الاثنين، 3 نوفمبر 2014

الفصل الثاني عشر من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم




(12) قرار رقم واحد
ها قد وصلنا إلي منزلكم العامر بحارة الست نعيمة
اتفضل انزل يا عم الحبيب أنت كنت سرحان في إيه طول الطريق وباصص للبحر وصوت تنهيداتك أعلي من صوت ارتطام الموج علي الصخور
ومحمود يردد في نفسه القول المأثور (ما استحق أن يولد من عاش لنفسه)
ويبدو أنه قد اتخذ قرارات مصيرية ستغير معالم حياته القادمة وقبل القرارات كانت لديه الجرأة ليغير نفسه حتي وإن أسر ذلك في نفسه ولم يبده لأحد
ولعل هذا بحق هو القرار رقم واحد في حياة أي إنسان (قرار تغيير ما بالنفس من شرور وضلالات إلي الخير والاستقامة )
وبذلك يصدق عليه قول عبد الرحمن منيف (قرأت ذات مرة أن أكثر الذين يتخذون المواقف الجريئة، هم اقل الناس حديثا عن الجرأة)
-لا عليك اتفضل
-ودخل الاثنان مباشرة إلي حجرة كبيرة لها باب مستقل من خارج المنزل وفيها توجد ثلاث كنبات بلدي مفروشة بعناية ومكتبة كبيرة عامرة بالكتب وبنظرة سريعة عليها يبدو أنها مكتبة مشتركة لكل الأسرة الأب ومحمود والميمات وعلي الحوائط صور معلقة للعائلة ومناظر طبيعية وشهادات دراسية لمحمود والميمات وبروفايل للحاج حنفي بتوقيع مها حنفي
- سلمت وجلست بجوار حماي المنتظر ودخل محمود إلي داخل البيت من الباب الأخر للغرفة
-في الغرفة أنا وحماي نستمع لقرآن المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت
وصوت الزغاريد تصدح مدوية قادمة من الداخل
يبدو أن نبأ تقدمي لخطبة مديحة لم يصبح سرا
وجاءت حماتي وعلي محياها السرور وهي تقول :ألف مبروك يا حسين ربنا يتمم بخير
ودخل محمود بعدها وجلس إلي جواري
وأحضرت مديحة طبلية كبيرة ووضعتها علي الأرض التي فرشت بسجادة كبيرة وتبادلنا النظرات خلسة
خرجت مديحة ودخلت مها وفي يدها مفرش كبير لتضعه علي الطبيلية
جلست الأم لتنظم الأطباق التي تأتي تباعا حيث ترسلها ماجدة- الطباخة الماهرة –مع ميرفت ومها
وبعد دقيقتين رفع آذان المغرب
ونهض الحاج حنفي من علي الكنبة ودعاني للجلوس بجواره علي الطبلية
الآن التئم شمل الأسرة
الجميع جلس حول الطبلية زي زمان
إن جلسة كهذه لا تقدر بأي ثمن إنها نوع من السعادة يفتقده كثير من الناس في عالمنا المادي الذي يفضل فيه البعض البعد والانعزال
لقد كذبت مارجيريت ميتشيل عندما قالت في روايتها الشهيرة ذهب مع الريح (إن من العسير أن ينال المرء كل ما تصبو إليه نفسه فالقدر ضنين في آمال الناس )
لا أتفق معك يا مارجيريت فجلسة كهذه فيها من السعادة ما يكفي وزيادة علي الأقل بالنسبة لشخص مثلي تعود علي الوحدة والعزلة
وزعت الأم التمر هندي والعصير والماء المثلج الذي جاء في وقته تماما بعد هذه الأوقات العصيبة التي مرت علي ليلة أمس
وبعد المشروبات وزعت الأم المنابات من المشويات والمقليات لحوم ودكر بط بلدي محمرم بطعم عصير البرتقال إنه أحد ابتكارات الشيف ماجدة
ويبدو أن محمود سيخرج عن صمته وسيقول شيئا يبدو أنه مهم جدا
-الله ينور يا شيف ماجدة وطبعا المساعدات ولا ننسي الإشراف العام للحاجة قالها محمود كتسخين لكلام يأتي بعد
-ابتسم ونظر حوله والجميع يرمقه  ثم طرق بالملعقة علي الكوب الزجاجي ليجذب إليه الانتباه أكثر
-النهاردة أنا جمعتكم
-جمعتكم عشان مش فاضي بكرة (قالتها ميرفت كدعابة )
ضحك الجميع
-لا بجد عندي خبر أو قرار عاوز أقوله وقبل القرار اعتذار لابد منه
الاعتذار لأمي ولأبي
وقام من مكانه ليقبل رأس والديه وترقرقت دمعات حارة  من عيون كل الحاضرين  لتذرف علي خدودهم في لحظة صمت رهيبة من أجل هذا المشهد المؤثر والمثير للمشاعر
لا يعلم الجميع لماذا سبب لهم حركة محمود هذا القدر الكبير من الشجن
عاد محمود لمكانه علي الطبلية وواصل بيانه المصيري
وأعتذر للميمات
الجميع سيسألني لماذا أعتذر ؟
اليوم اكتشفت حقيقة خطيرة هي : أنني كنت محب لنفسي فقط أي أناني
أعتمد مبدأ الصراحة في الهروب من المسؤولية والتي تساوي فعليا
أنا ومن بعدي الطوفان
أعتذر لأنني كنت أنظر إلي أهدافي فقط في الحياة دون أدني اعتبار لمشاعر وتطلعات المحيطين بي وخصوصا أبي وأمي وأخواتي
الأم :كفاية يا محمود إنت ابننا ونتمنالك كل خير
وتعقب مديحة :كفاية جلد للذات قلنا علي القرار
محمود في حركة تمثيلية يتقمص فيها شخصية أحمد زكي في فيلمه التاريخي الرائع  ناصر 56
قرار رئيس الجمهورية 
فترد مها بصوت ثخين :قرار رقم واحد ولا تستطيع استكمال الجملة من كثرة الضحك
-خلاص يا مها كفاية  يقولها محمود في حزم
بعد إذن بابا طبعا حسين طلب إيد مديحة وأنا وافقت
الأم في زغرودة مدوية قطعت نفسها
ومديحة تنسحب في هدوء إلي غرفتها ربما خجلا وحياء من الموقف
وماجدة خلفها
لكن ميرفت تعقب عقبالي يا رب
والجميع يضحك والسعادة تعم المشهد بعد لحظات الشجن السابقة
وهنا يتذكر حسين الذي قام يقبل محمود ويحتضنه  قول
الروائي الروسي العالمي ليو تولستوي في افتتاح رواية أنّا كارينينا:
 "كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة."
