. تجمع كل المتناقضات، بل إنها تخترع المعارضة ولا تكتفى بتشكيل الحكومة فقط.
العندليبية إذن هى المدخل الحنون للحاكم الذى يحكم باسم «وطنية» ترى فى كل المعارضين عملاء وواجهات لقوى خارجية.. وهذه عقليات موروثة ترى أنها تحتكر «المصالح العليا للوطن» التى لم تكن سوى قيم غامضة يمكنه باسمها أن يروض شعبًا كاملًا إما بالتخويف وإما بالتخوين. «الوطنية» هى الطاعة فى رأى مَن يمسك السلطة، ويروض الشعب إلى الطريق الذى يريد.
هل يعقل أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تقنع فيه السلطة شعبها بأنه معرض للمؤامرات، ولا فرق بين عبد الناصر والسادات ومبارك والمجلس العسكرى (طنطاوى والسيسى) مرورًا بالإخوان؟
هل من الطبيعى أن كل معارضة لا تسمع الكلام تصبح مأجورة وتعمل ضد «المصالح العليا»؟
.. الحقيقة أن هذه كلها مفاهيم مستوحاة من تصور هتلر عن الدولة.
تصور يضع الشعب فى حالة طوارئ، ويبعده عن المشاركة أو المطالبات لأننا فى «حرب»، وهى شىء لا يفهمه سوى قلة قليلة، خبراء هم الذين يعرفون وحدهم «المصالح العليا» للوطن.
وهذه تصورات واهمة.. لأن المصالح العليا هى الفرد الذى يجب أن يشعر بالأمان والكرامة والحرية والعدالة قبل الخبز دائمًا.
الفرد هو الأمن القومى فى الدول الديمقراطية.. حين لا يتعلم الشعب الديمقراطية ولا الوطنية من الأغانى والأناشيد وصيحات القطيع فى الطوابير «حاضر يافندم».
المصالح العليا هى «عقد اجتماعى» بين السلطة والمجتمع/ لا يتحول فيه الحكم إلى صك ملكية أو ترخيص بالفرعنة/ الدولة برامج وسياسات وليست كيانًا مقدسًا «فوق الجميع».. مصر هى المصريين وقدرتهم على بناء جسور للسعادة على أرضها ومصر لن تبنى بالأغانى.

