الأحد، 2 نوفمبر 2014

الفصل الثامن من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم



(8) الصديق في ورطة

وبينما محمود مستلق علي سريره لأول مرة في شقته الجديدة ينتظر النوم القادم في سرعة البرق بعد عناء يوم طويل في المطارات
إذ بجرس الموبايل يرن ويرن ويرن
حاول محمود أن يطنش مرة واثنين
لكن الطالب علي الموبايل يواصل في إصرار غريب
أول الأمر خمن أن تكون سلوي تريد أن تكمل حوارها معه
وبحركة كسلي متراخية فتح عينيه لينظر من الطالب
حسين رددها في استغراب  
ولماذا حسين الآن لعله نسي شئ مهم
-فتح الخط
-حسين علي الطرف الآخر :الحقني يا محمود
الحقني يا محمود
-محمود: اهدا يا حسين خير في ايه
إنت فين
-أنا في قسم الشرطة
-أي قسم شرطة وليه ؟
- قسم شرطة أول الرمل اللي في شارع أبوقير جنب بنزينة توتال
نهض محمود مسرعا من سريره وارتدي ملابس الخروج وأبلغ أباه بالأمر فقال له الوالد هل أجيء معك
-رد محمود: لا عليك يا أبي سأتواصل معك عبر الموبايل لأخبرك بالجديد علي طول وكان سوبر ماركت السعادة لايزال مفتوحا فاشتري محمود 5 علب سجاير وكيسين عيش فينو وجبن رومي وحلاوة وزيتون وثلاث زجاجات مياه معدنية كبيرة وغير ألف ريال سعودي من سعيد حمدان بألفي جنيه مصري (20 ورقة جديدة تدبح من فئة المئة جنيه)
-وفي الطريق إلي قسم الشرطة اتصل محمود بالأستاذ ماجد عباس المحامي زميل دراسة حسين ومحمود ليصطحبه معه إلي قسم الشرطة
وصل محمود إلي قسم شرطة أول الرمل قبل الفجر بساعة تقريبا
فوجد حسين مكبل بالكلبشات وجالس في مكتب ضيق مجاور لمكتب معاون المباحث وسط مجموعة من الناس يبدو عليهم التشرد والتوهان
حاول محمود أن يدخل المكتب الضيق ليتحدث إلي حسين ليستفسر من عن تفاصيل ماحدث له
لكن الشاويش المناوب منعه في أول الأمر فما كان من محمود إلا أن لف ورقة بمئة جنيه ودسها في جيب الشاويش
فهمس له الشاويش :لا تتأخر كثير
وزعق الشاويش في مرافقي حسين حتي يخلو مكان لصديقه
جلس محمود بجوار حسين وما أن جلس حتي بدأ حسين في البكاء
محمود : أعرفك رجلا يا حسين لما البكاء يا رجل تماسك
-قولي أنت جيت إزي هنا
-بعدما نزلت من عندك ذهبت مباشرة لشقتي وعندما صعدت إلي الشقة وجدت أنني نسيت علبة السجاير في العربية وكنت بحاجة إلي سيجارة قبل بداية يوم جديد من الصيام  
فنزلت لأجد هذه العصابة تترنح وفي حالة توهان كما تري الآن وأكثر
ويحيطون بسيارتي بهدف سرقتها فغاظني ذلك وأنت تعرف السيارة جديدة وبالشئ الفلاني فتشاجرت معهم حتي يتركوا السيارة لكنهم لم يتراجعوا وفي هذه الأثناء مرت سيارة شرطة فقلت الحمد لله ستأخذهم
ونزل الضابط برتبة ملازم أول ولم يمهلني حتي أتحدث فأخذنا جميعا وقذف بنا في البوكس تماما كما كانت تفعل البلدية مع الكلاب الضالة
ولم يسمع مني أي شئ وقال لأمين الشرطة المرافق حطهم عندك لحد الصبح لحد ما أجي وأشوف هعمل فيهم إيه
هذه هي  كل الحكاية
وحضر الأستاذ ماجد عباس المحامي
فسأل عن الضابط المناوب فلم يجد سوي الشاويش فسأله عن محضر الضبط والتحقيق فلم يرد عليه فدس الأستاذ ماجد في جيب الشاويش ورقة بمئة فنطق الشاويش : مفيش محضر ولا ديوله
حضرة الضابط وائل باشا : قال يترموا هنا لحد الصبح
فما كان من المحامي إلا أن أجري بعض اتصالاته التي تكون هي الحل الوحيد حينما تعم الفوضي
وبعد قليل رن جرس تليفون غرفة معاون المباحث
فهرول الشاويش ليلتقط السماعة بسرعة
فجاءه أمر الضابط وائل باشا :نزل العيال اللي في الحجز كلهم التخشيبة  وسيب اللي اسمه حسين فوق وفك كلبشاته أنا جاي علي طول مسافة السكة
-كان الوقت يمر بطيئا وقرآن الفجر قد انتهي وبدأت الابتهالات التي تسبق الآذان فأخرج محمود كيس العيش الفينو وصنع بعض السندوشات وأعطي حسين والمحامي وعزم علي الشاويش فأخذ بعض السندويتشات وزجاجة مياه معدنية وكمان علبتين سجاير
وتسحر الثلاثة زملاء الدراسة وضحك ماجد وضحك بعده محمود ثم تبعهم حسين
وقال ماجد : مين كان نتوقع أن نجتمع بعد كل هذه السنوات وهنا في القسم ونتسحر عيش وحلاوة  دي بركاتك يا عم حسين
فيرد محمود : وإيه كمان في أول يوم أجي فيه من السعودية
وارتفع صوت الحق مؤذنا بصلاة فجر جديد
ذهب محمود للشاويش وفي يده علبة سجاير وسأله عن مكان الحمام حتي يتوضأ هو وحسين
فرد الشاويش وكمان حسين فأعطاه محمود علبة السجاير الرابعة
فرد الشاويش :طب وزميلكم التالت
ضحك محمود وقال للشاويش دا الأستاذ ماجد عباس بطرس

