الاثنين، 3 نوفمبر 2014

الفصل قبل الأخير من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(13) مدينة الحب والحر
الجمعة 28 رمضان
في منزل محمود حنفي بحارة الست نعيمة المتفرعة من شارع الباب الأخضر  
الساعة العاشرة صباحا
ميرفت وماجدة تقومان بعملية التنظيف والترتيب الأسبوعية المعتادة
ومها ومديحة تقومان بجمع الملابس لغسلها
الأب والأم استيقظا مبكرا وجلسا في الحجرة الكبيرة يرتبان لأمر الخطوبة والشبكة
محمود ما زال نائما لكن الأب طلب من مديحة :ادخلي صحيه علشان نلحق نصلي الجمعة في مسجد المرسي أبو العباس
يخرج صوت محمود من داخل غرفته حاضر أنا صاحي من بدري
تدخل مديحة أقرب الميمات إلي قلبه لتري ماذا يفعل وتناكشه شوية
وجدته ينهض وفي يده رباعية بحري للكاتب العالمي محمد جبريل
-خلصت الرباعية ولا لسة
-لسة باقي كم صفحة
-وإيه أخبار أنيسة والشيخ حماد
-ينظر إليها محمود شذرا ثم يرميها بالمخدة وهو يقول اخرجي يا قليلة الأدب هي دي أخرة قراية الروايات
ويرجع محمود إلي قراءة الرباعية ليري ماذا حدث مع أنيسة والشيخ حماد حيث ينتهي الجزء الرابع من الرباعية (علي تمراز)
وتنتهي الرباعية بعودة أنسية مرة أخرى إلى ممارسة الجنس مع الشيخ حماد، ولكن في هذه المرة ليس بغرض المتعة أو الحصول على النقود، ولكن بغرض الإنجاب مهما تكن الوسيلة- فالصراخ في أعماقها، والعمر يجري، والمعايرات لا تنتهي، والإنجاب أمل تدفع حياتها ثمنا لتحقيقه، الثمرة تشغلها، ولا تهمها الوسيلة وهي واثقة أن هذا الأمر لن يعرفه أحد (إذا سكت الشيخ حماد، فهو ما تأمله، وإذا تكلم، فمن يصدقه ؟
وأخيرا انتهت الرباعية كم أنت عبقري يا محمد ياجبريل

يغلق الكتاب ويقوم ليحمل فوطته والجلابية البيضاء
الأب :يلا بينا يا محمود هنتأخر
-ماشي يا بابا أنا جاهز بس هجدد وضوئي
خرجا من المنزل وماشيا في شارع الباب الأخضر شمالا قاصدين مسجد المرسي أبو العباس
وسأل الأب محمود تحب نمشي من علي البحر ولا من جوة
-نمشي من جوة علشان أشوف الحواري والدكاكين اللي وحشتني من زمان مشفتهاش
-خلاص ندخل من زقاق مطاوع ومنه إلي فندق آمون
-عارف يا بابا بفكر أعمل الشبكة في فندق آمون أنا وسلوي وحسين ومديحة
-بس قاعة الفندق مكلفة يا ابني وإنت في عرض كل قرش
-خلينا نفرح يا بابا وعموما خلينا نعرف التكلفة من الفندق
-دخلا استقبال فندق آمون
-لو سمحت عاوزين نسأل عن حجز القاعة 100 نفر ؟
-الموعد إمتي يا فندم اليوم والساعة
-هو العيد إن شاء الله الأحد أو الاثنين خلينا الثلاثاء
-للأسف يا فندم كل القاعات محجوزة أسبوع العيد كله
-الأب بركة يا جامع مش قلتلك بلاش ياابني موضوع الفندق
محمود لموظف الاستقبال :طيب في فاضي إمتي
-في قاعة 6 الصغيرة فاضية يوم السبت بكرة وهي تاخد 50 نفر
-نظر محمود لأبيه والأب مازالت تقاطيع وجه تعبر عن دهشته
-بكرة يا محمود
-خير البر عاجله يابابا
-بكم حجز هذه القاعة ؟
-القاعة والبوفيه ونمرتين أغاني عشرين ألف جنيه بعد الخصم يا فندم
-صعق محمود ونظر إلي أبيه المشدوه من وقع المبلغ المطلوب
-محمود ينسحب قائلا شكرا جزيلا هنفكر ونكلمكم إن شاء الله
-ولا يهمك يا فندم ، فندق آمون في خدمة حضرتك
-خرجا من الفندق وبعد خطوات أطلقا العنان للضحك المكبوت داخلهما
عشرين ألف يا ظلمة دا مهر عروسة يا ظلمة
انس الموضوع يا بابا
خلينا نسرع الخطي علشان صلاة الجمعة خلاص بدأت
تعالي ندخل من حارة الصاغة ومنها إلي حارة وكالة الليمون
وخرجا من حارة وكالة الليمون إلي شارع فرنسا (العامر ليلا المهجور نهارا)  الذي أفضي  بهما مباشرة بعد أمتار قليلة إلي ميدان المساجد
الذي يضم مسجد أبو العباس المرسي أو المرسي أبو العباس كما يطلق عليه الاسكندرانية ومسجد البوصيري صاحب قصيدة البردة في مدح النبي عليه الصلاة والسلام ومسجد ياقوت العرش
-يصل محمود وأبيه إلي ميدان المساجد ويعطي محمود ظهره لمسجد المرسي أبو العباس لينظر إلي البحر ويستنشق رائحة البحر المميزة في الأنفوشي والتي يختلط فيها نسيم البحر برائحة السمك المشوي
-محمود :يأخذ نفس عميق ويقول شامم يا حاج رائحة السمك المشوي
الأب :سمك مشوي في نهار رمضان كدة هتفطر يا ابني يلا بينا ندخل الجامع عشان نصلي
-شوفت يا بابا الجمال المعماري للمسجد لو كان معنا حسين الآن كان زمانه حكي لنا تاريخ المسجد وتاريخ صاحب المسجد كمان
-الأب وليه حسين في لوحة رخامية علي يمين الباب مكتوب عليها كل شئ علقوها من كذا شهر
-هي فين ؟
-هناك
-أيوة شفتها بس خلينا نصلي الأول وبعد الصلاة نقف نقراها براحتنا
-حضرا الخطبة الثانية وصليا ركعتي الجمعة  ثم ركعتي السنة وشاهدا باب المقام الأخضر للمرسي ثم انصرفا إلي خارج المسجد
اتجه محمود إلي لوحة تاريخ المسجد وصاحبه
حيث كتب عليها بخط رقعة :هذه هو مسجد العارف بالله أبوالعباس المرسي
ويضم هذا المسجد ضريح الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن بن على الخزرجى الأنصارى المرسي، الذي يتصل نسبه بالصحابي سعد بن عبادة.