ويطرق محمود مرة أخري علي كوب الماء بملعقته والأب ينظر إليه بفخر لأنه حمل المسؤولية أخيرا واضطلع بدوره الطبيعي في الأسرة
-القرار الثاني :قررت تأجيل زواجي حتي أزوج الميمات جميعا
تصفيق حاد من مها وميرفت
لكن الأم تنظر لهما شذرا فتتوقفان عن التصفيق ويتكهرب الجو
وتنطق الأم في لغة جادة : إيه اللي يخليك تنتظر كل الوقت ده عاوزين نفرح بيك يا محمود أنت البكري وبعدين البنات لسة بدري وكمان مجاش نصيبهم ولو علي مديحة وحسين ميهمكش
-حسين يعقب عندي حل وسط : نتزوج أنا ومحمود في فرح واحد
-محمود وهو يبتسم  : بركاتك يا حاجة تحية  كانت دي دعوتها النهاردة وربنا استجاب لها علي طول شكلها مكشوف عنها الحجاب
-الأب أنا موافق علي رأي حسين
-تذهب مها لتنادي علي مديحة وماجدة من الحجرة ليشهدن قراءة الفاتحة
فاتحة حسين علي مديحة
يقرأ الجميع الفاتحة
آمين
ألف مبروك يا حسين
ألف مبروك يا مديحة ربنا يتمم بخير
حسين :بكرة إن شاء الله بعد صلاة العشاء هجيب أختي تحية ونروح الصاغة عشان نشتري شبكة بسيطة لمديحة
الأم : تشرف الست تحية ويمكن إحنا كمان نجيب شبكة محمود بكرة
بس بكرة ممكن يكون الوقفة
ماجدة :لسة بكرة 28 رمضان يا ماما
الأم :شكلي عندي البتاع اللي اسمه الزهايمر ،حتي إني نسيت أسألك يا حسين عن أخواتك البنات غير الست تحية أخبارهم إيه ويقدروا يشرفونا ولا إيه ؟
-حسين :عندي أختين غير الحاجة تحية هما سعاد وسهام
سعاد صيدلانية ومسافرة مع زوجها جراح العظام في الكويت
وسهام كلية علوم وهاجرت مع زوجها مهندس الكومبيوتر إلي كندا
-محمود مفيش مشكلة أهل سلوي منتظرنا بكرة علشان ننقرأ الفاتحة وبعدين نطلع كلنا نجيب الشبكة ليا ولحسين
-هكلم سلوي الآن
-آلو سلوي
-أهلا حبيبي لحقت تفطر بسرعة كدة
-أيوة
-إن شاء الله هنجي بكرة زي ما قلتلك
-ماشي إحنا مستعدين تشرفونا كلكم
خلاص ماشي هكلمك بالليل سلام
-سلام
الأوقات السعيدة تمر في سرعة البرق
ينتهي المجلس الحافل بكل لحظات الشجن والفرح

علي وعد بلقاء جديد مع أوقات جديدة للسعادة والفرح 

الفصل الحادي عشر من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(11) عزومة الباب الأخضر
الخميس 27 رمضان
ما هذا الإزعاج علي الصبح قالها محمود وهو يبحث عن الموبايل اللعين الذي يرن بشكل مستمر كأنه سرينة إسعاف في شارع مزدحم
من يكون ؟
بالكاد زحزح جفونه ليفتح عينه اليسري نص فتحة ليري من المتصل المزعج
-إنها سلوي حبيبته 
وفجأة توقف الرن المزعج
-نظر إلي الساعة فوجدها الثالثة  فقال أنا أكيد منمتش 20 ساعة
وراح يسأل نفسه :هو الظهر أذن ولا لسة ؟
هي الساعة اتقدمت ولا اتأخرت
هي الحكومة دي وجعة دمغنا كل شوية قدموا الساعة 60 دقيقة
أخروا الساعة  60 دقيقة
أحسن حاجة في السعودية
لا تقديم ولا تأخير
استقرار بمعني الكلمة
لا سياسة حتي في الساعة
-حاول الاتصال بسلوي لكن لا أحد يرد
ربما تكون مشغولة أو الموبايل صامت أو مطنشة شوية  كمعاملة بالمثل
وأخير ردت  سلوي عليه
صوت غريب متحشرج يخرج من حنجرة محمود قال أولا أهلا حبيبتي
وبعدين تنحنح وأعاد الجملة فخرجت أفضل شوية من المرة الأولي
-ردت سلوي : صح النوم يا أستاذ
-والله أنا نايم الساعة الصبح
-أنا عارفة مديحة حكت لي علي كل شئ عن موضوع حسين
علق في استغراب مديحة !! وتسأل عرفت منين ؟!!