فرد الشاويش يعني مفيش سجاير تاني طب يلا بسرعة 

الفصل السابع من رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم




(7) السحور الفسفوري
-وعلي ضوء الشموع بدأ تحضير العشاء الفسفوري
تنفيذ الميمات الأربعة تحت إشراف الأم
-السفرة جاهزة
أعلنتها مديحة كمن يقدم عرض مسرحي استعراضي وكأنها تريد من وراء نداءها توصيل رسالة مشفرة إلي شخص معين حاضريهمه الأمر
ولمح محمود هذه الإشارة المستتر وفك رموز الشفر المرسلة إلي حسين
ابتسم ابتسامة عارضة وتذكر قول الروائي البرازيلي الشهير باولو كويلو
يُحَبّ المرء لأنه يُحَبّ، فلا يوجد سبب للحب
والحديث النبوي الشريف (الأروح جنود مجندة ما تعارف منها اتفق وما تناكر منها اختلف )
نعم لمح هذا التوافق بين مديحة وحسين
وهو لا يعارضه طالما كان في النور والأم بلاشك تتابع الأمر عن كثب وحسين مفضل لديها لأنه رجل يعتمد عليه وشخصية جادة زوج أخواته البنات بعد وفاة والده وظل بارا بأمه حتي وفاتها العام قبل الماضي وهو الآن يعيش وحيدا في شقة الأسرة في سابا باشا
وقطع صوت الأم حبل أفكار محمود
يلا يا أولاد الأكل هيبرد البنات تعبوا في تحضيره طول النهار
وما أن انتهت جملة الأم حتي رجع التيار الكهربائي متوجها وعم النور المكان وتحقق الجميع من المكان والأشخاص والألوان والديكور المبهج
وخصوصا ألوان الطعام الفسفوري البوري والبلطي والحمبري الجامبو والسلطات المتنوعة سلطة طحينة وسلطة خضاروبصل أخضر وجرجير
وكعادة البيوت المصرية الأم توزع الطعام علي الجالسين علي السفرة
وها هي تزيد من نصيب محمود العائد بعد غيبة طويلة وأيضا تزيد من نصيب حسين احتفاء به لمجهوداته في تجهيز الشقة ولأنها تتمني أن يكون عريس مديحة المنتظر ولذا فهي تحضر لذلك الأمر لكن علي نار هادئة 
كان حسين أول الناهضين من علي السفرة قائلا سفرة دايمة عقبال سفرة فرح محمود إن شاء الله
-فترد الأم المصرية المسيطرة  : أنت لحقت شبعت يا حسين ولا أكل مديحة مش ولابد
-لا والله شبعت وتسلم الأيادي يا مديحة والميمات كلهم أكيد
الأكل لذيذ وطبعا البركة فيك يا حاجة
-يعلق محمود(معلقا) هنيالك ياعم حسين كأنك إنت العريس وإحنا راحت علينا خلاص
-لا يا عم أنا لسة بدري عليا لما أدخل القفص الذهبي
-الأم : لا متقلش كدة أنت في سن محمود ودا أحسن سن لتكوين الأسرة
ولا إنت مش لاقي العروسة المناسبة
-وأخيرا ينطق الأب قائلا حسين ابن حلال ويشرف أي عيلة وتتمناه أي بنت وعموما انوي أنت وأنا زي والدك الله يرحمه
-نعم أنتم أهلي وربنا يقدم اللي فيه الخير
-محمود : يا جماعة الخير
أنا العريس
 أنا العريس
حسين لسة بيفكر أما أنا ففكرت وقررت والعروسة وأهلها منتظرين
زيارتنا يوم الجمعة اللي جاية بعد صلاة العشاء والتراويح
-خلاص يا ابني عرفنا
إنت جاهز
-أيوة يابابا إحنا هنروح نتعرف أول مرة ونقرأ الفاتحة
-سألت مها (أصغر الميمات) ومين الفريق القومي اللي هيروح في أول زيارة
-ردت ماجدة طبعا أنا وماما وبابا
-ميرفت :طب والعريس مش هيروح
-محمود (مداعبا ميرفت) : مش لازم روحي إنتي يا وركبي شنب
-زعلت ميرفت ودخلت مع مها وهي تقول خلاص أنا هروح أصلي التراويح في المرسي أبو العباس وأتفسح في بحري
-ترد الأم يا سلام هتروحي لوحدك من غير رجل معكم
-خلاص هنروح بيتنا بكرة في السبع بنات
ويوم الجمعة هنصلي كلنا العشاء والتراويح في المرسي أبو العباس
وبعد التراويح هنروح كلنا لزيارة التعرف
محمود :ومعنا حسين طبعا كأنه بيدبسة في المهمة دي
-حسين: ماشي يا محمود
الأم: حسين مش بيتأخر عننا  وهو صاحب واجب من يومه
-تسلمي يا حاجة وربنا يتمم بخير
-الأب عقبالك يا حسين
-والله يا عمي  شكلي هفكر جديا في الموضوع
-الأم فكر وكلنا معك ومخفش من أي حاجة
-محمود: هنيالك يا عم الأمم المتحدة كلها معك
تقريبا انتهي الجميع من تناول العشاء المتأخر أو من السحور المبكر
ونادت الأم علي الميمات الأربعة لرفع الطعام بينما ذهب الأب ومحمود وحسين لغسيل الأيدي وعادوا إلي الصالون
-طلبت الأم من مديحة تقديم الحلو والفاكهة
-وتقدم حسين من محمود طالبا منه أن يذهب فقد تأخر الوقت فعلا وسيمر عليه غدا بعد الإفطار (بعد المغرب)