وقد ولد الشيخ أبو العباس المرسي عام 616 هـ الموافق 1219م.
نشأ أبو العباس في بيئة دينية أعدته للتصوف. درس وأخذ العهد على يد شيخه أبي الحسن الشاذلي.
أقام أبو العباس في الأسكندرية ثلاث وأربعين سنة إلى أن مات في الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة 686 هـ وعمره سبعين سنة ودفن في مقبرة باب البحر.
إلى أن كان سنة 706 هـ حين بنى الشيخ زين الدين بن القطان كبير تجار الأسكندرية عليه مسجداً.
يشرف المسجد على الميناء الشرقي بالأنفوشي وهو مبنى على الطراز الأندلسي وبه الأعمدة الرخامية والنحاسية وأعمدة مثمنة الشكل، وأهم ما يميز المسجد الزخرفة ذات الطراز العربى والأندلسي، وتعلو القبة الغربية ضريح أبي العباس وولديه.
يقاطع الأب محمود الذي يقرأ بصوت مسموع :أول مرة أشوفك مهتم بتاريخ المرسي أبوالعباس مع أنك عايش في المنطقة بقالك 30 سنة
-محمود (في تأثر ) يمكن السفر جعلني أحن للذكريات وكمان الحاضر المؤلم يجعلنا نهرب إلي الزمن الجميل
-طب ياسيدي كمل بسرعة علشان الجو حر
ويكمل محمود قراءة اللوحة :في سنة 882 هـ الموافق 1477م كان المسجد قد أهمل فأعاد بناءه الأمير قجماش الأسحاقي الظاهري أيام ولايته علي الإسكندرية في عصر الملك الأشرف قايتباي وبنى لنفسه قبراً بجوار أبي العباس ودفن فيه سنة 892 هـ.
وفي عام 1005 هـ الموافق 1596م جدد بناءه الشيخ أبو العباس النسفي الخزرجي.
 وفي عام 1179 هـ الموافق 1775م وفد الشيخ أبو الحسن علي بن علي المغربي إلي الإسكندرية وزار ضريح أبي العباس المرسي فرأى ضيقه فجدد فيه كما جدد المقصورة والقبة ووسع في المسجد.
وفي عام 1280 هـ الموافق 1863م لما أصاب المسجد التهدم وصارت حالته سيئة قام أحمد بك الدخاخني شيخ طائفة البناءين بالإسكندرية بترميمه وتجديده وأوقف عليه وقفا، وأخذ نظار وقفه فيما بعد في توسعته شيئا فشيئا.
الأب وقد نفذ صبره :فاضل علي نهاية حصة التاريخ دي كتير يا مستر محمود
-خلاص يا حاج فاضل سطرين بس
وظل المسجد كذلك حتى أمر الملك فؤاد الأول بإنشاء ميدان فسيح يطلق عليه ميدان المساجد علي أن يضم مسجداً كبيراً لأبي العباس المرسي ومسجداً للإمام البوصيري والشيخ ياقوت العرش.