أكيد بابا أذاع الخبر
ونادي يا مديحة يا مديحة
فردت سلوي : مديحة مش عندك كلهم راحوا الباب الأخضر علشان يحضروا للعزومة  متنساش تكلم حسين
أخ حسين ؟ طب سلام دلوقتي ياحبيبتي هكلمك كمان شوية
-نهض علي عجل ليأخذ دش ويغير ملابسه سريعا
-وخرج من الشقة مسرعا وأثناء نزوله في المصعد حاول الاتصال بحسين كان الموبايل مشغولا
-أخد تاكسي وقصد مباشرة إلي شقة حسين وهو في التاكسي حاول الاتصال بحسين مرة أخري مازال مشغول فقال في نفسه : كل الوقت دا مشغول لتكون بتحب يا حسين أفندي
اتصل بمديحة وجد موبايلها مشغول ففهم الفولة
-طرق الباب وهو ينادي يا حسين
سمع وقع أقدام تتقدم من الداخل نحو الباب
إنها تحية أخت حسين فسألها محمود : هوفين الأستاذ فأشارت له علي غرفة النوم
فتح الباب وهو ينادي أنت يا عم حسين موبايلك متراقب
حاول حسين إنهاء المكالمة بسرعة لكن محمود كان نبيها ومنفتح العقل (لارج) بلغة العصر
 ليقول له : يلا يا عم قوم مش فاضيين قلها أنا جاي علي العزوم
سمعت مديحة صوت محمود فأغلقت الخط فجأة
-استغرب  حسين وقال لمحمود وهو يبتسم عرفت إزاي ؟
-الصب تفضحه عيونه يا صديقي
-محمود أريد أن أبوح لك بأمر
-عارف عارف
-موافق ألف مبروك
-بس علي شرط والشرط نور بعد زواجي من سلوي تبدأ مشروع زواجك بمديحة
-اتفقنا يا صديقي المخلص  
إنت عارف المثل بيقول : الشيخ الشاطر يخلص عفريت عفريت
(هذه النوعية من الأمثال تعبر تماما عن عقلية محمود الذي يعتمد مبدأ صراحة التهرب من المسؤولية)
-إنت عارف كنت فاكر هجي ألقيك قافل علي نفسك وبتراجع حياتك وخايف ومرعوب من مراقبة الأمن الوطني لك والملف بتاعك اللي عندهم وحوارات صديقي المخلص
- لا خلاص ماحدث أمس علمني أمور كثيرة أهمها إن مفيش فايدة
-يا سلام علي الدروس العظيمة مكنتش أعرف إنك خواف للدرجة دي
-دا مش خوف ، ده حرص في زمن الفوضي
-طب يلا قوم وهنتكلم في موضوع دروس الحياة في الطريق
-علي فين
-علي عزومة حماتك
-حماتي ؟
-أيوة الحاجة أم محمود والله أنا حاسس إن العزومة عشانك إنت مش علشاني وعموما أنا مش هلاقي شخص أثق فيه ويحافظ علي أختي زيك
-من خارج الغرفة زغرودة مدوية في أرجاء الشقة كلها من تحية وتدخل الغرفة قائلة ألف مبروك عقبالكم في ليلة واحدة
-محمود والله فكرة حلوة توفيرا للمصاريف
ينهض حسين من السرير في تكاسل ، الله يبارك فيك يا حاجة تحية
محمود مستغربا حاجة تحية ؟!
-أيوة هتروح الحج السنة دي فهي حاجة باعتبار ما سيكون
-ألف مبروك مقدما يا حاجة تحية
-عقبال بابا وماما
وكأن جملة تحية الأخيرة نكأت جرحا قديما فتذكر محمود كيف أنه أناني لا يحب إلا ذاته لدرجة أنه لم يستقدم والديه لعمل عمرة علي الأقل طوال هذه السنوات الخمس التي قضاها في مدينة جدة علي مقربة من الحرم المكي متعللا أنه يكون نفسه وبعد ذلك سيتفرغ لتزويج إخواته البنات
والأكثر من ذلك أنه كان يرسل حوالات كل شهر لتجهيز شقته دون أن يخصص ولو جزء بسيط لمساعدة والده الموظف في مكتب بريد مينا البصل  والذي قارب عمره علي الستين فتركه يكافح لتلبية متطلبات الأسرة الأساسية
يا لها من جملة عابرة قالتها الحاجة تحية لكنها علي عفويتها وبساطتها كشفت عن حقيقة نفسه اللئيمة - خصوصا عندما علم أن حسين هو من تحمل مصاريف حج أخته تحية
يا لها من جملة عابرة جعلته ينظر في المرآة ليري وجه القبيح علي حقيقته لأول مرة
لعلها مراجعة لمبدأ الصراحة الذي اعتمده كمنهاج لحياته لكنه في الواقع وقاحة وأنانية
ويجتاج هذا المبدأ النرجسي للمراجعة الشاملة قبل أن يتآكل الحب من قلبه ومن قلوب المحطين بي
قال حسين ويبدل ملابسه: مش لسة بدري شوية علي الفطار
-يدوب نلحق نوصل قبل زحمة الطريق قبل المغرب
تحية :خلي بالك من حسين 
-متوصنيش يا حاجة تحية دا أخويا وصديق عمري ونسيب المستقبل
-حسين :إيه رأيك أفاتح الحاج في موضوعي أنا ومديحة ويبقي خير البر عاجله
تردد محمود في الجواب وربما تلعثم واكتفي بقوله إن شاء الله