-فقال له محمود أنا هكون في السبع بنات إيه رأيك تيجي تفطر معنا
-سمعت الأم دعوة محمود لصديقه حسين وصدقت عليها بالموافقة  ومن بعدها الأب ختم بخاتم شعار الأسرة
ولم يجد حسين أمام هذا الإجماع العائلي مفر من الحضور
وقال في نفسه جميل أن يجد المرء أسرة بسيطة وسعيدة كهذه ويكون له نصيب في مصاهرتها
فهم لن يضعوا شروط تعجيزية بالنسبة له  ولن يجنحوا إلي التعقيد والمغالاة في أمور الزواج من شبكة ومهر وخلافه فمن خلال حواراتهم كل ما يهمهم هو شخص يصون ابنتهم ويكون علي قدر المسؤولية وطبعا لديه مسكن مناسب
-نزل محمود مع حسين في المصعد ليوصله حتي سيارته التي وجدها ملمعة وتبرق وبجوارها عم فرجاني يرفع يده بتحية عسكرية للباشا منتظر البقشيش الكبير
-فهم حسين الحكاية ورد التحية العسكرية بعشرة جنيهات لعم فرجاني
-انطلق حسين بسيارته إلي شقته بسابا باشا
-ورجع محمود ليتعرف علي عم فرجاني وأسرته الصغيرة ابنه محمد وزوجته ست أبوها وابنته مروة وأخرج محمود من جيبه ورقة نقدية بمبلغ مئة ريال سعودي وأعطاها لعم فرجاني وقال له معلش يا عم فرجاني قائلا ولا يهمك يا مستر محمود
-هغيرها الآن من سعيد حمدان
-محمود :مين سعيد حمدان ؟ هل هو تاجر عملة مشهور في المنطقة
-لا يا مستر دا صاحب سوبر ماركت السعادة اللي وراك بالظبط
والتفت خلفه محمود ليجد سعيد حمدان يلوح له مبتسما من داخل سوبر ماركت السعادة ببرج السعادة
-لوح له محمود وفي مبادرة منه للتعرف علي جيرانه الجدد مشي نحو سعيد وسلم عليه وتعرف عليه وبدون إضاعة للفرص بادره سعيد أي خدمة يا مستر محمود من السوبر ماركت كله تحت أمرك وكمان تغيير الدولارات بسعر أعلي من البنك
-محمود مبتسما : شكرا يا عم سعيد لنا قاعدة بعدين تصبحوا علي خير جميعا
ودخل محمود  البرج قاصدا المصعد لكن الكهرباء مرة أخري انقطعت ولف الظلام المكان
فقال محمود أمري لله أصعد السلم مرة أخري حتي علشان أهضم هذه الوجبة الدسمة من الطعام السكندري الفسفوري
-صعد محمود السلم وهو يفكر في مستقبله مع سلوي
ويسأل نفسه ماذا أستطيع أن أنجز  في هذه الأجازة القصيرة
هل سنكتفي بالخطوبة وتلبيس دبل
أم سيتطور الموضوع لشبكة كاملة وكتب كتاب
أم ياتري يكتمل الحلم ونتزوج وندخل
وعلي بسطة الدول الثاني رن الموبايل
إنها سلوي تتصل للاطمئنان علي سلامة وصوله
فيرد محمود كنت لسة هكلمك بعدما وصلت حسين وأنا صاعد علي السلم كنت بفكر فيك يا عمري وماذا نستطيع أن ننجز في هذه الأيام المعدودات
-بالكتير خطوبة وتلبيس دبل
-أنا كنت طمعان في شبكة وكتب كتاب ولا دخلة
- تضحك سلوي علي الطرف الآخر دخلة مرة واحدة أنت طماع أوي
-إذا كنت أنت جاهز أنا لسة مش جاهزة
باقي كتير في الجهاز من الأفضل أن نؤجل موضوع الدخلة ده للعام القادم إن شاء الله
-فجأة جاء النور المقطوع ومحمود عند باب الشقة في الدور الخامس
-الله ينور عليك
-سمعتي النكتة بتاعة الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء
-لأ
بيقولك يا ستي الواد اللي قاعد علي السكينة بتاعة الكهرباء كان شغال زهرات (مؤقت) أيام مرسي أما دلوقتي فالسيسي شغله بعقد دائم
-صحيح نكتة في وقتها
-بس موضوع الكهرباء ده مزمن من بقايا فساد مبارك مدة 30 سنة ومرسي والسيسي ورثوا تركة الفساد زي ماهي
بس فيه فرق مرسي الإعلام كان ضده وضخم أخطاؤه
أما السيسي فالإعلام معه ويتغاضي عن نفس الأخطاء أو يلتمس له الأعذار والسيسي ومرسي ينطبق عليهما مع الإعلام المثل الشعبي الشهير(حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط)
-سلوي : كفاية سياسة كدة وروح نام تصبح علي سعادة وهناء
-تصبحين علي حب وفرح  يا حبيبتي
ودخل محمود الشقة وكان يتوقع أن يكمل السهرة مع الأسرة حتي مطلع الفجر
 لكنه وجد الجميع قد خلدوا إلي النوم وراحوا في سبات عميق ربما من تأثير التعب طول النهار مع الصيام  والأكلة الفسفورية  الدسمة
-كويس خالص أروح أنام أنا كمان كان يوم طويل جدا
و ذهب إلي سريره والنوم يداعب جفونه ورغم ذلك ما زال الشوق بلم به وصورة سلوي لا تفارق مخيلته يمني نفسه أن يراها غدا
ويريد أن ينام بسرعة حتي يأتي الصباح بسرعة ويراها