 وقام بوضع التصميم الحالي له المهندس المعماري الإيطالي ماريو روسي وتم الانتهاء من بنائه العام 1943م.في عهد الملك فاروق الأول
***
بعد أن انتهي محمود من قراءة اللوحة مصمص شفتيه وتصعب علي التاريخ العريق للأجداد والحاضر المزري والمستقبل المجهول للأحفاد
-لكن تظل الأسكندرية لها سحرها ويكمن هذا السحر في عبق التاريخ المتنوع من تاريخ إسلامي هنا وتاريخ قبطي وفرعوني وروماني هناك
-فعلا الأسكندرية مدينة عالمية علي أرض مصرية
مدينة العلم والعشق
مدينة الحب والحرب
الأب : تقصد مدينة الحب والحر
-خلاص يا ابن فطوطة خلصت الجولة السياحية
يلا بينا بقي علي البيت الجو حار والدنيا صيام
-حاضر يا بابا
وصلا شارع الباب الأخضر  من أقرب طريق وبأسرع خطي ومنه إلي حارة الست نعيمة ومنها دلفا إلي البيت
دخل محمود غرفته
و الأب دخل غرفته أيضا لينال قسطا من نوم القيلولة حتي آذان العصر
خرج محمود بعد قليل وتذكر أنه نسي شنطة الفلوس في شقة سدش

فقرر الذهاب فورا حتي يستطيع الرجوع قبل المغرب وطلبت منه مديحة أن تذهب معه حتي تحضر بعض الأغراض المنزلية من الشقة  قد جلبوها معهم أثناء السحور الفسفوري ليلة أمس 

الفصل الثاني عشر من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم




(12) قرار رقم واحد
ها قد وصلنا إلي منزلكم العامر بحارة الست نعيمة
اتفضل انزل يا عم الحبيب أنت كنت سرحان في إيه طول الطريق وباصص للبحر وصوت تنهيداتك أعلي من صوت ارتطام الموج علي الصخور
ومحمود يردد في نفسه القول المأثور (ما استحق أن يولد من عاش لنفسه)
ويبدو أنه قد اتخذ قرارات مصيرية ستغير معالم حياته القادمة وقبل القرارات كانت لديه الجرأة ليغير نفسه حتي وإن أسر ذلك في نفسه ولم يبده لأحد
ولعل هذا بحق هو القرار رقم واحد في حياة أي إنسان (قرار تغيير ما بالنفس من شرور وضلالات إلي الخير والاستقامة )
وبذلك يصدق عليه قول عبد الرحمن منيف (قرأت ذات مرة أن أكثر الذين يتخذون المواقف الجريئة، هم اقل الناس حديثا عن الجرأة)
-لا عليك اتفضل
-ودخل الاثنان مباشرة إلي حجرة كبيرة لها باب مستقل من خارج المنزل وفيها توجد ثلاث كنبات بلدي مفروشة بعناية ومكتبة كبيرة عامرة بالكتب وبنظرة سريعة عليها يبدو أنها مكتبة مشتركة لكل الأسرة الأب ومحمود والميمات وعلي الحوائط صور معلقة للعائلة ومناظر طبيعية وشهادات دراسية لمحمود والميمات وبروفايل للحاج حنفي بتوقيع مها حنفي
- سلمت وجلست بجوار حماي المنتظر ودخل محمود إلي داخل البيت من الباب الأخر للغرفة
-في الغرفة أنا وحماي نستمع لقرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت
وصوت الزغاريد تصدح مدوية قادمة من الداخل
يبدو أن نبأ تقدمي لخطبة مديحة لم يصبح سرا
وجاءت حماتي وعلي محياها السرور وهي تقول :ألف مبروك يا حسين ربنا يتمم بخير
ودخل محمود بعدها وجلس إلي جواري
وأحضرت مديحة طبلية كبيرة ووضعتها علي الأرض التي فرشت بسجادة كبيرة وتبادلنا النظرات خلسة
خرجت مديحة ودخلت مها وفي يدها مفرش كبير لتضعه علي الطبيلية
جلست الأم لتنظم الأطباق التي تأتي تباعا حيث ترسلها ماجدة- الطباخة الماهرة –مع ميرفت ومها
وبعد دقيقتين رفع آذان المغرب
ونهض الحاج حنفي من علي الكنبة ودعاني للجلوس بجواره علي الطبلية
الآن التئم شمل الأسرة
الجميع جلس حول الطبلية زي زمان
إن جلسة كهذه لا تقدر بأي ثمن إنها نوع من السعادة يفتقده كثير من الناس في عالمنا المادي الذي يفضل فيه البعض البعد والانعزال
لقد كذبت مارجيريت ميتشيل عندما قالت في روايتها الشهيرة ذهب مع الريح (إن من العسير أن ينال المرء كل ما تصبو إليه نفسه فالقدر ضنين في آمال الناس )
لا أتفق معك يا مارجيريت فجلسة كهذه فيها من السعادة ما يكفي وزيادة علي الأقل بالنسبة لشخص مثلي تعود علي الوحدة والعزلة
وزعت الأم التمر هندي والعصير والماء المثلج الذي جاء في وقته تماما بعد هذه الأوقات العصيبة التي مرت علي ليلة أمس
وبعد المشروبات وزعت الأم المنابات من المشويات والمقليات لحوم ودكر بط بلدي محمرم بطعم عصير البرتقال إنه أحد ابتكارات الشيف ماجدة
ويبدو أن محمود سيخرج عن صمته وسيقول شيئا يبدو أنه مهم جدا
-الله ينور يا شيف ماجدة وطبعا المساعدات ولا ننسي الإشراف العام للحاجة قالها محمود كتسخين لكلام يأتي بعد
-ابتسم ونظر حوله والجميع يرمقه  ثم طرق بالملعقة علي الكوب الزجاجي ليجذب إليه الانتباه أكثر
-النهاردة أنا جمعتكم
-جمعتكم عشان مش فاضي بكرة (قالتها ميرفت كدعابة )
ضحك الجميع
-لا بجد عندي خبر أو قرار عاوز أقوله وقبل القرار اعتذار لابد منه
الاعتذار لأمي ولأبي
وقام من مكانه ليقبل رأس والديه وترقرقت دمعات حارة  من عيون كل الحاضرين  لتذرف علي خدودهم في لحظة صمت رهيبة من أجل هذا المشهد المؤثر والمثير للمشاعر
لا يعلم الجميع لماذا سبب لهم حركة محمود هذا القدر الكبير من الشجن
عاد محمود لمكانه علي الطبلية وواصل بيانه المصيري
وأعتذر للميمات
الجميع سيسألني لماذا أعتذر ؟
اليوم اكتشفت حقيقة خطيرة هي : أنني كنت محب لنفسي فقط أي أناني
أعتمد مبدأ الصراحة في الهروب من المسؤولية والتي تساوي فعليا
أنا ومن بعدي الطوفان
أعتذر لأنني كنت أنظر إلي أهدافي فقط في الحياة دون أدني اعتبار لمشاعر وتطلعات المحيطين بي وخصوصا أبي وأمي وأخواتي
الأم :كفاية يا محمود إنت ابننا ونتمنالك كل خير
وتعقب مديحة :كفاية جلد للذات قلنا علي القرار
محمود في حركة تمثيلية يتقمص فيها شخصية أحمد زكي في فيلمه التاريخي الرائع  ناصر 56
قرار رئيس الجمهورية 
فترد مها بصوت ثخين :قرار رقم واحد ولا تستطيع استكمال الجملة من كثرة الضحك
-خلاص يا مها كفاية  يقولها محمود في حزم
بعد إذن بابا طبعا حسين طلب إيد مديحة وأنا وافقت
الأم في زغرودة مدوية قطعت نفسها
ومديحة تنسحب في هدوء إلي غرفتها ربما خجلا وحياء من الموقف
وماجدة خلفها
لكن ميرفت تعقب عقبالي يا رب
والجميع يضحك والسعادة تعم المشهد بعد لحظات الشجن السابقة
وهنا يتذكر حسين الذي قام يقبل محمود ويحتضنه  قول
الروائي الروسي العالمي ليو تولستوي في افتتاح رواية أنّا كارينينا:
 "كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة."