تعجب حسين من رده الذي لم يفهمه في ضوء معرفته بمبدا حسين الصراحة راحة
-في السيارة حاول حسين أن يتجاذب أطراف الحديث مع محمود الذي كان ينظر إلي البحر طويلا وذهنه شارد يتسأل :هل ما فعله مع أسرته علي مدار السنوات الخمس الماضية تحت تأثير مبدأ الصراحة المزعوم هو بخل وأنانية وتهرب من المسؤولية وتنازل عن صفات الرجولة والنخوة والشهامة ؟
هل تقديمه لأهدافه علي أهداف الأسرة هو حب للذات ؟
ولماذا صبرت الأسرة عليه كل هذا ؟
 هل لأنهم يحبونه ؟
 أم لأنه وقح في اعتماده هذا المبدأ المقيت وبالتالي فقد تركوه لنفسه وضميره
لكن ضميره ظل نائما أو في غيبوبة كل هذا الوقت
ولم يفق سوي منذ دقائق علي إثر جملة عابرة
"إن الكلمات مهما كانت مؤثرة لاتحدث أثرا إلا إذا وجدت وترا حساسا تعزف عليه جيدا "

علي أي حال ها هي حقيقتك قد ظهرت أمامك واضحة وها هو ضميرك الفاقد للوعي قد بدأ يفيق  فماذا أنت فاعل ؟

الأحد، 2 نوفمبر 2014

الفصل التاسع من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(9) حوار مع صديقي المخلص
وأثناء أداء حسين ومحمود صلاة الفجر
حضر ضابط برتبة مقدم ومعه وائل باشا  ودخلا غرفة المأمور
فهرول الشاويش وأغلق الباب خلفهم ووقف أمامه
وجاء ماجد المحامي وأخرج بزنس كارد الخاص به وأعطاه للشاويش ليدخل به للباشا
فدخل الشاويش وبعدها بدقيقة 
نادي الضابط وائل :اتفضل يا أستاذ
فدخل المحامي ماجد في همة ونشاط قائلاً: مساء الخير يا فندم
المقدم :قول صباح الخير
ماجد: صباح الفل يا فندم
وائل باشا: سيادة المقدم محمد باشا مسعود
وجاي مخصوص من شارع الفراعنة (شارع به مقر أمن الدولة ) لحد هنا علشان موكلك
ماجد :خير ياباشا هو في مشاكل لا سمح الله
المقدم : لأ هو جاء هنا بالصدفة وإنت قومت الدنيا باتصالك بسعادة اللواء رئيس الجهاز في الأسكندرية
فدورت علي ملفه عندنا فوجدت له ملف قديم
فوقع قلب ماجد في رجليه وقال في نفسه أمن دولة يا حسين وقعت ولا حد سمي عليك
وأردف المقدم قائلا :لا تخف هو لا غبار عليه فهو بدون تصنيف يعني لأ إخوان ولا شيوعي ولا شيعي ولا 6 أبريل هو تحت بند مثقف درجة تالتة
وتوجه المقدم للضابط وائل باشا : وسأله وهو يبتسم :تعرف واحد اسمه هيرمان جورينج ؟
فتلعثم الضابط  ورد علي المقدم:منكم نستفيد يا فندم
هيرمان جورينج ده هو أحد أبرز قيادات ألمانيا النازية أيام هتلر،والأب الروحى لجهاز البوليس السرى "جيستابو" لكن نهايته كانت مأساوية  فقد انتحر بالسم قبل يوم واحد من إعدامه
الضابط : إيه اللي فكرك بيه يا باشا دلوقتي
المقدم : ما هو دا اللي قال "كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي»، 
ابتسم ماجد ابتسامة ميتة مجاملة لثقافة المقدم
وسأل محمد باشا : طيب يا فندم هو حسين عليه أي ملاحظات في الوقت الحالي
المقدم - لقيت في ملفه صورة من مقال منشور في موقع معارضة صفرا من إياهم بالتحديد موقع العربي الجديد بتاع شركة فضاءات ميديا ليميتد اللي مقرها مقرها لندن ودا واحد من المواقع اللي أشارها الرئيس في اجتماعه الأخير مع الإعلاميين
ثم رمي المقدمة بصورة المقال علي المكتب في اتجاه ماجد قائلاً
اتفضل يا سيدي اقرأ وسمعنا
حوار مع صديقي المخلص 
كعادتي عندما تعجبني أحد المقالات التي أقرأها كل صباح أنشرها كلها أو جزءا منها علي صفحتي علي فيسبوك كنوع من نشر شئ أعجبني
وبالفعل نشرت جزءا من مقال الأستاذ فهمي هويدي في الشروق المعنون 
(الأمن قدّموه على العلم)
خلال السنوات الأخيرة حدث ذلك التراجع فى مستوى الجامعات المصرية (بعض الدول الخليجية لم تعد تعترف بشهادة بكالوريوس الطب المصرية وتتطلب شروطا اخرى لاعتمادها)، إلا ان ظهور العنصر الأمنى على النحو الذى لاحظناه هذا العام لابد ان يكون له أثره السلبى على سمعة تلك الجامعات على الأقل، هذا إذا لم يؤثر تقصير أمد العام الجامعى على تحصيل المناهج وكفاءة العملية التعليمية.