أو تزوره في الحلم 

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم : الفصل السادس



(6) علي ضوء الشُموع عُدنا
-قالت الأم خلاص قربنا
ولم تكد تنهي كلمتها حتي عم الظلام الطريق والأفق
لقد انقطع النور كالعادة كل يوم يقطع خمس أو ست مرات علي الأقل
-وجه محمود كلامه لحسين منورين
-منورة  بك يا أبو حنفي 
قال حسين خلاص يا جماعة لا تقلقوا
وصلنا تقاطع شارع الفتح مع شارع سميكة باشا
-وهنا يسأل الأب مداعبا حسين :سميكة باشا ولا سمكة باشا
-فقال محمود لأبيه يابابا بجد مش عارف ولا بتهزر مع حسين
-لا بجد مش عارف مين سميكة باشا ... إنت تعرفه يا محمود
وهل يفتي ومالك في المدينة؟
مين هو سميكة باشا دة يا حسين ؟
ماشي يا عم محمود مقبولة منك التريقة
باختصار اسمه مرقص باشا سميكة  صاحب فكرة تأسيس المتحف القبطي عام 1893 م وقد جاهد هذا الرجل القبطي العظيم طويلا حتي تمكن من اقامة المبني الحالي للمتحف الذي افتتح عام 1910، وعين هو أول مدير له واختار المكان في منطقة محاطة بالكنائس، وعرف في البداية بمتحف المقتنيات الخاصة، فالكثير من القطع كانت مقتنيات لأغنياء مصر أهدوها بعد ذلك للمتحف.  تصور أن عدد المقتنيات بالمتحف القبطي نحو 16000 مقتني من أهمها مزامير داوود ولوحة آدم وحواء وشرقية باويط، وقد ظل المتحف القبطي تابعا للبطريركية القبطية حتي عام 1931 ثم أصبح تابعا لوزارة الثقافة
-إيه رأيك يا عمي
-الأب لو النور مش طافي كنت قلت أنت بتقرأ من ورقة
الأم بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك
-الله عليك يا حسين موسوعة تاريخية متنقلة
- يا خسارتك هنا يا حسين
-يا محمود أنا لسة عند رأيي مصر فيها خير كتير
- يا حسين أنا متأكد من كدة تماما من ساعة مقررت أسافر
 بس خير مصر مش لنا مش للطبقة الكادحة أمثالنا ،خيرها للناس اللي فوق
-مش المفروض الثورة سوت بين الناس (الأب)
-حسين (في ضحكة بطعم الصبار)أي ثورة فيهم يا حاج (يوليو ولا يناير ولا يونيو) الثورات كتير
-على رأيك والله يا بني الواحد بقي مش عارف راسه من رجليه من كتر الثورات وربنا يولي الأصلح لمصر
-يارب يا حاج
-مصر تستحق أفضل من كل هؤلاء
وانعطفت السيارة إلي اليسار داخل شارع مرقص سميكة باشا حتي وصلت إلي برج السعادة وأمام باب البرج نزل الجميع من السيارة
ومازال النور قاطع
لكن البواب عم فرجاني جاهز لمثل هذه المواقف المتكررة في الصيف ومعه كشاف شحن منور في مدخل البرج وكمان كشاف احتياطي
-طبعا المصعد لا يعمل لذا سيضطر الجميع للصعود علي أقدامهم حتي الدور الخامس شقة رقم 20
وسيتولي عم فرجاني تنزيل الشنط المحملة من خيرات السعودية وحملها إلي أعلي وهذا بالطبع سيزيد من البقشيش وحلاوة سلامة الوصول
وعلي ضوء كشاف عم فرجاني صعد محمود وأبويه واحدة واحدة
وفي طريق الصعود رن تليفون الأب
-قالت الأم مين بيرن في الضلمة دي
-أخرج الأب الموبايل وهو مازال يرن بصوت مزعج في هدوء الليل المظلم  فالساعة الآن تقترب من منتصف ليل الأسكندرية
- ضحك الأب إنها مديحة
-الأم وهي تهمس وقد تنهج علي أخرها كلما صعدت لأعلي
 خلاص وصلنا ياست مديحة
-ومن أعلي كانت صوت البنات واضحا حمدا لله علي السلامة يا محمود
نورت مصر
ضحك محمود ورد عليهن منورة بيكم يا ميمات
وميمات جمع ميم لأن أخواته البنات تبدأ أسماءهن جميعا بحرف الميم وهن علي الترتيب :مديحة وماجدة وميرفت ومها أعمارهن علي الترتيب 27 و25 و23 و21 كلهن جامعيات قد حصلن علي مؤهل عال من جامعة الأسكندرية العريقة
وصلنا أخيرا للشقة وحسين صامت طوال رحلة صعود السلم
وعند الباب قال حسين أستأذن يا أبو حنفي حمد لله علي السلامة
هشوفك بكرة
-قالت الأم (المصرية العبقرية) والله لا يمكن ولا ينفع لازم تتعشي معنا
-بس الوقت اتأخر وكمان علشان تكونوا براحتكم مع محمود هو أكيد وحشكم ووحشتوه
-ردت الأم (وهي تلتقط أنفاسها ):هو أنت غريب يا حسين إنت واحد مننا أنت زي محمود بالظبط
-تسلمي يا حاجة ومحمود بالنسبة لي أكثر من أخ
-خلاص يا عم حسين الحاجة أمرت