ويطرق محمود مرة أخري علي كوب الماء بملعقته والأب ينظر إليه بفخر لأنه حمل المسؤولية أخيرا واضطلع بدوره الطبيعي في الأسرة
-القرار الثاني :قررت تأجيل زواجي حتي أزوج الميمات جميعا
تصفيق حاد من مها وميرفت
لكن الأم تنظر لهما شذرا فتتوقفان عن التصفيق ويتكهرب الجو
وتنطق الأم في لغة جادة : إيه اللي يخليك تنتظر كل الوقت ده عاوزين نفرح بيك يا محمود أنت البكري وبعدين البنات لسة بدري وكمان مجاش نصيبهم ولو علي مديحة وحسين ميهمكش
-حسين يعقب عندي حل وسط : نتزوج أنا ومحمود في فرح واحد
-محمود وهو يبتسم  : بركاتك يا حاجة تحية  كانت دي دعوتها النهاردة وربنا استجاب لها علي طول شكلها مكشوف عنها الحجاب
-الأب أنا موافق علي رأي حسين
-تذهب مها لتنادي علي مديحة وماجدة من الحجرة ليشهدن قراءة الفاتحة
فاتحة حسين علي مديحة
يقرأ الجميع الفاتحة
آمين
ألف مبروك يا حسين
ألف مبروك يا مديحة ربنا يتمم بخير
حسين :بكرة إن شاء الله بعد صلاة العشاء هجيب أختي تحية ونروح الصاغة عشان نشتري شبكة بسيطة لمديحة
الأم : تشرف الست تحية ويمكن إحنا كمان نجيب شبكة محمود بكرة
بس بكرة ممكن يكون الوقفة
ماجدة :لسة بكرة 28 رمضان يا ماما
الأم :شكلي عندي البتاع اللي اسمه الزهايمر ،حتي إني نسيت أسألك يا حسين عن أخواتك البنات غير الست تحية أخبارهم إيه ويقدروا يشرفونا ولا إيه ؟
-حسين :عندي أختين غير الحاجة تحية هما سعاد وسهام
سعاد صيدلانية ومسافرة مع زوجها جراح العظام في الكويت
وسهام كلية علوم وهاجرت مع زوجها مهندس الكومبيوتر إلي كندا
-محمود مفيش مشكلة أهل سلوي منتظرنا بكرة علشان ننقرأ الفاتحة وبعدين نطلع كلنا نجيب الشبكة ليا ولحسين
-هكلم سلوي الآن
-آلو سلوي
-أهلا حبيبي لحقت تفطر بسرعة كدة
-أيوة
-إن شاء الله هنجي بكرة زي ما قلتلك
-ماشي إحنا مستعدين تشرفونا كلكم
خلاص ماشي هكلمك بالليل سلام
-سلام
الأوقات السعيدة تمر في سرعة البرق
ينتهي المجلس الحافل بكل لحظات الشجن والفرح

علي وعد بلقاء جديد مع أوقات جديدة للسعادة والفرح 

الفصل الحادي عشر من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(11) عزومة الباب الأخضر
الخميس 27 رمضان
ما هذا الإزعاج علي الصبح قالها محمود وهو يبحث عن الموبايل اللعين الذي يرن بشكل مستمر كأنه سرينة إسعاف في شارع مزدحم
من يكون ؟
بالكاد زحزح جفونه ليفتح عينه اليسري نص فتحة ليري من المتصل المزعج
-إنها سلوي حبيبته 
وفجأة توقف الرن المزعج
-نظر إلي الساعة فوجدها الثالثة  فقال أنا أكيد منمتش 20 ساعة
وراح يسأل نفسه :هو الظهر أذن ولا لسة ؟
هي الساعة اتقدمت ولا اتأخرت
هي الحكومة دي وجعة دمغنا كل شوية قدموا الساعة 60 دقيقة
أخروا الساعة  60 دقيقة
أحسن حاجة في السعودية
لا تقديم ولا تأخير
استقرار بمعني الكلمة
لا سياسة حتي في الساعة
-حاول الاتصال بسلوي لكن لا أحد يرد
ربما تكون مشغولة أو الموبايل صامت أو مطنشة شوية  كمعاملة بالمثل
وأخير ردت  سلوي عليه
صوت غريب متحشرج يخرج من حنجرة محمود قال أولا أهلا حبيبتي
وبعدين تنحنح وأعاد الجملة فخرجت أفضل شوية من المرة الأولي
-ردت سلوي : صح النوم يا أستاذ
-والله أنا نايم الساعة الصبح
-أنا عارفة مديحة حكت لي علي كل شئ عن موضوع حسين
علق في استغراب مديحة !! وتسأل عرفت منين ؟!!