من مقال فهمي هويدي في الشروق
وعلق صديقي المخلص الذي أكن له كل ود وتقدير فقد عملت معه بضع سنين في المدرسة  قبل أن يغادرنا إلي دبي
ورغم أن الحديث عام ولا يخص أحد إلا أن تعليق صديقي جاء كالتالي :
متي يتوقف الاخوان عن مظاهر العنف و يقدموا مصلحة الوطن علي مصلحة الجماعة ؟! أم أن منطقهم لا فيها لا اخفيها !!!
وأردف قائلا : "الذي أطعمهم من جوع و امنهم من خوف" صدق الله العظيم
وتعليقا علي ما كتب صديقي ولأنني أعلم أنه يقرأ للدكتور أيمن الصياد وضعت في ثنايا الحوار رابط مقال أيمن الصياد المعنون 
(تحت قبة الجامعة قلق مشروع علي المستقبل) وفيه يرسم لنا دكتور الصياد ماحدث وما يحدث في الجامعة تحت حكم النظام الجديد أو بعد 30 يونيو وقد اقتبس من مقال سابق للدكتور عمرو الشوبكي عن حالات تم اعتقالها من أستاذة وعمداء جامعات ناهيك عن طلاب وطالبات 
وبعد ذلك يصر صديقي المخلص علي توجيه الاتهام للإخوان وحدهم عما يجري وأن هذا هو خطأهم لأنهم ينتهجون العنف دون مبرر
فكان ردي كالتالي :
الإخوان ولاد ستين في سبعين وماذا بعد ؟؟
هل انتهت مشكلات مصر ؟؟
هل ما يحدث في مصر كله تمام والسجون ليس بها سياسيين من كافة التيارات وبعضهم من مؤيدي ثورة 30 يونيو
ياصديقي الإخوان الآن في أضعف حالاتهم في الداخل لكن النظام يجد فيهم شماعة يعلق عليها فشله في الملفات الأساسية كالصحة والتعليم والبطالة
وعن فرض حالة الطوارئ يري صديقي المخلص أن الأمر ضرورة قصوي لأجل مسمي عند صاحب الأمر ويبرر ذلك بقوله تعال نرى ماذا فعلت أعظم الديمقراطيات وهى تواجه ظروفاً استثنائية فى ظل أعمال إرهابية تهدد أمنها القومى.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية، قام الرئيس جورج دبليو بوش بدعم الكونجرس بإصدار قانون الحماية الوطنية الذى يعطى السلطات حق التنصت والاعتقال والتفتيش، على كل المواطنين والمقيمين فى حالة الاشتباه دون اللجوء إلى الإجراءات المعتادة.
وفى بريطانيا، طالبت حكومة ديفيد كاميرون بقانون لمكافحة الإرهاب، وصرح «كاميرون» بعد أحداث الصدامات مع الشرطة قائلاً: «لا تحدثنى عن الديمقراطية والحريات، إذا كان الأمن القومى للبلاد مهدداً من الإرهاب».
أما تركيا التى يقودها طيب أردوغان، فإنها استخدمت الرصاص الحى ضد المتظاهرين فى حديقة جيزى بإسطنبول وضد المتظاهرين الأكراد الذين يطالبون بدور فعال للجيش التركى ضد «داعش».
المهم أن تكون القرارات الطارئة موجهة -فقط- ضد من يهدد البلاد بالإرهاب، ويكون ذلك لفترة محددة، تعود بعدها البلاد والعباد إلى الظروف الطبيعية.
ولم أعلق علي تبريراته الأخيرة التي تبدو مقنعة لكني أخشي أن تكون كلمات حق يراد من وراءها باطل
وقد كرر صديقي عبارة غسيل الدماغ أكثر من مرة وهي كلمة تنتشر كثيرا في ألسنة الجوبلزيين فكان تعليقي الأخير عليه 
ماذا قدم النظام للشباب بشكل عام بما فيهم شباب الإخوان المعتدل؟
 أليس الاستفزاز المستمرللشباب في الجامعات بيئة صالحة لإفراخ دواعش جدد خصوصا أن المعرفة الشريرة متاحة في كل مكان
 فبدلا من احتواء الشباب فضلنا الحديث عن غسيل المخ وحضرتك تعرف أنه لا أحد يغسل مخ أحد إلا إذا كان مستعدا لذلك فمن جعل كل هؤلاء الشباب لديهم استعداد للغسيل بل والدعشنة إذا لزم الأمر
صديقي يعلم أننا وإن اختلفنا في وجهات النظر فلا ولن يخون أحدنا الآخر ويعلم أن كلانا يحب تراب هذا الوطن ويتمني كله الأمن والرخاء والازدهار ولكن ليس علي حساب الحرية والديمقراطية ودولة القانون والعدالة 
ولعلنا نتفق معا أن الوطن فوق الجميع الإخوان والنظام 
تحية من القلب لصديقي المصري وحفظ الله مصر من كل مكروه وسوء
*******
وبعد قراءة ماجد للمقال
علق  ماجد المحامي : مقال عادي نقرأ زيه وأكثر كل يوم سعادتك
المقدم : يا ماجد بيه إحنا في شغلنا لا يعننا بشكل كبير السطور المكتوبة ، ما يعنينا هو ما بين السطور والمستهدف من المكتوب وخلفيات الكاتب

-فهمتني يا أستاذ ماجد

الفصل الثامن من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(8) الصديق في ورطة

وبينما محمود مستلق علي سريره لأول مرة في شقته الجديدة ينتظر النوم القادم في سرعة البرق بعد عناء يوم طويل في المطارات