-أمر الحاجة نافذ 

رواية الباب الأخصر لصديق الحكيم : الفصل الخامس



(5) راجعين في شوق وحنين

في تمام الساعة العاشرة مساء الأربعاء 26 رمضان (ليلة القدر) وصلت طائرة محمود القادمة من مطار الملك فهد بالدمام إلي مطار برج العرب القابع غرب مدينة الأسكندرية  علي بعد خمسين كليومترا من قلب الأسكندرية  بعدما توقف مطار النزهة عن العمل قبل سنة من ثورة 25 يناير 2011 المجيدة وحتي الآن
وكان في انتظاره زي كل سنة أبويه وصديقه حسين رمزي زميل الدراسة والعمل في مدرسة شدس الإعدادية بنات
 وللعلم فقط حسين ليس مدرس لغة إنجليزية مثل محمود بل هو مدرس تاريخ وجغرافيا (دراسات اجتماعية كما اصطلح علي تسميتها) ويحمل لقب مثقف المدرسة ويكتب مقال رأي في بعض الصحف المصرية والعربية  ويقول عن ثورة 30 يونيو أنها انقلاب عسكري ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي وإن كان هو نفسه ليس إخوانيا ولا من المتعاطفين وهذا رأيه الذي يختلف كليا مع رأي محمود الذي يعتبر 30 يونيو ثورة شعبية خلصت مصر من حكم الإخوان الشمولي باسم الإسلام
لكنهما (حسين ومحمود )ينطبق عليهما المثل القائل
(اختلاف الآراء السياسية لا يفسد للود قضية )
 ورغم كونه مثقفا فقد لجأ حسين إلي الدروس الخصوصية عوضا عن السفر إلي دول الخليج  لأن لديه رأي أن مصر بها من الخيرات ما يكفي ولا داعي للسفر والشحططة والبهدلة في بلاد الغربة
وها هو هنا أمام بوابة الخروج قد جاء بسيارته الخاصة من النوع تويوتا كرولا موديل العام 2014 ليقل محمود من المطار مباشرته إلي شقته الجديدة في حي شدس
بعد انتهاء مشهد الترحيب والسلامات والأحضان والقبل الحارة الممزوجة بدموع الأم لفرحتها الغامرة بعودة ابنها وأشواق الأب إلي ابنه الوحيد أوديك البرابر وحنين الصاحب لصاحبه
تحركت السيارة من برج العرب نحو الشرق حيث الأسكندرية الساحرة ليلا ونهارا بها سراً غريباً يجذب إليها الناس عن بعد كما يفعل المغناطيس ببرادة الحديد
جلس محمود على الكرسي الخلفي بين أحضان أبويه ليشبع من قربهما ويشبعا من قربه بعد طول البعاد والنسيم  الصيفي العليل المتدفق من نافذة السيارة ينعش الجميع والسيارة تسير في ليل أرخي سدوله علي الطريق فتركه معتما إلا من بعض الأنوار التي تشع من مصابيح معلقة علي رؤوس أعمدة الإنارة الفارعة الطول علي جانبي الطريق
ومرت ساعة ونصف من عمر الزمن هي طول الطريق من مطار برج العرب إلي شدس بوسط الأسكندرية
مر هذا الوقت  في أسئلة متبادلة بين محمود وأبويه وصديقه حسين
 وكانت الأسئلة أكثر من الأجوبة
 ربما كانت معظم الأسئلة لا تحتاج أجوبة لأن الحال يغني عنها
كان محمود مشغولا بموضوع الخطبة وقد رتب كل شئ مع والده قبل نزوله وأيضا قد عهد إلي صديقه الصدوق حسين بتجهيز شقته طبعا تحت إشراف الوالد الذي كان يتلقي حوالات محمود الدولارية كل شهر لينجز العمل المطلوب علي أكمل وجه ممكن
وقد تم ما أراده محمود من التجهيزات كأنه كان حاضرا شاهدا لكل شئ
وفي سؤال عفوي من محمود لصديق حسين : ما أخبار البلد وأحوال العباد ؟
-أنت عارف أكثر مني كيف صارت أحوال البلاد فأنت تشاهد محطات التلفزة وتقرأ الصحف
-ليس من رأي كمن سمع يا عم حسين فالمثقف له زاوية رؤية مختلفة
-الأمور محلك سر بل تتدهور أكثر من الأول
-أنت تعرف رأيي في الثورة والثوار
- فكما يقول تامر أبوعرب كانت الثورة قوية عندما كانت المطالب الاقتصادية والاجتماعية تتصدر أولوياتها، دعمها كثير من المصريين من كل الطبقات  على أمل أن تتحسن أحوالهم ويجدوا منها اهتماما افتقدوه على مدار عقود حكم الثلاثي العسكري ناصر والسادات ومبارك
 لكن المحسوبين على الثورة وقعوا سريعا في فخ المحاصصة السياسية والحديث عن الانتخابات والأحزاب ونظام الحكم دون أن يقترن ذلك بالحديث عن خططهم لتحسين أوضاع الناس أو لتحقيق العدالة الاجتماعية وإنقاذ الاقتصاد.
انفضت الثورة عن الناس فانفضوا عنها وتركوها وحدها في مواجهة الدولة القديمة أو العميقة ورجالها وأموالها،
فقدت الثورة ظهيرها وسندها بتخليها عن الناس وفقد الناس فرصة حقيقية للحياة بتخليهم عن الثورة.
يتدخل الأب (الموظف الحكومي المؤيد للسيسي) ملطفا لهذا الجو قائلا أهم شئ في مصر أنها محروسة من كل شر وإن شاء الله بكرة أحلي
ومفيش حد بيبات من غير عشاء ولا سحور بمناسبة رمضان
ابتسم محمود وقال :صحيح يا بابا  وأردف وهويري ابتسامة حسين في المرآة الأمامية : وبكرة تشوفوا مصر
وكحيلة لتغيير الموضوع المختلف عليه
وعلي ذكر العشاء توجه محمود إلي أمه قائلا
وايه أخبار الأكل السكندري الفسفوري يا ست الكل
 وحشني كثيرا الأكل من إيديك الحلوين يا ماما  قالها وهو يرفع يديها ويقبلهما قبلة طويلة والأم تقبل رأسه وعينيها قد اغرورقت بالدموع
ويعقب الأب سريعا : لا تقلق
ماما سخرت أخواتك البنات الأربعة لعمل كل أصناف الأكل اللي بتحبه
بوري صيادية وبوري مشوي وبلطي طاجن وبوري سنجاري
كل ده يا ماما
-وأكثر يا عيون ماما علشان ترم عضمك وتغير معدتك من أكل الكبسة والمندي وترجع للأسكندرية وأكلاتها اللذيذة