أكيد بابا أذاع الخبر
ونادي يا مديحة يا مديحة
فردت سلوي : مديحة مش عندك كلهم راحوا الباب الأخضر علشان يحضروا للعزومة  متنساش تكلم حسين
أخ حسين ؟ طب سلام دلوقتي ياحبيبتي هكلمك كمان شوية
-نهض علي عجل ليأخذ دش ويغير ملابسه سريعا
-وخرج من الشقة مسرعا وأثناء نزوله في المصعد حاول الاتصال بحسين كان الموبايل مشغولا
-أخد تاكسي وقصد مباشرة إلي شقة حسين وهو في التاكسي حاول الاتصال بحسين مرة أخري مازال مشغول فقال في نفسه : كل الوقت دا مشغول لتكون بتحب يا حسين أفندي
اتصل بمديحة وجد موبايلها مشغول ففهم الفولة
-طرق الباب وهو ينادي يا حسين
سمع وقع أقدام تتقدم من الداخل نحو الباب
إنها تحية أخت حسين فسألها محمود : هوفين الأستاذ فأشارت له علي غرفة النوم
فتح الباب وهو ينادي أنت يا عم حسين موبايلك متراقب
حاول حسين إنهاء المكالمة بسرعة لكن محمود كان نبيها ومنفتح العقل (لارج) بلغة العصر
 ليقول له : يلا يا عم قوم مش فاضيين قلها أنا جاي علي العزوم
سمعت مديحة صوت محمود فأغلقت الخط فجأة
-استغرب  حسين وقال لمحمود وهو يبتسم عرفت إزاي ؟
-الصب تفضحه عيونه يا صديقي
-محمود أريد أن أبوح لك بأمر
-عارف عارف
-موافق ألف مبروك
-بس علي شرط والشرط نور بعد زواجي من سلوي تبدأ مشروع زواجك بمديحة
-اتفقنا يا صديقي المخلص  
إنت عارف المثل بيقول : الشيخ الشاطر يخلص عفريت عفريت
(هذه النوعية من الأمثال تعبر تماما عن عقلية محمود الذي يعتمد مبدأ صراحة التهرب من المسؤولية)
-إنت عارف كنت فاكر هجي ألقيك قافل علي نفسك وبتراجع حياتك وخايف ومرعوب من مراقبة الأمن الوطني لك والملف بتاعك اللي عندهم وحوارات صديقي المخلص
- لا خلاص ماحدث أمس علمني أمور كثيرة أهمها إن مفيش فايدة
-يا سلام علي الدروس العظيمة مكنتش أعرف إنك خواف للدرجة دي
-دا مش خوف ، ده حرص في زمن الفوضي
-طب يلا قوم وهنتكلم في موضوع دروس الحياة في الطريق
-علي فين
-علي عزومة حماتك
-حماتي ؟
-أيوة الحاجة أم محمود والله أنا حاسس إن العزومة عشانك إنت مش علشاني وعموما أنا مش هلاقي شخص أثق فيه ويحافظ علي أختي زيك
-من خارج الغرفة زغرودة مدوية في أرجاء الشقة كلها من تحية وتدخل الغرفة قائلة ألف مبروك عقبالكم في ليلة واحدة
-محمود والله فكرة حلوة توفيرا للمصاريف
ينهض حسين من السرير في تكاسل ، الله يبارك فيك يا حاجة تحية
محمود مستغربا حاجة تحية ؟!
-أيوة هتروح الحج السنة دي فهي حاجة باعتبار ما سيكون
-ألف مبروك مقدما يا حاجة تحية
-عقبال بابا وماما
وكأن جملة تحية الأخيرة نكأت جرحا قديما فتذكر محمود كيف أنه أناني لا يحب إلا ذاته لدرجة أنه لم يستقدم والديه لعمل عمرة علي الأقل طوال هذه السنوات الخمس التي قضاها في مدينة جدة علي مقربة من الحرم المكي متعللا أنه يكون نفسه وبعد ذلك سيتفرغ لتزويج إخواته البنات
والأكثر من ذلك أنه كان يرسل حوالات كل شهر لتجهيز شقته دون أن يخصص ولو جزء بسيط لمساعدة والده الموظف في مكتب بريد مينا البصل  والذي قارب عمره علي الستين فتركه يكافح لتلبية متطلبات الأسرة الأساسية
يا لها من جملة عابرة قالتها الحاجة تحية لكنها علي عفويتها وبساطتها كشفت عن حقيقة نفسه اللئيمة - خصوصا عندما علم أن حسين هو من تحمل مصاريف حج أخته تحية
يا لها من جملة عابرة جعلته ينظر في المرآة ليري وجه القبيح علي حقيقته لأول مرة
لعلها مراجعة لمبدأ الصراحة الذي اعتمده كمنهاج لحياته لكنه في الواقع وقاحة وأنانية
ويجتاج هذا المبدأ النرجسي للمراجعة الشاملة قبل أن يتآكل الحب من قلبه ومن قلوب المحطين بي
قال حسين ويبدل ملابسه: مش لسة بدري شوية علي الفطار
-يدوب نلحق نوصل قبل زحمة الطريق قبل المغرب
تحية :خلي بالك من حسين 
-متوصنيش يا حاجة تحية دا أخويا وصديق عمري ونسيب المستقبل
-حسين :إيه رأيك أفاتح الحاج في موضوعي أنا ومديحة ويبقي خير البر عاجله
تردد محمود في الجواب وربما تلعثم واكتفي بقوله إن شاء الله