بداية ونهاية.. نحن نقص عليكم أسوأ القصص أحمد سمير الشروق

أحمد سمير

(1)
كنعان أورن ــ تركيا
"المحافظة على الوحدة الوطنية، والقضاء على الفوضى والإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد".
هكذا أعلن البيان الأول للجيش التركي عام 1980، وأوضح البيان أن: "تحرك الجيش ليس كباقي الانقلابات.. لكنه ضد العقائد الدينية المتزمتة".
وزير الدفاع كنعان الذي كان يحظى بتأييد كبير بين قادة الجيش شكل جمعية تأسيسية لتقوم بإعداد دستور جديد، وإجراء الانتخابات.
أدارت الجمعية التأسيسية الانتخابات.. ولذلك اعتبر أن الحكم في الفترة الانتقالية سلم لمدنيين.
بالانتخاب.. أصبح الجنرال كنعان رئيسًا للجمهورية التركية من نوفمبر 1982 إلى نوفمبر 1989.
ووسط تأييد شعبي وتحذير الجيش من السقوط في اقتتال أهلي وخلال حكم كنعان تم ما يلى:
ألقي القبض عليهم 650,000
حكم عليهم بتهم تتعلق بالإرهاب 71,000
فصلوا من وظائفهم 30,000
جمعية تم إغلاقها 23,677
فرد نفذ حكم الإعدام بهم 50
فيما بعد شعبية كنعان تأكلت.. وفي 10 يناير 2012 تم قبول دعوى ضده عن "جرائمه" ويحاكم الآن.
(2)
مساعد القبطان: خطر يا قبطان.
أصوات الضحايا يبدءون في الصراخ وفي الطرق على كابينة القبطان.
مساعد القبطان 1: المركب حتغرق يا قبطان.
مساعد القبطان 2: هدي الناس.. هدي الناس.. هدي الناس.
من التسجيل الصوتي الذي وجد بالصندوق الأسود للحظات الأخيرة قبل غرق العبارة السلام 98 عام 2006.
(3)
برويز مشرف ــ باكستان
تقلد منصب قائد الجيش عام 1998 وبعدها بعام أطاح مشرف برئيس الوزراء المنتخب نواز شريف المكروه شعبيًّا آنذاك.
مشرف خاض حربين ضد الهند، وكان يعتبر بطلًا للاستقلال الوطني.
تخلى مشرف عن قيادة الجيش قبل يوم واحد من أدائه اليمين الدستورية كرئيس "مدني منتخب" بعد استفتاء في يونيو 2001.
اللافت أن بطل الاستقلال الوطني كما كان يصور نفسه أبرز ما سيحفظه التاريخ موافقته على مطلب أمريكا بالسماح لها باستخدام أراضي باكستان لضرب افغانستان مقابل تركه يحكم.
استقال مشرف من الرئاسة في أغسطس 2008 قبيل جلسة للبرلمان كان الائتلاف الحاكم يعتزم فيها مساءلته تمهيدًا لعزله.
رغم مذابحه المتكررة تجاه معارضيه.. إلا أن مشرف اعتبر أن سبب فقدانه السلطة إعطاؤه الأوامر بمذبحة المسجد الأحمر في يوليو 2008.
لا أحد يعلم المذبحة التي ستطيح بك.
آه صحيح.. الآن يحاكم مشرف في باكستان بتهمة الخيانة العظمى لفرضه قانون الطوارئ وتعليقه العمل بالدستور خلال فترة رئاسته عام 2007.
(4)
تبدأ أصوات صفارات إنذار متقطعة في البدء منبهة أن هناك خطرًا
مساعد القبطان: الوضع خطر جدًّا يا قبطان دلوقتي.
تستمر الأشياء في السقوط وتتعالى أصوات الضحايا والصراخ يملأ المكان.
صوت مساعد 2: المركب بتغرق يا قبطان.
صوت القبطان: اطلب "دومان" (نجدة).
صوت مساعد 2 يتساءل السؤال البسيط والأهم: والناس؟؟
(التسجيل الصوتي قبل غرق عبارة السلام 98).
(5)
حافظ الأسد ــ سوريا
في فبراير 1966 تولى حافظ وزارة الدفاع وتمكن في أكتوبر 1970 من الإطاحة برئيس الجمهورية.. وفي مارس 1971 أصبح رئيسًا لسوريا بعد استفتاء شعبي حيث كان الاختيار للشعب.
دومًا الاختيار للشعب.. معروفة.
دخل حافظ في نزاع عنيف مع حركة الإخوان في سوريا وارتكب الجيش السوري مذابح واسعة بحماة لحماية الدولة من الانقسام، ونصت قوانين الطوارئ على إعدام من ينتمي للإخوان.
عام 1994 انتسب ابنه بشار الذي كان طبيبًا إلى القوات المسلحة وتدرج بسرعة حتى أصبح عام 1999 عقيدًا، مع وفاة والده رقي فجأة إلى رتبة فريق.