****

رواية الباب الأخصر لصديق الحكيم : الفصل الرابع



(4) الحب عبر سكايب
مر عام  بالتمام والكمال علي هذه العلاقة العاطفية الصريحة والشفافة والرومانسية العاقلة (غير المتهورة) بين محمود وسلوي
وفي غضون هذا العام عرف محمود تقريبا كل شئ عن محبوبته سلوي وأسرتها الصغيرة هنا في الأسكندرية وأصولها وأسرتها الكبيرة في قرية أشليمة بمحافظة البحيرة حيث النشأة والجذور
 وعرفت سلوي هي الأخري مايريد محمود أن تعرفه عنه وعن أسرته
في أثناء هذا العام
كان التواصل مستمرا بين سلوي وحبيبها من خلال كل وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة  مثل فيسبوك وتوتير وسكايب
 وفي أحيان قليلة الموبايل لأن تكلفته باهظة والعريس في عرض كل هللة وريال حتي تنتهي معاناته في الغربة ويعود إلي أرض الوطن الحبيب لكي يجتمع علي خير شمل الأسرة وترفرف السعادة علي حياتهما الجديدة
لذا كان التوفير والإدخار هو سيد الموقف ولا صوت يعلو فوق صوت الدولار
ومع إقبال أشهر الصيف شديدة الحرارة والرطوبة في الخليج تبدأ العمالة المصرية في النزول إلي أرض الوطن العزيز الغالي
وما أن تخطو خطواتك الأولي علي أرض الوطن حتي تجد المعاناة الشديدة للأهل من انقطاع متكرر للكهرباء والمياه في عز حرارة الصيف ، حتي تتمني انقضاء شهر الأجازة والعودة مرة ثانية إلي الوطن الثاني رغم كل المعاناة التي تتكبدها في الغربة من الوحدة والحرارة الشديدة والرطوبة  المرتفعة وغلاسات الكفيل وغيرها من مشكلات العمل خارج الوطن حيث أنت وحدك بمفردك وقلما تجد المعين والصديق والصاحب
وقبيل عودت محمود حنفي إلي أرض الوطن في أجازته السنوية قال لسلوي في إحدي جلسات التواصل عبر برنامج سكايب
-سأحضر بعد أسبوع إن شاء الله
-ترجع بالسلامة يا حبيبي
-هل فاتحت ماما في الموضوع
-ماما عارفة كل شئ منذ البداية فأنا أقول لها كل شئ لأن ما بيننا ليس فيه ما يشين يا حبيبي
-وهل بابا عنده فكرة ؟
- طبعا ماما أعطته فكرة   وهو ينتظر حضورك مع أهلك للتعارف
- طب ممكن تحددي معاد معه علشان أجي ومعي والدي ونقرأ الفاتحة
كان  الحوار عاديا بينهما حتي كتب محمود هذه الجملة الأخيرة
ورغم أن سلوي كانت تتوقعها منذ أن تعرفت علي محمود قبل عام إلا أنها كمعظم البنات في الأسكندرية علي وعي تام بحوارات الشباب الفاكسة وخصوصا علي النت التي تتسم بالتسلية وتكوين حرملك وهمي لجناب السلطان
إلا أن سلوي تعرف جدية محمود وعقله الكبير وفكره الناضج وشخصيته الدوغري وخصوصا بعد اللقاء الأول معه وكلام أبلة حكمت المشجع عنه
-الو الو سلوي
-رحت فين يا حبيبتي
بعد ثوان جاء الرد من سلوي التي كانت في دهشة تمتزج بفرحة من وقع الجملة علي عقلها وقلبها الذي أخذت نبضاته في الزيادة حتي تسعين نبضة في الدقيقة وتنهيدات سلوي لا تتوقف إنها أعراض طبيعية هرمونية رغم ما عرف عن سلوي من أنها عاقلة ومتزنة وحازمة
لكن هذه الأمور تتحكم فيها قشرة الدماغ في الأوقات العادية
أم في هذا الموقف فالكلمة العليا لهرمون السعادة والفرح
وبسرعة ولهفة كتبت سلوي ترد علي محمود الذي بدت عليه علامات الغضب لأنه يراه علي شاشة اللاب توب شاردة الذهن سارحة الخيال وعلي وجهها تبدو واضحة حمرة الخجل العذري
-ايوة معك حاضر هبلغه إن شاء الله
-موعدنا يوم الجمعة اليتيمة (الجمعة الأخيرة من شهر رمضان) بعد صلاة العشاء والتراويح
-تمام موعد مناسب جدا هبلغ ماما عشان تمهد للموضوع مع بابا
وبعد ذلك استمر الحوار بينهما حتي وقت متأخر من الليل في أمور أخري كثيرا ما تحدث بين الأحبة المتواصلين عبر سكايب
مثل ماذا أكلت اليوم ؟
كيف كان حال العمل ؟
ما هي آخر الكتب التي قرأتها؟
حتي ينتهي مطاف الأسئلة إلي نوعية ومقاس الحذاء ومقاس أشياء أخري
يضيق المقام عن ذكرها لكنها متخيلة ومعهودة لرواد النت