إذ بجرس الموبايل يرن ويرن ويرن
حاول محمود أن يطنش مرة واثنين
لكن الطالب علي الموبايل يواصل في إصرار غريب
أول الأمر خمن أن تكون سلوي تريد أن تكمل حوارها معه
وبحركة كسلي متراخية فتح عينيه لينظر من الطالب
حسين رددها في استغراب  
ولماذا حسين الآن لعله نسي شئ مهم
-فتح الخط
-حسين علي الطرف الآخر :الحقني يا محمود
الحقني يا محمود
-محمود: اهدا يا حسين خير في ايه
إنت فين
-أنا في قسم الشرطة
-أي قسم شرطة وليه ؟
- قسم شرطة أول الرمل اللي في شارع أبوقير جنب بنزينة توتال
نهض محمود مسرعا من سريره وارتدي ملابس الخروج وأبلغ أباه بالأمر فقال له الوالد هل أجيء معك
-رد محمود: لا عليك يا أبي سأتواصل معك عبر الموبايل لأخبرك بالجديد علي طول وكان سوبر ماركت السعادة لايزال مفتوحا فاشتري محمود 5 علب سجاير وكيسين عيش فينو وجبن رومي وحلاوة وزيتون وثلاث زجاجات مياه معدنية كبيرة وغير ألف ريال سعودي من سعيد حمدان بألفي جنيه مصري (20 ورقة جديدة تدبح من فئة المئة جنيه)
-وفي الطريق إلي قسم الشرطة اتصل محمود بالأستاذ ماجد عباس المحامي زميل دراسة حسين ومحمود ليصطحبه معه إلي قسم الشرطة
وصل محمود إلي قسم شرطة أول الرمل قبل الفجر بساعة تقريبا
فوجد حسين مكبل بالكلبشات وجالس في مكتب ضيق مجاور لمكتب معاون المباحث وسط مجموعة من الناس يبدو عليهم التشرد والتوهان
حاول محمود أن يدخل المكتب الضيق ليتحدث إلي حسين ليستفسر من عن تفاصيل ماحدث له
لكن الشاويش المناوب منعه في أول الأمر فما كان من محمود إلا أن لف ورقة بمئة جنيه ودسها في جيب الشاويش
فهمس له الشاويش :لا تتأخر كثير
وزعق الشاويش في مرافقي حسين حتي يخلو مكان لصديقه
جلس محمود بجوار حسين وما أن جلس حتي بدأ حسين في البكاء
محمود : أعرفك رجلا يا حسين لما البكاء يا رجل تماسك
-قولي أنت جيت إزي هنا
-بعدما نزلت من عندك ذهبت مباشرة لشقتي وعندما صعدت إلي الشقة وجدت أنني نسيت علبة السجاير في العربية وكنت بحاجة إلي سيجارة قبل بداية يوم جديد من الصيام  
فنزلت لأجد هذه العصابة تترنح وفي حالة توهان كما تري الآن وأكثر
ويحيطون بسيارتي بهدف سرقتها فغاظني ذلك وأنت تعرف السيارة جديدة وبالشئ الفلاني فتشاجرت معهم حتي يتركوا السيارة لكنهم لم يتراجعوا وفي هذه الأثناء مرت سيارة شرطة فقلت الحمد لله ستأخذهم
ونزل الضابط برتبة ملازم أول ولم يمهلني حتي أتحدث فأخذنا جميعا وقذف بنا في البوكس تماما كما كانت تفعل البلدية مع الكلاب الضالة
ولم يسمع مني أي شئ وقال لأمين الشرطة المرافق حطهم عندك لحد الصبح لحد ما أجي وأشوف هعمل فيهم إيه
هذه هي  كل الحكاية
وحضر الأستاذ ماجد عباس المحامي
فسأل عن الضابط المناوب فلم يجد سوي الشاويش فسأله عن محضر الضبط والتحقيق فلم يرد عليه فدس الأستاذ ماجد في جيب الشاويش ورقة بمئة فنطق الشاويش : مفيش محضر ولا ديوله
حضرة الضابط وائل باشا : قال يترموا هنا لحد الصبح
فما كان من المحامي إلا أن أجري بعض اتصالاته التي تكون هي الحل الوحيد حينما تعم الفوضي
وبعد قليل رن جرس تليفون غرفة معاون المباحث
فهرول الشاويش ليلتقط السماعة بسرعة
فجاءه أمر الضابط وائل باشا :نزل العيال اللي في الحجز كلهم التخشيبة  وسيب اللي اسمه حسين فوق وفك كلبشاته أنا جاي علي طول مسافة السكة
-كان الوقت يمر بطيئا وقرآن الفجر قد انتهي وبدأت الابتهالات التي تسبق الآذان فأخرج محمود كيس العيش الفينو وصنع بعض السندوشات وأعطي حسين والمحامي وعزم علي الشاويش فأخذ بعض السندويتشات وزجاجة مياه معدنية وكمان علبتين سجاير
وتسحر الثلاثة زملاء الدراسة وضحك ماجد وضحك بعده محمود ثم تبعهم حسين
وقال ماجد : مين كان نتوقع أن نجتمع بعد كل هذه السنوات وهنا في القسم ونتسحر عيش وحلاوة  دي بركاتك يا عم حسين
فيرد محمود : وإيه كمان في أول يوم أجي فيه من السعودية
وارتفع صوت الحق مؤذنا بصلاة فجر جديد
ذهب محمود للشاويش وفي يده علبة سجاير وسأله عن مكان الحمام حتي يتوضأ هو وحسين
فرد الشاويش وكمان حسين فأعطاه محمود علبة السجاير الرابعة
فرد الشاويش :طب وزميلكم التالت
ضحك محمود وقال للشاويش دا الأستاذ ماجد عباس بطرس