قدم حافظ وبعده بشار خطابًا إعلاميًّا قائمًا على تجهيز الجيش والتصدي لأمريكا، وانتهى الأمر بانقسام الجيش والوطن وتسليم السلاح الكيماوي وبقاعدة روسية دائمة في سوريا.
40 عامًا قبلت خلالها قطاعات من الشعب بديكتاتورية عسكرية من أجل شعارات التحديث والعدالة الاجتماعية والقضاء على خطر الإسلاميين، وانتهى الأمر بسيطرة جبهة النصرة وداعش وأجنحة القاعدة الأشد تطرفًا وهوسًا على أجزاء واسعة من سوريا.
لا ديمقراطية تحققت.. ولا إسلاميون تخلصوا منهم.
(6)
مساعد القبطان: المركب بتغرق.. المركب بتغرق يا قبطان.
القبطان: كله شمال.
مساعد القبطان: المركب بتغرق يا قبطان.
القبطان: كله شمال.
مساعد القبطان (يبدو أنه اكتشف أخيرًا ما لا يريد القبطان الاقتناع به): المركب غرقت يا قبطان.
(7)
تشيلي ــ بيونشيه
الجنرال أوغستو بينوشيه، قائد الجيش، استولى على السلطة في سبتمبر 1973 بعدما أطاح بالرئيس.
في 1980 أُقر دستورًا جديدًا للبلاد، وفاز بيونشيه بالرئاسة في استفتاء بمرشح واحد، واستمر حاكمًا لسنوات كان شعاره الرئيسي خلالها قتال الجماعات الإرهابية الثورية اليسارية مثل مير.
حقق طفرة نمو اقتصادي لصالح الأغنياء واتبع سياسة إرهاب الدولة المنظم التي قتلت وعذبت آلاف المعارضين.
حين رفض البرلمان إقرار دستور يتيح لبيونشيه حكم البلاد طوال حياته فضل أن يتنازل عن رئاسة البلاد لباتريشيو أيلوين، المنتخب ديموقراطيًّا عام 1989.
هل تعلم؟.. توسيع المجال العام قد يطيح في النهاية بالديكتاتوريات.
عام 2002، سافر بيونشيه إلى بريطانيا للعلاج، فألقي القبض عليه وبقي قيد الإقامة الجبرية لأكثر من سنة..
في ديسمبر 2004 بدأت محاكمة بتشيلي بتهم تتعلق بحقوق الإنسان.
(8)
اليمين زروال ــ الجزائر
بعد اضطرابات الإطاحة بالرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد وإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية نصب وزير الدفاع زروال نفسه رئيسًا مؤقتًا، ثم أجرى انتخابات رئاسية فاز فيها بنسبة 61%.
الرجل الذي قدم نفسه بصفته الرجل القوي ضد إرهاب الجبهة الإسلامية للإنقاذ شهد حكمه تصاعد المجازر التي راح ضحيتها في النهاية 150 ألف بني آدم، وخسر الدينار الجزائري 40% من قيمته بسبب تردي الأوضاع الأمنية.
اللافت أن الإسلاميين لم يتم القضاء عليهم بل إن إخوان الجزائر شاركوا في الانتخابات النيابية في عهد زروال وحصلوا عام 1997 على 69 مقعدًا جعلهم الحزب الثاني بالبرلمان بل شاركوا في حكومة زروال بـ7 وزراء.
المثير للتأمل أن صفحة إخوان الجزائر بموقع ويكيبيديا الإخوان التابع رسميًّا للجماعة فسرت المشاركة في حكومة زروال بأن "منهج المغالبة والأحادية الذي سلكه زعماء جبهة الإنقاذ استفز المؤسسة العسكرية وهدد مصالح الداخل والخارج".
الانسداد السياسي بسبب الحرب على الإرهاب جعلت مواصلة زروال للرئاسة مستحيلة.. فاستدعى من الخارج عبد العزيز بوتفليقة ليأتي رافعًا شعارات المصالحة ويصدر عفوًا عن كل المحبوسين بتهم ارتكاب أعمال عنف أو دعم الإرهاب.
نعم.. نهاية الحرب على الإرهاب كانت مصالحة مع المدانين بالإرهاب.. آه والمصحف.
الإرهابيون عادوا لبيوتهم.. والجنرال عاد لبيته.. دفن 150 ألف جثة ويحكم عجوز تخطى الـ77 عامًا ما زال يستعد لخوض ولاية رابعة ليقود الوطن نحو المجهول.
(9)
صوت الضحايا يظهر من الخارج: لا حول ولا قوة إلا بالله.
مساعد القبطان: أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدًا رسول الله.
مساعد القبطان 2: المركب غـرقت يا قبطان.
القبطان: استنونا بس يا جماعة؟
مساعد القبطان: استنونا إيه يا قبطان المركب غـرقت.
وانقطع الصوت..
رابط ألم تغرق وأنت تعرف أنك تغرق:


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=10032014&id=130650cd-86cd-44be-a8fe-17af4873f410

الاثنين، 10 مارس 2014

نظرية التحصين عمرو خفاجة

عمرو خفاجى
بالرغم من أن العرض الذى قدمه المستشار على عوض، مستشار السيد الرئيس للشئون القانونية والدستورية، كان تفصيليا ودقيقا ومنضبطا وشارحا لعملية الصياغة النهائية لقانون الانتخابات الرئاسية، فإن الصخب السياسى، والصراخ الإعلامى، سارا بالقانون فى اتجاه الغموض وعدم الوضوح والتشكيك فى كل شىء، ولم يذكر أحد من كل الذين تعالت أصواتهم، أن ما يعترضوا عليه بشأن تحصين قرارات اللجنة، كان ساريا ومعمولا به، بل لقى ترحيب كل من شارك فى الانتخابات الرئاسية الماضية، والتى كانت قبل أقل من عامين، ومازالت أحداثها ومجرياتها ماثلة فى أذهان الجميع، صحيح أن التحصين كان منصوصا عليه بوضوح فى إعلان ٣٠ مارس ٢٠١١، إلا أن الجميع لم يلتفت إليه، لأنهم يعلمون جيدا أن زمن تزوير الانتخابات قد ولى، وأن إشراف القضاء الكامل على العملية الانتخابية، هو حماية حقيقية لها، ولعل الجميع يذكر أن هذا كان مطلب المعارضة الدائم فى زمن الحزب الوطنى، وأن الحزب الوطنى حينما أراد تزوير إرادة الناخبين ألغى إشراف القضاء على الانتخابات، وربما ذهب المشرع الحالى للتحصين مستندا على النص الذى يؤكد الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات الرئاسية، بحثا عن عدم تعطيل إعلان إسم الرئيس القادم وتسليمه مقاليد الأمور فى أسرع وقت ممكن.

العدل أساس الأمن --فهمي هويدي

فهمي هويدي

ما من مسئول يتحدث فى مصر الآن إلا ويضع عنوان استعادة الأمن على رأس أولويات خطابه. وهو ما فعله رئيس الوزراء الجديد المهندس إبراهيم محلب فى أول حديث وجهه إلى المصريين (الأحد 2/3). وذلك تقدير صحيح لا ريب، لا يستطيع أحد أن يزايد عليه أو يختلف معه. إلا أننى حين وجدت أن رئيس الوزراء احتفظ بوزير الداخلية الحالى فى منصبه، رغم ان اسمه يرتبط فى الأذهان بأكبر عمليات قتل واعتقال وتعذيب بعد الثورة، أدركت ان مفهوم استعادة الأمن بات يحتاج إلى تحرير وضبط. إذ بدا أن المراد به تشديد القبضة الأمنية والاستمرار فى النهج القائم الذى ينتهى بالاحكام المتعسفة. الأمر الذى يعنى ان فكرة استتباب الأمن باتت مرتبطة فى الرؤية السياسية الراهنة باستمرار القمع. وهو ما دعانى بعد تشكيل الوزارة إلى القول بأنها لا تعنى أى تغيير فى السياسات على الأقل فى المسألة الأمنية، التى لم تتغير فيها حتى الوجوه.

الأحد، 9 مارس 2014

قيمة البشر والصحة واقتصاد الأمم


بما تقاس ثروة الأمم؟ بعدد سكانها.. أم بعدد ساعات العمل الحقيقى التى يقوم شعب أمة بها؟ أم بما بها من ثروات طبيعية؟ أم بحجم إنتاجها بلا ديون، أم بعدد من تستغلهم من الأمم الأخرى الأضعف منها؟ أم بعدد القتلى الذين تطيح بهم فى مقابل ملء خزائنها؟، أم بمساحة عطائها لكل الناس، أم بقوة عدلها؟
لكن قبل ذلك دعنا نسهل الأمر ونجرب الإجابة على سؤال أبسط: "بما تقاس ثروة الأفراد"؟ 
أعرف أنه سؤال مزعج لمن يهمه أن يـُطـَنـْبِل (يعنى يطنـّش) عن حجم ثروته حتى يستمر فيما يفعل، وأعفيه من تذكيره بالآية الكريمة "حتى زرتم المقابر"، خلّنا هنا أسلم!
فى رأيى أنه سؤال مهم لو سأله أى واحد من الذين يصلح لهم السؤال ( يعنى عنده ثروة ولا مؤاخذة) لنفسه، فإن الرد العملى سوف يكون ما بين أنها "تقاس بالدولار" أضمن، والرد الأكثر عملية وأبعد نظرا يقول "تقاس بمدى علاقتى بالسلطة؟"، وهناك ردود متوسطة مثل "أنها تقاس بقدرتى على الإنفاق على ترشيحى بمجلس الشعب، أو بعدد من ينتخبونى (أو كليهما).
وثمَّ ردود فئوية أقل تواترا لكنها أكثر واقعية مثل: "تقاس بعدد من يقرأون ما أكتب"، وأيضا "بعدد من يستمعون لما أطربهم به". 
وردود أكثر مثالية، بعضها صادق، وأغلبها غير ذلك، مثل: "تقاس بحب الناس لى" وأيضا "تقاس برضا ربنا عنى" وهناك ردود طريفة ووقحة تقول " وانت مالك يا بارد"، أو "هوّا انا فاضى أقيسها".
وهناك ردود أذكى مع أنها صعبة فى القياس مثل: "تقاس بمدى الحاقدين على نجاحى"، أو "تقاس بالوقت والحيل التى أبذلها للتهرب من الضرائب".