تعجب حسين من رده الذي لم يفهمه في ضوء معرفته بمبدا حسين الصراحة راحة
-في السيارة حاول حسين أن يتجاذب أطراف الحديث مع محمود الذي كان ينظر إلي البحر طويلا وذهنه شارد يتسأل :هل ما فعله مع أسرته علي مدار السنوات الخمس الماضية تحت تأثير مبدأ الصراحة المزعوم هو بخل وأنانية وتهرب من المسؤولية وتنازل عن صفات الرجولة والنخوة والشهامة ؟
هل تقديمه لأهدافه علي أهداف الأسرة هو حب للذات ؟
ولماذا صبرت الأسرة عليه كل هذا ؟
 هل لأنهم يحبونه ؟
 أم لأنه وقح في اعتماده هذا المبدأ المقيت وبالتالي فقد تركوه لنفسه وضميره
لكن ضميره ظل نائما أو في غيبوبة كل هذا الوقت
ولم يفق سوي منذ دقائق علي إثر جملة عابرة
"إن الكلمات مهما كانت مؤثرة لاتحدث أثرا إلا إذا وجدت وترا حساسا تعزف عليه جيدا "

علي أي حال ها هي حقيقتك قد ظهرت أمامك واضحة وها هو ضميرك الفاقد للوعي قد بدأ يفيق  فماذا أنت فاعل ؟

الأحد، 2 نوفمبر 2014

الفصل التاسع من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(9) حوار مع صديقي المخلص
وأثناء أداء حسين ومحمود صلاة الفجر
حضر ضابط برتبة مقدم ومعه وائل باشا  ودخلا غرفة المأمور
فهرول الشاويش وأغلق الباب خلفهم ووقف أمامه
وجاء ماجد المحامي وأخرج بزنس كارد الخاص به وأعطاه للشاويش ليدخل به للباشا
فدخل الشاويش وبعدها بدقيقة 
نادي الضابط وائل :اتفضل يا أستاذ
فدخل المحامي ماجد في همة ونشاط قائلاً: مساء الخير يا فندم
المقدم :قول صباح الخير
ماجد: صباح الفل يا فندم
وائل باشا: سيادة المقدم محمد باشا مسعود
وجاي مخصوص من شارع الفراعنة (شارع به مقر أمن الدولة ) لحد هنا علشان موكلك
ماجد :خير ياباشا هو في مشاكل لا سمح الله
المقدم : لأ هو جاء هنا بالصدفة وإنت قومت الدنيا باتصالك بسعادة اللواء رئيس الجهاز في الأسكندرية
فدورت علي ملفه عندنا فوجدت له ملف قديم
فوقع قلب ماجد في رجليه وقال في نفسه أمن دولة يا حسين وقعت ولا حد سمي عليك
وأردف المقدم قائلا :لا تخف هو لا غبار عليه فهو بدون تصنيف يعني لأ إخوان ولا شيوعي ولا شيعي ولا 6 أبريل هو تحت بند مثقف درجة تالتة
وتوجه المقدم للضابط وائل باشا : وسأله وهو يبتسم :تعرف واحد اسمه هيرمان جورينج ؟
فتلعثم الضابط  ورد علي المقدم:منكم نستفيد يا فندم
هيرمان جورينج ده هو أحد أبرز قيادات ألمانيا النازية أيام هتلر،والأب الروحى لجهاز البوليس السرى "جيستابو" لكن نهايته كانت مأساوية  فقد انتحر بالسم قبل يوم واحد من إعدامه
الضابط : إيه اللي فكرك بيه يا باشا دلوقتي
المقدم : ما هو دا اللي قال "كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي»، 
ابتسم ماجد ابتسامة ميتة مجاملة لثقافة المقدم
وسأل محمد باشا : طيب يا فندم هو حسين عليه أي ملاحظات في الوقت الحالي
المقدم - لقيت في ملفه صورة من مقال منشور في موقع معارضة صفرا من إياهم بالتحديد موقع العربي الجديد بتاع شركة فضاءات ميديا ليميتد اللي مقرها مقرها لندن ودا واحد من المواقع اللي أشارها الرئيس في اجتماعه الأخير مع الإعلاميين
ثم رمي المقدمة بصورة المقال علي المكتب في اتجاه ماجد قائلاً
اتفضل يا سيدي اقرأ وسمعنا
حوار مع صديقي المخلص 
كعادتي عندما تعجبني أحد المقالات التي أقرأها كل صباح أنشرها كلها أو جزءا منها علي صفحتي علي فيسبوك كنوع من نشر شئ أعجبني
وبالفعل نشرت جزءا من مقال الأستاذ فهمي هويدي في الشروق المعنون 
(الأمن قدّموه على العلم)
خلال السنوات الأخيرة حدث ذلك التراجع فى مستوى الجامعات المصرية (بعض الدول الخليجية لم تعد تعترف بشهادة بكالوريوس الطب المصرية وتتطلب شروطا اخرى لاعتمادها)، إلا ان ظهور العنصر الأمنى على النحو الذى لاحظناه هذا العام لابد ان يكون له أثره السلبى على سمعة تلك الجامعات على الأقل، هذا إذا لم يؤثر تقصير أمد العام الجامعى على تحصيل المناهج وكفاءة العملية التعليمية.