وزادت كثافة حوارتهما عبر سكايب خصوصا في ليالي الأسبوع الأخير رغم أنها ليالي رمضانية مباركة حتي بلغت ذروتها في الكثافة والسخونة ليلة الثلاثاء عشية السفر إلي مصر كأنما يودعان العالم الافتراضي إلي العالم الواقعي بحب امتد حتي مطلع الفجر

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم :الفصل الثالث ج2



كانت سلوي قد جمعت كل المعلومات الأساسية عنه وعن أسرته من زميلات المدرسة ومن أمها التي تقمصت دور المفتش كورومبو وجمعت كل ما أمكن من معلومات عن أسرته أثناء تجولها في شارع الباب الأخضر وحاراته
وقد استبشرت الأم باسم الباب الأخضر وقالت فأل خير
وعرف محمود معني عبارة دكتور مصطفي محمود في كتابة أناشيد الإثم والبراءة (الحب هو الألفة ورفع الكلفة، أن لا تجد نفسك في حاجة للكذب، أن تصمتا أنتما الاثنين فيحلو الصمت وأن يتكلم أحدكما فيحلو الإصغاء)
وكأن الحب بينهما قد ولد حتي قبل أن يلتقيا قبل أيام في المدرسة وها هو ينضج بسرعة مذهلة ومع نموه ونضجه يفتح كل منهما للآخر قلبه وعقله دون تحفظ كأنما هما قطعتي أرابيسك عاشق ومعشوق
كانت الأمور المالية هي ملف شائك يتحرج منه محمود لكن سلوي بحكمتها ومرحها وانفتاح عقلها شجعته علي فتح كل الملفات في جلستهما الأولي فصارحها أن حصيلة عمل خمس سنوات في الغربة بالكاد اشتري بها شقة  100 متر في حي شدس بالقرب من المدرسة وشطبها وقام بتجهيزها وتبقي معه مبلغ معقول
ومن ضمن حديث الصراحة أنه صرف كل ما ادخره خلال أحد عشر شهرا قضاها في السعودية علي استكمال التجهيزات الضرورية لشقته أو شقتهما والتي هي مسكن الزوجية أو البيت السعيد وطبعا سداد بعض الديون القديمة من أيام العوز والفاقة
واتفق أن العروسيين المقبلين علي الارتباط المقدس يدمنان مبدأ الصراحة لكن كل له طريقة (صراحة الهروب من المسؤولية لدي محمود وصراحة المواجهة وتحمل المسؤولية عند سلوي)
ومرت الساعات كأنها ثوان 
يفهم أحدهما صاحبه من نظرة عين
وترضيه منه ابتسامة رائقة
ولم يعكر صفو هذا الانسجام
سوي مايراه محمود توافه لا تقدم ولا تؤخر
مثل الشبكة المبالغ فيها كما يفعل الفلاحين
وأهل الأسكندرية يطلقون لفظ الفلاحين علي الناس القادمين من الريف إلي الأسكندرية وخصوصا ريف البحيرة وكفر الشيخ
كان يري محمود أن يكتفي بدبلة دهب ومحبس عيار 18 للعروس ودبلة فضة للعريس ويوفران بقية المبلغ للأساسيات التي تنفعهما بعد الزواج
لأن هذه الكماليات ماهي إلا فشخرة أمام الناس الذين يتكلمون ويتهامسون علي بعضهم في كل شاردة وواردة
وفي الأخير كلام الناس كما تقول الأغنية لا بيقدم ولا بيأخر
ولن يبقي إلا الدين كالحبل الخشن في رقبة المدين
وقد صدقت سلوي علي كلام محمود عندما ذكرت له أن دراسة أمريكية حديثة حذرت المقبلين على الزواج من الارتفاع أو المبالغة فى تكاليفه، لأنه ثبت أنه كلما ارتفعت تكاليف الزواج زادت فرص الطلا ق والعياذ بالله.
وأردفت سلوي :يعود السبب فى ذلك، وفقا للدراسة، إلى أن تكلفة الزواج العالية يترتب عليها بطبيعة الحال تراكم الديون على الزوجين، وهو ما يجعل حياتهما تعيسة، وانشغال الزوجين فى تسديد الديون الناجمة عن المبالغة فى تكاليف الزواج، إلى جانب الندم الناتج عنها.
ويبدو أن العروسين كانا في واد وأسرة سلوي في واد أخر
وملاحظة أخري جديرة بالذكر أن أسرة محمود حنفي والمكونة من أبيه وأمه وأخواته البنات الأربعة اللاتي يطلق محمود عليهن (الميمات الأربعة) لا تتدخل في الموضوع لا من قريب ولا من بعيد
اللهم إلا الحضور المشرف
وهذا شرط محمود عليهم حتي تتم الزيجة وهذا نوع من صراحة الهروب وإن كان يظن محمود أنه صراحة مواجهة
وحتي يفي محمود هو الآخر بوعده لوالديه في المساعدة في تجهيز أخواته البنات الأربعة عندما يأتي ابن الحلال لكل واحدة منهن إن شاء الله تعالي خصوصا أن الأب قد اقترب من سن المعاش وقد ادخر كل ما يملك في تعليم أولاده الخمسة
أجمل شئ في محمود وعائلته الصراحة والوضوح دون كذب أو تجمل فشعارهم في الحياة الصراحة راحة لكن صراحة حسب فهم كل واحد