أما بالنسبة لمن هم فى الطبقة المتوسطة من الطموحين الطيبين، فيمكن أن تجد إجابات السوق مثل "تقاس بالشطارة وفهم احتياجات الناس لما أقدم لهم"، وأبسط وأطيب منها قولهم "تقاس بمدى وفائها باحتياجاتى واحتياجات أسرتى"، وأصدق منها تقول: "تقاس بمقارنتها بثروات من بدأوا معى وتخطونى"، أو: تقاس "بالمسافة بين حقيقتها وبين ما كنت أخطط له وأحلم به" وهكذا.
ثم خذ عندك ما خطر لى من احتمالات ردود الأغلبية التى هى "على الحديدة" وبعضها كالتالى: 
" ثروة إيه إلهى يخيبك"، أو "لما تفضى ابقى تعالى قيسها" أو " انت أهبل ولا بتستعبط" أو " دا انا إذا لقيت العيش يبقى الغموس بغددة" أو "اعمل معروف، بطل تريقة" أو " خل الهم لاصحابه" أو" كده برضه؟! أهو إنت!" 
لكن هناك ردود طيبة، تصدر بسلاسة من ناس مصر الطيبين، يهمسون بها فى حياء وصدق ورضا وهم يقولون: "الحمد لله على الستر"، أو "الحمد لله على كل حال" أو "الحمد لله رضا" أو "بركة ربنا: اللى جىّ على قدّ اللى رايح" أو "أقيسها ليه ومفاتيح الرزق عند اللى بيقسم الأرزاق" أو "أهم شىء يا راجل هو الصحة والستر" ومرة قال لى أحد هؤلاء: " أنا عمرى ما عـُزت أكتر من اللى أقدر أجيبه، مش كفاية النعمة دى" ؟)
وبعد
يا خبر !! 
كل هذا جاء رغما عنى كمقدمة لما كنت أنوى أن أكتبه عن ثروة الأمم الحقيقية بمناسبة الهيجة القائمة حول جهاز فيروس "س" (المزعوم)، وكذا دوائه الأمريكانى الفلكى السعر، لأبين أن المسألة ليست مسألة مرض وعلاج، ولا هى علم وخرافة، بل هى مسألة تثير ضرورة الربط بين صحة الناس، وقميتهم كثروة قومية منتجة، ومدى حاجة بلدهم إلى إسهامهم أصحاء أقوياء، وعلاقة كل ذلك بهذا الحوار المغترب الدائر حول مرض فيروسى (إن وجد) فهو حميد، وجهاز(إن نجح) فهو ثروة قومية. 
لكن المساحة انتهت بهذه المقدمة فأجلت الموضوع إلى الغد.