من مقال فهمي هويدي في الشروق
وعلق صديقي المخلص الذي أكن له كل ود وتقدير فقد عملت معه بضع سنين في المدرسة  قبل أن يغادرنا إلي دبي
ورغم أن الحديث عام ولا يخص أحد إلا أن تعليق صديقي جاء كالتالي :
متي يتوقف الاخوان عن مظاهر العنف و يقدموا مصلحة الوطن علي مصلحة الجماعة ؟! أم أن منطقهم لا فيها لا اخفيها !!!
وأردف قائلا : "الذي أطعمهم من جوع و امنهم من خوف" صدق الله العظيم
وتعليقا علي ما كتب صديقي ولأنني أعلم أنه يقرأ للدكتور أيمن الصياد وضعت في ثنايا الحوار رابط مقال أيمن الصياد المعنون 
(تحت قبة الجامعة قلق مشروع علي المستقبل) وفيه يرسم لنا دكتور الصياد ماحدث وما يحدث في الجامعة تحت حكم النظام الجديد أو بعد 30 يونيو وقد اقتبس من مقال سابق للدكتور عمرو الشوبكي عن حالات تم اعتقالها من أستاذة وعمداء جامعات ناهيك عن طلاب وطالبات 
وبعد ذلك يصر صديقي المخلص علي توجيه الاتهام للإخوان وحدهم عما يجري وأن هذا هو خطأهم لأنهم ينتهجون العنف دون مبرر
فكان ردي كالتالي :
الإخوان ولاد ستين في سبعين وماذا بعد ؟؟
هل انتهت مشكلات مصر ؟؟
هل ما يحدث في مصر كله تمام والسجون ليس بها سياسيين من كافة التيارات وبعضهم من مؤيدي ثورة 30 يونيو
ياصديقي الإخوان الآن في أضعف حالاتهم في الداخل لكن النظام يجد فيهم شماعة يعلق عليها فشله في الملفات الأساسية كالصحة والتعليم والبطالة
وعن فرض حالة الطوارئ يري صديقي المخلص أن الأمر ضرورة قصوي لأجل مسمي عند صاحب الأمر ويبرر ذلك بقوله تعال نرى ماذا فعلت أعظم الديمقراطيات وهى تواجه ظروفاً استثنائية فى ظل أعمال إرهابية تهدد أمنها القومى.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية، قام الرئيس جورج دبليو بوش بدعم الكونجرس بإصدار قانون الحماية الوطنية الذى يعطى السلطات حق التنصت والاعتقال والتفتيش، على كل المواطنين والمقيمين فى حالة الاشتباه دون اللجوء إلى الإجراءات المعتادة.
وفى بريطانيا، طالبت حكومة ديفيد كاميرون بقانون لمكافحة الإرهاب، وصرح «كاميرون» بعد أحداث الصدامات مع الشرطة قائلاً: «لا تحدثنى عن الديمقراطية والحريات، إذا كان الأمن القومى للبلاد مهدداً من الإرهاب».
أما تركيا التى يقودها طيب أردوغان، فإنها استخدمت الرصاص الحى ضد المتظاهرين فى حديقة جيزى بإسطنبول وضد المتظاهرين الأكراد الذين يطالبون بدور فعال للجيش التركى ضد «داعش».
المهم أن تكون القرارات الطارئة موجهة -فقط- ضد من يهدد البلاد بالإرهاب، ويكون ذلك لفترة محددة، تعود بعدها البلاد والعباد إلى الظروف الطبيعية.
ولم أعلق علي تبريراته الأخيرة التي تبدو مقنعة لكني أخشي أن تكون كلمات حق يراد من وراءها باطل
وقد كرر صديقي عبارة غسيل الدماغ أكثر من مرة وهي كلمة تنتشر كثيرا في ألسنة الجوبلزيين فكان تعليقي الأخير عليه 
ماذا قدم النظام للشباب بشكل عام بما فيهم شباب الإخوان المعتدل؟
 أليس الاستفزاز المستمرللشباب في الجامعات بيئة صالحة لإفراخ دواعش جدد خصوصا أن المعرفة الشريرة متاحة في كل مكان
 فبدلا من احتواء الشباب فضلنا الحديث عن غسيل المخ وحضرتك تعرف أنه لا أحد يغسل مخ أحد إلا إذا كان مستعدا لذلك فمن جعل كل هؤلاء الشباب لديهم استعداد للغسيل بل والدعشنة إذا لزم الأمر
صديقي يعلم أننا وإن اختلفنا في وجهات النظر فلا ولن يخون أحدنا الآخر ويعلم أن كلانا يحب تراب هذا الوطن ويتمني كله الأمن والرخاء والازدهار ولكن ليس علي حساب الحرية والديمقراطية ودولة القانون والعدالة 
ولعلنا نتفق معا أن الوطن فوق الجميع الإخوان والنظام 
تحية من القلب لصديقي المصري وحفظ الله مصر من كل مكروه وسوء
*******
وبعد قراءة ماجد للمقال
علق  ماجد المحامي : مقال عادي نقرأ زيه وأكثر كل يوم سعادتك
المقدم : يا ماجد بيه إحنا في شغلنا لا يعننا بشكل كبير السطور المكتوبة ، ما يعنينا هو ما بين السطور والمستهدف من المكتوب وخلفيات الكاتب

-فهمتني يا أستاذ ماجد

الفصل الثامن من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(8) الصديق في ورطة

وبينما محمود مستلق علي سريره لأول مرة في شقته الجديدة ينتظر النوم القادم في سرعة البرق بعد عناء يوم طويل في المطارات