فرد الشاويش يعني مفيش سجاير تاني طب يلا بسرعة 

الفصل السابع من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم




(7) السحور الفسفوري
-وعلي ضوء الشموع بدأ تحضير العشاء الفسفوري
تنفيذ الميمات الأربعة تحت إشراف الأم
-السفرة جاهزة
أعلنتها مديحة كمن يقدم عرض مسرحي استعراضي وكأنها تريد من وراء نداءها توصيل رسالة مشفرة إلي شخص معين حاضريهمه الأمر
ولمح محمود هذه الإشارة المستتر وفك رموز الشفر المرسلة إلي حسين
ابتسم ابتسامة عارضة وتذكر قول الروائي البرازيلي الشهير باولو كويلو
يُحَبّ المرء لأنه يُحَبّ، فلا يوجد سبب للحب
والحديث النبوي الشريف (الأروح جنود مجندة ما تعارف منها اتفق وما تناكر منها اختلف )
نعم لمح هذا التوافق بين مديحة وحسين
وهو لا يعارضه طالما كان في النور والأم بلاشك تتابع الأمر عن كثب وحسين مفضل لديها لأنه رجل يعتمد عليه وشخصية جادة زوج أخواته البنات بعد وفاة والده وظل بارا بأمه حتي وفاتها العام قبل الماضي وهو الآن يعيش وحيدا في شقة الأسرة في سابا باشا
وقطع صوت الأم حبل أفكار محمود
يلا يا أولاد الأكل هيبرد البنات تعبوا في تحضيره طول النهار
وما أن انتهت جملة الأم حتي رجع التيار الكهربائي متوجها وعم النور المكان وتحقق الجميع من المكان والأشخاص والألوان والديكور المبهج
وخصوصا ألوان الطعام الفسفوري البوري والبلطي والحمبري الجامبو والسلطات المتنوعة سلطة طحينة وسلطة خضاروبصل أخضر وجرجير
وكعادة البيوت المصرية الأم توزع الطعام علي الجالسين علي السفرة
وها هي تزيد من نصيب محمود العائد بعد غيبة طويلة وأيضا تزيد من نصيب حسين احتفاء به لمجهوداته في تجهيز الشقة ولأنها تتمني أن يكون عريس مديحة المنتظر ولذا فهي تحضر لذلك الأمر لكن علي نار هادئة 
كان حسين أول الناهضين من علي السفرة قائلا سفرة دايمة عقبال سفرة فرح محمود إن شاء الله
-فترد الأم المصرية المسيطرة  : أنت لحقت شبعت يا حسين ولا أكل مديحة مش ولابد
-لا والله شبعت وتسلم الأيادي يا مديحة والميمات كلهم أكيد
الأكل لذيذ وطبعا البركة فيك يا حاجة
-يعلق محمود(معلقا) هنيالك ياعم حسين كأنك إنت العريس وإحنا راحت علينا خلاص
-لا يا عم أنا لسة بدري عليا لما أدخل القفص الذهبي
-الأم : لا متقلش كدة أنت في سن محمود ودا أحسن سن لتكوين الأسرة
ولا إنت مش لاقي العروسة المناسبة
-وأخيرا ينطق الأب قائلا حسين ابن حلال ويشرف أي عيلة وتتمناه أي بنت وعموما انوي أنت وأنا زي والدك الله يرحمه
-نعم أنتم أهلي وربنا يقدم اللي فيه الخير
-محمود : يا جماعة الخير
أنا العريس
 أنا العريس
حسين لسة بيفكر أما أنا ففكرت وقررت والعروسة وأهلها منتظرين
زيارتنا يوم الجمعة اللي جاية بعد صلاة العشاء والتراويح
-خلاص يا ابني عرفنا
إنت جاهز
-أيوة يابابا إحنا هنروح نتعرف أول مرة ونقرأ الفاتحة
-سألت مها (أصغر الميمات) ومين الفريق القومي اللي هيروح في أول زيارة
-ردت ماجدة طبعا أنا وماما وبابا
-ميرفت :طب والعريس مش هيروح
-محمود (مداعبا ميرفت) : مش لازم روحي إنتي يا وركبي شنب
-زعلت ميرفت ودخلت مع مها وهي تقول خلاص أنا هروح أصلي التراويح في المرسي أبو العباس وأتفسح في بحري
-ترد الأم يا سلام هتروحي لوحدك من غير رجل معكم
-خلاص هنروح بيتنا بكرة في السبع بنات
ويوم الجمعة هنصلي كلنا العشاء والتراويح في المرسي أبو العباس
وبعد التراويح هنروح كلنا لزيارة التعرف
محمود :ومعنا حسين طبعا كأنه بيدبسة في المهمة دي
-حسين: ماشي يا محمود
الأم: حسين مش بيتأخر عننا  وهو صاحب واجب من يومه
-تسلمي يا حاجة وربنا يتمم بخير
-الأب عقبالك يا حسين
-والله يا عمي  شكلي هفكر جديا في الموضوع
-الأم فكر وكلنا معك ومخفش من أي حاجة
-محمود: هنيالك يا عم الأمم المتحدة كلها معك
تقريبا انتهي الجميع من تناول العشاء المتأخر أو من السحور المبكر
ونادت الأم علي الميمات الأربعة لرفع الطعام بينما ذهب الأب ومحمود وحسين لغسيل الأيدي وعادوا إلي الصالون
-طلبت الأم من مديحة تقديم الحلو والفاكهة
-وتقدم حسين من محمود طالبا منه أن يذهب فقد تأخر الوقت فعلا وسيمر عليه غدا بعد الإفطار (بعد المغرب)