سافر محمود وتواصلت المكالمات الهاتفية في البداية ثم استمر التواصل عن طريق شبكات التواصل الاجتماعية 

السبت، 1 نوفمبر 2014

رواية الباب الأخضر لصديق الحكيم .. الفصل الثالث ج1



(3) راندفو علي كافيه السلسة

خرج محمود من مكتب الوكيلة وماهي إلا خطوات قليلة حتي اتصل بسلوي
فاتحها في رغبته المتوقدة للارتباط بها علي سنة الله ورسوله
فأغلقت الموبايل في وجهه من فرحها ولأنها لم تجد ما تقوله له
كان محمود في حاجة ماسة لرؤية سلوي ولو لمدة دقائق فلا يمكن أن يسافر وهو ظمآن لرؤية عينيها
اتصل بها مرة ثانية
-أهلا أستاذ محمود
-بلاش أستاذ محمود دي خليها محمود بس
- أهلا يا محمود قالتها بنغمة صوت مصحوبة بخجل وفرح
-لي عندك رجاء
-ماهو ؟
-أريد أن أراك قبل السفر
-إزي بس أنا اليوم مريضة وأنت مسافر كمان ساعات
-مش عارف بس مش هقدر أسافر من غير ما أشوفك
-خلاص
-خلاص يعني هشوفك قالها وهو يكاد يطير من شدة الفرح
-عارف كافيه السلسلة اللي قدام مكتبة الأسكندرية
-أيوة عارفه
-انتظرني فيه كمان ساعة تقريبا
-حاضرهكون هناك علي طول
وصل محمود إلي كافيه السلسلة قبل سلوي حجز ترابيزة علي البحر مباشرة يا له من منظر رائع منظر البحر والأمواج وصوت ارتطامها بالحجارة حول الجالسين في المقهي
أخذ محمود يسلي نفسه بتصوير المنظر البديع بفيديو الموبايل حتي يكون معه كذكري حين يسافر فالذكريات تبقي إذا ثبتناها في صورة أو فيديو وهذا من نعم الله علينا في عصر التكنولوجيا
-حضرت سلوي نزلت علي درجات سلم الكافيه بثبات ومحمود يرمقها وهي تبحث عنه بعدما رفعت نظارتها السوداء عن عينيها لتضعها علي شعرها المتهدل في لمعان وانسياب كأنه ذيل فرس عربي أصيل
فكر أن يشير بيده لكنه تراجع عن هذه الفكرة حتي لا يسبب لها حرج
كلمها علي الموبايل
أنا أجلس في أخر ترابيزة ولابس تي شرت أخضر
-خلاص شفتك يلا سلام
-السلام عليكم
-وعليكم السلام
قام محمود وسحب الكرسي للخلف حتي جلست سلوي ثم جلس في الكرسي المقابل لها وهو لا يرفع عينيه عنها وهي تنظر له من طرف خفي لحظات من التعارف البصري مرت قبل أن يبدأ محمود الحديث
- ألف سلامة عليك أنا آسف إني قومت من السرير وأنت مريضة لكني لم أستطع السفر بدون أن أراك
جاء الجرسون
-تشربي إيه
-عصير فريش
-طلب محمود من الجرسون :اتنين برتقال فريش
وعادت لحظات التعارف البصري من الطرفين
وقطعتها سلوي قائلة :أنا حضرت بس علشان مقدرة ظروفك وأثق في فيك بعد حديث حضرة الوكيلة عنك
-كم هي رائعة هذه الوكيلة التي سعت لتوفيق رأسين في الحلال
-سلوي وهي تبتسم وتنظر إلي البحر يا بخت من وفق راسين في الحلال
-كان يتوقع محمود أن مرحلة إذابة الثلج ستأخذ وقتا طويلا لكنه دهش عندما جري الحوار بينهما وديا دافئا وتنقل إلي مواضيع كثيرة في وقت قياسي



أنوثة مؤجلة آخر إصدارات الشاعرة ابتسام أبو سعدة





أنوثة مؤجلة "
للشاعرة الكبيرة : ابتسام أبوسعدة
تصميم الغلاف : Muhamed Hawas
داخلى ومراجعة : سارة صلاح

ليان للنشر والتوزيع

صورة نادرة تجمع بين الرئيس محمد أنور السادات والأنبا متى المسكين



من روائع الصحفي اللامع إيهاب الحمامصي


أول صورة تجمع بين الرئيس محمد أنور السادات والأنبا متى المسكين
فى المعرض الصناعى الزراعى الذى أقيم بنكلا العنب على هامش مؤتمر عيد ثورة التصحيح
مايو 1979
فى هذه المقابلة منح الرئيس السادات 1000 فدان لأحد الأديرة
ملحوظة: هذه الصورة نادرة بكل المقاييس حيث أنه لا توجد صور أصلاً للأنبا متى المسكين.. ناهيك عن صورة تجمعه بالرئيس السادات
** لاحظ أن الصورة من الخلف وأن المصور الرسمى امتنع عن التصوير