إذ بجرس الموبايل يرن ويرن ويرن
حاول محمود أن يطنش مرة واثنين
لكن الطالب علي الموبايل يواصل في إصرار غريب
أول الأمر خمن أن تكون سلوي تريد أن تكمل حوارها معه
وبحركة كسلي متراخية فتح عينيه لينظر من الطالب
حسين رددها في استغراب  
ولماذا حسين الآن لعله نسي شئ مهم
-فتح الخط
-حسين علي الطرف الآخر :الحقني يا محمود
الحقني يا محمود
-محمود: اهدا يا حسين خير في ايه
إنت فين
-أنا في قسم الشرطة
-أي قسم شرطة وليه ؟
- قسم شرطة أول الرمل اللي في شارع أبوقير جنب بنزينة توتال
نهض محمود مسرعا من سريره وارتدي ملابس الخروج وأبلغ أباه بالأمر فقال له الوالد هل أجيء معك
-رد محمود: لا عليك يا أبي سأتواصل معك عبر الموبايل لأخبرك بالجديد علي طول وكان سوبر ماركت السعادة لايزال مفتوحا فاشتري محمود 5 علب سجاير وكيسين عيش فينو وجبن رومي وحلاوة وزيتون وثلاث زجاجات مياه معدنية كبيرة وغير ألف ريال سعودي من سعيد حمدان بألفي جنيه مصري (20 ورقة جديدة تدبح من فئة المئة جنيه)
-وفي الطريق إلي قسم الشرطة اتصل محمود بالأستاذ ماجد عباس المحامي زميل دراسة حسين ومحمود ليصطحبه معه إلي قسم الشرطة
وصل محمود إلي قسم شرطة أول الرمل قبل الفجر بساعة تقريبا
فوجد حسين مكبل بالكلبشات وجالس في مكتب ضيق مجاور لمكتب معاون المباحث وسط مجموعة من الناس يبدو عليهم التشرد والتوهان
حاول محمود أن يدخل المكتب الضيق ليتحدث إلي حسين ليستفسر من عن تفاصيل ماحدث له
لكن الشاويش المناوب منعه في أول الأمر فما كان من محمود إلا أن لف ورقة بمئة جنيه ودسها في جيب الشاويش
فهمس له الشاويش :لا تتأخر كثير
وزعق الشاويش في مرافقي حسين حتي يخلو مكان لصديقه
جلس محمود بجوار حسين وما أن جلس حتي بدأ حسين في البكاء
محمود : أعرفك رجلا يا حسين لما البكاء يا رجل تماسك
-قولي أنت جيت إزي هنا
-بعدما نزلت من عندك ذهبت مباشرة لشقتي وعندما صعدت إلي الشقة وجدت أنني نسيت علبة السجاير في العربية وكنت بحاجة إلي سيجارة قبل بداية يوم جديد من الصيام  
فنزلت لأجد هذه العصابة تترنح وفي حالة توهان كما تري الآن وأكثر
ويحيطون بسيارتي بهدف سرقتها فغاظني ذلك وأنت تعرف السيارة جديدة وبالشئ الفلاني فتشاجرت معهم حتي يتركوا السيارة لكنهم لم يتراجعوا وفي هذه الأثناء مرت سيارة شرطة فقلت الحمد لله ستأخذهم
ونزل الضابط برتبة ملازم أول ولم يمهلني حتي أتحدث فأخذنا جميعا وقذف بنا في البوكس تماما كما كانت تفعل البلدية مع الكلاب الضالة
ولم يسمع مني أي شئ وقال لأمين الشرطة المرافق حطهم عندك لحد الصبح لحد ما أجي وأشوف هعمل فيهم إيه
هذه هي  كل الحكاية
وحضر الأستاذ ماجد عباس المحامي
فسأل عن الضابط المناوب فلم يجد سوي الشاويش فسأله عن محضر الضبط والتحقيق فلم يرد عليه فدس الأستاذ ماجد في جيب الشاويش ورقة بمئة فنطق الشاويش : مفيش محضر ولا ديوله
حضرة الضابط وائل باشا : قال يترموا هنا لحد الصبح
فما كان من المحامي إلا أن أجري بعض اتصالاته التي تكون هي الحل الوحيد حينما تعم الفوضي
وبعد قليل رن جرس تليفون غرفة معاون المباحث
فهرول الشاويش ليلتقط السماعة بسرعة
فجاءه أمر الضابط وائل باشا :نزل العيال اللي في الحجز كلهم التخشيبة  وسيب اللي اسمه حسين فوق وفك كلبشاته أنا جاي علي طول مسافة السكة
-كان الوقت يمر بطيئا وقرآن الفجر قد انتهي وبدأت الابتهالات التي تسبق الآذان فأخرج محمود كيس العيش الفينو وصنع بعض السندوشات وأعطي حسين والمحامي وعزم علي الشاويش فأخذ بعض السندويتشات وزجاجة مياه معدنية وكمان علبتين سجاير
وتسحر الثلاثة زملاء الدراسة وضحك ماجد وضحك بعده محمود ثم تبعهم حسين
وقال ماجد : مين كان نتوقع أن نجتمع بعد كل هذه السنوات وهنا في القسم ونتسحر عيش وحلاوة  دي بركاتك يا عم حسين
فيرد محمود : وإيه كمان في أول يوم أجي فيه من السعودية
وارتفع صوت الحق مؤذنا بصلاة فجر جديد
ذهب محمود للشاويش وفي يده علبة سجاير وسأله عن مكان الحمام حتي يتوضأ هو وحسين
فرد الشاويش وكمان حسين فأعطاه محمود علبة السجاير الرابعة
فرد الشاويش :طب وزميلكم التالت
ضحك محمود وقال للشاويش دا الأستاذ ماجد عباس بطرس

فرد الشاويش يعني مفيش سجاير تاني طب يلا بسرعة