-فقال له محمود أنا هكون في السبع بنات إيه رأيك تيجي تفطر معنا
-سمعت الأم دعوة محمود لصديقه حسين وصدقت عليها بالموافقة  ومن بعدها الأب ختم بخاتم شعار الأسرة
ولم يجد حسين أمام هذا الإجماع العائلي مفر من الحضور
وقال في نفسه جميل أن يجد المرء أسرة بسيطة وسعيدة كهذه ويكون له نصيب في مصاهرتها
فهم لن يضعوا شروط تعجيزية بالنسبة له  ولن يجنحوا إلي التعقيد والمغالاة في أمور الزواج من شبكة ومهر وخلافه فمن خلال حواراتهم كل ما يهمهم هو شخص يصون ابنتهم ويكون علي قدر المسؤولية وطبعا لديه مسكن مناسب
-نزل محمود مع حسين في المصعد ليوصله حتي سيارته التي وجدها ملمعة وتبرق وبجوارها عم فرجاني يرفع يده بتحية عسكرية للباشا منتظر البقشيش الكبير
-فهم حسين الحكاية ورد التحية العسكرية بعشرة جنيهات لعم فرجاني
-انطلق حسين بسيارته إلي شقته بسابا باشا
-ورجع محمود ليتعرف علي عم فرجاني وأسرته الصغيرة ابنه محمد وزوجته ست أبوها وابنته مروة وأخرج محمود من جيبه ورقة نقدية بمبلغ مئة ريال سعودي وأعطاها لعم فرجاني وقال له معلش يا عم فرجاني قائلا ولا يهمك يا مستر محمود
-هغيرها الآن من سعيد حمدان
-محمود :مين سعيد حمدان ؟ هل هو تاجر عملة مشهور في المنطقة
-لا يا مستر دا صاحب سوبر ماركت السعادة اللي وراك بالظبط
والتفت خلفه محمود ليجد سعيد حمدان يلوح له مبتسما من داخل سوبر ماركت السعادة ببرج السعادة
-لوح له محمود وفي مبادرة منه للتعرف علي جيرانه الجدد مشي نحو سعيد وسلم عليه وتعرف عليه وبدون إضاعة للفرص بادره سعيد أي خدمة يا مستر محمود من السوبر ماركت كله تحت أمرك وكمان تغيير الدولارات بسعر أعلي من البنك
-محمود مبتسما : شكرا يا عم سعيد لنا قاعدة بعدين تصبحوا علي خير جميعا
ودخل محمود  البرج قاصدا المصعد لكن الكهرباء مرة أخري انقطعت ولف الظلام المكان
فقال محمود أمري لله أصعد السلم مرة أخري حتي علشان أهضم هذه الوجبة الدسمة من الطعام السكندري الفسفوري
-صعد محمود السلم وهو يفكر في مستقبله مع سلوي
ويسأل نفسه ماذا أستطيع أن أنجز  في هذه الأجازة القصيرة
هل سنكتفي بالخطوبة وتلبيس دبل
أم سيتطور الموضوع لشبكة كاملة وكتب كتاب
أم ياتري يكتمل الحلم ونتزوج وندخل
وعلي بسطة الدول الثاني رن الموبايل
إنها سلوي تتصل للاطمئنان علي سلامة وصوله
فيرد محمود كنت لسة هكلمك بعدما وصلت حسين وأنا صاعد علي السلم كنت بفكر فيك يا عمري وماذا نستطيع أن ننجز في هذه الأيام المعدودات
-بالكتير خطوبة وتلبيس دبل
-أنا كنت طمعان في شبكة وكتب كتاب ولا دخلة
- تضحك سلوي علي الطرف الآخر دخلة مرة واحدة أنت طماع أوي
-إذا كنت أنت جاهز أنا لسة مش جاهزة
باقي كتير في الجهاز من الأفضل أن نؤجل موضوع الدخلة ده للعام القادم إن شاء الله
-فجأة جاء النور المقطوع ومحمود عند باب الشقة في الدور الخامس
-الله ينور عليك
-سمعتي النكتة بتاعة الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء
-لأ
بيقولك يا ستي الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء كان شغال زهرات (مؤقت) أيام مرسي أما دلوقتي فالسيسي شغله بعقد دائم
-صحيح نكتة في وقتها
-بس موضوع الكهرباء ده مزمن من بقايا فساد مبارك مدة 30 سنة ومرسي والسيسي ورثوا تركة الفساد زي ماهي
بس فيه فرق مرسي الإعلام كان ضده وضخم أخطاؤه
أما السيسي فالإعلام معه ويتغاضي عن نفس الأخطاء أو يلتمس له الأعذار والسيسي ومرسي ينطبق عليهما مع الإعلام المثل الشعبي الشهير(حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط)
-سلوي : كفاية سياسة كدة وروح نام تصبح علي سعادة وهناء
-تصبحين علي حب وفرح  يا حبيبتي
ودخل محمود الشقة وكان يتوقع أن يكمل السهرة مع الأسرة حتي مطلع الفجر
 لكنه وجد الجميع قد خلدوا إلي النوم وراحوا في سبات عميق ربما من تأثير التعب طول النهار مع الصيام  والأكلة الفسفورية  الدسمة
-كويس خالص أروح أنام أنا كمان كان يوم طويل جدا
و ذهب إلي سريره والنوم يداعب جفونه ورغم ذلك ما زال الشوق بلم به وصورة سلوي لا تفارق مخيلته يمني نفسه أن يراها غدا
ويريد أن ينام بسرعة حتي يأتي الصباح بسرعة ويراها

أو تزوره في الحلم