تقرير فض اعتصام رابعة

عماد الدين أديب
التقرير الذى أعدته لجنة تقصى الحقائق الخاصة بما حدث فى فض اعتصام رابعة العدوية، كان يحتاج إلى حرفية أكثر فى إعداده.
ولا يمكن التشكيك فى نزاهة أو نوايا الشخصيات المحترمة التى كلفت بإجراء التحقيق، ولكن مثل هذه التحقيقات لها «تقنية» فنية فى البحث والتدقيق واستخلاص النتائج وتحديد المسئوليات بشكل موضوعى يبتعد تماماً عن أى موقف سياسى مسبق أو منحاز لأى طرف من الأطراف بصرف النظر سواء، كان يمثل الحكم أو المعارضة، وسواء كان يمثل جهة الأمن أو جماعة الإخوان.
ولعل أهم ما فى جهود مثل هذه اللجان الخاصة بالتحقيق، هى الإجابة عن سؤال: هل فى كل ما حدث من قبل أى طرف من الأطراف تم انتهاك صحيح القانون؟
والذى يتتبع المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بقتل رفيق الحريرى فى لاهاى، سوف يلاحظ ارتفاع المستوى التقنى فى التدقيق فى سرد الوقائع المدعمة بالأرقام وتتابع الأحداث بشكل زمنى دقيق والاستعانة بالخبراء المحايدين والشهود من كافة الأطراف، بحيث يؤدى مجمل العرض لهذه الوقائع إلى تقديم صورة موضوعية ودقيقة أقرب إلى الحقيقة فيما حدث بالضبط.
من حق الشعب، والرأى العام فى مصر والعالم أن يعرف الإجابة عن أربعة أسئلة رئيسية، فيما يتعلق بملف اقتحام رابعة:
أولاً: هل كان القرار السياسى بفض الاعتصام متسرعاً وهل اللجوء إلى الاختيار الأمنى هو الحل الوحيد الممكن والمتاح؟
ثانياً: هل تم إمهال المعتصمين الزمن الكافى للخروج من الممر الآمن، الذى اقترحته وزارة الداخلية فى شارع طريق النصر؟
ثالثاً: مَن الذى بدأ إطلاق النار أولاً؟
رابعاً: هل قام أى طرف باستخدام العنف خارج أى سلطة من سلطات القانون؟ وكيف؟ ومن؟
نحن بحاجة إلى مراجعة دقيقة ومحترفة للإجابة عن هذه التساؤلات الخطيرة.

لا تعتذر عما فعلت

عمرو حمزاوي


«لا تعتذر عما فعلت.. أقول فى سرى. أقول لآخرى الشخصى: ها هى ذكرياتك كلها مرئية: ضجر الظهيرة فى نعاس القط ـ عرف الديك ـ عطر المريمية ـ قهوة الأم ـ الحصيرة والوسائد ـ باب غرفتك الحديدى ـ الذبابة حول سقراط ـ السحابة فوق أفلاطون ـ ديوان الحماسة ـ صورة الأب ـ معجم البلدان ـ شيكسبير ـ الأشقاء الثلاثة، والشقيقات الثلاث، وأصدقاؤك فى الطفولة، والفضوليون: هل هذا هو؟ اختلف الشهود: لعله، وكأنه. فسألت: من هو؟ لم يجيبونى. همست لآخرى: أهو الذى قد كان أنت.. أنا؟ فغض الطرف. والتفتوا إلى أمى لتشهد أننى هو.. فاستعدت للغناء على طريقتها: أنا الأم التى ولدته، لكن الرياح هى التى ربته. قلت لأخرى: لا تعتذر إلا لأمك!».
تذكرت كلمات العظيم محمود درويش بعد حوار مضطرب مع صديق ابتعد ـ قال تكتب عن النقد الذاتى والمراجعة ولا تراجع أفكارك ومواقفك ـ قلت، بل نقدت وراجعت وشرحت ـ قال: لا، أنت كما أنت، تتشبث بحديث الديمقراطية والحقوق والحريات ولا تدرك أن البلاد فى خطر وأوضاع البشر مزرية والاحتياج إلى التوحد وإسكات الأصوات النشاز عظيم ـ قلت لن نتجاوز أزماتنا الراهنة إن سلمنا أن الخطر يقتضى الصوت الواحد وإن سلمنا البلاد إلى قيادة فردية لا ترد لها رؤية أو رغبة وإن تصورنا أن انتهاكات الحقوق والحريات لا تراكم الظلم وترتب العنف وإن استسلمنا إلى وسم الديمقراطية بالترف القابل للتأجيل ـ قال: وأين أوضاع البشر وظروف معيشتهم من أولوياتك وماذا تقدم لهم غير الكلام وهم عنه وعنك انصرفوا؟ قلت لا، أنت تطلق التعميمات، أشعر أن البعض مازال ينتظر ويستمع والبعض الآخر يبحث عن مطالب حياتية مشروعة ومعها كرامة لا تتسق مع القمع والتعذيب والتخوين ــ قال ها أنت تصمت مجددا عن السؤال الذى لا تقدر عليه، وماذا تفعل أنت لهم؟ ـ قلت: أكتب للتوعية بالديمقراطية كضرورة للتقدم ـ قال تقدمت أمم كثيرة بدونها ـ قلت أكتب للتذكير بأن أمل الدولة المدنية العادلة لا يقتصر على رفض الفاشية الدينية، بل يمتد إلى رفض هيمنة المكون العسكرى ـ الأمنى على السياسة والرئاسة ـ قال: لكن الكثير لا يرفضون الأخير ـ قلت أكتب لأحدد شروط بناء تيار ديمقراطى عام يراهن على المدى المتوسط والطويل ويدرك أن التمسك بالمبادئ سيكون له مردود إيجابى ولو بعد حين ـ قال ها أنت مجددا تقدم تمسكك بمبادئك على الواقع وعلى مصالح البلاد والعباد، أليس وراء ذلك خوف مبالغ به على الاتساق وحب جارف للذات؟ ـ قلت: رفقا بى، فهكذا أفهم الصالح العام وهكذا أرى سبيل تقدم مصر بديمقراطية وعدل وحق وحرية وجماعية فى القيادة من أمامها شفافية ومن ورائها رقابة ومحاسبة ـ قال وإذا كان الناس يثقون فى سبيل آخر، ومتكلمون مثلك يأتون بالأمثلة على تقدم أنجزته رئاسات عسكرية وتنمية تحققت بالرغم من هيمنة المكون العسكرى ـ الأمنى ـ قلت: لا، لا تضعنى مع هؤلاء أرجوك، فالرئاسة ذات الخلفية العسكرية فى مصر تأتى معها وضعية المؤسسة العسكرية الاستثنائية فى الدستور وضعف المؤسسات المدنية والتنمية لا تتوازن مع غلبة الحلول الأمنية والمبادرة الفردية تموت حين تقمع الأصوات النشاز كما تقول ـ قال: ألم تسجل أن التحول الديمقراطى لن يموت بغض النظر عن هوية الرئيس القادم؟ ـ قلت لا، بل سجلت أن دفاعى عنه لن يتوقف بغض النظر عن هوية الرئيس القادم الذى أريده مدنيا متمسكا بالحقوق والحريات وليس مساوما عليها وفقا لحسابات الشعبية وصناديق الانتخابات ـ قال: مجددا أسأل: وماذا تفعل أنت للناس؟ ـ قلت التوعية ورسم ملامح بديل سلمى يستنهضه التمسك بالمبادئ ـ قال يقولون إنك مضطرب لاستبعادك من دوائر التأثير وحزين لخسارة شعبيتك، ألا تعترف؟ ـ قلت أعترف بالحزن لعدم تمكنى من رؤية ولديى والمنع من السفر يحول بينى وبين زيارتهما دوريا فى ألمانيا كما دوما فعلت، أعترف بالحزن على حالنا وإن لم أفقد الأمل ـ قال صبرك الله على مسألة ولديك، لكن أليس إحباط بحثك عن دور بسبب لنقدك المستمر؟ ـ قلت تعلم أننى لست بزاهد أو قديس، ولست بمتكالب أيضا، وبجوارى امرأة رائعة تضبط هفوات النفس حين تلوح، الإجابة: لا، ربما تصدقنى ـ قال أعدك بتهميش يستمر ونسيان بدأ وانصراف الأهل والأصدقاء ـ قلت أدرك أننا فى مجتمع لا تحب أغلبيته إلا الأقوياء ولا تجرى نخبه للالتحاق إلا بركب المنتصرين، إلا أننى بلا بدائل هذه المرة ـ قال: غير صحيح، اعتذر وغير الوجهة وتقدم الصف ـ قلت: لا، فغياب البدائل سببه الإيمان بسلامة موقفى وصلابة المرأة التى تضبط هفوات النفس وذكرى الأم التى ما كانت لتسامحنى على قول أو فعل بعيد عن مبادئى وإن اختلفت معها وما كانت لتقبل اعتذار عما قلت أو فعلت.


اقرأ المزيد هنا:http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=09032014&id=a6c2ae25-14e1-4c94-b8be-f3ec7538484b